من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم استجابة دعائه


  

بسم الله الرحمن الرحيم

عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: أتى النبي – صلى الله عليه وسلم - الخلاء، فوضعت له وضوءا، فلما خرج قال: ((من وضع هذا؟)) فأخبر، فقال: ((اللهم فقهه في الدين)).

فكان بعد يدعى حبر الأمة، وترجمان القرآن، ببركة دعوة النبي– صلى الله عليه وسلم -، وإجابة دعائه لجماعة بما دعا لهم أو عليهم متواتر بالجملة، معلوم بالضرورة.

 

عن عبد الله بن مسعود قال: بينما رسول الله – صلى الله عليه وسلم -  يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان، فيأخذه فيضعه بين كتفي محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فأخذه، فلما سجد النبي وضعه بين كتفيه فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا قائم أنظر، فلو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله، والنبي ساجد ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة، فجاءت وهي جويرية فطرحته عنه، ثم أقبلت عليهم تسبهم، فلما قضى النبي صلاته رفع صوته، ثم دعا عليهم. وكان إذا دعا دعا ثلاثا، وإذا سأل سأل ثلاثا، ثم قال: ((اللهم عليك بقريش -ثلاث مرات- )) فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته، ثم قال: ((اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط)).

وذكر السابع ولم أحفظه، قال: فوالذي بعث محمدا بالحق، لقد رأيت الذين سمى صرعى، ثم سحبوا إلى القليب قليب بدر.

 

وعنه: ((أن النبي – صلى الله عليه وسلم - لما رأى من الناس إدبارا قال: اللهم سبع كسبع يوسف، فأخذتهم سنة حصدت كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف، وينظر أحدهم إلى السماء فيرى الدخان من الجوع، فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد! إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم، فدعا لهم، فسقوا الغيث)).

 

وعن البراء بن عازب عن أبيه أنه قال لأبي بكر: يا أبا بكر حدثني كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله– صلى الله عليه وسلم -، قال: أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس بعد، فنزلنا عندها، وسوّيت للنبي – صلى الله عليه وسلم - مكانا بيدي ينام فيه عليه، وبسطت عليه فروة، وقلت: نم يا رسول الله وأنا أنفض ما حولك، فنام وخرجت أنفض ما حوله، فاذ أنا براع مقبل، قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم، قلت: أفتحلب؟ قال: نعم، فأخذ شاة فحلب في قعب كثبة من لبن، ومعي إداوة حملتها للنبي – صلى الله عليه وسلم - يرتوي منها، يشرب ويتوضأ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فكرهت أن أوقظه، فوقفت حتى استيقظ، فصببت من الماء على اللبن حتى يرد أسفله، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت، ثم قال: ((ألم يأن الرحيل؟)) قلت: بلى، قال: فارتحلنا بعد ما مالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك، فقلت: أتينا يا رسول الله! قال: ((لا تحزن إن الله معنا))، فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فارتطمت به فرسه إلى بطنها في جلد من الأرض، فقال: إني أراكما دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فنجا، فجعل لا يلقى أحدا إلا قال: كفيتم ما ههنا، فلا يلقى أحدا إلا رده.

 

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال وهو في قبّة يوم بدر. ((اللهم أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم)) فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله! ألححت على ربك! فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول: ((سيهزم الجمع ويولون الدبر)).

وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر قال: ((اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم جياع فأشبعهم))، ففتح الله عليه فانقلبوا وما منهم رجل إلا وقد رجع بجمل أو جملين، واكتسبوا وشبعوا.

وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: غزوت رسول الله وأنا على ناضح، قد أعيى فلا يكاد يسير، فتلاحق بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ما لبعيرك؟)) قلت: قد أعيى، فتخلف رسول الله فزجره، فدعا له، فما زال بين يدي الإبل، قدّامها يسير، فقال لي: ((كيف ترى بعيرك؟)) قلت: بخير، قد أصابته بركتك، قال: ((أفتبعنيه بأوقية؟)) فبعته على أن لي فقار ظهره إلى المدينة، فلما قدم رسول الله المدينة غدوة عليه بالبعير فأعطاني ثمنه ورده علي.

وعنه قال: ((كان ليهودي على أبي تمر، فقتل يوم أحد وترك حديقتين، وتمر اليهودي يستوعب ما في الحديقتين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهودي: ((هل لك أن تأخذ للعام نصفه وتؤخر نصفه؟)) فأبى اليهودي، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((هل لك أن تأخذ الجداد؟)) فأبى، قال: ((فآذني)). فآذنته فجاء هو وأبو بكر، فجعل يجد ويكال من أسفل النخل، ورسول الله يدعو بالبركة، حتى وفينا جميع حقه من أصغر الحديقتين ثم أتيتهم برطب وماء، فأكلوا وشربوا، ثم قال: ((هذا من النعيم الذي تسألون عنه)).

الله أكبر!! الرطب والماء من النعيم الذي تسألون عنه!! فماذا أنتم فاعلون بهذه النعم التي أنتم فيها اليوم تتقلبون؟ تصبحون في ألوان من الطعام والشراب، وتمسون في ألوان! فيا إخوتاه اشكروا الله يزدكم، وإياكم وكفر النعمة فتذهب عنكم: وإذ تأذّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد [إبراهيم: 7].

 وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون [النحل: 112-114].

 

وعن أنس: أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله قائم يخطب، فاستقبل رسول الله قائما، فقال: يا رسول الله! هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، قال: فرفع رسول الله يديه فقال: ((اللهم اسقنا ثلاثا ))، قال أنس: لا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، ولا شيئا، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس.

 

فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: والله ما رأينا الشمس ستا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله قائم يخطب فاستقبله قائما فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها، قال: فرفع رسول الله يديه ثم قال: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر))، قال: فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس.

 

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: شكا الناس إلى رسول الله قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوما يخرجون فيه: قالت عائشة: فخرج حين بدا حاجب الشمس، فصعد على المنبر، فكبّر وحمد الله ثم قال: ((إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم))، ثم قال: ((الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل فيما أنزلت لنا قوة وبلاغا، إلى حين))، ثم رفع يديه فلم يترك الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حوّل إلى الناس ظهره، وقلب أو حوّل رداءه، وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه، وقال: ((أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله)).

 

وعن أنس قال: ((كان رجل نصراني أسلم فقرأ البقرة وآل عمران وكان يكتب الوحي للنبي، فعاد نصرانيا، وكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له، فقال: (اللهم اجعله آية)، فأماته الله، فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه، لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له وأعمقوا ما استطاعوا، فأصحبوا وقد لفظته الأرض فقالوا مثل الأول: فحفروا له وأعمقوا، فلفظته الثالثة، فعلموا أنه ليس من الناس، فألقوه بين جبلين ورضخوا عليه الحجارة)).

 

وعن سلمة بن الأكوع: أن رجلا أكل عند رسول الله بشماله، فقال: ((كل بيمينك))، قال: لا أستطيع، قال: ((لا استطعت))، ما منعه إلا الكبر، فما رفعها إلى فيه.

 

وعن السائب بن يزيد قال: (ذهبت بي خالتي إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله! إن ابن أختي وجع، فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، فتوضأ فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة، قال الجعيد: رأيت السائب بن يزيد ابن أربع وتسعين جلدا معتدلا، فقال: قد علمت ما متعت به من سمعي وبصري إلا بدعاء رسول الله).

 

وعن أنس قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على أم سليم فأتته بتمر وسمن فقال: ((أعيدوا سمنكم في سقائه، وتمركم في وعائه، فإني صائم))، ثم قام إلى ناحية من البيت فصلى غير المكتوبة، فدعا لأم سليم وأهل بيتها، فقالت أم سليم: يا رسول الله! إن لي خويصة، قال: ما هي؟ قالت: خادمك أنس.

قال: فما ترك لي خير دنيا ولا آخرة إلا دعا لي به: ((اللهم ارزقه مالا وولدا وبارك له))، قال أنس: فإني لمن أكثر الأنصار مالا، ولقد دفنت لصلبي إلى مقدم الحجاج البصرة بضعا وعشرين ومائة.

وعن أبي هريرة قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله ما أكره، فأتيت رسول الله وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله! إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله: ((اللهم اهد أم أبي هريرة))، فخرجت مستبشرا بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما جئت فصرت إلى الباب وقربت منه فإذا هو حجاف فسمعت أمي خشف قدمي، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء، فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب ثم قالت: يا أبا هريرة! أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قال: فرجعت إلى رسول الله، فأتيته وأنا أبكي من الفرح، فقلت: يا رسول الله أبشر فقد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله وقال خيرا، قال: يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا، فقال: ((اللهم حبب عبدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهما المؤمنين))، فما خلق الله من مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply