الشيخ حافظ سلامة .. رمز المقاومة الشعبية


  

بسم الله الرحمن الرحيم

دخل الشيخ حافظ سلامة التاريخ كبطل للمقاومة الشعبية في مدينة السويس إبان حرب 1973م، فقد كان هو قائد تلك المقاومة ومفجرها، وهو الذي رفض بإصرار تسليم المدينة للقوات الإسرائيلية، وهو الذي نظم عملية صمود المدينة مع عدد من أبناء السويس ورجالها الأبطال، وكانت القوات الإسرائيلية قد استطاعت أن تتسلل إلى الضفة الغربية لقناة السويس بعد نجاح الجيش المصري في عبور القناة، وتحطيم خط بارليف، وجاء هذا التسلل الإسرائيلي من منطقة الدفرسوار كمحاولة للقضاء على مكاسب الجيش المصري في تلك المعركة، واستطاعت تلك القوات الإسرائيلية أن تحقق بعض المكاسب على الأرض، ووصلت بالفعل إلى مشارف مدينة السويس بهدف احتلالها، ولو استطاعت القوات الإسرائيلية احتلال المدينة في ذلك الوقت لكان الموقف قد أصبح خطيراً جدّاً، حيث إن احتلال المدينة يحقق للقوات الإسرائيلية استكمال حصار الجيش الثالث الميداني في سيناء، ويفتح أمامها الطريق إلى القاهرة عبر السويس، وعلى حد تعبير أحد المؤرخين العسكريين فإن احتلال السويس كان بمثابة حبل يلتف حول رقبة الجيش الثالث، ومدفع مصوب على القاهرة.

 

مولده وحياته:

الشيخ حافظ على أحمد سلامة ولد بالسويس في 6 ديسمبر \"كانون أول \" 1925م، التحق بالأزهر، ودرس العديد من العلوم الدينية، ثم عمل بالأزهر واعظاً حتى أصبح مستشاراً لشيخ الأزهر لشئون المعاهد الأزهرية حتى عام 1978م، ثم أحيل إلى التقاعد، وفي خلال تلك الرحلة من التعليم والعمل بالأزهر كان للشيخ حافظ سلامة دوراً اجتماعياً وسياسياً ونضالياً بارزاً، حيث التحق في شبابه بجماعة شباب محمد التي أنشأها الأستاذ حسين محمد يوسف عام 1948م، وشارك الشيخ حافظ سلامة من خلال تلك الجمعية في النضال الوطني الإسلامي في مصر ضد الاحتلال الإنجليزي، ثم اعتقل بعد ذلك في إطار الاعتقالات والتصفيات التي نفذها النظام الناصري ضد الإسلاميين، وظل الشيخ حافظ سلامة في السجن حتى نهاية 1967م، وكانت الحكومة المصرية قامت بحل جماعة شباب محمد في إطار حل الجمعيات الإسلامية في الستينات، إلا أن الشيخ حافظ سلامة أسس فيما بعد جمعية الهداية الإسلامية في مدينة السويس، وهي الجمعية التي اضطلعت بمهمة تنظيم الكفاح الشعبي المسلح ضد إسرائيل منذ عام 1967م، وحتى عام 1973م، وقد لعبت تلك الجمعية دوراً هاماً في بناء العديد من المساجد، وتنظيم حلقات الوعظ والتوجيه المعنوي لرجال القوات المسلحة عقب هزيمة 1967م، فقد كان الشيخ حافظ سلامة معتقلاً حتى عام 1967م، حيث حدثت هزيمة الجيوش العربية في حرب 5 حزيران \" يونيو \" 1967م، وعندما حدثت معركة حزيران \"يونيو\" طلب الشيخ حافظ سلامة وزملائه من قائد معتقل أبي زعبل الرائد محمد عبد العال سلامة أن يسمح لهم بالخروج لأداء واجبهم الديني في الدفاع عن البلاد ضد اليهود، وتعهدوا له بالعودة بعد انتهاء المعركة إلى السجنº إلا أن طلبهم قوبل بالرفض.

ثم أفرج عن الشيخ حافظ سلامة في ديسمبر عام 1967م فاتجه إلى مسجد الشهداء بالسويس، وأنشأ جمعية الهداية الإسلامية، ونجح في إقناع قيادة الجيش بتنظيم قوافل توعية دينية للضباط والجنود تركز على فضل الجهاد والاستشهاد وأهمية المعركة مع اليهود، وعلى جرائم اليهود بحق الأنبياء وغيرها من المعاني التي تساهم في رفع الروح المعنوية للقوات المسلحة المصرية، وقد شارك في تلك القوافل علماء الأزهر، وأساتذة الجامعات مثل الدكتور عبد الحليم محمود، والشيخ محمد الغزالي، والشيخ حسن مأمون، والدكتور محمد الفحام، والشيخ عبد الرحمن بيصار وغيرهم، وقد نجحت القوافل نجاحاً كبيراً، فصدر قرار بتعميمها على جميع وحدات الجيش المصري في طول البلاد وعرضها كنوع من الاستعداد للمعركة الفاصلة مع اليهود.

 

معركة السويس (22 - 28 أكتوبر1973م)

تعد قيادة الشيخ حافظ سلامة لعمليات المقاومة الشعبية في مدينة السويس بدءاً من يوم 22 أكتوبر 1973م هي المحطة الأهم في حياة الشيخ حافظ سلامة، كانت القوات الإسرائيلية قد نجحت في التسلل إلى غرب قناة السويس في منطقة الدفرسوار، وسيطرت على مساحة كبيرة من الأرض باتجاه السويس، واستعدت لاقتحام المدينة لتكمل الحصار على الجيش الثالث الميداني بالضفة الشرقية للقناة وتهدد القاهرة، وكانت أجهزة المدينة الرسمية قد قررت تسليم المدينةº حيث أن الأوضاع الدفاعية والتموينية للمدينة لم تكن تسمح بالصمود على حد تقدير تلك الأجهزة، ولكن الشيخ حافظ سلامة ومعه عدد من القيادات الشريفة المجاهدة، ومعه جميع أبناء المدينةº قرروا رفض تسليم المدينة، واستمرار المقاومة مهما كانت الظروف، وقد تعرضت المدينة لحصار شديد من القوات الإسرائيلية، وكذا لقصف مستمر من الطائرات.

 

دور اجتماعي ونضالي بارز:

بعد حرب 1973م لم يتوقف الشيخ حافظ سلامة عن العطاء الوطني والإسلامي، فقد استطاع من خلال جمعية الهداية الإسلامية أن يؤسـس عدد من الساجد والمراكز الإسلامية الكبيرة والمتميزة في عدد من مدن مصر، لعل أكبرها وأهمها مسجد الفتح الإسلامي بميدان رمسيس، وهو صاحب أعلى مئذنة في مدينة القاهرة، وكذا مسجد النور بالعباسية بالقاهرة، كما قام الشيخ حافظ سلامة من خلال جمعية الهداية الإسلامية بإنشاء عدد كبير من المدارس والملاجئ ومراكز رعاية المعوقين، ومراكز التأهل المهني، وتعليم الحرف للأولاد والبنات، وساهم بذلك في خلق فرص عمل لهؤلاء.

وقد اعتقل الشيخ حافظ سلامة لفترات قصيرة أبان عامي 1981م، 1983م إلا أن تاريخه النضالي لم يكن يسمح باستمرار اعتقاله لفترات طويلة، كما قام الشيخ حافظ سلامة بالدعوة إلى مسيرة شعبية تعد الأهم من نوعها وهي مسيرة الشريعة الإسلامية للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، وقد استجاب لندائه عشرات الألوف تجمعوا في مسجد النور بالعباسية عام 1984م، وقام وفد منهم بتسليم طلب تطبيق الشريعـة الإسلامية إلى رئاسة الجمهورية في ذلك الوقت.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply