حوار حول الأدب الإسلامي مع فضيلة الداعية الدكتور عدنان علي رضا النحوي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

· س 1: من هو عدنان النحوي؟!

ج: ولدتُ في مدينة صفد ـ فلسطين ـ في 27/ 7/ 1346هـ الموافق 15/ 1/ 1928م، أنهيتُ قسماً من الدراسة الابتدائية فيها، ثمَّ أتممت الابتدائية والثانوية في مدينة عكا، ثم حصلتُ على دبلوم التربية والتعليم من دار المعلمين، وشهادة الدراسة الجامعية المتوسطة في القدس. ثم حصلتُ على شهادة البكالوريوس بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف الثانية في الهندسة الكهربائية قسم الاتصالات من مصر، ودرجة الماجستير والدكتوراه في نفس التخصص العلمي من أمريكا، ودرجة الزمالة من معهد المهندسين الكهربائيين في انكلترا، مع دورات علمية وتدريبية في فرنسا.

 

عملتُ مدرساً بعد خروجي من فلسطين لمدة خمس سنوات في دمشق ـ سوريا ـ ولمدة ثلاث سنوات في الكويت. وبعد دراسة الهندسة عملتُ مديراً للإذاعة في حمص ـ سوريا ـ. ثم انتقلتُ إلى المملكة العربية السعودية فعملتُ مديراً للمشاريع الإذاعية في وزارة الإعلام بالرياض. تركتُ العمل على إثر اضطراري لإجراء عملية جراحية في القلب، ثم أجريت لي عملية جراحية ثانية، وثالثة بالبالون.

 

زاولتُ العمل الحر سنوات قليلة، ثم أنشأتُ دار النحوي للنشر والتوزيع لنشر كتبي ومؤلفاتي الخاصة، بعد أن تفرّغتُ للكتابة والتأليف في ميدان الدعوة الإسلامية والأدب والواقع.

 

بلغت مؤلفاتي أكثر من: (90) تسعين كتاباً في الفكر والدعوة والأدب والرد على المذاهب الأدبية الغربية والفكر، وموضوعات أخرى. لقد نشأتُ مع الدراسات الإسلامية والدراسات الأدبية والشعر منذ صباي في بيئتي وبين أهلي وذويَّ، ونظمتُ الشعر وأنا في الرابعةَ عشرةَ من عمري، وامتدّ ذلك كله معي في مسيرة حياتي.

 

 و من خلال كتاباتي أطرح خلاصة تجربة تُمثّل نهجاً محدّداً للدعوة ونشاطها، قائماً على الكتاب والسنة ومدرسة النبوة من ناحية، وعلى الواقع ومتطلباته الإِيمانية الطاهرة من ناحية أُخرى، ليمثِّلا معاً الركنين الأَساسيين اللذين ينهضان على القاعدة الصلبة للدعوة الإسلاميةـ قاعدة الإيمان والتوحيد، ومن هذه الثلاثة تنطلق أسس الدعوة وعناصر العمل والتنفيذ، والنهج والتخطيط، والفكر والتصور في شتى ميادين الحياة، ومنها ميدان الأدب الإسلامي، لتمثّل هذه كلها النظرية العامة للدعوة الإسلاميّة، حيث أطرح في كتبي موضوعات جديدة في الفكر والأدب والواقع، ونهجاً جديداً في الممارسة والعمل.

 

عـالمية الأدب تعـني تجاوز الحـدود والأجـناس!

· س: ما هي البدائل التي وجدتم لها الوجه النقدي والتنظيري والإبداعي؟!

 ج: لقد وضعتُ تصوراً مبدئياً لأسس النقد الأدبي والذي اقترحت أن يسمى كذلك بالنصح الأدبي في كتابي \" الأدب الإسلامي إنسانيته وعالميته \"، وكتاب \" النقد الأدبي المعاصر بين الهدم والبناء \"، كما قدمت نظريَّة للأدب الإسلامي تُعطي تصوّراً شاملاً، أما الإبداع ولعل المقصود به النص، فقد قدمت من جهتي دواوين شعرية وملاحم شعرية قد تساهم في كثير من النصوص الإبداعية الأخرى في تقديم البديل الهادف.

 

· س: ما مفهوم الأدب الإسلامي بالمقارنة مع بعض المفاهيم والمصطلحات المعاصـرة؟!

 ج: في الفصل الثاني من الباب الثاني من كتاب \" الأدب الإسلامي إنسانيته وعالميته\"، قدمتُ الموضوع الأدبي لأُبَيِّن التصور الأساسي لمفهوم الأدب والعطاء الأدبي. وليكون القاعدة لتعريف الأدب الإسلامي، ثم أتبعته بتعريف خاص للأدب الإسلامي.

 

أهمية هذا بالنسبة لي هو أنني حددت العناصر الرئيسة والعوامل التي تتفاعل في الإنسان لتكون أدباً: الفكر، العاطفة، الموهبة، العقيدة، التجربة. وبينت أنه لا توجد تجربة شعورية محضة ولا تجربة فكرية محضة. ثمَّ قدمت التعريف الذي أومن به للأدب الإسلامي. هذا التعريف الذي بينت فيه ميدان الأدب الإسلامي ومهمته ووظيفته وأساسه ومصدره وغايته، ويبقى الأدب الإسلامي هو ومضة التفاعل بين الفكر والعاطفة في فطرة الإنسان الخالصة.

 

· س: ماذا تعني عالمية الأدب الإسلامي؟!

 ج: عالمية الأدب الإسلامي أعني بها امتداد الأدب الإسلامي في نظريته وأسسه وفي منهجه وخطته، وفي وظيفته ومهمته إلى جميع ميادين الحياة الإنسانية في مختلف العصور والأجيال والأمم والشعوب، نابعة من قاعدتين: إنسانية العقيدة، وعالمية العقيدة.

 

 إن عالمية الأدب الإسلامي تنبع من إنسانيته، ومن عقيدته، ليمتدَّ متجاوزاً الحدود والأجناس.

 

وقد ثبت هذا تاريخياً حيث امتدَّ الأدب الإسلامي مع العقيدة في الهند وفارس وأفغانستان وأفريقيا وغيرها، ولا نحكم على عالميته على أساس فترة محدودة. ولكن نحكم عليه على أساس تاريخ ماض ممتدّ وآمال حاضرة ومستقبل بشَّرنا به رسول الله r.

 

· س: ماذا تعني الحداثة؟!

 ج: الحداثة هي اتجاه فكري أشدٌّ خطورة من الليبرالية والعلمانية والماركسية وكل ما عرفته البشرية من مذاهب واتجاهات هدَّامة. لأنها تتضمن كل هذه المذاهب والاتجاهات. وهي تخص مجالات الإبداع الفني أو النقد الأدبي. ولكنها تعم الحياة الإنسانية في كلِّ مجالاتها المادية والفكرية على السواء.

 

· س: ماذا تعني البنيوية:

 ج: البنيوية أيضاً ليست مذهباً أدبياً يقف عند الأدب فحسب ولكنها مذهب فكري فلسفي، يحاول فهم العالم والحياة. فهم الوجود، فهم الإنسان والطبيعة والثقافة على نحو جديد حسب ما يظنٌّ بعض أقطابها كأدونيس، وكمال أبو ديب وغيرهما، مخالفين لما سبق للناس في تاريخ البشرية أن عرفوه، رافضين، مهدمين لكل ما سبق. رفض القديم كله، وكلٌّ لحظة تصبح بالنسبة للحظة التالية قديمة، إلا الأساطير اليونانية فتظلّ منبع الحداثة وفكرها.

 

· س: ما هي خصائص وركائز هذه الحداثة التي شدّت إليها أنظار النقاد والأدباء وحتى علماء الاجتماع والتربية والسياسة؟!

 ج: الحداثة ومعها البنيوية تمثل منهجاً عاماً عائماً في رؤية الكون ولا تنحصر في الأدب. إنها تلغي القديم وترفض الثبات، وترى أن الحياة والكون في حركة دائمة متغيرة. ترفض الدين والتراث بما فيه وهذا الرفض تجده في النصوص، في المنحى الذي يربط هذه النصوص. تحطم اللغة العربية بنحوها وصرفها وبلاغتها، ونثرها وشعرها.

 

· س: لماذا طُرِحَت الحداثة في واقعنا اليوم؟ فإذا كان ظهورها في ديار الغرب استجابة لردود فعل في مجتمعاتهم المضطربة فكرياً، القلقة نفسياً، فلماذا تظهر في العالم الإسلامي؟!

 ج: إنَّ من أهمِّ أسباب انتشار أفكار الحداثة في العالم الإسلامي هو الجهل بالمنهج الرباني قرآناً وسنَّة. إلا أن أنصار الحداثة وإن استطاعوا أن يصوغوا أفكارها ويزينوها بشتى الزخارف الممكنة، إلا أنهم اختلطت لديهم التصورات، واضطربت رؤاهم، وبدت ثقافتهم متقطعة وسطحية، ولا تفيد، والحل أن يفهم المؤمن الواقع الذي يعيش فيه فهماً إيمانياً من خلال منظور إيماني يستطيع أن يجسد تطوٌّراً ونموٌّاً في الممارسة الإيمانيّة لمنهاج الله في الواقع دون انحراف ولا تأويل فاسد.

 

· س: كيف وجدتم مع الأدب كمبدع شاعر من ناحية، ودارس ناقد من ناحية أخرى؟!

 ج: وجدتُ في ذلك متعة كبيرة، وصدقاً مع نفسي، وتحقيقاً لكثير من آمالي وإيماني. وجدت الأدب ميداناً واسعاً يمكن أن نحقق فيه ممارسة إيمانية رائعة، نتعبد بها الله - سبحانه وتعالى -، ونحقق قسطاً من الأمانة التي خُلِقنا لها.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply