علماء حنابلة مارسوا الاجتهاد في عصر التقليد -خلال القرنين 6 و7 الهجريين-


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

انتشر التقليد[1] المذهبي في المشرق الإسلامي انتشاراً واسعاً، حتى أصبح سمة بارزة، وأرضية للحياة العلمية خلال القرنين السادس والسابع الهجريين أي القرنين 12 - 13م.

فضعفت الهمم، وابتعدت عن الاجتهاد[2] الحر، وعكف معظم المشتغلين بالعلم على التقليد في الفروع دون تحقيق لها، وانكبوا على عقليات من حكمة الأوائل، وأراء المتكلمين من غير أن يتعقلوا أكثرها[3].

 

وأصبحت عندهم أقوال الأئمة الأربعة بمنزلة الكتاب و السنة[4]، و أفتى معظمهم - في منتصف القرن 7هـ/13م - بوجوب اتباع المذاهب السنية الأربعة دون سواها[5]، فشاع بينهم التعصب والجدل، واستحكمت فيهم الأهواء والعصبيات، وكثر فيهم الغلاة من المعتزلة والشيعة والحنابلة والأشاعرة[6]، لكن عصرهم لم يعدم من علماء قلائل كسروا قيد التقليد، وتحرروا منه، ودعوا إلى الاجتهاد، ومارسوه بأنفسهم، على رأسهم طائفة من كبار علماء الحنابلة.

وقد اختلفت مواقف علماء الحنابلة من التقليد والاجتهاد، فبعضهم جرفهم تيار التقليد، وكثير من أعيانهم تصدوا له وقاوموه، ومارسوا الاجتهاد بكل حرية، أذكر منهم ستة، أولهم الفقيه أبو الخطاب الكلوذاني البغدادي (ت510 هـ/1116م) كانت له اجتهادات في الفقه و أصوله، وانفرد بفتاوى خالف فيها أصحابه الحنابلة[7]، منها أن أكل لحم الزرافة حرام، وأن الدهون المتنجسة جائزة إذا أمكن تطهيرها، وأن النكاح لا ينفسخ بسبي أحد الزوجين، سواء سبيا معاً أو أحدهما؛ و هذا يخالف الإجماع على انفساخ نكاح المسبية وحدها، إذا كان زوجها في دار الحرب، وهذا هو ظاهر القرآن والسنة[8].

وله فتاوى أخرى وافق فيها بعض أصحابه كأبي الوفاء بن عقيل، وأبي الحسن بن الزاغوني[9].

والثاني الفقيه أبو الوفاء بن عقيل البغدادي (ت513 هـ/1119م) تكلم كثيراً بلسان الاجتهاد والدليل، وكان يقول: الواجب اتباع الدليل لا أحمد بن حنبل[10]، لكن قلة بضاعته في علوم الأثر جعلت اجتهاده ناقصاً، فلو تضلع فيها لكملت له أدوات الاجتهاد؛ وكان قد فوت على نفسه -في مرحلة الطلب- فرصة الأخذ عن كبار حفاظ عصره، كالخطيب البغدادي (ت463 هـ/1070م)، وأبي نصر بن ماكولا البغدادي (ت487 هـ/1094م)، وأقبل على دراسة علم الكلام -على يد المعتزلة- خفية عن أصحابه[11].

ويعتقد ابن عقيل أن التردد في الحكم أثناء إيراد الحجة والشبهة هما طريق الاجتهاد، ومن لم تعترضه شبهة لا تصفو له حجة، وكل قلب لا يقرعه التردد يظهر فيه التقليد والجمود على ما يقال له ويسمعه[12]، ويرى أن التقليد هو الداء الذي أعمى الأمم السابقة، وأن السلف الصالح لم يقلدوا بعضهم بعضاً، ولم ينكروا مخالفة أدناهم لأعلاهم، وأن الصحابة اعتمدوا في مسائل الفقه على الدليل لا على السابقة في الإسلام، ولا على الشجاعة والبلاء في الجهاد[13].

وعندما دعت جماعة من حنابلة بغداد إلى تقليد الإمام أحمد بن حنبل لأنه هو الأقدم والأكبر تصدى لهم ابن عقيل، ورد عليهم مبيناً أن احمد بن حنبل لم يعتمد في اجتهاداته إلا على الدليل، ولم يقلد الأكابر الذين سبقوه، لذا يجب علينا أن نسير على نهجه، ولا نخالفه فيه، لأن الدعوة إلى تقليده هي ترك لمذهبه؛ وهو قد خالف أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- في مسألة الجد عندما لم يجعله كالأب في الميراث، ووافق الصحابي زيد بن ثابت -رضي الله عنه- في جعله كالأب، فلو نظر إلى رتبة التقدم لكان اتباعه للصديق أولى من زيد، وبما أنه لم يفعل ذلك دل على أنه نظر إلى الدليل لا إلى الأشخاص؛ لذا يجب علينا نحن كذلك أن ننظر إلى الأدلة دون تعظيم للمشايخ اقتداء بالسلف الصالح[14].

وكلامه هذا صحيح ومنطقي يدل على علو همته، ورغبته في التحرر من أغلال التقليد، ليجول في رحاب الكتاب والسنة وأثار السلف بحرية تامة، اتباعاً لقوله تعالى: ((أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)) - سورة محمد/24.

وعندما صنف -أي ابن عقيل- كتاب النصيحة، وذكر فيه أن: " الأحمق من اغتر بأسلافه، وسكن إلى مقالة أشياخه آنساً بتقليدهم من غير بحث مقالتهم "، تصدى له الفقيه الموفق بن قدامة (ت620 هـ/1223م) للرد عليه -بعد أكثر من قرن من الزمان- ووصف كلامه السابق الذكر بأنه مسموم ورديء يشير إلى ذم طريقة السلف الصالح، ويعيب ما مدحه الأئمة، ويدعوا إلى مقالة المتكلمين[15].

وانتقده في نصيحته بلزوم طريق السلف بعد الكلام الذي قاله فيهم، وهي محاولة -في رأي الموفق- ليستر ما قاله في ذم مقالة السلف، وتنفير الناس من السير على منهاجهم[16].

والشيخ الموفق مبالغ في توجيه كلام ابن عقيل، وحمله على الرأي الذي ذهب هو إليه، لأنه لا تناقض بين حث ابن عقيل على البحث والمطالبة بالدليل على منهاج السلف وبين وصيته بلزوم طريقتهم؛ ففي الأولى دعا إلى الاجتهاد وحذر من التقليد، وفي الثانية حث على اتباع طريق السلف. والبحث في مقالتهم لا يعني بالضرورة ذمهم، والبعد عن مسلكهم؛ وما ذهب إليه الموفق فهو احتمال وارد في حق ابن عقيل، بحكم أنه عندما صنف كتاب النصيحة كان متأثراً بالمعتزلة، ومعجباً بهم[17]؛ والطريقة التي دعا إليها تناسب حالته النفسية والفكرية أيام اضطرابه، وانبهاره بالاعتزال، لذا لم يجد في التقليد مخرجاً، ووجده في حرية البحث والاجتهاد والمطالبة بالدليل، ليقتنع ويكون على بينة من أمره.

ثم واصل الموفق رده على ابن عقيل مفترضاً إنه إذا قيل: إنما أمرتم بالاجتهاد والاحتكام إلى الدليل، ونهيتم عن التقليد المذموم، قلنا: عن طريق السلف لا يحتاج إلى الكشف عن صحته بعد ثبوت سلامته، وصحة حجيته بالكتاب والسنة والإجماع[18].

وأقول: أن ثبوت صحة طريق السلف لا يعني أننا لا نطلع على أدلة صحته، بل على طالب العلم أن يجتهد ليتعرف إليها، وعلى ما أمكنه من دلائل صدق رسالة الإسلام، والمطالبة بالدليل لا تستلزم الشك، فقد تكون من باب ليطمئن قلبي، وألم يقل إبراهيم -عليه السلام- لربه -عز وجل-: ((رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي)) -سورة البقرة/260-، فهو لم يشك لكنه أراد أن يشاهد كيفية إحياء الموتى على الواقع، ليطمئن قلبه فاستجاب له ربه، ولم ينهره.

فما بالك بالمشكاك المضطرب الذي تسلطت عليه الشبهات والوساوس، أليس من حقه أن يطالب بالحجج والدلائل عن كل مسألة لا يعرفها أو يشك فيها؟!

وقد مارس ابن عقيل الاجتهاد بنفسه، وكانت له اختيارات وفتاوى كثيرة، انفرد بها عن أصحابه وخالف فيها مذهبه، ولم يجد في ذلك حرجاً، لأن الدليل أوصله إليها، منها قوله أن الوقف لا يجوز بيعه وإن خرب وتعطل نفعه.وليس للأب أن يملك من مال ولده ما شاء مع عدم حاجته إليه، وأن صلاة الفرد تصح في صلاة الجنازة، ووجوب إقامة الحد بقذف العبد العفيف لأنه كالحر في هذا الأمر[19].

والثالث هو الفقيه أبو الحسن بن الزاغوني البغدادي (ت527 هـ/1132م ) له اجتهادات وفتاوى انفرد ببعضها، منها قوله: أن المستأمن إذا دخل دار الإسلام بتجارة أخذ منه الخمس، وأن الذمي إذا اتجر في دار الإسلام في غير بلده أخذ منه العشر، وهذا غريب مخالف للمأثور عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولنصوص الإمام أحمد وأصحابه[20].

الأمر الذي يدل على أن ابن الزاغوني لم يكن مقلداً، وإنما كان يحتكم إلى الدليل، ويأخذ بما أوصله إليه اجتهاده حتى وإن خالف كبار علماء عصره، مما يدل على علو همته وشجاعته، وعلى الحرية الفكرية التي كان يتمتع بها فقهاء الحنابلة داخل جماعتهم.

والرابع هو الوزير الفقيه عون الدين بن هبيرة البغدادي (ت 560 هـ/ 1164م) أقر التمذهب والتقليد، لكنه حذر المقلد الذي يتبين له الحق خلاف ما هو عليه ثم يقول: ليس هذا مذهبنا، تقليداً لإمامه المعظم عنده، لأنه بهذا يكون قد اتخذ أوثاناً تعبد من دون الله [21].

وهذه دعوة من ابن هبيرة للمقلد بعدم الركون إلى التقليد، والاجتهاد للاحتكام إلى الدليل إذا تبين له، وكان يقول: إن من مكائد الشيطان تنفير الناس من التدبر في القرآن الكريم لأن به تقع الهداية، حتى أن بعض الناس يقول: "أنا لا أتكلم في القرآن تورعاً[22]"، و ملاحظته هذه في محلها، لأن التدبر في الكتاب سبيل موصل إلى الفهم والاعتبار والاجتهاد، وغيابه يوقع في التقليد والجمود الفكري.

والخامس هو الفقيه المؤرخ عبد الرحمن بن الجوزي كانت له همة عالية لبلوغ المعالي، وأطلق تصريحات أحجم عنها غيره، وقل نظيرها في عصره، فحث العاقل على السعي ما أمكنه لبلوغ الكمال، فلو كان في مقدوره الصعود إلى السماء، واكتساب النبوة بالاجتهاد؛ ثم تقاعس عن تحقيقهما لعد ذلك من أقبح النقائص في حقه.

فإن لم يستطع فعليه بطلب الممكن، والسعي لبلوغ الغاية في العلم، على أن لا يقلد أحد، فإن قويت همته رقته إلى اختيار مذهب لنفسه، ولا يتمذهب لأحد، لأن المقلد أعمى يقوده مقلده، ثم قال لطالب العلم: " ولو أمكنك عبور كل أحد من العلماء والزهاد فافعل، فإنهم كانوا رجالاً وأنت رجل، وما قعد من قعد إلا لدناءة الهمة وخساستها [23].

"ولا ينبغي للعاقل أن يخلد إلى مُعظم شاع اسمه، لأن المقلد أعمى، وكم رأينا من ضرير يأنف من حمل عصا" [24]، وهذا حث من ابن الجوزي، وتحريض منه لأهل العلم من ذوي الهمم العالية إلى الاجتهاد للوصول إلى مرتبة المجتهد المطلق، والاستقلالية الفكرية.

وحكى ابن الجوزي عن نفسه أنه لم يكن يقلد أحداً في أصول الدين؛ لأن التقليد مذموم في الشرع، ويوقع في الضلال لاشتباه الأدلة، وخفاء الصواب؛ لذا يجب هجرانه[25]، والمقلد على غير ثقة فيما هو عليه، لأنه أبطل منفعة عقله في التدبر؛ فهو كمن أعطي شمعة ليستضيء بها فأطفأها ومشى في الظلمة بدونها.

ثم أشار ابن الجوزي إلى أن عموم المقلدين يعظم في قلوبهم شخص فيتبعونه من غير فهم لقوله، وهذا ظلال بعينه؛ لأنه ينبغي النظر إلى ما قاله لا إلى شخصه.

وقد كان الإمام أحمد بن حنبل يقول: "من ضيق علم الرجل أن يقلد رجل غيره "[26]، لكن ابن الجوزي رغم ذمه للتقليد فقد أباحه للعامي في الفقه، وحرمه عليه في أصول الدين[27].

وكان ابن الجوزي يتعوذ من الجهل وتعظيم الأسلاف تقليداً لهم بغير حجة، ويرفض الاحتجاج عليه بأسماء الرجال لمجرد أنهم معظمون في النفوس؛ لأن الواجب هو اتباع الصواب والدليل لا غير، ثم نبه إلى أن المجتهد في مذهب الحنابلة يتبع دليل أحمد بن حنبل من غير تقليد له، لذا يميل إلى إحدى الروايتين عنه دون الأخرى، وربما اختار ما ليس في مذهبه أصلاً اتباعاً للدليل، وإنما ينسب إلى مذهب أحمد لميله إلى عموم أقواله[28].

وقد تعرض ابن الجوزي -بسبب موقفه من التقليد- لانتقادات من قبل علماء ببغداد في رسالة بعثوها إليه، وفيها أخذوا عليه قوله بعدم جواز التقليد، ثم هو ينقل عن فلان، وعن أبي الوفاء بن عقيل[29]، فبدا لهم أن ابن الجوزي متناقض في موقفه، وهذا ليس بمستلزم، لأن النقل عن العلماء لا يعني بالضرورة تقليدهم، فقد يكون من باب الاستشهاد والموافقة لا غير، ومسايرة ابن الجوزي لابن عقيل في كثير من أفكاره لا يعني بالضرورة أنه قلده فيها عجزاً وإمعية، فلعله تبناها ووافقه فيها عن فهم و اقتناع.

وذكر ابن الجوزي عن نفسه أنه لم يتبن المذهب الحنبلي تقليداً، وإنما تبناه بعد بحث واجتهاد، وأنه فضل مذهب أحمد بن حنبل عن مذاهب الأئمة الثلاثة الباقين اعتماداً على العلم لا النسب، فتبين له أن احمد أوفرهم حضاً من العلوم الشرعية، وأنه حفظ كتاب الله، وتفرد بعلم الحديث جرحاً وتعديلاً وحفظاً، مع الزهد والورع والصبر في المحنة، وعدم أخذ عطايا السلطان[30].

وأقول: لابن الجوزي مطلق الحرية في اختيار المذهب الذي اقتنع به، لكن يجب ألا ننس أن الله -عز وجل- لم يلزمنا باتباع أكثر الناس علماً أو زهداً أو جهاداً أو صبراً، وإنما ألزمنا بإتباع الكتاب والسنة في قوله: ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول)) -سورة النساء/59- و((ومن يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً)) -سورة الأحزاب/36-، وأما العلماء فهم ورثة الأنبياء، يجددون للناس دينهم، ويرجعونهم إليه، ولكل عصر علماؤه.

وقد مارس ابن الجوزي الاجتهاد بنفسه، وكانت له اختيارات وفتاوى منها: أنه استفتي في إقامة صلاة الجمعة في مسجد جديد بني في بغداد فلم يجز ذلك، بحجة أن صلاة الجمعة جعلت لتكون علماً للإسلام بكثرة الجموع، وإظهار ما يكبت المشركين، فإذا أصبح في كل محلة جمعة صارت كصلاة الظهر، ولم يرتض ابن الجوزي ما قاله غيره من العلماء الذين أجازوا صلاة الجمعة في الجامع الجديد، ودليلهم هو أن كل محلة أصبحت قرية بذاتها منقطعة عن غيرها من المحلات بسبب الخراب الذي حل ببغداد، وقد وافقهم الحافظ ابن رجب البغدادي (ت795 هـ/1392م) حتى وإن كانت العمارة متصلة، فيجوز إقامة صلاة الجمعة إذا دعت الحاجة إليها[31].

ومنها أنه خالف إمامه في مسألة التداوي، فالإمام أحمد ذهب إلى القول بأن ترك التداوي أفضل من الأخذ به، وأما هو فيرى أن التداوي أحسن ومندوب إليه، لأنه صح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قوله: (ما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء، فتداووا)[32]، فالحديث فيه أمر، وهو إما أمر وجوب، أو ندب، والأرجح أنه مندوب إليه[33].

وبهذا يكون عبد الرحمن بن الجوزي قد طبق منهجه في الدعوة إلى الاجتهاد ونبذ التقليد، فنظر إلى الدليل ولم ينظر إلى إمامه المعظم عنده، و أعطى مثالاً رائعاً للفقيه الحنبلي المتحرر من قيود التقليد المذموم قي عصر غلب عليه التعصب والجمود الفكري.

وحتى إذا افترضنا إنه أخطأ في اجتهاده فلا يقلل هذا من شأنه، فيكفيه فخراً أنه اجتهد واحتكم إلى الدليل، وخالف صاحب مذهبه في زمن كان فيه معظم العلماء يقدسون أقوال أئمتهم ويتشبثون بها، حتى وإن تعارضت مع الكتاب والسنة[34].

والسادس هو الفقيه الموفق بن قدامة المقدسي (ت 620هـ/1223م) بلغ درجة الاجتهاد، وقال عنه ابن تيمية: " ما دخل الشام بعد الأوزاعي أفقه من الشيخ الموفق [35].

ومع انتسابه إلى المذهب الحنبلي فإنه كان متبعاً للدليل في اجتهاداته، فينصر مذهبه فيما ثبت أن الحق معه، ولا يتجاوزه، ويبالغ جهده في رد ما يخالفه، وإن ظهر له في مسألة ما أن مذهبه ضعيف؛ والآراء المخالفة له راجحة عليه؛ فيتبعها ويبرر صحتها، ولا يدافع عن مذهبه، مما يدل على أنه كان مجتهداً لا مقلداً ولا متعصباً[36].

من ذلك أنه اختار في مسألة صلاة القصر - بعد ذكره للأدلة ومناقشتها - إباحة صلاة القصر لكل مسافر دون تحديد لمسافة، وهذا يخالف ظاهر مذهب الحنابلة[37] لأن الراجح عندهم تحديدها[38].

ومن اجتهاداته أنه يرى على الإمام الذي انتقض وضوءه أن يستخلف من يتم الصلاة بالمأمومين وصلاتهم جائزة، وهذا مخالف للراجح في المذهب الحنبلي ببطلان صلاة الإمام والمأمومين، ودليل الموفق هو أنه عندما طعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وقدمه ليتم الصلاة بالمأمومين، بمحضر من الصحابة؛ ولم ينكر فعله أحد[39].

ومما يدل على التزامه بالدليل، وتحذيره من انتشار التقليد بين العلماء؛ أنه وقع بينه وبين الفقيه الفخر ابن تيمية الحراني (ت622 هـ/1225م) خلاف في مسألة تخليد أهل البدع -المحكوم بكفرهم- في النار، فكان هو لا يطلق عليهم الخلود، فأنكر عليه الفخر بن تيمية موقفه بحجة أنه يخالف ما عليه الأصحاب، وأرسل إليه خطاباً يقول له فيه: انظر كيف تستدرك هذه الهفوة؟ فقد كنت مسألة إجماع، فصرت مسألة خلاف.

فرد عليه الموفق في خطاب بين له فيه أنه يرى السكوت أولى من الخوض في هذه المسألة، لأنها أمر محدث سكت عنها الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه والأئمة المقتدى بهم، وأنه على طريق هؤلاء، ولا يبالي بمن خالفه من غيرهم، وأنه على يقين من صواب موقفه.

ثم نبهه إلى أنه في تبنيه لهذا الرأي هو مقلد للشيخ أبي الفرج[40] وأبي الخطاب الكلوذاني (ت510 هـ/1116م)، وأبي الحسن ابن الزاغوني (ت527 هـ/1132م)؛ ولا يكفيه تقليدهم يوم يقف أمام الله -عز وجل- يوم القيامة[41].

ثم تعجب الموفق من احتكام الفخر بن تيمية إلى أقوال الأصحاب وجعلها حجة قاطعة، وأكد له أن أقوالهم ليست حجة يقتنع بها، حتى ولو اجمعوا على مسألة فرعية، وأما إذا كنت تراها حجة فلست إذاً في حاجة إلى ذكر دليل سواها، وإذا لم تكن كذلك فكيف جعلتها حجة في الأصول؟!، ثم تساءل: إذا عذرنا العوام في تقليدهم للشيخ أبي الفرج، فكيف نعذر إماماً يرجع إليه في أنواع العلوم؟! وأكد أنه حتى ولو اتفق الأصحاب على تكفير أهل البدع فإن موقفهم هذا يعارضه ما يقوله الشافعية، وحتى وإن اتفق الكل على تكفيرهم؛ فإن الخلود ليس من لوازمه، لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - قد أطلق التكفير في مواضع لا يخلد فيها كقوله: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر )[42]؛ ثم ختم خطابه بتحذيره من تقليد الأصحاب، وأنهم لا ينفعونه يوم القيامة[43].

ويرى الشيخ الموفق أن الانتساب في فروع الدين إلى إمام من الأئمة الأربعة ليس بمذموم، لأن اختلافهم في الفقه رحمة واسعة، وهم محمودون فيه، ومثابون عليه[44]، وقوله هذا لا أوافقه عليه، وما ذكره ليس صحيحاً على إطلاقه، لأنه إذا كان الانتساب إلى إمام من الأئمة ليس بمذموم فهو ليس بواجب، وليس بمحمود العواقب، لأنه يفرق الأمة، ويجعل الناس يتعصبون لأئمتهم، والله -عز و جل- لم يتعبدنا بالانتساب إلى الأشخاص، وإنما تعبدنا بالانتساب إلى دينه وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وإذا كان مجرد الانتساب إلى الأئمة ليس مذموماً فقد أصبح منكراً عندما قسم الأمة إلى أربع طوائف متنافسة ومتناحرة، لكل واحدة مساجدها ومدارسها وأحياؤها[45].

وقد حثنا الشرع على الاتفاق والوحدة والأخوة، وذم الاختلاف والفرقة، وحذرنا من الوقوع فيهما، فكيف يصح - بعد هذا - أن يقال: أن انقسام الأمة إلى أربع طوائف رحمة واسعة؟!

وقد يقال أن الشيخ الموفق يقصد الخلاف العلمي لا الطائفي، وهذا احتمال وارد، والخلاف العلمي كثير الحدوث بين العلماء، لكن الاتفاق أولى وأحسن منه، فما بالك وأن المسألة لم تبق خلافاً علمياً، بل تحولت إلى انقسام طائفي متناحر، وهذا الذي سكت عنه الشيخ الموفق، وهو قد عاشه وشاهده بأم عينيه عندما كان يصلي بالحنابلة في محرابهم بالجامع الأموي، وإلى جانبه ثلاثة محاريب أخرى لباقي السنيين، كل جماعة تصلي لوحدها، فهل هذا رحمة واسعة، أم هو شر عريض، ومنكر كبير؟! كان عليه أن يضع شروطاً للخلاف العلمي، ويستنكر حال الأمة الذي انتهت إليه من تشرذم وتناحر وتعصب، ولا يكرسه ويقره؛ ويدعو إلى إزالة المحاريب الأربعة في الجامع الأموي وجعلها محراباً واحداً، لأنها شاهد مادي على مدى عمق الشقاق بين أهل السنة في دمشق، ويبدو أن اجتهاد الشيخ الموفق لم يكن ثورياً شاملاً لمحاربة التقليد المذهبي، والجمود الفكري، تمهيداً لتغيير الواقع برمته، وإنما كان اجتهاداً محدوداً لخدمة المذهب الحنبلي، وتكريس الوضع على ما هو عليه.

وأخرهم الشيخ تقي الدين تحرر من قيود التقليد المذهبي، وأفتى بما أداه إليه دليله، ولم يلتزم بمذهب معين، وأطلق عبارات أحجم عنها غيره من العلماء وجسر هو عليها، واختار فتاوى خالف فيها الأئمة الأربعة[46]، فانفتح به باب الاجتهاد على طريقة المجتهدين من القرون الأولى، مستنبطاً الأحكام مباشرة من الكتاب والسنة وآثار السلف الأول، وحاكماً بين مختلف المذاهب[47]، ونص على أن أقوال الأئمة الأربعة ليست إجماعاً، ولا هي حجة لازمة، وقد ثبت عنهم أنهم نهوا الناس عن تقليدهم، وأمروهم بترك أقوالهم إذا تعارضت من الكتاب و السنة[48]، وكان يقول: كل قائل إنما يحتج لقوله لا به إلا الله ورسوله[49].

ولابن تيمية اختيارات وفتاوى كثيرة أفتى فيها بما أداه إليه اجتهاده وافق بها أئمة المذاهب الأربعة، وخالفهم في مسائل أخرى، مستدلاً بالكتاب والسنة وآثار الصحابة والسلف[50]؛ منها أن الطلاق الثلاث لا يقع إلا مرة واحدة وإن تلفظ به ثلاثاً[51]، وأن سجود التلاوة[52] لا يشترط له وضوء، وأن التارك للصلاة عمداً لا يجب في حقه القضاء، وعليه بالإكثار من النوافل[53]، وأن شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين غير جائز، لأنه لا يكون إلا للمسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، محتجاً بقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لا تشد الرحال إلا لثلاث: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى)[54]، ورد على الموفق بن قدامة عندما حمل الحديث على نفي الاستحباب، بحجة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد زار مسجد قباء، وبين -أي ابن تيمية- أن معنى الحديث يقتضي النهي المؤدي للتحريم، وأن ذهاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المسجد هو زيارة، وليست بشد رحل[55].

وقد نوه الباحث محمد أبو زهرة بدور الحنابلة في محاربة التقليد، والدعوة للاجتهاد، وحمل الحنفية والشافعية وكثيراً من المالكية مسؤولية غلق باب الاجتهاد، وتكريس التقليد، ثم ذكر أن الحنابلة قرروا أن باب الاجتهاد بكل طرائقه لا يغلق، وإن تباينت المدارك والقدرات، واتفقوا على أنه لا يصح أن يخلو عصر من المجتهد المطلق، فكان لهذا الموقف الأثر الكبير في كثرة علمائهم المجتهدين الأحرار[56].

وأشير هنا إلى أن علماء السلف وكثيراً ممن جاء بعدهم قد ذموا التقليد، ونهوا عنه، وسموا المقلد بالإمعة، منهم الأئمة الأربعة، وابن حزم الأندلسي (ت456 هـ/1063م)، وأبو الحسن بن عبد المالك الكرجي الشافعي (ت532 هـ/1137م)، والعز بن عبد السلام (ت606 هـ/1261م)، وأبو شامة المقدسي[57](ت665 هـ/1266م)، ويعد هذا الأخير من أكثر علماء الشافعية ذماً للتقليد والمقلدين في القرن السابع الهجري/13م، فذكر أن الاجتهاد عدم في عصره، وأن الناس تركوا الكتاب والسنة وتشبثوا بأقوال الأئمة الأربعة وتعصبوا لها، ثم نصح طالب العلم بالإنصاف، وترك التقليد، واتباع الدليل؛ ونبه إلى أن الاجتهاد بعد جمع السنة والكتب المعتمدة أصبح أسهل مما كان عليه من قبل لولا ضعف همم المتأخرين، وانعدام المحققين[58].

ومن أكثر علماء الشافعية دعوة للتقليد ودفاعا عنه الفقيهان أبو عمرو بن الصلاح (ت643 هـ/1245م)، ومحي الدين بن شرف النووي (ت676 هـ/1277م)، فقد أوجبا التقليد على الناس، وضيقا على الفقيه مجال حريته، فإذا صح الحديث فليس له أن يعمل به حتى ينظر هل له معارض أو ناسخ أو نحوهما أم لا، وإذا حز في نفسه مخالفة الحديث فالمختار عندهما إن لم يكن أهلاً للاجتهاد في المذهب لم يجز له العمل به لاحتمال أن يكون خفي عليه شيء[59]، ونص النووي على أن التقليد أصبح لازماً بعد تدوين المذاهب[60]، ولا يحق للمقلد أن يخالف صاحب مذهبه، ولا يفتي إلا المجتهد[61].

وتعقيبا عليهما أقول: إنه لا مبرر لهذا التضييق على أهل العلم شرعاً ولا عقلاً، لأن الشرع قد ذم التقليد، وأمرنا باتباع الكتاب والسنة، ولم يلزمنا باتباع أحد من الناس، وتقليدنا للأئمة الأربعة مخالف لمنهاجهم في الاجتهاد، وهم قد نهونا عن تقليدهم، وأية فائدة من التقليد؟ إنه تربية على العجز والجمود والسلبية، وإبعاد للناس عن الكتاب والسنة، وربطهم بأقوال الرجال، والشرع الحكيم قد حثنا على الاجتهاد، وجعل للمصيب أجرين وللمخطئ أجراً واحداً، فلماذا نحرم العباد من ذلك، وندفعهم إلى التقليد دفعاً؟ ولماذا نحرص ونحتاط لكي يلتزم الناس بتقليد أئمتهم، ولا نفعل ذلك معهم للعمل بالقرآن والحديث لتكون لهم علاقة مباشرة بهما؟

إنه كان من الأولى أن يفتح باب الاجتهاد على مصراعيه أمام أهل العلم في كل المجالات ليتنافس في ذلك المتنافسون، في إطار آداب البحث ومنهجيته.

ويتبين مما ذكرناه عن مواقف علماء الحنابلة من التقليد والاجتهاد أن كثيراً منهم لم يجرفهم تيار التقليد المذهبي والجمود الفكري، وكان لهم الفضل في التصدي له، والدعوة إلى الاجتهاد، الذي مارسوه بأنفسهم و تبنوا اختيارات فقهية حرة خالفوا فيها مذهبهم، في حين أن الغالبية العظمى من باقي علماء أهل السنة قد مالوا إلى التقليد وتبنوه، كالفقيهين أبي عمرو بن الصلاح ومحي الدين النووي اللذين دافعا عنه بقوة حفاظاً عليه وتكريساً له بين الطوائف السنية الأربعة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين 

[1] التقليد في اللغة هو وضع القلادة في العنق، وتفويض الأمر إلى شخص ما، فكأننا وضعنا قلادة في عنقه، وأما معناه في الاصطلاح الفقهي فهو قبول رأي الغير دون معرفة دليله، ولا يدخل اتباع النصوص الشرعية ضمن رأي الغير، لأنها كلام علام الغيوب، وواجبة الاتباع. عمر سليمان الأشقر: المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهية ص:174، والشنقيطي: مذكرة أصول الفقه ص:314، وعلي بن هادية: قاموس الطلاب الجديد، ص:857.

[2] الاجتهاد في معناه العام، هو بذل غاية الجهد للوصول إلى أمر من الأمور، وفي الاصطلاح هو استفراغ الفقيه طاقته وجهده، وبذل غاية وسعه لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية. أبو زهرة: أصول الفقه القاهرة دار الفكر العربي، 1973، ص:379.

[3] أبو شامة: مختصر كتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأول، الجزائر، دار الشهاب 1988 ص:227، والذهبي: تذكرة الحفاظ ج 2 ص: 530.

[4] أبو شامة: نفس المصدر ص:217، 218.

[5] المقريزي: الخطط ج 2 ص: 344.

[6] الذهبي: تذكرة الحفاظ ج 2 ص:530، وسير أعلام النبلاء ج 20 ص:45 - 46، وولي الله الدهلوي: الانصاف في بيان أسباب الاختلاف، ط 3 بيروت، دار النفائس 1983 ص:93 - 94، وأبو زهرة: تاريخ الجدل، القاهرة دار الفكر العربي، 1980 ص:296، وما بعدها.

[7] عنها أنظر: ابن رجب: الذيل على طبقات الحنابلة ج 1 ص: 147 و ما بعدها، ط د.

[8] نفس المصدر ج 1 ص ك 148.

[9] انظر: نفس المصدر ج 1 ص:143 وما بعدها.

[10] نفس المصدر ج 1 ص: 190.

[11] نفسه ج 1 ص:190.

[12] نفسه ج 1 ص: 190، والعليمي: المنهج الأحمد ج 2 ص: 225.

[13] ابن عقيل: كتاب الفنون ج 2 ص: 604، 605.

[14] ابن عقيل: المصدر السابق ج 2 ص: 605 -606.

[15] ابن قدامة: تحريم النظر في كتب أهل الكلام ص:1، 2، 18.

[16] نفس المصدر ص: 19.

[17] نفس المصدر ص:1 وما بعدها، وابن رجب: المصدر السابق ج 1 ص: 190.

[18] ابن قدامة: المصدر السابق ص: 25.

[19] ابن رجب: المصدر السابق ج1 ص: 190، 192، والعليمي: المصدر السابق ج2 ص:225.

[20] ابن رجب:نفس المصدر ج1 ص: 220.

[21] ابن رجب: المصدر السابق ج1 ص:273.

[22] نفسه ج 1 ص: 273.

[23] ابن الجوزي: صيد الخاطر ص:87، 161.

[24] نفس المصدر ص:226.

[25] نفس المصدر ص: 118، وتلبيس إبليس ص:94.

[26] ابن الجوزي: المصدر السابق ص: 94، 95.

[27] نفسه ص:95

[28] ابن الجوزي: صيد الخاطر ص:31، 33، 471، ومناقب الإمام أحمد ص:501.

[29] ابن رجب: المصدر السابق ج 2 ص ك208.

[30] ابن الجوزي: مناقب الإمام أحمد ص: 497.

[31] ابن رجب: المصدر السابق ج 1 ص:432.

[32] البخاري: صحيح البخاري، كتاب الطب، الجزائر شركة الشهاب، 1991 ج 7 ص:11، 12.

[33] ابن الجوزي: صيد الخاطر ص: 87.

[34] انظر أبو شامة: المصدر السابق ص: 217، 218.

[35] ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب ج 5 ص: 89، وابن طولون: القلائد الجوهرية ج 2 ص:342.

[36] عبد الله بن منيع: ( كتاب المغني لابن قدامة )، مجاة الدارة، الرياض، العدد الثاني، الستة الثالثة 1397 ص:357.

[37] عند الحنابلة وغيرهم من فقهاء المذاهب السنية الأخرى، اشتراط السفر الطويل في صلاة الفصر، وأقله مرحلتان، وعند آخرين ثلاث مراحل. السيد سابق: فقه السنة ج 1 ص:212.

[38] ابن قدامة المقدسي: المغني وبهامشه الشرح الكبير، حققه محمد شرف الدين حطاب، والسيد أحمد السيد، ط 1 القاهرة، دار الحديث 1996، ج 2 ص: 546.

[39] نفس المصدر ج 2 ص: 332.

[40] كذا في الأصل، لكن يبدو أنه يقصد الفقيه أبا الفرج عبد الواحد بن أحمد الشيرازي (ت486 هـ/1093م) وهو جد بني الحنبلي الدمشقيين، أو أنه يقصد أبا الفرج عبد الرحمن بن الجوزي.

[41] ابن رجب: المصدر السابق ج 2 ص: 154 - 155.

[42] متفق عليه، النووي: رياض الصالحين، حققه أحمد أبو زينة، بيروت دار القلم، د ت ص:447.

[43] ابن رجب: المصدر السابق ج 2 ص:156.

[44] ابن قدامة المقدسي: لمعة الاعتقاد ص: 201.

[45] انظر مثلاً: الدارس في تاريخ المدارس، لعبد القادر النعيمي.

[46] ابن الوردي: تتمة المختصر ج 2 ص: 409، 410، و ابن حجر العسقلاني: الدرر الكامنة ج 1 ص: 151، 158. و ابن ناصر الدين: الرد الوافر ص: 34، وابن العماد الحنبلي: المصدر السابق ج 6 ص: 81.

[47] أبو الأعلى المودودي: موجز تجديد الدين وإحيائه، ط 3 بيروت دار الفكر د ت ص: 88 - 89.

[48] ابن تيمية: مجموع الفتاوى ج 20 ص:11.

[49] البزار البغدادي: الأعلام العلية ص: 30 -31.

[50] ابن كثير: البداية و النهاية، ج 14 ص: 67.

[51] ابن العماد الحنبلي: المصدر السابق ج 6 ص: 85.

[52] هو سجود يكون عند سماع أو قراءة أية فيها سجدة. السيد سابق: المرجع السابق ج 1 ص:164.

[53] ابن رجب: المصدر السابق ج 2 ص:405. و ابن العماد الحنبلي: المصدر السابق ج 6 ص:85.

[54] رواه البخاري و مسلم. ابن القيم الجوزية: المنار المنيف في تمييز الصحيح و الضعيف، ص: 73 -74.

[55] محمد بن عبد الهادي: العقود الدرية ص: 327، 328، 331، 335.

[56] أبو زهرة: ابن حنبل ص:359، 360، 374. أصول الفقه ص: 391، 392.

[57] انظر: ابن القيم الجوزي: أعلام الموقعين ج 2 ص:240، وولي الله الدهلوي: المرجع السابق ص 97 98، 104، 105، السمعاني: الأنساب ج1 ص: 18، وسبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ج 8 ص:167، والعز بن عبد السلام: الفتاوى الموصلية ص:27.

[58]أبو شامة: كتاب المؤمل ص: 227، 228، 230، 235، 237.

[59] العلموي: المعين في أدب المفيد ص:175، 190. والدهلوي: المرجع السابق ص: 108، ومحمد عيد عباس: حقيقة التعيين ص:22،

[60] كان أبو شامة قد جعل ذلك داعياً للاجتهاد وطريقاً سهلاً له، لكن النووي رأى العكس!

 [61] العلموي: المصدر السابق ص: 190، 199.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply