الهدف من دراسة السيرة ( 1 )


  

بسم الله الرحمن الرحيم

تعريف السيرة:

السَير الذهاب والاسم منه السِيرة، والسِيرة الضرب من السَير، والسِيرة السنة، والسِيرة الطريقة. يقال: سار بهم سِيرة حسنة، والسِيرة: الهيئة، وفي التنزيل:[ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى]، وسَيًر سِيرة: حدًث أحاديث الأوائل.

السيرة قسم من الحديث النبوي باعتبارين: الأول: نسبتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -المشرع، الثاني: روايتها بالأسانيد، ولهذا أفرد علماء الحديث كتباً وأبواباً في مصنفاتهم في مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأيامه، وشمائله ودلائل نبوته.

والسيرة جزء من التاريخ باعتبار أحداثها ووقائعها إذ أن موضوع التاريخ هو:

((أحوال الأشخاص الماضية من الأنبياء، والأولياء، والعلماء، والحكماء، والشعراء، والملوك والسلاطين وغيرهم)).

 

الغرض من دراسة السيرة:

إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الصورة العملية التطبيقية لهذا الدين، وجميع الطرق الموصلة إلى الله - تعالى - ثم إلى الجنة موصودة ومغلقة إلا طريقه - صلى الله عليه وسلم -، ويمتنع أن تعرف دين الإسلام ويصح لك إسلامك بدون معرفة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكيف كان هديه وعمله وأمره ونهيه ومنهجه وسنته؟.

لقد سالم وحارب، وأقام وسافر، وباع واشترى، وأخذ وأعطى، وما عاش - صلى الله عليه وسلم - وحده، ولا غاب عن الناس يوماً واحداً، ولا سافر وحده.

وقد لاقى صنوف الأذى، وقاسى أشد أنواع الظلم، وكانت العاقبة والنصر له.

بعث على فترة من الرسل، وضلال من البشر، وانحراف في الفطر، وواجه ركاماً هائلاً من الضلال والانحراف والبعد عن الله، والإغراق في الوثنية. فاستطاع بعون الله أن يخرجهم من الظلام إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى ومن الشقاء إلى السعادة، فأحبوه وفدوه بأنفسهم وأهليهم وأموالهم، واقتدوا به في كل صغيرة وكبيرة، وجعلوه نبراسا لهم يستضيئون بنوره، ويهتدون بهديه فأصبحوا أئمة الهدى وقادة البشرية.

 

 هل تطلبون من المختار معجزة ***  يكفيه شعب من الأجداث أحياه

 من وحد العرب حتى كان وا ***  ترهم إذا رأى ولد الموتور أخاه

 

وما أصيب المسلمون إلا بسبب الإخلال بجانب الإقتداء به، والأخذ بهديه، واتباع سنته، وقد قال الله - تعالى -:[ لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ ].

حتى اكتفى بعض المسلمين من سيرته بقراءتها في المنتديات والاحتفالات، ولا يتجاوز ذلك إلى موضع الاهتداء والتطبيق....

وبعضهم بقراءتها للبركة، أو للاطلاع على أحداثها ووقائعها، أو حفظ غزواته وأيامه وبعوثه وسراياه.

 

وهذا راجع إما لجهل بأصل مبدأ الاتباع والاهتداء والاقتداء، وعدم الإدراك بأن هذا من لوازم المحبة له                   - صلى الله عليه وسلم -، وإما لعدم إدراك مواضع الإقتداء من سيرته - صلى الله عليه وسلم -º نظرا لضعف الملكة في الاستنباط، أو لقلة العلم والاطلاع على كتب أهل العلم.

 

* إن سيرته - صلى الله عليه وسلم -رسمت المنهج الصحيح الآمن في دعوة الناس، وهداية البشر، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ومن الشقاء إلى السعادة. وما فشلت كثير من المناهج الدعوية المعاصرة في إصلاح البشر إلى بسبب الإخلال بهديه والتقصير في معرفة سنته، ونقص في دراسة منهجه - صلى الله عليه وسلم -في هداية البشر وإصلاحهم.

 

* إن السيرة النبوية لا تدرس من أجل المتعة في التنقل بين أحداثها أو قصصها، ولا من أجل المعرفة التاريخية لحقبة زمنية من التاريخ مضت، ولا محبة وعشقاً في دراسة سير العظماء والأبطال، ذلك النوع من الدراسة السطحية إن أصبح مقصداً لغير المسلم من دراسة السيرة، فإن للمسلم مقاصد شتى من دراستها منها:

 

أولاً: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو محل القدوة والأسوة، وهو المشرع الواجب طاعته واتباعه قال - تعالى -:[ لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرجٌو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً ]، وقال - تعالى -:[ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهتَدُوا]، وقال:[ مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطَاعَ الله]، وقال:[ قُل إِن كُنتُم تُحِبٌّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ اللهُ ]، فهو التجسيد العملي والصورة التطيبقية للإسلام، وبدونها لا نعرف كيف نطيع الله - تعالى - ونعبده.

 

* فسيرته - صلى الله عليه وسلم - يستقي منها الدعاة أساليب الدعوة ومراحلها، ويتعرفون على ذلك الجهد الكبير الذي بذله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل إعلاء كلمة الله، وكيف التصرف أمام العقبات والصعوبات والموقف الصحيح أمام الشدائد والفتن.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply