وفاة الرسول


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - (633م - 11 هجرياً).

بعد حجة الوداع بثلاث شهور فقط مرض النبي بالحمى الشديدة و التي أثرت فيه كثيراً فكان لا يستطيع القيام من مجلسه و استأذن زوجاته - رضي الله عنهم - أن يُمرض في بيت السيدة عائشة - رضي الله عنها -، وفي ذلك الوقت نزلت آخر آية من القرآن و هي قوله - تعالى -: {وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلٌّ نَفسٍ, مَّا كَسَبَت وَهُم لاَ يُظلَمُونَ} (281) سورة البقرة، ثم اشتد الوجع برسول الله، و في آخر أيامه خرج ليزور شهداء أحد و يقول: (السلام عليكم و رحمه الله و بركاته، أنتم السابقون و نحن بكم لاحقون إن شاء الله) ثم يرجع النبي بين الصحابة - رضي الله عنهم - و يبكي، فيقولون: ما يبكيك يا رسول الله؟ فيقول لهم: اشتقت إلى إخواني، فيقولون: أولسنا بإخوانك يا رسول الله؟ قال: لا أنتم أصحابي، أما إخواني فهم قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي و لم يروني، ثم اشتد الوجع على الرسول أكثر و أكثر حتى أن الصحابة كانوا يحملونه إلى بيت السيدة عائشة و لما راءه الصحابة هكذا، بكت عيونهم، و دخل النبي بيت عائشة - رضي الله عنها - و قال: لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات، و كان وجه النبي مليء بالعرق، تقول السيدة عائشة أنها كانت تأخذ بيد الرسول فتمسح بها على وجهه الكريم، ثم قال النبي: والله إني لأجد طعم الشاة المسمومة في حلقي!! ((الشاة التي وضع بها اليهود السم للنبي)، بعدها بدأ خبر وجع رسول الله ينتشر بين الناس و بين الصحابة حتى أن صوتهم بلغ مسمع النبي فقال: احملوني إليهم، فحملوا النبي إلى المسجد و ألقى آخر خطبة له و قال: (أيها الناس، كأنكم تخافون علي؟ أيها الناس: موعدي معكم ليس الدنيا، موعدي معكم عند الحوض، والله لكأني أنظر إليه من مقامي هذا، أيها الناس: والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم، أيها الناس: إن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين لقاء الله فاختار لقاء الله، ففهم أبو بكر المراد و عرف أن الرسول قد خُير بين الدنيا و لقاء ربه فاختار لقاء ربه، فعلى صوت أبي بكر بالبكاء و قال: فديناك بأموالنا، فديناك بآبائنا، فيديناك بأمهاتنا، فنظر إليه الناس شجراً، فقال لهم الرسول: أيها الناس: دعوا أبا بكر فوالله ما من أحد كانت له يد إلا كافأناه بها إلا أبا بكر لم أستطع مكافأته فتركت مكافأته لله - عز وجل -، و بدأ الرسول يوصي الناس و يقول: أيها الناس: أوصيكم بالنساء خيراً و قال: الصلاة الصلاة، الصلاة الصلاة، الله الله في النساء، و ظل يرددها و بدأ يدعي و يقول: آواكم الله، نصركم الله، ثبتكم الله، ثم ختم و قال: أيها الناس: أبلغوا مني السلام كل من تبعني إلى يوم القيامة)، عليك السلام يا رسول الله، ثم دخل النبي بعدها بيته و نظر إلى السواك فأحضرته السيدة عائشة - رضي الله عنها- و ظلت تتسوك به لتلينه لرسول الله حتى استاك به النبي ثم دخلت عليه السيدة فاطمة فبكت فقالت: وا كرب أبتاه، فقال لها: ليس على أبيكي كرب بعد اليوم، ثم أبلغها أنها أول أهله لحاقاً به فضحكت - رضي الله عنها-، و في يوم 12 ربيع الأول نظر الرسول إلى الصحابة و هم يصلون فابتسم و ظل ينظر إليهم و يبتسم، ثم عاد إلى حجرته و بعدها وضع رأسه على صدر السيدة عائشة - رضي الله عنها- حتى ثقلت رأسه على صدرها - رضي الله عنها - و مات رسول الله فخرجت السيدة عائشة تقول للصحابة: مات رسول الله، مات رسول الله، فهذا عمر بن الخطاب يقول: من قال أنه مات قطعت رأسه، إنما ذهب ليقابل ربه كما ذهب موسى من قبل، و هذا عثمان بن عفان لا يستطيع أن يتحرك، و هذا علي بن أبي طالب يمشي كالأطفال هنا و هناك، و أما أثبت الصحابة أبو بكر فأخذ يقول: أيها الناس، من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات و من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم قرأ آية الله - تعالى - : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرٌّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلَى أَعقَابِكُم وَمَن يَنقَلِب عَلَىَ عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيئًا وَسَيَجزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (144) سورة آل عمران، فعلم الناس أن الرسول قد مات حقاً، ثم غسله العباس بن عبد المطلب و علي بن أبى طالب و أولاد العباس بن عبد المطلب ووضعوا التراب على النبي فقالت لهم فاطمة - رضي الله عنها-: أطابت أنفسكم أن تضعوا التراب على رسول الله؟ و في النهاية أذكركم بالصلاة كثيراً على النبي و دراسة سيرته جيداً لعله يشفع لنا عند الله - تعالى - يوم القيامة إن شاء الله.(اللهم صلى على محمد عدد خلقك و زنه عرشك و رضا نفسك و مداد كلماتك).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply