المعلم الحيواني الكرتوني


  

بسم الله الرحمن الرحيم

في الثورة الإعلامية و ثَروتها كانت مبادراتٌ رائعةٌ جداً، تهدفُ إلى المعرفة و التثقيف، شملت فئات المجتمعِ بلا استثناءٍ,، و في كلِّ نواحي الحياةِ. و الكلٌّ استفاد من المطروح، و الإعلامُ مناخُ مَن سبقَ، سواءً مُلقياً أم متلقّياً.

ممن نالَهم نصيبٌ لا بأس به الأطفالº إذ أُصدِرَت برامجُ طُفولية، تهتم بأمر الأطفال و احتياجاتهم، و الإعلاميون فيها ما بينَ مُقِلٍ, و مُكثرٍ,، و هي خطوة رائعة جداًº إذ التنويعُ و الإبداعُ.

إلاّ أننا نرى في تلك البرامج الطفولية ما يستدعي منا وقفة التصحيح و التنبيه، فليسَ كلَّ مطروحٍ, مقبولاً، و ليسَ المقبول سالماً من النقدِ و الغلطِ. و لو استعرضتُ - و غيري- صوراً منتقَدَةً في الكرتونيات الطفولية لتشعّبَ الحديثُ، و طال ذيلُ الكلام.

نلاحظُ في الأفلام الكرتونية، أو البرامج الكرتونية الأخرى، تضخيماً و تكبيراً لجانبِ الحيوانات، و ارتباطها بالإنسان، و حديثها معه، و ليسَ هنا الإشكال، و لا محلَّ النقد.

في البرامج الطفولية الكرتونية الحيوانية ترى أن الحيوان يتكلم بما هو من تعاليم ديننا، كإلقاءِ السلام، و إيراد الأذكارِ، و حُسنِ الخُلُقِ، و أشياءَ أخرى، محلٌّ إتيانها من الإنسان.

في البرامج الطفولية الكرتونية (الحيوانية) فائدة، و لكن الفائدة التي نرجوها لم توجد بعد، و لا أظنها ستوجَد إلاّ بعد أن نزيل المطروح، و نعيد النظرَ فيه من أساسه، ليس الطرح الموجود مناسباً لبناءِ أساسٍ, طفوليٍّ, صحيح.

لما يُمعن الطفل نظرَه، و يُحدِّقُ ببصرِه، في فيلم كرتوني تبثٌّه قناةٌ - أياً كانت القناةُ - و يكون حيوانياً، حيوانات الغابة، أو مغامرات الفيل بيني، أو ورد الغابة، أو بينكي و برين، أو غيرها من الأفلام، ثم يلاحظُ بَدءَ البعضِ منها صباحَها بـ: أصبحنا و أصبح الملكُ لله، أو التحيةِ بـ السلام عليكم، أو التسمية عند الأكلِ، و غيرها من الأشياء التي يُدرك الطفلُ أنه لن تتفوَّه بها الحيوانات، و أنها من شأن النَّطَقَةِ لا غيرهم.

و كذلك يُلاحظُ أنَّ بعضاً من الحيوانات الكرتونية عند تصحيحِ خطأ مَّا وقعَ من حيوانٍ, آخر، يقول: ليسَ هذا ما عُلمناه. مَن علَّمَه؟

و يُلاحظ كما في \"مغامرات الفيل بيني\" أنَّ السيد بيني (؟!) هو الحلاَّلُ للمشاكلِ التي تقعُ في البلدة، و العمدةُ و بقيةُ البَشَرِ لا يجدون إلى حلٍّ, سبيلاً!

و يُلاحظُ كذلك الفأرَ الذي يريد السيطرة على العالم، و يعملُ المستحيلَ لأجل ذلك، و يتصرَّف في البَشَرِ، أمراً و نهياً....

تُورِثُ هذه، و غيرُها، إشكالياتٍ, في عقلِ الطفلِ، قد تُسَبِّب له اضطراباً.

و إذا أدركَ الطفلُ أنه لم يُعلَّم شيئاً، و أن الحيوانَ يتعلَّم و يُعَلِّم ستكون الموازنةُ بين ذاته و عقلِه و بين الحيوان، و تبينُ نتيجة الموازنة من خلالِ ما يرى، و أنه يستفيد من الحيوانِ أكثر.

و تعطيه رسالةً أنَّ الحيوان حلالٌ للمشاكل، و أن الإنسان ليسَ بقادرٍ, على ذلك، و لو كان قادراً لما لجؤوا إلى السيد بيني ليحُلَّ مشكلتَهم.

و تُعطيه رسائل عِدة، تهدمُ شخصيتَه، و تزيلُ هويتَه كإنسانٍ,، و حينها لا فرقَ عنده بين كونه إنسانا أو حيواناً، و رُبما يكون الحيوان بالمرتبة المُقدَّمةº لأنه صنع ما لم يصنعه بَشَرٌ.

لا ننظر إلى البرامج الكرتونية (الحيوانية) من منظور الكبار فحتماً لن نُدرِكَ هذا، و لكن لَمّا ننظر إليها من منظورٍ, طفوليٍ, أدركنا.

حبةُ الفاصوليا التي ما أن بُذِرَت حتى نبتت، و ارتفعت، حتى جاوزت السحاب، و كان ما كان، كيفَ كان نظرُنا لما كُنّا أطفالاً، و كيفَ كان لما كُبُرنا؟!

فَهَل ما نريدُه لأطفالنا من خلال هذه البرامج سينقلهم إلى إيجابياتٍ, كبيرة، أم أنه مِعوَلُ هدمٍ, بصورةٍ, حَسَنَةٍ,؟!

أذكرُ كتاباً صدر قديماً، للأستاذة طيبة اليحيى، اسمه \"بصمات على ولدي\" انتقدت فيه أشياءَ مما بُثَّ في التلفازِ في وقتها، و كانت انتقاداتها في محلِّ قبولٍ,، فكيفَ انتقادها الآن لما يُوجد في البرامج الكرتونية؟

لا أشك في أنه سيكون أقوى و أشد.

الأمرُ يُلزمنا إلى إعادةِ النظرِ في الطرحِ الإعلامي للأطفال، و التمييز بين الطرحِ الكرتوني البشري و الكرتوني الحيواني، و للإعلاميين مجالٌ خصبٌ واسعٌ في الحلِّ، فلا نقِف مكتوفي الأيدي.

لتكُن البرامج الحيوانية الكرتونية متعلقة بأمور الحيواناتِ، و التعريفِ بها، و شيء من الثقافة المُبَسَّطَةِ عنها، و ما لديها من أسرارِ الخلقِ الإلهي، فيُفاد منها.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply