شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم المفترى عليها


 

بسم الله الرحمن الرحيم

يتكلم النصارى على شخص الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأمور، منها أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوج بتسعة ٍ,من النساء. ويقولون قولة اليهود \" لو كان نبيا ما رغب في النساء \"

ويرمون بالشبهات حول زواجه - صلى الله عليه وسلم - بالطاهرةِ المطهرة...الصديقة ِبنت الصديق حبيبة الحبيب أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - وهي بنت في التاسعة من عمرها.

 

وكذا يتكلمون على زواجه - صلى الله عليه وسلم - من أم المؤمنين زينبَ بنت جحش زوجةِ زيد بن حارثة - رضي الله عنه - ابنه من التبني. وكذا زواجه - صلى الله عليه وسلم - من جويرية بنت الحارث الخزاعية. وصفية بنت حيي بن أخطب وكانتا من سباياه، ليخرجوا بنتيجة مفادها أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان شهوانيا لا همَّ له إلا النساء، وأن غزواته كانت نزوات أراد بها الإكثار من النساء. ــ هذا نص كلامهم ـــ. وهو قول معتدليهم.

أما المتشددون منهم فلهم حديث لا يروى لفحشه وبذاءة لفظه.

 

وبأدنى مجهود يتبين لكل من يتابع الجهود التنصيرية المبذولة على أرض الواقع وفي البالتوك أنهم يركزون في حملتهم التنصيرية على شخص الرسول - صلى الله عليه وسلم -

وهم يجدون من يسمع ومن يصدق من المسلمين... من المتذبذبين الشاكين في أمر دينهم.. الذين ليس لهم من الإسلام إلا الانتساب فقط. فالواقع الذي لا شك فيه هو أنه توجد حالات تَتَنصر، وأنه يجلس على شبكة الإنترنت في غرف البالتوك بالقسم العربي وقسم الشرق الأوسط فقط  ما لا يقل بحال عن ألف شخص... يتواجدون بصفة مستمرة على مدار الساعة هذا حديثهم. فالأمر إذا جد.

 

لذا نحتاج إلى طرح جديد للسيرة النبوية يفرد هذا الجانب من شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكيف أنها كانت شخصية جادة، بعيدة كل البعد عما يتحدث به النصارى والمنافقين.

وأذكر أن بنتا ــ فتاة ـــ ممن تنصروا جلس إليها بعض الدعاة يكلمونها فيما أشكل عليها من أمور الدين وجعلها ترتد عن الإسلام، وبعد أيام من الحوار معها قالت: أنا أشهد أن لا إله إلا الله، أما محمدا هذا فلا أريده لي رسولا.

هذا من كثرة ما سمَِعت من كذب وقلبٍ, للحقائق على شخص الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وحاورتُ عدة شخصيات من هؤلاء الذين تنصروا ثم عادوا، كان الكل يضع باللائمة على (الشيوخ) ــ يعنون أئمة المساجد، حيث أنهم حين كانت تعرض عليهم شبهات النصارى كانوا إليهم ليسألوهم فيما أشكل عليهم فلا يجدون ردا بل زجرا ونهيا عن الخوض في الأمر، معللين بأنه نوع من السياسة وإثارة الفتنة الطائفية.

وقد تكلم مسئول كنسي رفيع المستوى عن النشاط التنصيري في مصر وقال أنه جيد وأن النتائج مرضية للغاية.

 

وأعرض الآن ردا سريعا ملخصا للشبهات التي يتكلم بها النصارى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ليعرف قومنا كيف أنها مُهمَلة في كل ما عرض من السيرة النبوية، وخاصة المسموعة التي تصل إلى العوام، وهم من يستهدفهم المنصِّرون، وأيضا أعرض هذا الرد نصرة للرسول ــ - صلى الله عليه وسلم - ـــ محتسبا الأجر على الله.

 

بادئ ذي بدء أقول: أن التعدد لم يأت به الإسلام ابتداءً وإنما هو المعمول به في الأمم من قبل... كذا كان إبراهيم - عليه السلام -، وكذا كان يعقوب - عليه السلام -، وكان داود - عليه السلام - كذلك، وكان لسليمان - عليه السلام - من الزوجات والجواري ما لم يكن لرسول الله ـــ - صلى الله عليه وسلم - ـــــ،

كما كان تعدد الزوجات منتشرا عند الفراعنة، وعند العرب قبل الإسلام، وعند شعوب وسط وشرق وجنوب شرق أسيا، وعند الشعوب الوثنية في إفريقيا، بل ظلت الكنيسة حتى القرن السابع عشر تعترف بالتعدد، ولا يوجد نص صريح في العهد الجديد (الإنجيل) يمنع التعدد، أما العهد القديم (التوراة والمزامير ورسائل بعض الأنبياء) ففيها نصوص كثيرة صريحة تبين شرعية التعدد.

فمحمد - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بدعا من الرسل. والإسلام في إباحته للتعدد ولم يأت بجديدٍ, مُنكر بل أتى بما هو معروف معمول به بين جميع الناس.

 

ثم لو افترضنا جدلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كما يقول النصارى ــ وحاشاه - صلى الله عليه وسلم - ــ فهذا ليس بعيب عند النصارى، فعندهم الأنبياء يزنون، وليس فقط يغتصبون النساء ويتزوجونهم كما يدعون على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وراجع ما يقولونه عن نوح - عليه السلام - وكيف أنه شرب المسكر وتكشف، وزنى ببناته، وما يقولونه عن داود وكيف أنه زنى بزوجة قائده وأنجب منها سليمان - عليه السلام - من الزنى وسليمان وكيف أن نسائه أملن قلبه للكفر فكفر وإبراهيم - عليهما السلام - كيف أنه تزوج بأخته بنت أبيه وكان محرما عليه، ولوط - عليه السلام - وموسى وهارون أمر عجب، فإذا كان هذا اعتقادهم في الأنبياء فلا أدري علام العيب على محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو بعيد من هذا كله؟!

ثم لم يكن الحبيب - صلى الله عليه وسلم - هذا الشخص الذي تأخذه النظرة، ويجري وراء النساء هنا وهناك، كما يفترون، وسيرته شاهد على ذلك.

 

ــ فقد تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خديجة بنت خويلد وهو ا بن أربعةٍ, وعشرين عاما وهي بنت أربعين عاما. وكانت متزوجة ً من رجلين قبله. وظل معها خمسةً وعشرين عاما... إلى أن تُوفيت - رضي الله عنها -، أي حتى بلغ عمره الخمسين، وكانت هي في الخامسة والستين.

 

ــ أي أنه قضى معها فترة الشباب، ولم يكن يومها دينٌ يمنع، بل كانت هناك الرايات الحمر تنصب على البيوت، وهي رايات البغايا تنادي الرجال، ولم ُيسمع أن محمدا  - صلى الله عليه وسلم -  كانت له نزوات الشباب التي لم تكن محرمة في ذلك اليوم. بل كان الداعي إليها لا يَمل النداء.

 

ـــ ثم ماتت خديجة - رضي الله عنه - وبقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  وفيَّا لها بعد وفاتها يذكرها بخير، حتى قالت أم المؤمنين عائشةُ - رضي الله عنها -: كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوما من الأيام، فأخذتني الغيرة فقلت: هل كانت إلا عجوزا قد أبدلك الله خيرا منها، فغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء. وكان يقول - صلى الله عليه وآله وسلم - خير نسائها خديجة بنت خويلد، وخير نسائها مريم بنت عمران.

وفي البخاري عَن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَت مَا غِرتُ عَلَى أَحَدٍ, مِن نِسَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا غِرتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَمَا رَأَيتُهَا وَلَكِن كَانَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ ذِكرَهَا وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعضَاءً ثُمَّ يَبعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ فَرُبَّمَا قُلتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَم يَكُن فِي الدٌّنيَا امرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَت وَكَانَت وَكَانَ لِي مِنهَا وَلَدٌ

أتسائل: أهذا حال من يبحث عن الشهوة؟

كم كان عمر خديجة يوم ماتت؟

خمس وستون عاما.

فعلم يبكي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

أعلى شهوة كان يقضيها معها؟

وما يُشتهى في امرأة قاربت السبعين من عمرها.

بل والله على ألفة وعشرة؟

وتلك شيم الرجال.. أخو الخنا... لا يقر له قرار، ولا يعرف الألفة والعشرة، وإنما يوم هنا ويوم هناك.

ماتت خديجة وتركت للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ستةً من الأبناء... أربعة بنات منهن من قارب سن الزواج، وولدان صغيران....

ولم يفكر - صلى الله عليه وسلم - من تلقاء نفسه في الزواج، بل ظل فترة من الزمن بلا زواج حتى جاءته خولة بنت حكيم - رضي الله عنها - زوجة عثمان بن مظعون وعرضت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزواج من ثيب عجوز... هي سودة بنت زَمعَة - رضي الله عنها - وأرضاها لتكون أما لأولاده، وعرضت عليه - صلى الله عليه وسلم - الزواج من عائشة - رضي الله عنها - لتوطد العلاقة بينه وين صاحبه أبي بكر - رضي الله عنه -. فتزوج بعد ذلك بسودة - رضي الله عنها -

وكانت امرأة ضخمة ثبطة (بطيئة الحركة) مُصبية (ذات أولاد) لا حاجة لها في الرجال. هكذا يصفونها. وليس هذا حال من يبحث عن شهوته، وإنما حال من يبحث عن أم لأولاده الست الذين تركتهم له خديجة - رضي الله عنها -.

وتزوج من عائشة - رضي الله عنها -، ولم يكن الزواج في هذا السن (التاسعة) عيب، فقد كان تكلم لخطبة عائشة - رضي الله عنها - جبير بن المطعم بن عدي قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان هذا الأمر زواج الكبير من الصغيرة أمر عادي في هذه الأيام فقد تزوج عبد المطلب مع ابنه عبد الله ببنت عم آمنة بنت وهب التي في نفس سنها في ليلة واحدة، وكان يومها قد تجاوز المائة عام. وتزوج عمرو بن العاص وأنجب وهو بن اثنا عشر عاما.

ولو كان في هذا الأمر عيب لم تكن قريش واليهود ليتركونه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم الذين كانوا يفتعلون الأكاذيب للنيل منه - صلى الله عليه وسلم -.

ومريم العذراء أنجبت المسيح - عليه السلام - وهي في الثانية عشر من عمرها، كما تقول الموسوعة الكاثوليكية، أي أنها حملت وهي في الحادية عشر، وكانت مخطوبة قبل ذلك، وكان يوسف النجار خطيبها قد تجاوز الثمانين من عمره.

ثم لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الكهل محدودب الظهر الذي لا يقوم من مجلسه إلا بغيره، بل كان - صلى الله عليه وسلم - فتيا من أشد الرجال، يُجَامِع حتى يكسل، ويركب الخيل ويلبس الحديد، ويثبت حين يفر الأبطال... وسيما قسيما أسود الشعر واللحية. بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم -

ولو أن عائشة - رضي الله عنها - زفت إليه مكرهه لما أحبته هذا الحب .

 

ثم هم في دعواهم هذه يستأنسون بالعلم التجريبي، مُدعين على لسان العلم أن النضوج له علاقة بدرجة الحرارة، وأن درجة الحرارة اليوم في الحجاز حيث كانت أم المؤمنين عائشة أشد مما كانت عليه قبل ألف وأربعمائة عام، وهذا يستلزم أن يكون النضوج اليوم في سن السادسة أو الخامسة؟

وهو حق خُلط بباطل!

 

فالعلم التجريبي نظريات يكذب بعضها بعض، فنظريات اليوم تكذب نظريات الأمس، وأذكر أنه حين اكتشفت الذرة، خرج علينا العلم التجريبي يقول إن الذرة عبارة عن نواة تدور حولها الإلكترونات في مدارات محددة، وكل مدار به عدد ثابت من الإلكترونات.

وما كاد يمر عقد من الزمن حتى خرج علينا العلم التجريبي، بنظرية أخرى تكذب الأولى، ويقول لنا إنه لا مدارات وأن الإلكترونيات تسير في شكل سحابة، وبعدها خرجت نظريات ونظريات.

والشاهد أن العلم التجريبي، لا يمكن أن يكون دليلا قطعيا يحتج به.

ثم إنه يدخل الجسد من الأطعمة المحفوظة والأشربة المبسترة، والفواكه ذات التلقيح الصناعي في هذه الأيام ما يُعجل بهرمه، ويؤخر نضوجه، فرجل في الخمسين من رجال الأمس كشباب في الثلاثين من شباب اليوم.

 فالقياس إذا فاسد... فاسد.

ـ ولم تكن السيدة عائشة هذه الطفلة الغافلة التي لا تفقه شيئا، رمى بها أبوها وأمها إلى رجل عجوز كما يرسم لكم الخيال.. بل كانت من أعقل النساء، وهذا أمر معروف مشهور.

ليس المقام مقام تفصيل في الرد على شبهات النصارى وإنما أضرب مثالا لما أقترحه على من يعرض السيرة النبوية. فهذا أمر مُستجد ويحتاج إلى معالجة خاصة، وقد شرحت نموذجا وشرحت الرد عليه.

أقول: لا بد من الوقوف مع هذه القضية وبيان أن النبي ــ - صلى الله عليه وسلم - كان بشرا يعتريه ما يعتري البشر من حب النساء والولد، ومن الحاجة إلى الطعام والشراب، وما إلى ذلك.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply