أسس بناء المجتمع في المدينة


  

بسم الله الرحمن الرحيم

قام المجتمع المدني على عدّة دعائم، أهمّها ما يأتي:

أولاً: المسجد:

فكان أوّل عمل قام به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة بناء المسجد كما في البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ((..بَنَاهُ مَسجِدًا وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بُنيَانِهِ وَيَقُولُ وَهُوَ يَنقُلُ اللَّبِنَ:

 

 

هَذَا الحِمَالُ لا حِمَالَ خَيبَر * * * هَذَا أَبَرٌّ رَبَّنَا وَأَطهَر

 

وَيَقُولُ:

اللَّهُمَّ إِنَّ الأَجرَ أَجرُ الآخرة * * *  فَارحَمِ الأَنصَارَ وَالمُهَاجِرَه

 وهذا يدل على أهمّيّة المسجد ومكانته في الإسلام، وأصبح المسلمون كلّما بنوا مدينةً أو مصراً أول ما يبدأون بالمسجد ثم يبنون بيوتهم حوله كما فعل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - حين بنى الكوفة والبصرة.

والمسجد له مكانة عظمى ودور كبير في حياة الأمّة المسلمة فاستخدم المسجد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأكثر من غرض منها:

1- إقامة الصلاة فيه، وكان الصحابة يحرصون أشدّ الحرص على الصلاة مع الجماعة، حتى إنّ الرجل منهم لا يستطيع المشي فيهادى بين رجلين حتى يأتون به المسجد، وكانوا يعتبرون المتخلف عن المسجد منافقاً معلوم النفاق.

روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال: ((مَن سَرَّهُ أَن يَلقَى اللَّهَ غَدًا مُسلِمًا فَليُحَافِظ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُم - صلى الله عليه وسلم - سُنَنَ الهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِن سُنَنِ الهُدَى وَلَو أَنَّكُم صَلَّيتُم فِي بُيُوتِكُم كَمَا يُصَلِّي هَذَا المُتَخَلِّفُ فِي بَيتِهِ لَتَرَكتُم سُنَّةَ نَبِيِّكُم وَلَو تَرَكتُم سُنَّةَ نَبِيِّكُم لَضَلَلتُم وَمَا مِن رَجُلٍ, يَتَطَهَّرُ فَيُحسِنُ الطٌّهُورَ ثُمَّ يَعمِدُ إِلَى مَسجِدٍ, مِن هَذِهِ المَسَاجِدِ إِلا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطوَةٍ, يَخطُوهَا حَسَنَةً وَيَرفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطٌّ عَنهُ بِهَا سَيِّئَةً وَلَقَد رَأَيتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنهَا إِلا مُنَافِقٌ مَعلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَد كَانَ الرَّجُلُ يُؤتَى بِهِ يُهَادَى بَينَ الرَّجُلَينِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ))([1]).

وروى مسلم أيضا عن ابن مسعود قال: ((لَقَد رَأَيتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلاةِ إِلا مُنَافِقٌ قَد عُلِمَ نِفَاقُهُ أَو مَرِيضٌ إِن كَانَ المَرِيضُ لَيَمشِي بَينَ رَجُلَينِ حَتَّى يَأتِيَ الصَّلاةَ وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَنَا سُنَنَ الهُدَى وَإِنَّ مِن سُنَنِ الهُدَى الصَّلاةَ فِي المَسجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ)).

ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعذر أحداً بالتخلف عن المسجد.

فروى مسلم في صحيحه عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: ((أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ أَعمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى المَسجِدِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَن يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: هَل تَسمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ قَالَ: نَعَم قَالَ فَأَجِب)).

فمع كونه - صلى الله عليه وسلم - رحيم بأمته يشقّ عليه ما يشقّ عليهم رؤوف فيهم لم يرخّص لهذا الأعمى في التخلف عن الصلاة في المسجد. وقد ورد في بعض روايات الحديث أنه كبير وبعيد الدار عن المسجد.

 

 

بل إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هَمَّ بتحريق أناس لم يشهدوا الصلاة في المسجد كما في صحيح البخاري عن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: ((لَيسَ صَلاةٌ أَثقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجرِ وَالعِشَاءِ وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِيهِمَا لاتَوهُمَا وَلَو حَبوًا لَقَد هَمَمتُ أَن آمُرَ المُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمٌّ النَّاسَ ثُمَّ آخُذَ شُعَلاً مِن نَارٍ, فَأُحَرِّقَ عَلَى مَن لا يَخرُجُ إِلَى الصَّلاةِ بَعدُ)).

وقد رتّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصلاة في المسجد فضلاً كبيراً وأجراً عظيماً كما في الصحيحين عن أبي هريرة: ((أَنَّ أَحَدَهُم إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى المَسجِدَ لا يَنهَزُهُ إِلا الصَّلاةُ لا يُرِيدُ إِلا الصَّلاةَ فَلَم يَخطُ خَطوَةً إِلا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنهُ بِهَا خَطِيئَةٌ حَتَّى يَدخُلَ المَسجِدَ فَإِذَا دَخَلَ المَسجِدَ كَانَ فِي الصَّلاةِ مَا كَانَتِ الصَّلاةُ هِيَ تَحبِسُهُ وَالمَلائِكَةُ يُصَلٌّونَ عَلَى أَحَدِكُم مَا دَامَ فِي مَجلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ يَقُولُونَ اللَّهُمَّ ارحمه اللهمَّ اغفِر لَهُ اللَّهُمَّ تُب عَلَيهِ مَا لَم يُؤذِ فِيهِ مَا لَم يُحدِث فِيهِ)).

2- مدرسة وجامعة للتعليم، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم الناس وكانوا يجلسون إليه في المسجد فيتعلمون منه أصول الدين وفروعه، وكان الواحد منهم إذا شغله شاغل عن حضور المسجد ذلك اليوم أوصى غيره يأتيه بما يتعلّمه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وربما استفيد من المسجد في الأمور التالية:

1- إيواء الضعفاء والفقراء والعزّاب.

2- إنشاد الشعر في نصر الدعوة.

3- مكان لاعتقال الأسرى حتى يشاهدوا المسلمين فيتأثروا بهم.

4- مكان لعلاج المرضى (مثل خيمة رفيدة لمعالجة سعد بن معاذ).

5- استقبال الرسل والسفراء.

6- عقد ألوية الجهاد.

7 - لقاء المسلمين بأميرهم وقائدهم([2]).

ولما اهتمّ المسلمون بشكل المساجد وزخرفتها فرغوها من محتواها ومقاصدها، وأصبحت مكاناً لأداء الصلاة فقط ثم تغلق حتى عن حلق العلم والتعليم.

وهذا مصداق قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد))([3]). وفي الحديث الآخر: ((نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتباهى الناس في المساجد))([4]).

وعن ابن عباس مرفوعاً: ((ما أمرت بتشييد المساجد)) ثم قال ابن عباس: ((لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى))([5]).

 

ثانيا: المؤاخاة.

لـمّا هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة وقد تركوا ديارهم وأموالهم وهربوا إلى الله بأبدانهم، تنافس الأنصار - رضي الله عنهم - في إيواء إخوانهم المهاجرين حتى أصبح إسكانهم بالقرعة فهذه امرأة من الأنصار ممن بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحكي لنا قصة في ذلك: روى البخاري عن أم العلاء قَالَت: ((طَارَ لَنَا عُثمَانُ بنُ مَظعُونٍ, فِي السٌّكنَى حِينَ اقتَرَعَتِ الأَنصَارُ عَلَى سُكنَى المُهَاجِرِينَ فَاشتَكَى فَمَرَّضنَاهُ حَتَّى تُوُفِّيَ.. )).

بل طلبوا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقسّم بينهم وبين إخوانهم من المهاجرين نخيلهم فقد روى البخاري عَن أَبِي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَتِ الأَنصَارُ: ((اقسِم بَينَنَا وَبَينَهُمُ النَّخلَ قَالَ: لا قَالَ: يَكفُونَنَا المَئُونَةَ وَيُشرِكُونَنَا فِي التَّمرِ قَالُوا: سَمِعنَا وَأَطَعنَا)).

 

 

وروى الإمام أحمد عَن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ, عَن أَبِيهِ عَن جَدِّهِ: ((أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبَ كِتَابًا بَينَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ أَن يَعقِلُوا مَعَاقِلَهُم وَأَن يَفدُوا عَانِيَهُم بِالمَعرُوفِ وَالإِصلاحِ بَينَ المُسلِمِينَ)).

ثم إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - آخى بين المهاجرين والأنصار فكانت هذه الآصرة أقوى من آصرة القبيلة والنسب حتّى وصل بهم الحال إلى التوارث بينهم كما روى البخاري عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ, - رضي الله عنهما -: (({وَلِكُلٍّ, جَعَلنَا مَوَالِيَ} قَالَ: وَرَثَةً {وَالَّذِينَ عَقَدَت أَيمَانُكُم} قَالَ: كَانَ المُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ يَرِثُ المُهَاجِرُ الأَنصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - بَينَهُم فَلَمَّا نَزَلَت {وَلِكُلٍّ, جَعَلنَا مَوَالِيَ} نَسَخَت ثُمَّ قَالَ {وَالَّذِينَ عَقَدَت أَيمَانُكُم} إِلا النَّصرَ وَالرِّفَادَةَ وَالنَّصِيحَةَ وَقَد ذَهَبَ المِيرَاثُ وَيُوصِي لَهُ)).

وقد ضرب الأنصار أروع المثل في إكرام إخوانهم المهاجرين بل في إيثارهم على أنفسهم كما قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالأِيمَانَ مِن قَبلِهِم يُحِبٌّونَ مَن هَاجَرَ إِلَيهِم وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِم حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ}.

ولما فتحت البحرين أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعوّض الأنصار بعض ما صرفوه على إخوانهم المهاجرين، يقول أنس بنَ مَالِكٍ, - رضي الله عنه -: ((دَعَا النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - الأَنصَارَ إِلَى أَن يُقطِعَ لَهُمُ البَحرَينِ فَقَالُوا: لا إِلا أَن تُقطِعَ لِإِخوَانِنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ مِثلَهَا قَالَ: إِمَّا لا فَاصبِرُوا حَتَّى تَلقَونِي فَإِنَّهُ سَيُصِيبُكُم بَعدِي أَثَرَةٌ))([6]).

ويحسن أن نسوق نموذجاً واحداً من نماذج المؤاخاة الرائعة:

روى البخاري عن إِبرَاهِيمَ بنِ سَعدٍ, عَن أَبِيهِ عَن جَدِّهِ قَالَ: قَالَ عبدُ الرحمنِ بنُ عَوفٍ,: ((لَمَّا قَدِمنَا المَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَينِي وَبَينَ سَعدِ بنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ سَعدُ بنُ الرَّبِيعِ: إِنِّي أَكثَرُ الأَنصَارِ مَالاً فَأَقسِمُ لَكَ نِصفَ مَالِي وَانظُر أَيَّ زَوجَتَيَّ هَوِيتَ نَزَلتُ لَكَ عَنهَا فَإِذَا حَلَّت تَزَوَّجتَهَا قَالَ: فَقَالَ لَهُ عبدُ الرحمنِ: لا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ هَل مِن سُوقٍ, فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ: سُوقُ قَينُقَاعٍ, قَالَ: فَغَدَا إِلَيهِ عبد الرحمنِ فَأَتَى بِأَقِطٍ, وَسَمنٍ, قَالَ: ثُمَّ تَابَعَ الغُدُوَّ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ عبد الرحمنِ عَلَيهِ أَثَرُ صُفرَةٍ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: تَزَوَّجتَ قَالَ: نَعَم قَالَ: وَمَن قَالَ: امرَأَةً مِنَ الأَنصَارِ قَالَ: كَم سُقتَ قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ, مِن ذَهَبٍ, أَو نَوَاةً مِن ذَهَبٍ, فَقَالَ لَهُ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: أَولِم وَلَو بِشَاةٍ,)).

وقد ذابت العنصرية والقبلية في الأخوّة الإيمانية، وأصبح التفاضل على أساس {إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقَاكُم}.

ولقد أكّد النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير موضع أهمّيّة الأخوة بين المسلمين ووجوب الترابط بينهم، ونهى عن الشحناء والبغضاء، والشقاق والخلاف والفرقة:

فشبّههم مرّةً بالبنيان في قوّة ترابطه وتماسكه.

روى البخاري ومسلم عَن أَبِي مُوسَى قَالَ: ((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((المُؤمِنُ لِلمُؤمِنِ كَالبُنيَانِ يَشُدٌّ بَعضُهُ بَعضًا)) وشبك بين أصابعه)).

وشبّههم بالجسد الواحد في دقّة الإحساس وسرعة المواساة.

روى البخاري ومسلم عَنِ النٌّعمَانِ بنِ بَشِيرٍ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَثَلُ المُؤمِنِينَ فِي تَوَادِّهِم وَتَرَاحُمِهِم وَتَعَاطُفِهِم مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشتَكَى مِنهُ عُضوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى)).

ورغّب بالقيام بحاجة المسلم ومساعدته ونصحه وإعانته في جميع أحواله:

روى مسلم عن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن نَفَّسَ عَن مُؤمِنٍ, كُربَةً مِن كُرَبِ الدٌّنيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ وَمَن يَسَّرَ عَلَى مُعسِرٍ, يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيهِ فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَةِ وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَونِ العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ فِي عَونِ أَخِيهِ.. )).

بل إنه ساواه بالنفس في محبّة الخير وكره الشر:

 

 

روى البخاري ومسلم عَن أَنَسٍ, عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبٌّ لِنَفسِهِ)).

وحذّر من جميع الخصال التي توجب الفرقة والبغضاء والتباعد بين المسلمين:

عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِيَّاكُم وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكذَبُ الحَدِيثِ وَلا تَحَسَّسُوا وَلا تَجَسَّسُوا وَلا تَبَاغَضُوا وَلا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخوَانًا))([7]).

وعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا تَبَاغَضُوا وَلا تَحَاسَدُوا وَلا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخوَانًا وَلا يَحِلٌّ لِمُسلِمٍ, أَن يَهجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلاثٍ,))([8]).

عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَحَاسَدُوا وَلا تَنَاجَشُوا وَلا تَبَاغَضُوا وَلا تَدَابَرُوا وَلا يَبِع بَعضُكُم عَلَى بَيعِ بَعضٍ, وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخوَانًا المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ لا يَظلِمُهُ وَلا يَخذُلُهُ وَلا يَحقِرُهُ التَّقوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ, بِحَسبِ امرِئٍ, مِنَ الشَّرِّ أَن يَحقِرَ أَخَاهُ المُسلِمَ كُلٌّ المُسلِمِ عَلَى المُسلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرضُهُ))([9]).

وأصبحت الآيات القرآنية تنـزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محذّرةً من الفرقة والخلاف والشقاق وآمرةً بالاجتماع والإتلاف والترابط على حبل الله المتين وصراطه المستقيم.

قال - تعالى -: {وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} وقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعاً لَستَ مِنهُم فِي شَيءٍ,} وقال: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاختَلَفُوا مِن بَعدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ}.

 

----------------------------------------

([1]) ورواه أحمد والنسائي وابن ماجة.

([2]) انظر السيرة في ضوء المصادر الأصلية ص792.

([3]) رواه البخاري وأبوداود وابن ماجة عن أنس - رضي الله عنه -.

([4]) رواه ابن حبان.

([5]) رواه أبوداود وابن حبان.

([6]) رواه البخاري.

([7]) رواه البخاري.

([8]) رواه مسلم.

([9]) رواه مسلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply