رفع الباس في ظل وصية النبي لابن عباس


  

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى

معاشر المسلمين، تعيش الأمة الإسلامية أحوالاً من الضعف والتفكك، وتذوق ألواناً من الذل والهوان، وتقاسي مآسي من التفرق والتشرذم، والعقلاء يتطلعون لرؤية مستقبلية تنقذ الأمة مما هي فيه، وقد أدلى المثقفون برؤيتهم، والساسة بحلولهم، والكُتاب بنظراتهم، تعددت التحليلات للأسباب، وتنوعت النظرات بالمخارج والحلول، وقد آن الأوان بالأمة جمعاء شعوباً وأفراداً حكاماً ومحكومين أن يتبصروا الحقيقة وأن يستجلوا الحلول الناجحة من منطلقات ثوابت دينهم ومرتكزات أصولهم.

إن الأمة لن تجد الحلول الناجحة لأدوائها والمخارج لأزماتها ومشكلاتها إلا من فهم صحيح من كتاب الله وسنة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم - .

 

إخوة الإسلام، وسنعيش لحظاتٍ, ماتعةً مع وصية عظيمة صدرت من معلم البشرية وسيد الخليقة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم - ، وهو يوجه للأمة وثيقةً خالدةً تصلح بها حياتُها وتفلح بها آخرتها، تسعد بها أفرادها وتزدهر بتحقيقها مجتمعاتها. وثيقةٌ يجب أن تكون نصب أعيننا، وأن يكون تطبيقها حاكمَ تصرفاتنا وموجه تحركاتنا ومصحح إراداتنا وتوجهاتنا. وثيقةٌ لا تنظر لتغليب مصلحة قومية، ولا تنطلق من نزعة عرقية أو نظرة آنية. وثيقةٌ صدرت ممن لا ينطق عن الهوى، ولا يصدر إلا عن وحي يوحى. وثيقةٌ محمدية ووصية نورانية تنهض بالأمة للحياة المزدهرة المثمرة بالخير والعزة والصلاح والقوة.

 

( يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا استَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحيِيكُم ) [الأنفال: 24]، إحياءٌ شامل للفرد والجماعة والنفوس والمقدرات، إنها حياة تُبنى على قوة الإيمان التي لا غنى عنها في مواجهة الأزمات. حياةٌ تعني النهضة بأشمل معانيها وأدق صورها، بما يجمع للأمة تحقيق السعادة ومعايشةَ الأمن والسلام والخير والازدهار والرقي في جميع مجالات الحياة.

 

أيها المسلمون، إن العزة في تحقيق هذه الوصية مضمون، والمجد في الدارين بتنفيذ بنودها مرهون، قال الله - جل وعلا -: ( لَقَد أَنزَلنَا إِلَيكُم كِتَـاباً فِيهِ ذِكرُكُم ) [الأنبياء: 10]، ويقول - جل وعلا -: ( فَمَن ءامَنَ وَأَصلَحَ فَلاَ خَوفٌ عَلَيهِم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ ) [الأنعام: 48]، الأفراد بدون تحقيقها في ضياع، والمجتمعات في البعد عن مضامين هذه الوثيقة إلى تشتت ودمار. وثيقةٌ تربط المسلم بالأصل مع اتصاله بالعقل. وثيقةٌ تحقيقها هو الضامن الأوحد للتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية وتستهدف قيمها ومقدراتها وخصائصها، قال عمر الفاروق - رضي الله عنه -: (إنما سبقتم الناس بنصرة هذا الدين).

 

ولنستمع ـ يا رعاكم الله ـ إلى تلك الوصية العظيمة والوثيقة الخالدة سماعَ استجابة وتحقيق واستماع امتثال وانقياد، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: كنت خلف النبي يوماً فقال لي: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف)) رواه الترمذي وقال: \"حديث حسن صحيح\"[1]. وفي رواية غيره: ((احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا))[2].

 

قال أهل العلم: هذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة وقواعد من أهم أمور الدين، حتى قال بعضهم: تدبرت هذا الحديث فأدهشني وكدت أن أطيش، فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث وقلة التفهم لمعناه.

 

أيها المسلمون، حِفظ الله المرادُ في هذا الحديث هو حفظ حدوده والالتزام بحقوقه والوقوف عند أوامره بالامتثال وعند مناهيه بالاجتناب، قال - جل وعلا -: (هَـذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلّ أَوَّابٍ, حَفِيظٍ, مَّن خَشِىَ الرَّحمَـنَ بِالغَيبِ وَجَاء بِقَلبٍ, مٌّنِيبٍ,) [ق: 32، 33]. حفظٌ يتضمن حفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى، أخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((الاستحياء من الله حقَّ الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، وأن تحفظ البطن وما حوى))[3]. حفظٌ يمنع الجوارح من الزلل والحواس عن الخلل، قال: ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)) رواه البخاري[4]. حفظٌ يضبط الشهوات أن تميل بصاحبها إلى الضلال، أو أن تجنح به عن مبادئ القيم وكريم الخلال، قال - جل وعلا -: (وَالحَـافِظِينَ فُرُوجَهُم وَالحَـافِـظَـاتِ وَالذاكِـرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغفِرَةً وَأَجراً عَظِيماً ) [الأحزاب: 35].

 

معاشر المؤمنين، من قواعد الدين أن الجزاء من جنس العمل، فمن حقق حفظ الله بالمعنى المتقدم تحقق له حفظُ الله ورعايته وعنايته، حفظاً يشمل دينه ودنياه، ويحقق له المصالح بأنواعها، ويدفع عنه الأضرار بشتى أشكالها، قال أهل العلم: وحفظ الله للعبد يدخل فيه نوعان من الحفظ:

أحدهما: حفظ الله للعبد في دنيه وإيمانه بحفظه من الشبهات المضلة ومن الشهوات المحرمة بالحيلولة بينه وبين ما يفسد عليه دينه، قال - جل وعلا -: ( كَذلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السٌّوء وَالفَحشَاء إِنَّهُ مِن عِبَادِنَا المُخلَصِينَ ) [يوسف: 24].

 

النوع الثاني: حفظٌ له في مصالح دنياه، كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله، قال - جل وعلا -: ( لَهُ مُعَقّبَـاتٌ مّن بَينِ يَدَيهِ وَمِن خَلفِهِ يَحفَظُونَهُ مِن أَمرِ اللَّهِ ) [الرعد: 11]، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (الملائكة يحفظونه بأمر الله، فإذا جاء القدر خلوا عنه)[5].

 

قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: \"ومن عجيب حفظ الله لمن حفظه أن يجعل الحيوانات المؤذية بالطبع حافظة له من الأذى كما جرى لسفينة مولى النبي حيث كُسر به المركب وخرج إلى جزيرة، فرأى الأسد، فجعل يمشي معه حتى دله على الطريق، وقد أكد النبي ذلك المعنى في هذه الوصية فقال: ((احفظ الله تجده تجاهك)). فمن حفظ حدود الله ورعى حقوقه أحاطه الله بحفظه، ومَنَّ عليه بتوفيقه وتسديده، وعاد عليه بتأييده وإعانته، ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مٌّحسِنُونَ ) [النحل: 128]. قال قتادة - رضي الله عنه -: \"من يتق الله يكن معه، ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تُغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل\"، وكتب بعض السلف إلى أخ له: \"أما بعد: فإن كان الله معك فمن تخاف؟! وإن كان عليك فمن ترجو؟! \".

 

إخوة الإسلام، ومن مضامين هذا النوع أن الله يحفظ ذرية العبد الصالح بعد موته، كما قال - جل وعلا -: ( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَـالِحاً ) [الكهف: 82]، قيل: إنهما حُفظا بصلاح أبيهما، كما قال - جل وعلا -: ( وَليَخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِن خَلفِهِم ذُرّيَّةً ضِعَـافاً خَافُوا عَلَيهِم فَليَتَّقُواّ اللَّهَ وَليَقُولُوا قَولاً سَدِيداً ) [النساء: 9]. ومن حفظ الله في صباه وقوته - حفظه الله - في حال كبره وضعف قوته، ومتعه بسمعه وبصره وحوله وقوتهº جاوز بعض السلف المائة سنة وهو ممتَّع بقوته وعقله، فوثب يوماً وثبة شديدةً فقيل له! فقال: \"هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر ف- حفظها الله - علينا في الكبر\".

 

معاشر المسلمين، أمة الإسلام، إن الأمة على مستوى آحادها ومجتمعاتها، وبمختلف مسؤولياتها وتنوع مكانتها، متى حفظت دين الله فحققت الإيمان الصادق به، واستسلمت لأمره في كل شأن، وتخلَّصت من أهواء النفوس وشهوات القلوب، وكانت أحوالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها على مقتضى منهج الله وسنة رسول الله، متى جعلت الإسلام الصافي منهجاً كاملاً لحياتها في كل أطوارها ومراحلها وفي جميع علاقاتها وارتباطاتها وفي كل حركاتها وسكناتها، حينئذ يتحقق لها حفظ الله من كل المكاره والمشاق والأزمات والمحن التي تعاني منها، ويحصل لها عندئذ الأمن والاستقرار والعزة والانتصار، قال الله - جل وعلا -: ( الَّذِينَ ءامَنُوا وَلَم يَلبِسُوا إِيمَـانَهُم بِظُلمٍ, أُولَـئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مٌّهتَدُونَ ) [الأنعام: 82].

 

إن الأمة متى استغرق الإيمان بالله والاهتداء برسوله، متى استغرق ذلك حياتَها وساد توجهاتِها وقاد تحركاتها حصل لها الأمن بكل مقوماته، وشتى صوره، الأمن من الأعداء والمخاطر، والأمن من المخاوف والأضرار، الأمن السياسي، والأمن الاقتصادي، والأمن الاجتماعي. متى قام المسلمون جميعاً بحقائق دينهم ومبادئ إسلامهم وجانبوا الأهواء والشهوات وعملوا بصدقٍ, للإسلام مع الأخذ بالأسباب وإعداد العدة، والأخذ بالوسائل، عندئذ يمكنهم الله من الأرض، ويقوي شوكتهم، ويعز كلمتهم، ويُرهب بهم أعداءهم، ويعمٌّ لهم الخير والعدل والسلام، ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّـالِحَاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِى الأرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِى ارتَضَى لَهُم وَلَيُبَدّلَنَّهُم مّن بَعدِ خَوفِهِم أَمناً يَعبُدُونَنِى لاَ يُشرِكُونَ بِى شَيئاً وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الفَـاسِقُونَ ) [النور: 55].

 

معاشر المؤمنين، إن الأمة متى وقع بها البلاء وقاست الابتلاء، وخافت فطلبت الأمن، وذلت فطلبت العزة، وتخلفت فطلبت الاستخلاف والاستقرار، فلن تجد لذلك سبيلاً وطريقاً ولن يتحقق لها شيء مما تبتغي وتطلب حتى تقوم بشرط الله - جل وعلا - من القيام بطاعة الله ورسوله، والرضا التام بشريعة الإسلام، وتحقيق النهج المرتضى، فحينئذ يرتفع عنها الفساد والانحدار، ويزول منها الخوف والقلق والاضطراب، ولن تقف إذاً في طريقها قوةٌ من قوى الأرض جميعاً، فالله - جل وعلا - يقول: ( فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلٌّ وَلاَ يَشقَى وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيـامَةِ أَعمَى ) [طه: 123، 124]، ( فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوفٌ عَلَيهِم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ ) [البقرة: 38].

 

إخوة الإسلام، وما من أمة مسلمة في عبر التأريخ تخالف هذا النهج إلا تخلفت في ذيل القافلة، وذلت وطُردت من الهيمنة، واستبدّ فيها الخوف، وتخطفها الأعداء، كما قال الله - جل وعلا -: ( أَوَ لَمَّا أَصَـابَتكُم مٌّصِيبَةٌ قَد أَصَبتُم مّثلَيهَا قُلتُم أَنَّى هَـذَا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم ) [آل عمران: 165]، ثبت عن النبي وهو الرحيم المشفق بأمته أنه قال: ((إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم))[6].

 

أمة الإسلام في كل مكان، إن وعد الله قائمٌ مهما اختلفت العصور وتغيرت الأحوال متى قام الشرط المذكور، فمن شاء تحقيق الوعد فليقم بالشرط، ( وَمَن أَوفَى بِعَهدِهِ مِنَ اللَّهِ ) [التوبة: 111]. ولهذا لما سار سلف هذه الأمة من الصحابة ومن بعدهم على هذا المنهج ثقةً بالله، واعتماداً عليه، وقوةَ إيمان به مع ثبات في العزيمة، وصبر على الشدائد، وتأسٍ, كامل بخير أسوة رسول الله، مع عمل خيّر متواصل لا ينقطع، حينئذ أقام الله بهم شوامخ صروح هذا الدين، وقامت بهم دولة الإسلام القوية في أصقاع الأرض، ذلك أنهم وزنوا الدنيا في واقعها بميزانها الحقيقي، فلم يركنوا إليها، وعرفوا حقارتها وسرعة زوالها، فلم يخدعوا أنفسهم بها، بل عرفوا الآخرة، وقدروها حق قدرها، وجعلوها نصبَ أعينهم، فلخلودها يعملون، وعليها يحرصون، فهانت عليهم الصعاب من أجلها. ذكر ابن كثير - رحمه الله - في أحداث سنة ثلاث وستين وأربعمائة من الهجرة قال: \"أقبل ملك الروم في جحافل لا تحصى كأمثال الجبال وعُددٍ, عظيمة وجمع هائل، ومن عزمه أن يجتَث الإسلام وأهلَه، فالتقى به سلطان المسلمين في جيش وهم قريب من عشرين ألفا، وخاف من كثرة المشركين، فأشار عليه الفقيه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري بأن يكون وقت الواقعة يوم الجمعة بعد الزوال حين يكون الخطباء يدعون للمجاهدين، فلما تواجهت الفئتان نزل سلطان المسلمين عن فرسه، وسجد لله - عز وجل -، ودعا الله - تعالى -واستنصره، فأنزل الله نصره على المسلمين، ومنحهم أكتاف المشركين، وكان نصراً مُؤزراً مجيداً\" انتهى والحمد لله أولاً وأخراً.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ( ياأَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبّت أَقدَامَكُم ) [محمد: 7].

بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآيات والبيان، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

----------------------------------------

[1] أخرجه الترمذي في صفة القيامة (2516)، وهو عند أحمد أيضا (4/409-410) [2669]، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/460-461). \"روي هذا الحديث عن ابن عباس من طرق كثيرة..وأصح الطرق الطريق التي خرجها الترمذي\"، وصححه الألباني في صحيح السنن (2043).

[2] هذه الرواية أخرجها أحمد (5/18-19) [2803]، والحاكم (3/623)، والضياء في المختارة (10/24)، وصححها القرطبي في تفسيره (6/398).

[3] أخرجه أحمد (3662)، والترمذي في صفة القيامة (2458) وقال: \"هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد\"، وحسنه الألباني في صحيح السنن (2000).

[4] أخرجه البخاري في الرقاق (6474) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه -.

[5] أخرجه ابن جرير في تفسيره (13/116)، وحسن إسناده الحافظ في الفتح (8/372).

[6] أخرجه أحمد (4825، 5007، 5562)، وأبو داود في البيوع (3462)، وصححه ابن القطان كما في التلخيص الحبير (3/19)، وقوّاه ابن القيم في تعليقه على سنن أبي داود (5/104)، وصححه الألباني بمجموع طرقه في السلسلة الصحيحة (11).

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه.

أما بعد: فيا أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله - عز وجل -.

معاشر المؤمنين، تمر الأيام واللحظات وإخواننا في فلسطين يعانون من مشاهد مرعبة من الدماء والأشلاء، والتشريد والتقتيل، يستحيل أن تمحوها الأيام أو أن تنساها الذاكرة، إرهابٌ من الصهاينة الغاصبين بشتى أنواعه وأقبح أشكاله، يجري تنفيذه عليهم من قتلة البشر وسفاكي الدماء، فأين ـ يا ترى ـ أصحاب القرار العالمي، وهم يرون الشر يتفاقم والاستغلال يتعاظم مع مطامع لا حدود لها، وموازين لا ضوابط لها من الصهاينة الغاصبين؟!

ألا فليعلم العالم كلٌّه أن الحل كلَّ الحل في إعطاء الحقوق لأصحابها، ونشر العدل الحقيقي بين البشرية كلها، وحفظ الكرامة الإنسانية التي جاء الإسلام بها.

فيا أبناء أمة محمد، الأمر جد خطير، والواجب عظيم، والمسؤولية أمام الله كبيرة في نصرة قضايا المسلمين، والوقوف مع إخواننا المؤمنين في فلسطين وفي غيرها من مواقع المسلمين، فالله الله في أداء الواجب، كلُّ حسب استطاعته، وفي حدود إمكانياته، ابذلوا الأموال لهم بسخاء، توجهوا إلى الله - جل وعلا - لهم بصالح الدعاء في كل وقت وحين، والله المستعان، وإليه المشتكى، وعليه التكلان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ثم اعلموا أن أزكى ما تقوم به حياتنا هو الانشغال بالصلاة والسلام على النبي الكريم.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين...

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply