غزوة بني النضير


بسم الله الرحمن الرحيم

أمر إجلاء بني النضير في سنة أربع

بنو النضير يأتمرون بالرسول - صلى الله عليه وسلم -

قال ابن إسحاق: ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر اللذين قتل عمرو بن أمية الضمري، للجوار الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقد لهما، كما حدثني يزيد بن رومان، وكان بين بني النضير وبين بني عامر عقد وحلف.

 

فلما أتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعينهم في دية ذينك القتيلين قالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت، مما استعنت بنا عليه. ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد - فمن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب أحدهم فقال أنا لذلك فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي - رضوان الله عليهم- .

 

الله يعلم نبيه بما دبروا

فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما أراد القوم فقام وخرج راجعا إلى المدينة، فلما استلبث النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه قاموا في طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة، فسألوه عنه فقال \" رأيته داخلا المدينة \". فأقبل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهوا إليه - صلى الله عليه وسلم - فأخبرهم الخبر، بما كانت اليهود أرادت من الغدر به وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم.

 

قال ابن هشام: واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم.

 

قال ابن إسحاق: ثم سار الناس حتى نزل بهم.

 

قال ابن هشام: وذلك في شهر ربيع الأول فحاصرهم ست ليال ونزل تحريم الخمر.

 

حصار الرسول لبني النضير

قال ابن إسحاق: فتحصنوا منه في الحصون فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع النخيل والتحريق فيها، فنادوه أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد، وتعيبه على من صنعه فما بال قطع النخل وتحريقها؟

 

تحريض الرهط لهم ثم محاولتهم الصلح

وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج، منهم (عدو الله) عبد الله بن أبي ابن سلول ووديعة ومالك بن أبي قوقل وسويد وداعس قد بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنعوا، فإنا لن نسلمكم إن قوتلتم قاتلنا معكم وإن أخرجتم خرجنا معكم فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب وسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة ففعل. فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل فكان الرجل منهم يهده بيته عن نجاف بابه فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به. فخرجوا إلى خيبر ومعهم من سار إلى الشام.

 

من هاجر منهم إلى خيبر:

فكان أشرافهم من سار منهم إلى خيبر: سلام بن أبي الحقيق وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب. فلما نزلوها دان لهم أهلها.

 

قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث أنهم استقلوا بالنساء والأبناء والأموال معه الدفوف والمزامير والقيان يعزفن خلفهم وإن فيهم لأم عمرو صاحبة عروة بن الورد العبسي، التي ابتاعوا منه وكانت إحدى نساء بني غفار، بزهاء وفخر ما رئي مثله من حي من الناس في زمانهم.

 

تقسيم الرسول أموالهم بين المهاجرين:

وخلوا الأموال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة يضعها حيث يشاء فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المهاجرين الأولين دون الأنصار. إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة سماك بن خرشة ذكرا فقرا، فأعطاهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

 

من أسلم من بني النضير:

ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان يامين بن عمر أبو كعب بن عمرو بن جحاش ; وأبو سعد بن وهب، أسلما على أموالهما فأحرزاها.

 

تحريض يامين على قتل ابن جحاش:

قال ابن إسحاق: - وقد حدثني بعض آل يامين: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ليامين ألم تر ما لقيت من ابن عمك، وما هم به من شأني؟ فجعل يامين بن عمير لرجل جعلا على أن يقتل له عمرو بن جحاش، فقتله فيما يزعمون.

 

غزوة بني النضير وما نزل فيها:

ذكر ابن إسحاق هذه الغزوة في هذا الموضع وكان ينبغي أن يذكرها بعد بدر لما روى عقيل بن خالد وغيره عن الزهري، قال كانت غزوة بني النضير بعد بدر بستة أشهر.

 

قطع اللينة وتأويله:

وذكر نزول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببني النضير وسيره إليهم حين نقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه وهموا بقتله فلما تحصنوا في حصونهم وحرق نخلهم نادوه أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه وذكر الحديث. قال أهل التأويل وقع في نفوس المسلمين من هذا الكلام شيء حتى أنزل الله - تعالى -: ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها [الحشر 5] الآية. واللينة ألوان التمر ما عدا العجوة والبرني ففي هذه الآية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحرق من نخلهم إلا ما ليس بقوت للناس وكانوا يقتاتون العجوة وفي الحديث العجوة من الجنة وثمرها يغذو أحسن غذاء والبرني أيضا كذلك. وقال أبو حنيفة معناه بالفارسية حمل مبارك لأن بر معناه حمل وني معناه جيد أو مبارك فعربته العرب، وأدخلته في كلامها، وفي حديث وفد عبد القيس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم وفكر البرني: إنه من خير تمركم وإنه دواء وليس بداء رواه منهم مزيدة العصري، ففي قوله - تعالى -: ما قطعتم من لينة ولم يقل من نخله على العموم تنبيه على كراهة قطع ما يقتات ويغذو من شجر العدو إذا رجي أن يصير إلى المسلمين وقد كان الصديق - رضي الله عنه - يوصي الجيوش ألا يقطعوا شجرا مثمرا، وأخذ بذلك أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو]، الأوزاعي، فإما تأولوا حديث بني النضير وإما رأوه خاصا للنبي - عليه السلام - ولم يختلفوا أن سورة الحشر نزلت في بني النضير ولا اختلفوا في أموالهم لأن المسلمين لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب وإنما قذف الرعب في قلوبهم وجلوا عن منازلهم إلى خيبر، ولم يكن ذلك عن قتال من المسلمين لهم فقسمها النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين ليرفع بذلك مؤنتهم عن الأنصار، إذ كانوا قد ساهموهم في الأموال والديار غير أنه أعطى أبا دجانة وسهل بن حنيف لحاجتهما، وقال غير ابن إسحاق:وأعطى ثلاثة من الأنصار، وذكر الحارث بن الصمة فيهم. 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply