السيدة خديجة بنت خويلد وبناتها


  

بسم الله الرحمن الرحيم

السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها:

خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأول من صدقت ببعثته مطلقا قال الزبير بن بكار كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة وأمها فاطمة بنت زائدة قرشية من بني عامر بن لؤي وكانت عند أبي هالة بن زرارة بن النباش بن عدي التميمي أولا ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ثم خلف عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا قول بن عبد البر ونسبه للأكثر وعن قتادة عكس هذا إن أول أزواجها عتيق ثم أبو هالة ووافقه بن إسحاق في رواية يونس بن بكير عنه وهكذا في كتاب النسب للزبير بن بكار لكن حكى القول الأخير أيضا عن بعض الناس وكان تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة وقيل أكثر من ذلك وكانت موسرة وكان سبب رغبتها فيه ما حكاه لها غلامها ميسرة مما شاهده من علامات النبوة قبل البعثة ومما سمعته من بحيرا الراهب في حقه لما سافر معه ميسرة في تجارة خديجة وولدت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولاده كلهم إلا إبراهيم وقد ذكرت في ترجمة كل منهم ما يليق به وقد ذكرت عائشة في حديث بدء الوحي ما صنعته خديجة من تقوية قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - لتلقى ما أنزل الله عليه فقال لها لقد خشيت على نفسي فقالت كلا والله لا يخزيك الله أبدا وذكرت خصاله الحميدة وتوجهت به إلى ورقه وهو في الصحيح وقد ذكره بن إسحاق فقال وكانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدق بما جاء به فخفف الله بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان لا يسمع شيئا يكرهه من الرد عليه فيرجع إليها إلا تثبته وتهون عليه أمر الناس وعند أبي نعيم في الدلائل بسند ضعيف عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جالسا معها إذا رأى شخصا بين السماء والأرض فقالت له خديجة ادن مني فدنا منها فقالت تراه قال نعم قال أدخل رأسك تحت درعي ففعل فقالت تراه قال لا قالت أبشر هذا ملك إذ لو كان شيطانا لما استحيا ثم رآه بأجياد فنزل إليه وبسط له بساطا وبحث في الأرض فنبع الماء فعلمه جبريل كيف يتوضأ فتوضأ وصلى ركعتين نحو الكعبة وبشره بنبوته وعلمه اقرأ باسم ربك ثم انصرف فلم يمر على شجر ولا حجر إلا قال سلام عليك يا رسول الله فجاء إلى خديجة فأخبرها فقالت أرني كيف أراك فأراها فتوضأت كما توضأ ثم صلت معه وقالت أشهد أنك رسول الله قلت وهذا أصرح ما وقفت عليه في نسبتها إلى الإسلام قال بن سعد كانت ذكرت لورقة بن عمها فلم يقدر فتزوجها أبو هالة ثم عتيق بن عائذ ثم أسند عن الواقدي بسند له عن عائشة قال كانت خديجة تكنى أم هند وعن حكيم بن حزام أنها كانت أسن من النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمس عشرة سنة وروى عن المدائني بسند له عن بن عباس أن نساء أهل مكة اجتمعن في عيد لهن في الجاهلية فتمثل لهن رجل فلما قرب نادى بأعلى صوته يا نساء مكة إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد فمن استطاع منكن أن تكون زوجا له فلتفعل فحصبنه إلا خديجة فإنها عضت على قوله ولم تعرض له وأسند أيضا عن الواقدي من حديث نفيسة أخت يعلى بن أمية قالت كانت خديجة ذات شرف وجمال فذكر قصة إرسالها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وخروجه في التجارة لها إلى سوق بصري فربح ضعف ما كان غيره يربح قالت نفيسة فأرسلتني خديجة إليه دسيسا أعرض عليه نكاحها فقبل وتزوجها وهو بن خمس وعشرين سنة فولدت له القاسم وعبد الله وهو الطيب وهو الطاهر سمي بذلك لأنها ولدته في الإسلام وبناته الأربع وكان من ولدته ستة وكانت قابلتها سلمى مولاة صفية وكانت تسترضع لولدها وتعد ذلك قبل أن تلد ثم أسند عن عائشة أن الذي زوجها عمها عمرو لأن أباها كان مات في الجاهلية قال الواقدي هذا المجمع عليه عندنا وأسند من طرق أنها حين ترويجها به كانت بنت أربعين سنة وقد أسند الواقدي قصة تزويج خديجة من طريق أم سعد بنت سعد بن الربيع عن نفيسة بنت منية أخت يعلى قال كانت خديجة امرأة شريفة جلدة كثيرة المال ولما تأيمت كان كل شريف من قريش يتمنى أن يتزوجها فلما أن سافر النبي - صلى الله عليه وسلم - في تجارتها ورجع ربح وافر رغبت فيه فأرسلتني دسيسا إليه فقلت له ما يمنعك أن تزوج فقال ما في يدي شيء فقلت فإن كفيت ودعيت إلى المال والجمال والكفاءة قال ومن قلت خديجة فأجاب وفي الصحيحين عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب وعند مسلم من رواية عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن علي أنه سمعه يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول خير نسائها خديجة بنت خويلد وخير نسائها مريم بنت عمران وعنده من حديث أبي زرعة سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاني جبريل فقال يا رسول الله هذه خديجة أتتك ومعها إناء فيه طعام وشراب فإذا هي أتتك فقرأ عليها من ربها السلام ومني الحديث قال بن سعد حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قالا جاءت خولة بنت حكيم فقالت يا رسول الله كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة قال أجل كانت أم العيال وربة البيت الحديث وسنده قوي مع إرساله وقال أيضا أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن عبد الله بن عمير قال وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خديجة حتى خشي عليه حتى تزوج عائشة ومن مزايا خديجة أنها ما زالت تعظم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتصدق حديثه قبل البعثة وبعدها وقالت له لما أرادت أن يتوجه في تجارتها إنه دعاني إلى البعث إليك وذكر أيضا إنها قالت لما خطبها إني قد رغبت فيك لحسن خلقك وصدق حديثك ومن طواعيتها له قبل البعثة أنها رأت ميله إلى زيد بن حارثة بعد أن صار في ملكها فوهبته له - صلى الله عليه وسلم - فكانت هي السبب فيما امتاز به زيد من السبق إلى الإسلام حتى قيل إنه أول من أسلم مطلقا وأخرج بن السني بسند له عن خديجة أنها خرجت تلتمس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأعلى مكة ومعها غذاؤه فلقيها جبريل في صورة رجل فسألها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهابته وخشيت أن يكون بعض من يريد أن يغتاله فلما ذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها هو جبريل وقد أمرني أن أقرأ عليك السلام وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب وأخرجه النسائي والحاكم من حديث أنس جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إن الله يقرأ على خديجة السلام فقالت إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله وفي صحيح البخاري عن علي رفعه خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة ويفسر المراد به ما أخرجه بن عبد البر في ترجمة فاطمة عن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد فاطمة وهي وجعة فقال كيف تجدينك يا بنية قالت إني لوجعة وإنه ليزيد ما بي مالي طعام آكله فقال يا بنية ألا ترضين أنك سيدة نساء العالمين قالت يا أبت فأين مريم بنت عمران قال تلك سيدة نساء عالمها فعلى هذا مريم خير نساء الأمة الماضية وخديجة خير نساء الأمة الكائنة ويحمل قصة فاطمة إن ثبتت على أحد أمرين إما التفرقة بين السيادة والخيرية وإما أن يكون ذلك بالنسبة إلى من وجد من النساء حين ذكر قصة فاطمة وقد أثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على خديجة ما لم يثن على غيرها وذلك في حديث عائشة قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها فذكرها يوما من الأيام فأخذتني الغيرة فقلت هل كانت إلا عجوزا قد أبدلك الله خيرا منها فغضب ثم قال لا والله ما أبدلني الله خيرا منها آمنت إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء قالت عائشة فقلت في نفسي لا أذكرها بعدها بسبة أبدا أخرجه أبو عمر أيضا رويناه في كتاب الذرية الطاهرة للدولابي من طريق وائل بن أبي داود عن عبد الله البهي عن عائشة وفي الصحيح عن عائشة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذبح الشاة يقول أرسلوا إلى أصدقاء خديجة فقال فذكرت له يوما فقال إني لأحب حبيبها قال بن إسحاق كانت وفاة خديجة وأبي طالب في عام واحد وكانت خديجة وزيد صدقا على الإسلام وكان يسكن إليها وقال غيره ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين على الصحيح وقيل بأربع وقيل بخمس وقالت عائشة ماتت قبل أن تفرض الصلاة يعني قبل أن يعرج بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ويقال كان موتها في رمضان وقال الواقدي توفيت لعشر خلون من رمضان وهي بنت خمس وستين سنة ثم أسند من حديث حكيم بن حزام أنها توفيت سنة عشر من البعثة بعد خروج بني هاشم من الشعب ودفنت بالحجون ونزل النبي - صلى الله عليه وسلم - في حفرتها ولم تكن شرعت الصلاة على الجنائز.

 

السيدة زينب بنت رسول الله - عليه الصلاة والسلام -:

زينب بنت سيد ولد آدم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشية الهاشمية هي أكبر بناته وأول من تزوج منهن ولدت قبل البعثة بمدة قيل إنها عشر سنين واختلف هل القاسم قبلها أو بعدها وتزوجها بن خالتها أبو العاص بن الربيع العبشمي وأمه هالة بنت خويلد أخرج بن سعد بسند صحيح عن الشعبي قال هاجرت زينب مع أبيها وأبى زوجها أبو العاص أن يسلم فلم يفرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما وعن الواقدي بسند له عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة أن أبا العاص شهد مع المشركين بدرا فأسر فقدم أخوه عمرو في فدائه وأرسلت معه زينب قلادة من جزع كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرفها ورق لها وذكر خديجة فترحم عليها وكلم الناس فأطلقوه ورد عليها القلادة وأخذ على أبي العاص أن يخلي سبيلها ففعل قال الواقدي هذا أثبت عندنا ويتأيد هذا بما ذكر بن إسحاق عن يزيد بن رومان قال صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبح فنادت زينب إني أجرت أبا العاص بن الربيع فقال بعد أن انصرف هل سمعتم ما سمعت قالوا نعم قال والذي نفس محمد بيده ما علمت شيئا مما كان حتى سمعت وإنه يجير على المسلمين أدناهم وذكر الواقدي من طريق محمد بن إبراهيم التيمي قال خرج أبو العاص في عير لقريش فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة في سبعين ومائة راكب فلقوا العير بناحية العيص في جمادي الأولى سنة ست فأخذوا ما فيها وأسروا ناسا منهم أبو العاص فدخل على زينب فأجارته فذكر نحو هذه القصة وزاد وقد أجرنا من أجارت فسألته زينب أن يرد عليه ما أخذ عنه ففعل وأمرها ألا يقربها ومضى أبو العاص إلى مكة فأدى الحقوق لأهلها ورجع فأسلم في المحرم سنة سبع فرد عليه زينب بالنكاح الأول ومن طريق عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن زينب توفيت في أول سنة ثمان من الهجرة وأخرج مسلم في الصحيح من طريق أبي معاوية عن عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية قالت لما ماتت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال اغسلنها وترا ثلاثا أو خمسا واجعلن في الآخرة كافورا الحديث وهو في الصحيحين من طريق أخرى بدون تسمية زينب وسيأتي في أم كلثوم أن أم عطية حضرت غسلها أيضا وكانت زينب ولدت من أبي العاص عليا مات وقد ناهز الاحتلام ومات في حياته وأمامة عاشت حتى تزوجها علي بعد فاطمة وقد تقدم ذكرها في الهمزة وقد مضى لها ذكر في ترجمة زوجها أبي العاص بن الربيع وكانت وفاته بعدها بقليل..

 

السيدة رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

رقية بنت سيد البشر - صلى الله عليه وسلم - محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمية هي زوج عثمان بن عفان وأم ابنه عبد الله قال أبو عمر لا أعرف خلافا أن زينب أكبر بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - واختلف في رقية وفاطمة وأم كلثوم والأكثر أنهن على هذا الترتيب ونقل أبو عمر عن الجرجاني أنه صح أن رقية أصغرهن وقيل كانت فاطمة أصغرهن وكانت رقية أولا عند عتبة بن أبي لهب فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبو لهب ابنه بطلاقها فتزوجها عثمان وقال بن هشام تزوج عثمان رقية وهاجر بها إلى الحبشة فولدت له عبد الله هناك فكان يكنى به وقال أبو عمر قال قتادة لم تلد له قال وهو غلط لم يقله غيره ولعله أراد أختها أم كلثوم فإن عثمان تزوجها بعد رقية فماتت أيضا عنده ولم تلد له قاله بن شهاب والجمهور وسيأتي لتزويج رقية ذكر في ترجمة سعدي أم عثمان حماتها وقال بن سعد بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي وأخواتها وتزوجها عتبه بن أبي لهب قبل النبوة فلما بعث قال أبو لهب رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنته ففارقها ولم يكن دخل بها فتزوجها عثمان فأسقطت منه سقطا ثم ولدت له بعد ذلك ولدا فسماه عبد الله وبه كان يكنى ونقره ديك فمات فلم تلد له بعد ذلك وأخرج بن سعد من طريق علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن بن عباس قال لما ماتت رقية قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ألحقي بسلفنا عثمان بن مظعون فبكت النساء على رقية فجاء عمر بن الخطاب فجعل يضربهن فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - مهما يكن من العين ومن القلب فمن الله والرحمة مهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان فقعدت فاطمة على شفير القبر تبكي فجعل يمسح عن عينها بطرف ثوبه قال الواقدي هذا وهم ولعلها غيرها من بناته لأن الثبت أن رقية ماتت ببدر أو يحمل على أنه أتى قبرها بعد أن جاء من بدر وأخرج بن منده بسند واه عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت كنت أحمل الطعام الى أبي وهو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغار فاستأذنه عثمان في الهجرة فأذن له في الهجرة الى الحبشة فحملت الطعام فقال لي ما فعل عثمان ورقية قلت قد سارا فالتفت الى أبي بكر فقال والذي نفسي بيده إنه أول من هاجر بعد إبراهيم ولوط قلت وفي هذا السياق من النكارة أن هجرة عثمان الى الحبشة كانت حين هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا باطل إلا إن كان المراد بالغار غير الذي كانا فيه لما هاجرا الى المدينة والذي عليه أهل السير أن عثمان رجع مكة من الحبشة مع الى من رجع ثم هاجر بأهله الى المدينة ومرضت بالمدينة لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - الى بدر فتخلف عليها عثمان عن بدر فماتت يوم وصول زيد بن حارثة مبشرا بوقعة بدر وقيل وصل لما دفنت وروى حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال ما ماتت رقية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يدخل القبر رجل قارف فلم يدخل عثمان قال أبو عمر هذا خطأ من حماد إنما كان ذلك في أم كلثوم وقد روى بن المبارك عن يونس عن الزهري قال تخلف عثمان عن بدر على امرأته رقية وكانت قد أصابها الحصبة فماتت وجاء زيد بشيرا بوقعة بدر قال وعثمان على قبر رقية ومن طريق قتادة عن النضر بن أنس عن أبيه خرج عثمان برقية الى الحبشة مهاجرا فاحتبس خبرهما فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة فأخبرته أنها رأتهما فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - قبحهما الله إن عثمان أول من هاجر بأهله يعني من هذه الأمة وذكر السراج في تاريخه من طريق هشام بن عروة عن أبيه قال تخلف عثمان وأسامة بن زيد عن بدر فبينا هم يدفنون رقية سمع عثمان تكبيرا فقال يا أسامة ما هذا فنظروا فإذا زيد بن حارثة على ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجدعاء بشيرا بقتل المشركين يوم بدر .

 

السيدة أم كلثوم بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

أم كلثوم بنت سيد البشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختلف هل هي أصغر أو فاطمة وتزوجها عثمان بعد موت أختها رقية عنده قال أبو عمر كان عتبة بن أبي لهب تزوج أم كلثوم قبل البعثة فلم يدخل عليها حتى بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره أبوه بفراقها ثم تزوجها عثمان بعد موت أختها سنة ثلاث من الهجرة وتوفيت عنده أيضا سنة تسع ولم تلد له قال وهي التي شهدت أم عطية غسلها وتكفينها وحدثت بذلك قلت وحديثها بذلك سقته في فتح السابري والمحفوظ أن قصة أم عطية إنما هي في زينب كما ثبت في صحيح مسلم ويحتمل أن تشهدهما جميعا قال بن سعد خرجت أم كلثوم إلى المدينة لما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - مع فاطمة وغيرها من عيال النبي - صلى الله عليه وسلم - فتزوجها عثمان بعد موت أختها رقية في ربيع الأول سنة ثلاث وماتت عنده في شعبان سنة تسع ولم تلد له وساق بسند له عن أسماء بنت عميس قالت أنا غسلت أم كلثوم وصفية بنت عبد المطلب ومن طريق عمرة غسلتها نسوة منهن أم عطية وفي صحيح البخاري وطبقات بن سعد عن أنس رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبرها فرأيت عينيه تدمعان فقال فيكم أحد لم يقارف الليلة فقال أبو طلحة أنا فقال انزل في قبرها وقال الواقدي بسند له نزل في حفرتها علي والفضل وأسامة بن زيد وقال غيره كان عتبة وعتيبة ابنا أبي لهب تزوجا رقية وأم كلثوم ابنتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما نزلت تبت يدا أبي لهب وتب قال أبو لهب لابنيه رأسي بين رءوسكما حرام إن لم تطلقا ابنتي محمد وقالت لهما أمهما حمالة الحطب إن رقية وأم كلثوم صبتا فطلقاهما فطلقاهما قبل الدخول قلت وهذا أولى مما ذكر أبو عمر تبعا لابن سعد إن ولدي أبي لهب تزوجا رقية وأم كلثوم قبل البعثة فإنه فيه نظر لأن أبا عمر نقل الاتفاق على أن زينب أكبر البنات وتقدم في ترجمتها أنها ولدت قبل البعثة بعشر سنين فإذا كانت أكبرهن بهذه السن فكيف تزوج من هو أصغر منها نعم إن ثبت ذلك يكون عقد نكاح إلى حين يحصل التأهل فكأن الفراق وقع قبل ذلك وقال بن منده مات عتبة قبل أن يدخل بأم كلثوم وروى سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن بن شهاب عن أنس أنه رأى على أم كلثوم بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوب حرير سيراء أخرجه بن منده وأصله في الصحيح وقد تقدم في ترجمة أم عياش مولاة رقية أنها قالت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما زوجت عثمان أم كلثوم إلا بوحي من السماء قال بن منده غريب لا يعرف إلا بهذا الإسناد وأخرج بن منده أيضا من حديث أبي هريرة رفعه أتاني جبرائيل فقال إن الله يأمرك أن تزوج عثمان أم كلثوم على مثل صداق رقية وعلى مثل صحبتها وقال غريب تفرد به محمد بن عثمان بن خالد العثماني.

 

السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

فاطمة الزهراء بنت إمام المتقين رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية صلى الله على أبيها وآله وسلم ورضي عنها كانت تكنى أم أبيها بكسر الموحدة بعدها تحتانية سكانة ونقل بن فتحون عن بعضهم بسكون الموحدة بعدها نون وهو تصحيف وتلقب الزهراء روت عن أبيها روى عنها ابناها وأبوهما وعائشة وأم سلمة وسلمى أم رافع وأنس وأرسلت عنها فاطمة بنت الحسين وغيرها قال عبد الرزاق عن بن جريج قال لي غير واحد كانت فاطمة أصغر بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحبهن إليه وقال أبو عمر اختلفوا أيتهن أصغر والذي يسكن إليه اليقين أن أكبرهن زينب ثم رقية ثم أم كلثوم ثم فاطمة وقد تقدم شيء من هذا في ترجمة رقية واختلف في سنة مولدها فروى الواقدي عن طريق أبي جعفر الباقر قال قال العباس ولدت فاطمة والكعبة 336 تبنى والنبي - صلى الله عليه وسلم - بن خمس وثلاثين سنة وبهذا جزم المدائني ونقل أبو عمر عن عبيد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي أنها ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان مولدها قبل البعثة بقليل نحو سنة أو أكثر وهي أسن من عائشة بنحو خمس سنين وتزوجها على أوائل المحرم سنة اثنتين بعد عائشة بأربعة أشهر وقيل غير ذلك وانقطع نسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من فاطمة ذكر بن إسحاق في المغازي الكبرى حدثني بن أبي نجيح عن علي أنه خطب فاطمة فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - هل عندك من شيء قلت لا قال فما فعلت الدرع التي أصبتها يعني من مغانم بدر وقال بن سعد أخبرنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان هو بن بلال حدثني جعفر بن محمد عن أبيه أصدق على فاطمة درعا من حديد وعن حازم عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي حين زوجه فاطمة أعطها درعك الحطمية هذا مرسل صحيح الإسناد وعن يزيد بن هارون عن جرير بن حازم عن أيوب أتم منه وأخرج أحمد في مسنده من طريق بن أبي نجيح عن أبيه عن رجل سمع عليا يقول أردت أن أخطب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنته فقلت والله مالي من شيء ثم ذكرت صبيته وعائدته فخطبتها إليه فقال وهل عندك شيء فقلت لا قال فأين درعك الحطمية التي أعطيتك يوم كذا وكذا قلت هو عندي قال فأعطها إياها وله شاهد عند أبي داود من حديث بن عباس وأخرج بن سعد عن الواقدي من طريق أبي جعفر قال نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي أيوب فلما تزوج على فاطمة قال له التمس منزلا فأصابه مستأخرا فبنى بها فيه فجاء إليها فقالت له كلم حارثة بن النعمان فقال قد تحول حارثة حتى استحييت منه فبلغ حارثة فجاء فقال يا رسول الله والله الذي تأخذ أحب إلي من الذي تدع فقال صدقت بارك الله فيك فتحول حارثة من بيت له فسكنه علي بفاطمة ومن طريق عمر بن علي قال تزوج علي فاطمة في رجب سنة مقدمهم المدينة وبني بها مرجعه من بدر ولها يومئذ ثمان عشرة سنة وفي الصحيح عن علي قصة الشارفين لما ذبحهما حمزة وكان علي أراد أن يبني بفاطمة فهذا يدفع قول من زعم أن تزويجه بها كان بعد أحد فإن حمزة قتل بأحد قال يزيد بن زريع عن روح بن القاسم عن عمرو بن دينار قالت عائشة ما رأيت قط أحدا أفضل من فاطمة غير أبيها أخرجه الطبراني في ترجمة إبراهيم بن هاشم من المعجم الأوسط وسنده صحيح على شرط الشيخين إلى عمر وقال عكرمة عن بن عباس خط النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة خطوط فقال أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية وقال أبو يزيد المدائني عن أبي هريرة مرفوعا خير نساء العالمين أربع مريم وآسية وخديجة وفاطمة وقال الشعبي عن جابر حسبك من نساء العالمين أربع فذكرهن وقال عبد الرحمن بن أبي نعيم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا سيدة نساء أهل الجنة فاطمة إلا ما كان من مريم وفي الصحيحين عن المسور بن مخرمة سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر يقول فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ويريبني ما رابها وعن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن علي قال، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة إن الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك وأخرج الدولابي في الذرية الطاهرة بسند جيد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة بني علي بفاطمة لا تحدث شيئا حتى تلقاني فدعا بماء فتوضأ منه ثم أفرغه عليهما وقال اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما وقالت أم سلمة في بيتي نزلت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت الآية قالت فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين فقال هؤلاء أهل بيتي الحديث أخرجه الترمذي والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وقال مسروق عن عائشة أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه ثم أسر إليها حديثا فبكت ثم أسر إليها حديثا فضحكت فقلت ما رأيت كاليوم أقرب فرحا من حزن فسألتها عما قال فقالت ما كنت لأفشي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سره فلما قبض سألتها فأخبرتني أنه قال إن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين وما أراه إلا قد حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحوقا بن ونعم السلف أنا لك فبكيت فقال ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين فضحكت أخرجاه وقالت أم سلمة جاءت فاطمة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألتها عنه فقالت أخبرني أنه مقبوض في هذه السنة فبكيت فقال أما يسرك أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم فضحكت أخرجه أبو يعلى وأخرج بن أبي عاصم عن عبد الله بن عمرو بن سالم المفلوج بمسند من أهل البيت عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك وأخرج الترمذي من حديث زيد بن أرقم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال علي وفاطمة والحسن والحسين أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم ونقل أبو عمر في قصة وفاتها أن فاطمة أوصت عليا أن يغسلها هو وأسماء بنت عميس واستبعده بن فتحون فإن أسماء كانت حينئذ زوج أبي بكر الصديق قال فكيف تنكشف بحضرة علي في غسل فاطمة وهو محل الاستبعاد وقد وقع عند أحمد أنها اغتسلت قبل موتها بقليل وأوصت ألا تكشف ويكتفي بذلك في غسلها واستبعد هذا أيضا وقد ثبت في الصحيح عن عائشة أن فاطمة عاشت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة أشهر وقال الواقدي وهو ثبت وروى الحميدي عن سفيان عن عمرو بن دينار أنها بقيت بعده ثلاثة أشهر وقال غيره بعده أربعة أشهر وقيل شهرين وعند الدولابي في الذرية الطاهرة بقيت بعده خمسة وتسعين يوما وعن عبد الله بن الحارث بقيت بعده ثمانية أشهر وأخرج بن سعد وأحمد بن حنبل من حديث أم رافع قال مرضت فاطمة فلما كان اليوم الذي توفيت قالت لي يا أمة اسكبي لي غسلا فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل ثم لبست ثيابا لها جددا ثم قالت اجعلي فراشي وسط البيت فاضطجعت 337 عليه واستقبلت القبلة وقالت يا أمة أني مقبوضة الساعة وقد اغتسلت فلا يكشفن لي أحد كنفا فماتت فجاء علي فأخبرته فاحتملها ودفنها بغسلها ذلك وأخرج بن سعد من طريق محمد بن موسى أن عليا غسل فاطمة ومن طريق عبيد الله بن أبي بكر عن عمرة قالت صلى العباس على فاطمة ونزل هو وعلي والفضل بن عباس في حفرتها وروى الواقدي عن طريق الشعبي قال صلى أبو بكر على فاطمة وهذا فيه ضعف وانقطاع وقد روى بعض المتروكين عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه نحوه ووهاه الدارقطني وابن عدي قال بن سعد أخبرنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف ورحاء ين وسقاءين قال فقال علي لفاطمة يوما لقد سنوت حتى اشتكيت صدري وقد جاء الله بسبي فاذهبي فاستخدمي فقالت وأنا والله قد طحنت حتى تجلت يداي فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ما جاء بك أي بنية فقالت جئت لأسلم عليك واستحيت أن تسأله ورجعت فأتياه جميعا فذكر له علي حالهما قال لا والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تتلوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم ولكن أبيع وأنعق عليهم أثمانهم فرجعا فأتاهما وقد دخلا قطيفتهما إذا غطيا رؤوسهما بدت أقدامهما وإذا غطيا أقدامهما انكشفت رؤوسهما فثارا فقال مكانكما ألا أخبركما بخير مما سألتماني فقالا بلى فقال كلمات علمن بهن جبريل تسبحان في دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين وأحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين قال علي فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن وقال له بن الكواء ولا ليلة صفين فقال قاتلكم الله يا أهل الطروق ولا ليلة صفين وقال أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا جرير بن حازم حدثنا عمرو بن سعيد قال كان في علي شدة على فاطمة فقالت والله لأشكونك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانطلقت وانطلق علي في أثرها فكلمته فقال أي بنية اسمعي واستمعي واعقلي إنه لا امرأة لامرأة تأتي هوى زوجها وهو ساكت قال علي فكففت عما كنت أصنع وقلت والله لا آتي شيئا تكرهينه أبدا أخبرنا عبيد الله بن موسى حدثنا عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت قال كان بين علي وفاطمة كلام فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل حتى أصلح بينهما ثم خرج قال فقيل له دخلت وأنت على حال وخرجت ونحن نرى البشر في وجهك فقال وما يمنعني وقد أصلحت بين أحب اثنين إلي وأخرج الواقدي بسند له عن أبي جعفر قال دخل العباس على علي وفاطمة وهي تقول أنا أسن منك فقال العباس ولدت فاطمة وقريش تبني الكعبة وولد علي قبلها بسنوات وقال الواقدي توفيت فاطمة ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة ومن طريق عمرة صلى العباس على فاطمة ونزل في حفرتها هو وعلي والفضل ومن طريق علي بن الحسين أن عليا صلى عليها ودفنها بليل بعد هدأه وذكر عن بن عباس أنه سأله فأخبره بذلك وقال الواقدي قلت لعبد الرحمن بن أبي الموالي إن الناس يقولون إن قبر فاطمة بالبقيع فقال ما دفنت إلا في زاوية في دار عقيل وبين قبرها وبين الطريق سبعة أذرع.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply