وفاة السلطان طغرلبك


  

بسم الله الرحمن الرحيم

8 رمضان 455هـ ـ 10 سبتمبر 1063م

مفكرة الإسلام: هو أول سلاطين الدولة السلجوقية الكبيرة، ومؤسس هذه الدولة، وباني مجدها الأول بالتعاون مع أخيه «داود»، السلطان ركن الدين أبو طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق، الشهير بـ «طغرلبك» (بضم الطاء والراء) ومعناها بالتركية الأمير الطائر[1].

وُلد طغرلبك سنة 385هـ، وكان الأخ الأوسط من ثلاثة إخوة كبار اشتركوا في تشييد ملك السلاجقة وخاضوا حروبًا شرسة ضد البوبهيين والغزنويين، حتى استطاعوا أن يسيطروا على خراسان كلها سنة 432هـ كما أسلفنا من قبل، وذلك تحت زعامة طغرلبك، ومن ذلك الحين بزغ نجم طغرلبك كأقوى سلطان مسلم في خراسان والهضبة الإيرانية كلها، وقد وصلت حدود دولته إلى أرمينيا حيث حدود الدولة البيزنطية، وأخذ طغرلبك في توجيه فتوحاته ناحية الغرب حيث الدولة البيزنطية المسيطرة على ديار بكر وشمال الشام، واستطاع طغرلبك فتح أرمينيا وديار بكر وأرزن وأسر القائد العام للجيوش البيزنطية «ليبارتيس»، ثم منَّ عليه بالعفو، فقام إمبراطور بيزنطة «قسطنطين السابع» في المقابل بإصلاح مسجد القسطنطينية والذي قد بناه مسلمة بن عبد الملك سنة 110هـ والدعاء فيه يوم الجمعة لطغرلبك، فعظم طغرلبك في أعين الناس وعلا قدره بشدة.

وكان طغرلبك على عقيدة أهل السنة والجماعة، يكره البدع والفرق الضالة، وقد أمر بإلغاء الطوائف المخالفة لأهل السنة كلها بما في ذلك الأشاعرة، فألف «القشيري» رسالته الشهيرة «شكاية أهل السنة» في هذا الأمر، وكان طغرلبك خيرًا مصليًا، يحافظ على صلاة الجماعة في أول وقتها، ومحافظًا على صيام الاثنين والخميس، كثير العفو والصفح، كتومًا للأسرار، سعيدًا في كل تحركاته.

وقد كان السلاجقة عمومًا وطغرلبك خصوصًا شديدي التعظيم لقدر الخلافة العباسية ومكانة الخلفاء، وقد قام طغرلبك بأعظم خدمة للخلافة العباسية ولربما للإسلام عمومًا، وذلك عندما استطاع القضاء على فتنة «البساسيري» الفاطمي التي كادت تطيح بالخلافة العباسية كلها، وظلت بغداد بلا خليفة مدة سنة، كان خلالها الخليفة العباسي «القائم» منفيًا «بحديثة» في الموصل.

وقد توفي طغرلبك عن عمر يناهز السبعين سنة، في 8 رمضان سنة 455هـ، ولم يكن له عقب فجعل ابن أخيه ألب أرسلان وريثه وخليفته.

 

----------------------------------------

([1]) راجع:الكامل في التاريخ، البداية والنهاية، المنتظم، سير أعلام النبلاء، محاضرات الدولة العباسية.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply