وفاة أحمد باشا القرمانلي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

14 شوال 1158هـ - 20 أكتوبر 1745م:

دخلت ليبيا في الدولة العثمانية في عهد السلطان سليمان القانوني عندما فتحها البطل المشهور سنان باشا سنة 558هـ - 1551م، وأصبحت من يومها إحدى الولايات العثمانية، وكان مراد أغا أول الولاة العثمانيين بها، ثم يليه أسد البحار «طرغوت باشا» الذي جعل ليبيا من القواعد البحرية القوية، استمر الولاة العثمانيون يتناوبون حتى تولى أحمد باشا القرمانلي ولاية ليبيا.

كان أحمد باشا القرمانلي تركي الأصل من آسيا الصغرى، وقد وفد على ليبيا في سن الشباب، وعمل جندياً بالأسطول العثماني في طرابلس، واستقر في البلاد، ودخل في أهلها، وتزوج منهم واستعرب، وكان أحمد طموحاً موهوباً، فعمل على كسب محبة الناس، وتأييدهم لخطته الطموحة في الوصول لولاية ليبيا، وكان تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب الفساد الإداري في ليبيا سبباً في تسهيل طريقه، وتنفيذ خطته، ثم وقعت حادثة مقتل الوالي العثماني «خليل باشا» سنة 1712م، فلم يجد السلطان العثماني أحمد الثالث خيراً منه بعد أن طالب به أهل البلاد.

أصبح أحمد باشا القرمانلي والياً على ليبيا سنة 1712م، فبدأ عمله بالقضاء على الإنكشارية الذين أفسدوا في البلاد وذلك في مذبحة دبرها لهم، وهو بذلك يكون قد سبق مذبحة محمود الثاني للإنكشارية في إستانبول، وكذلك مذبحة محمد علي للمماليك بسنوات كثيرة، ثم قام بإحلال عناصر ليبية عربية مكان الإنكشارية، ثم قام بإصلاح مالية البلاد بتحسين التجارة، وإنشاء أسطول قوي ودار جديدة للصناعة، فتقدمت التجارة الليبية، وتبوأت مكانة مرموقة في حوض البحر المتوسط، كما قام بدور بارز في أعمال الجهاد البحري مما جعل الدول الأوروبية وكذلك الأمريكية تعقد معه المعاهدات والاتفاقيات التجارية، فتضاعفت ثروات البلاد عدة مرات.

استطاع أحمد باشا أن يقنع السلطان أحمد الثالث بالاعتراف له بحق توريث الولاية لأبنائه، وبعدها توسع أحمد باشا في تعمير البلاد حتى اعتبر بحق باني الدولة الليبية الحديثة بحدودها الراهنة، وأنشأ الكليات والمدارس والجوامع الضخمة والمستشفيات، وأحبه الناس بشدة، وتفانوا في خدمته، وعمرت البلاد، وانتشرت الرعية في جميع أرجائها، وقد توفي أحمد باشا في 14 شوال 1158هـ بعد أن نهض بليبيا نهضة عمرانية وحضارية كبرى، وأسس الدولة القرمانلية والتي ستحكم ليبيا 120 سنة([1]).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply