قراءات تاريخية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

جاء في (الكامل) لابن الأثير في حوادث سنة 500هـ عن الصراع بين السلاجقة في عهد محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان وبين الباطنية:  (فلما صفت السلطنة لمحمد، ولم يبق له منازع لم يكن عنده أمر أهم من قصد الباطنية وحربهم والانتصاف للمسلمين من جورهم وعسفهم، فرأى البداية بقلعة أصبهان التي بأيديهم، فخرج بنفسه فحاصرهم في سادس شعبان واجتمع له من أصبهان وسوادها لحربهم الأمم العظيمة وأحاطوا بجبل القلعة.

 فلما اشتد الأمر عليهم (على الباطنية) كتبوا فتوى فيها:  (ما يقول السادة الفقهاء أئمة الدين في قوم يؤمنون بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - حق وصدق، وإنما يخالفون في الإمام.

هل يجوز للسلطان مهادنتهم وموادعتهم. ، وأن يقبل طاعتهم ويحرسهم من كل أذى) [1].

 

فأجاب الفقهاء بجواز ذلك [2] وتوقف بعضهم.

فجُمعوا للمناظرة (الفقهاء فيما بينهم) ومعهم أبو الحسن علي بن عبد الرحمن السمنجاني، وهو من شيوخ الشافعية، فقال بمحضر من الناس: يجب قتالهم ولا يجوز إقرارهم بمكانهم ولا ينفعهم التلفظ بالشهادتين، فإنهم يقال لهم: أخبرونا عن إمامكم، إذا أباح ما حظره الشرع أو حظر عليكم ما أباحه الشرع، أتقبلون أمره؟ فإنهم يقولون: نعم، وحينئذ تباح دماؤهم بالإجماع [3].

 ثم إن الباطنية سألوا السلطان أن يرسل لهم من يناظرهم فصعدوا إليهم وناظروهم، وعادوا كما صعدوا وإنما كان قصدهم (الباطنية) التعلل والمطاولة [4]، فلجّ حينئذ السلطان في حصرهم، ثم أذعنوا إلى تسليم القلعة على أن يعطوا عوضاً عنها قلعة (خالنجان) وطلبوا من الإقامة ما يكفيهم، وقصدهم المطاولة [5]، وحاولوا قتل أحد الأمراء فعندئذ جدد الحصار عليهم، وأمر بإخراب قلعة (خالنجان).

 ثم طلبوا أن ينزل بعضهم ويرسل السلطان معهم من يحميهم إلى قلعة الناظر (بأرجان) فأجيبوا إلى ذلك، ثم ظهر الغدر من ابن عطاش فزحف الناس مع السلطان وملكوا الموضع، وقتل أكثر الباطنية، وكانت مدة البلوى بابن عطاش اثنتي عشرة سنة [6].

 

ــــــــــــــ

(1) يعنون أنفسهم، وهذا كذب منهم واحتيال، وهم ما سموا الباطنية إلا لإبطانهم الكفر، وهذا الأسلوب ليس غريباً عنهم.

(2) هذه غفلة منهم، وكيف يأخذون ظاهر الكلام ولا يعلمون من الذي كتب هذا، وما هي سيرته وتاريخه، ويظنون أن هذا من الأخذ بالظاهر، ولم يعلموا أن سيرة الزنادقة غير هذا.

(3) هذا هو الحق، وهذا هو الفهم الصحيح للنصوص، ولأغراض الإسلام ومراميه، وليس الأخذ بحرفية الكلام.

(4) يقصد التأخير لعلهم ينجحون بحيلة ما.

(5) مرة أخرى؟ ! !.

(6) الكامل 10 / 434.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply