أبناء الدعاة .. حديث تربوي بين العلماء


 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

لاشك أن التحديات أمام الأمة الإسلامية تتكاثر وتتوالى يوما بعد يوم وتبرز في كل وقت معوقات تعوق قيامها من جديد وتمنع اعتلاءها مكانها المرموق بين الأمم..وتمثل التربية المتكاملة تحديا مهما بين تلك التحديات، يعتمد عليه الفرد في بنائه وحسن توجيه طاقاته وقدراته..

وتتأكد هذه الحقيقة فيما يخص الدعاة أنفسهم بشأن تربيتهم لأبنائهم وتأهيلهم لهم كعناصر واعدة بمشتقبل منجز..

وهذه ندوة حوارية مصغرة شارك فيها عدد من العلماء و المشايخ الفضلاء هم الشيخ الدكتور ناصر العمر، والدكتور عبد العزيز النغيمشي، والدكتور سعد العتيبي، والدكتور محمد الدويش، وعدد آخر من طلبة العلم، حيث دار النقاش حول قضية تربية الدعاة لأبنائهم والصعوبات التي تواجههم، قال - عز وجل -: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُم وَيَفعَلُونَ مَا يُؤمَرُونَ) (التحريم: 6)..

الدكتور عبد العزيز النغيمشي أستاذ علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ركز في حديثه على جانبين هما: الجانب النفسي والجانب التربوي، لكون الموضوع يتعلق بجيل الأبناء والبنات

 

أهمية تربية الأولاد:

في البداية ذكر فضيلة الشيخ أ. د. ناصر العمر المعاناة التي يعاني منها خاصة طلاب العلم والدعاة الذين الآن بدؤوا يواجهون قضية تربية أبنائهم مع مشاغلهم وارتباطاتهم، كما أشار إلى أهمية تشخيص المشكلة وأبعادها ومن ثم طرح العلاج المناسب لها...

 

أهمية مراعاة الجوانب النفسية والتربوية:

الدكتور عبد العزيز النغيمشي أستاذ علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ركز في حديثه على جانبين هما: الجانب النفسي والجانب التربوي، وقال إن: الموضوع يتعلق ابتداء ويتركز على العشر سنوات الأول يعني إلى سن 11 أو12 (غير سنتي الفطام) الذي هو تقريباً سن نهاية المرحلة الابتدائية..

هذه الفترة من خلال الدراسات والأبحاث، ومن خلال أيضاً النظر في الأدلة الشريعة والتطبيقات نجد أن لها ثلاث خصائص وهذا وصف نفسي قبل التطبيق التربوي:

• الصفة الأولى: أنهم أقرب إلى الفطرة أو يمكن أن نقول خاصية الفطرية فيهم.

• الصفة الثانية: القابلية.

• الصفة الثالثة: المحدودية.

هذه الصفات أو هذه الخصائص يمكن أن ننظر إليها من خلال زوايا مختلفة ولكن أحد الزوايا التي يمكن أن ننظر إليها بالنسبة لهذه الخصائص الثلاث أن ننظر إلى الفطرة أو الخاصية الفطرية على أساس أنها الخط القاعدي الأساس ويأتي بشكل أفقي..

والمحدودية خاصية موجودة أيضاً فيهم ويمكن أن ننظر إليها أيضاً كخط أفقي علوي، وأن ننظر إلى القابلية أو خاصية القابلية كخط رأسي عمودي ينطلق من خط الفطرة أو يمر بالفطرة ويرتطم أو يصطدم إن شئت أن تسميه بالمحدودية..

هذا تصور بسيط، وسأوضح توضيحاً أيضاً موجزاً لهذه الخصائص الثلاث وأرى أنها مهمة جداً لكل أب ولكل أم ولكل معلم ولكل مشتغل بالتربية أو بالدعوة لهذا الجيل الذي يقع في هذا السن.

أولاً: خاصية الفطرية: وهي هذه يشهد لها عدد من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: \"ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه\"، وتشمل هذه الفطرة صفات كثيرة مرتبطة بمسألة التوحيد والسلامة الأصلية من الشرك عند الطفل، كالصدق، والأمانة، والبساطة، والعفوية وغير ذلك من الصفات الأصيلة، ويطرأ على الطفل بعد ذلك ما يحدث من صفات مخالفة لذلك.

أما فضيلة الدكتور محمد بن صالح الفوزان - رئيس قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين فقد ذكر أن شباب الأمة هدف للغزو من جميع الجوانب، وما يحصل من انحراف للشباب نتيجة لذلك الغزو، لكن ينبغي أن يكون أبناء المشايخ والصالحين قدوة وأسوة لغيرهم

ثانيا: خاصية القابلية عند الأطفال في هذا السن الذي أشرت إليه خاصية بارزة واضحة أيضاً فيه، فنجد قابلية للحفظ مثلاً، ومن ضمنه حفظ القرآن، ومن هذه القابلية الموجودة عند الأطفال في هذا السن القابلية على التعويد على العادات السليمة والفضائل والأخلاق، وكذلك القابلية للتمهيد يعني لإكسابه المهارات المختلفة، والقابلية للتنظيم لكي ينتظم..

وهكذا أنواع المجالات التي يمكن أن ننظر إليها كمجالات لاستثمار خط القابلية ويشهد لهذا أيضاً طريقة رسول الله-  صلى الله عليه وسلم - وأساليبه في التعامل مع هذه الفئة أو هذه الشريحة مثل قول الحسن - رضي الله عنه- حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك\"، ومثل قوله أيضاً: \"علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن في الوتر\" وكان صغيراً فكان يحفظهم ويعودهم على القنوت على الوتر ونحو ذلك.

ثالثا: خاصية المحدودية أيضاً هي من خصائص هذه الفئة كلُّ بحسبه، كما أن القابلية هي من خصائصهم كل بحسبه، فللطفل في سن أربع سنوات مثلاً قابلية بقدر معين وهو أيضاً محدود بحدود معينة.

وكلما ارتفع خط المحدودية إلى أعلى ازدادت القابلية عند هذا الطفل والمحدودية هذه محدودية في مجالات كثيرة منها:

1- محدودية في الجسم وهذا واضح جلي فهو لا يستطيع أن يحمل كل شيء ولا يستطيع أن يتحمل كل شيء ولا يستطيع أن يتحمل أيضاً عقوبات ونحو ذلك من أنواع التعامل الجسمي الذي يتمثل بالقسوة عليه أو إيذائه، وكما تعلمون الآن يطرح قضية إيذاء الأطفال وهذه المسائل عني المنهج الإسلامي عناية كبيرة بها وبحقوق الطفل.

2- محدودية نفسية، فدموع الطفل تذرف من أي ظلم أو أي قسوة أو أي كلمة شديدة عليه.

3- محدودية أيضاً في حافظته بحسب السن وبحسب الفروق الفردية التي تقع بين الأطفال فالمحدودية إذن لها أيضاً مجالات كما أن القابلية لها أيضاً مجالات.

 

الاستفادة من مرحلة الطفولة بدراية وعناية:

وواصل الدكتور النغيمشي حديثه قائلا..: الذي يهمنا في هذا المقام مسألتين:

المسألة الأولى أن نأخذ في الاعتبار هذه الخصائص التي تنتهي أو نقول تنتهي بشكل كبير عندما يتجاوز هذه المرحلة وبالتالي نخسر كثيراً، فإذا نحن لم ننمِّ فيه خصال الفطرة ونحافظ عليها فإنها تفوت بل الطامة الكبرى هو أن نجعل الطفل في مهب الريح ونتساهل في مسألة إفساد فطرته، فبالتالي يصعب إزالة ما عليها، كما يصعب إعادته إلى ما كان عليه، إذن لا بد أن نضع في الاعتبار هذه الخصائص وأنها تنتهي و تزول و تقل بتجاوز الطفل لهذا السن.

الشيخ محمد الدويش تطرق في حديثة إلى معاناة كثير من الصالحين في القضايا التربوية، وذكر أنه لم تعد اليوم مشكلتنا في عدم الوعي بأهمية التربية، ولا في الإهمال، وإن كان يوجد حالات إهمال، لكن التربية عملية معقدة والواقع تغير والعوامل عديدة جداً.

المسألة الثانية وهي: العلاقة بين هذه الخصائص، بين هذه الخطوط التي أشرت إليها: فعلى الأب والأم والمربي أن يستثمر القابلية بالقدر الذي لا يرتطم فيه بالمحدودية، فهو إن أهمل القابلية إهمالاً وتركها كما قلنا مضى الوقت ولم يستفد الطفل لا حفظاً ولا تعوداً ولا غير ذلك، وهو إن استغل خط القابلية أو خاصية القابلية أكثر مما تتحمل فإنه يرتطم بالمحدودية وقد يحدث ما لا يحمد عقباه، وهذا الذي يحدث بالنسبة لكثير من الأطفال وكثير من الأولاد أن كثيراً من المربين وكثيراً من الآباء يجهلون أو يتناسون أو لا ينتبهون أن هذا الطفل محدود في قواه العقلية وفي قواه النفسية، كما أنه محدود في قواه العضوية أو الجسمية.

هذا خلاصة لما أرى أنه من الأشياء المهمة التي ينبغي الانتباه إليها وطرحها، وكما قلت هذه المسائل التي يراعى فيها جانبين الجانب النفسي مع الجانب التربوي، وطبائع الأفراد وطبيعة النفس البشرية يجب أن تؤخذ بالاعتبار ونحن نقوم بالتعامل معها بتربيتها أو بتعديل سلوكها أو بالتأثير عليها.

 

الأمة مستهدفة بكافة شرائحها:

أما فضيلة الدكتور محمد بن صالح الفوزان - رئيس قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين فقد ذكر أن شباب الأمة هدف للغزو من جميع الجوانب، وما يحصل من انحراف للشباب هو نتيجة لذلك الغزو، لكن ينبغي أن يكون أبناء الدعاة والعلماء قدوة وأسوة لغيرهم، ولذلك فإن المسؤولية عليهم تجاه بيوتهم وأبنائهم ينبغي أن تكون أكبر، فهم يسعون لإصلاح المجتمع وأسرهم جزء منه.

 

أهمية القدوة والصحبة:

وواصل الدكتور الفوزان حديثه: معبرا عن أهمية الإشارة إلى بعض النقاط عند الحديث عن تربية الدعاة والمربين لأبنائهم وهي:

النقطة الأولى: طبيعة القدوة والنظرة إلى المقتدى به، والمراد أن الإنسان من طبيعته أن يتبسط في بيته وبين أبنائه ما لا يتبسطه أمام الآخرين، ولذلك حينما يقع في موقع التوجيه وإلقاء الدروس والكلام عن التربية أمام الآخرين لا شك أنه يكون في موقف، وحينما يكون في بيته يكون في موقف آخر، ولا يعني ذلك أنه يتناقض، ولكن قد يتفاوت الناس في هذا الجانب، وهذا ربما يكون له أثر على أبنائه، ولذلك نجد أن تأثر الأبناء بالموجهين من غير الأب أو غير الأخ القريب أكثر من تأثرهم بالأب أو الأخ القريب، وهذا لا يعني فقد أثر الأب، لكن لأسباب ربما تتعلق بنظرة نفسية معينة.

وطرح الدكتور الفوزان حلاً لعلاج هذه المشكلة وهو ربط الأبناء بحلقات تحفيظ القرآن الكريم، وبالصحبة الصالحة، وذلك يساعدنا كثيراً في تربية الأبناء واجتياز هذه المسألة.

أما النقطة الثانية: فهي طريقة التعامل، وطرح الدكتور تساؤلاً هاماً: هل نحن فعلاً نتعامل مع أبنائنا بطريقة تربوية شرعية سليمة ؟ بمعنى هل نحن نعطيهم حق التقدير والثقة ونتآخى معهم حينما يصلون إلى مرحلة معينة.

وأضاف بأنه ينبغي التآخي مع الأبناء، وألا نستعمل طريقة سلطوية في التعامل معهم، أو أن نفرض عليهم إرادة معينة، وعلينا أن ندخل إلى داخل أنفسهم، بأن نفهم ماذا يريدون، ونتفهم واقعهم الذي يعيشونه، وظروفهم. كما حذر من فرض قناعات معينة فتكون سبباً فيما يجري لبعض الشباب.

ثم أشار الدكتور الفوزان أن النظرة لهذا الموضوع تختلف من حيث أن هناك من قد عانى من هذه المسألة، وهناك النوع الآخر الذي لم يعان منها، فقد ينظر لها نظرة نظرية، ولا شك أن هنالك فرقاً بين الجانب النظري والجانب التطبيقي.

 

إنك لا تهدي من أحببت:

أما فضيلة الدكتور سعد العتيبي الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء، فذكر أن قول الله - عز وجل -: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَاراً) (التحريم: من الآية6)، بأن قوله - عز وجل -: (قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم) بدء بالنفس التي تكون القدوة الصالحة ثم الأهل، والغرض هو الوقاية من نار الله، وليس فقط خشية الفضيحة أن يقال: ابن فلان منحرف - لا قدر الله - وعند التأمل لقول الله - عز وجل -: (وَقَالَ اركَبُوا فِيهَا بِسمِ اللَّهِ مَجرَاهَا وَمُرسَاهَا وَهِيَ تَجرِي بِهِم فِي مَوجٍ, كَالجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابنَهُ وَكَانَ فِي مَعزِلٍ, يَا بُنَيَّ اركَب مَعَنَا وَلا تَكُن مَعَ الكَافِرِينَ) (هود: 41، 42)، نجد أن نوح - عليه السلام - الذي مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً دعوة، ومع هذا كانت هذه نهاية ابنه، وهذا فيه إعلام لنا بأننا لسنا شيئاً بدون الله - عز وجل -، وأن الأمر في الهداية أولاً وأخيراً هو إلى الله، مهما بذلنا من جهود وتعلمنا من طرائق الهداية.

ونبه الدكتور سعد إلى أن الله - عز وجل - ضرب لنا مثلاً للذين آمنوا ومثلاً للذين كفروا، مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط، بيت النبوة يخرج منه منحرفون وهذا ليس تقصيراً منهم ولكن آية من آيات الله - عز وجل -، وقد بيّن الله- عز وجل - ذلك في قوله: (إِنَّكَ لا تَهدِي مَن أَحبَبتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهدِي مَن يَشَاءُ) (القصص: من الآية56).

 

ثم ذكر بعض القضايا التي ينبغي التنبه لها ومنها:

أن التربية لا تكون بالشدة والغلطة، ولا هي بالعاطفة التي تجعل الأب ينفذ كل ما يطلبه أبناؤه، بل التربية تكون بالإيمانيات والرقائق، كما كانت الآيات التي نزلت في أول الأمر في تحقيق العقيدة، وأتعجب عندما أقرأ قول الله - عز وجل -: (وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى) (الضحى: 7)، وقول الله - عز وجل -: (قُل لَو شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوتُهُ عَلَيكُم وَلا أَدرَاكُم بِهِ فَقَد لَبِثتُ فِيكُم عُمُراً مِن قَبلِهِ أَفَلا تَعقِلُونَ) (يونس: 16).

 

تربية الأبناء على الإيمانيات:

وأضاف الدكتور العتيبي: قضية أخرى هي تعويد الأبناء - بعد أن يتشبعوا بالإيمانيات التي تتحرك حول محور العقيدة المتأصل الذي يعني الصدق والإخلاص والمراقبة لله - عز وجل -، تأتي هناك أمور أخرى هي من شيم وخصال المؤمنين مثال التعويد على الكرم والشجاعة والخشونة، ولما رأى أحد الشعراء ابناً لأحد الأثرياء يتقلد سيفاً مرة يضعه بيده ويهزه وقد حُلّي بالذهب فقال:

فما تصنع بالسيف إذا لم يكن قتالاً

فكسّر حلية السيف وصغ من ذاك خلخالا

يقول هذا السيف في يد لا تستحقه، يد قد بلغت من النعومة مبلغاً لا يليق بالرجال.

 

أهمية مجالسة العلماء والكبار:

وواصل الدكتور العتيبي حديثه قائلا: كما أن من أهم الأمور مجالسة الأبناء للكبار سواء كان في السن لأخذ العوائد والأخلاق الحميدة منهم تطبيقاً وتربية، وهذا ملاحظ أن كبار السن لا يدعون الطفل دون أن يأدبه بشيء، بل يستغلون الفرص في ذلك لتأديبه وتعليمه بما يناسب الرجال ويرفع مقامه ويشعره بعزته وأنفته وكرامته ومكانته.

وأيضاً مجالسة العلماء وتعويد الأبناء على زيارة العلماء والدعاة وطلبة العلم، والحرص على مجالسة الصالحين واختيار الصحبة فقد يكون تأثيرهم أقوى من تأثير الأب على ابنه لكثرة المخالطة.

ثم ذكر الدكتور سعد أهمية حرص العلماء على أبنائهم أكثر لأن هناك من يترصدهم، وقد وُجد هذا في مؤامرات الأعداء، بل إن بعض الأسر التي عُرفت بالعلم والفضل يحرص المغرضون على انتقاء نوعيات ليقال: هذا فلان قد خرج عن الخط، فنجد بعض الأسر يختار منها أشخاص ويُتابَعون حتى يكونوا والعياذ بالله شوكة في حلوق المسلمين استغلالاً لاسم تلك العائلة أو ذلك العالم وإحراجاً له أمام الآخرين، وقبل هذا وبعده الدعاء والدعاء والدعاء للأبناء بالهداية (رَبَّنَا هَب لَنَا مِن أَزوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعيُنٍ, وَاجعَلنَا لِلمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان: من الآية74).

ينبغي عدم الخلط بين الجانب الشخصي والجانب الدعوي:

وقد تحدث الشيخ الدكتور علي عبد المجيد الزنداني الأستاذ بجامعة الإمام، بأن المشائخ والعلماء والدعاة إلى الله ينظرون إلى أبنائهم أنهم في ظل سيطرتهم فيدخل الجانب الشخصي على الأبناء على الجانب الدعوي، بالرغم أن الأبناء مستهدفون بالدعوة بالحكمة وبالموعظة الحسنة وبالبيان، ولكن لأن الأب ينظر إلى ابنه أنه ابنه وأنه لا يسعه أن يخرج عن إطار أبيه فربما يفتقد في التعامل معه إلى التبصر به واللين والحكمة والموعظة الحسنة والمخاطبة بالحجة بما يورث القناعة عند هذا الطفل وعند هذا الابن بما يدعوه إليه أبوه.

وأما الأمر الثاني: فهو القدوة، فهي في غاية الأهمية، ثم: الحذر من استهداف أبناء الدعاة والمشائخ والعلماء، ولنا في هذا تجربة واسعة حيث إنهم قد يقعون في مؤامرات فساد وانحراف..

 

إشكاليات التعليم الرسمي في لبنان:

وقد ذكر فضيلة الشيخ الأستاذ عمر الأيوبي مأساة التعليم الديني في لبنان وذلك لعدم وجود تعليم القرآن الكريم، لأنه تم رسمياً حذف هذا التعليم من المناهج الرسمية في لبنان، والمدارس الرسمية معظم أبنائها وطلابها وطالباتها هم من أبناء أهل السنة، لأن معظم الطلاب من الطوائف الأخرى لهم مدارسهم الخاصة بهم، وهذه المدارس بنسبتها الغالبة تضم الطلاب الفقراء من أبناء أهل السنة في لبنان، لأن القادرين من هؤلاء الأهالي لا يضعون أولادهم في المدارس الرسمية، وإنما يذهبون بهم إلى المدارس الإسلامية الخاصة أو غير الإسلامية الخاصة..

وقد تم إلغاء التعليم الديني في لبنان بموجب قرار رسمي صادر عن مجلس الوزراء، وبالرغم من المحاولات الكثيرة لإعادة التعليم الديني إلى المدارس الرسمية إلا أن شيئاً من ذلك لم يقع، ومن خلال إحدى اللقاءات التي بذلت لجمع التوقيعات على طلب إعادة التعليم الديني كانت هناك زيارة لبطريك أنطاكيا وسائر المشرق البطريرك أغناطيوس الرابع وعندما قدمنا له هذا المشروع للتوقيع عليه وقّع عليه بالطبع، وكان له مداخلة بسيطة قال: نحن أهل المشرق يعني المسلمين والمسيحيين نحن أهل المشرق عندما نقارع الغربيين لا نستطيع أن نقارعهم لا بالتكنولوجيا ولا بالأسلحة ولا بالأقمار ولا بكل هذه الأشياء، وإنما نقول لهم تعالوا نحن أساتذتكم في موضوع التعليم الديني، نحن أهل الديانات، هو يقول ذلك ونحن أولى بهذا الكلام منه ومن أمثاله ومن غيره.

ذهاب التعليم الديني في لبنان من المدارس الرسمية يجعلنا نهتم بدور مؤسسات المجتمع الأهلي وعلى رأسها المساجد ودورات القرآن الكريم الصيفية ومدارس القرآن الكريم والمعاهد الشرعية والجامعات، وكلها تعمل بقدرات متواضعة وإذا كنا ههنا على أرض المملكة على أرض هذه الدولة المسلمة نعاني من تربية الأولاد فما بالكم بالمسلمين في لبنان، حيث الأولاد لا يتعلمون التربية الدينية، ولا القرآن لا من نعومة أظفارهم ولا بعد خشونة أظفارهم، وحقيقة معظم الطلاب الذين يهتم أهلوهم بتعليمهم إنما ينالون جزءاً من هذا التعليم معتمدين على الدورات الصيفية، ودورات الصيف مدتها خمسة أسابيع أو ستة أسابيع أو ثمانية أسابيع فقط..

أما الشهادات الدينية فلا قيمة لها في لبنان مطلقاً، فمن يحمل ثانوية عامة شرعية لا وظيفة له، بل لا وجود له في السلم الوظيفي الرسمي نهائياً، حتى لو حمل بكالوريوس أو ماجستير أو دكتوراه في الشريعة الإسلامية وهي مبنية على غير الثانوية العامة اللبنانية يعني إذا كانت مبنية على ثانوية شرعية فهو أيضاً لا قيمة لشهادته عند الدولة، ولا يستطيع أن يوظف فيها في أي مجال من المجالات، فنسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يعين المسلمين في لبنان وأن يعينكم أيضاً لأنه لكم مشاكلكم ههنا.

وبالإضافة لجهود المساجد عن طريق دورات القرآن الكريم، يأتي أيضاً الدور الكبير والمتعاظم للجمعيات الخيرية، والجمعيات الإسلامية، والجمعيات الدينية، ودورها لا يُنكر، وتقع عليهم حقيقة مسؤولية كبيرة في مثل هذه الأمور وتتبعها كذلك الأندية المتخصصة، والتي تحاول جاهدة أن تجلب الشباب تحت عنوان الرياضة إلى ما فيه من طاعة المولى - عز وجل -

أهمية القدوة في التأثير على الأبناء:

الشيخ فهد العيبان تطرق لأهمية التربية وخطورة مرحلة البلوغ، وأن التربية تحتاج إلى أن يتعلمها الأب تعلماً فهي أحق أن تتعلم من غيرها، وذكر أنه مما استوقفه حول هذه القضية أنه في إحدى الزيارات التقى بشخص باكستاني الجنسية ومتزوج من زوجة ألمانية هذا الرجل عاش كثيراً من حياته أو جل حياته في دولة أوروبية وله مجموعة من الأبناء الذكور تقريباً ثلاثة أو أربعة، يقول الشيخ فهد: زرته في بيته وتفاجأت بأن هذا الرجل الذي يعيش في قعر أوروبا وبين هذا الذي تعرفونه من الملهيات والأشياء التي تضل الرجل الكبير فضلاً عن صغار السن ومع أن أبناءه يدرسون في مدارس النصارى، ومع أنه في محيط نصراني والمغريات من كل جانب، ومع ذلك تفاجأت بأن ابنه الأكبر يحفظ القرآن وهو لم يبلغ السابعة عشرة من عمره، بل ويخطب في بعض المساجد، وابنه الذي هو أصغر منه قريباً من أن يحفظ القرآن، ويتدرب على الخطبة وعمره قريب من خمسة عشرة سنة، والذي دونه كذلك، وإذا بالأسرة كلها تعيش عيشة إيمانية حتى هو وزوجته، بل إن زوجته أكثر تمسكاً بحجابها من كثير من نساء المسلمين في البلاد العربية، وبدأت أتأمل وقد شاهدت أكثر من شخص مثل هذا..

لكن بدأت أتأمل ما السبب ما السر في هذا الذي جعل مثل هذا الرجل يستطيع أن يجابه إغراء أوروبا، بينما نحن في بلاد التوحيد وفي بلاد الإسلام ومع ذلك نشتكي أو يشتكي بعضنا من أحوال أبنائه، وكيف يواجه هذه المغريات، ويبدأ يتأفف من بعض المنكرات، ويتأفف من أشياء قد تصيب أبناءه بالضرر؟

فالحقيقة أني وجدت بعد شىء من تأمل أن أهم أسباب نجاح مثل هذا الرجل مع أبنائه هو القدوة، فالرجل يعيش حياة إسلامية في ما شاهدته وأحسبه والله حسيبه، فتجده من المبكرين إلى المسجد، وبيته لما مشينا من المسجد إلى مقر بيته أظنه أكثر من كيلو ونصف يمشيها في جميع الصلوات، يشهد له إمام المسجد أنه لا يتخلف عن فرض من هذه الفرائض، إضافة إلى مظهره ومخبره وشهادة إخوان من المسلمين تدل دلالة واضحة على أنه يعيش الإسلام حياة حقيقية، حتى أني علمت أنه صاحب قيام ليل وصاحب صيام وتعبد، وواضح من هذا الأمر أن أولاده تأثروا به تأثراً واضحاً.

ونحن لما نرجع إلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو القدوة، نجد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلال ثلاثة وعشرين سنة منذ أن أحصيت كلماته - عليه الصلاة والسلام - لا تتجاوز بضعة آلاف من الأحاديث الصحيحة من دون المكرر، تخيل إنساناً يعيش 23 سنة تُحصر كلماته في بضعة مجلدات أو بضعة آلاف من دون المكرر، لكن تجد أن الأعم الأغلب من حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - هي قضية قدوة، وكان يؤثر في الجميع، حتى أثر في صناديد الكفر، وأثر في الصبيان، وفي الكبار، وفي النساء، وفي الرجال، بطريق القدوة، فتجد أن الشاب أو الصغير والكبير يجد دافعاً إلى أن يقتدي به، والكلام عن القدوة لا يحتاج إلى الإفاضة فيه..

يحدثني أحد الإخوة يقول كنت أؤدي السنة الراتبة في البيت من باب التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، يقول ابني الصغير كان يشاهدني، ويقول: وأنا أتقصد أن أفعلها أمامه فيشاهدني كلما دخلت البيت كبّرت وصليت، فجأة بدأ يأتي بجانبه ويكبر ويصلي معه، وبدأ أن يصلي السنة الراتبة من دون أن يكلمه بأي كلمة، مجرد فقط أن اقتدى به، وهذا مظهر من مظاهر الاقتداء.

 

ينبغي التركيز على قضايا الإيمان في التربية:

وأضاف الدكتور العبيان: الجانب الآخر الذي لفت انتباهي هو قضية الإيمان، فنجد أن كثيراً من الإخوة فيما يتعلق بقضايا التعليم والتربية يركز تركيزاً كبيراً في قضايا الشكليات، بينما قضايا الإيمان نادراً ما أن تُطرح في مدارسنا، أو في مجالات التعليم عندنا، أو في حلقات التعليم أو غيرها، نجد أننا نركز على جانب تحفيظ القرآن، ونركز على جانب الرحلات، ونركز على جانب التجمعات التربوية، وهذه كلها حسنة وطيبة، لكن جوانب الإيمان لا أقول مقفلة لكنها قليلة وضعيفة لا تقارَن بالجانب الآخر، ثم ضرب الشيخ مثالاً وهو حديث جندب بن عبد الله البجلي عند ابن ماجه بسند لا بأس به قال: \"كنا ونحن غلمان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فتعلمنا الإيمان أي من النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً\"

وذكر أن جانب الإيمانيات ظاهرا جداً في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك الحديث المشهور حديث ابن عباس تلقاه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو غلام: \"يا غلام احفظ الله يحفظك\" ثم ذكر له قضايا كبرى في العقيدة تُدرّس الآن في الجامعات، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يلقنها إلى ابن عباس وهو من أصغر الصحابة - رضي الله عنه -، فلذلك أثمرت قضايا الإيمان عند الصحابة، فالقضية الكبرى هي أن يُعمر القلب بالإيمان حتى يكون وعاءً يحفظ العلم، ويحفظ القرآن، ويحفظ السنة إلى غير ذلك، فالمقصود من هذا أن قضية القدوة والإيمان هي قضايا كبرى في هذا الجانب.

 

فقه واقع الطفل واحتياجاته منطلق للمربي:

أما الشيخ محمد الدويش فقد تطرق في حديثة إلى معاناة كثير من الدعاة في القضايا التربوية، وذكر أنه لم تعد اليوم مشكلتنا في عدم الوعي بأهمية التربية، ولا في الإهمال، وإن كان يوجد حالات إهمال، لكن التربية عملية معقدة والواقع تغير والعوامل عديدة جداً، ففي السابق كانت الحياة سهلة وبسيطة كل الأمور تتم بصورة سهلة، فبمجرد أن نقول للأب: كن قدوة حسنة افعل كذا، بسهولة نجد أن الأولاد يعيشون حتى على نمط الأسرة، وفي نظري أنه جزء من نجاح السابقين في التربية جزء كبير ليس مصدره هو تميزهم بقدر ما ساعدهم في ذلك العصر، وأعتقد أنا لو أخذنا بعض السابقين إلى عصرنا اليوم ربما يواجهون صعوبة ومشكلة في حالات كثيرة

وأشار إلى كوننا نختزل التربية على أنها مجرد حرص واهتمام، وأن الأمر أصبح أكثر تعقيداً، وضرب مثالاً على ذلك: موضوع التجارة، التجارة في السابق يذهب الإنسان للسوق يشتري له بضاعة، يذهب الصباح السوق ويعود يشتري ويبيع، اليوم مثلاً أصبحت عملية التجارة عملية معقدة، تحتاج إلى تسويق، وإلى محاسبة، ويحوي العمل التجاري تخصصات عديدة جداً، فنحن بحاجة إلى أن نعي هذه القضية، ونسعى إلى أن نتعلم كثيراً، ولا نختزل القضايا التربوية نحن نحتاج إلى أمرين مهمين في التربية وبالذات في مراحل الطفولة:

أن نعرف أطفالنا جيداً كثير من الآباء الصالحين والأخيار بل للأسف المعلمين والمعلمات الذين يعدون لهذه المهمة لا يفقهون واقع الأطفال جيداً، فلا يعرف خصائص الطفل وطبيعته وتكوينه ولا المراهق، وهذا يعني أهمية تخصص إخواننا في علم النفس وهذه نقطة مهمة لا يمكن أن نرسم أي منهج تربوي لشخص لا نعرفه ولا نعرف طبيعته ولا تكوينه.

 

تعلم المهارات التربوية وكيفية تطبيقها:

القضية الثانية هي أن يتقن المهارات التربوية، مثلاً: نحن نحث الآباء على الحوار أحياناً، حتى لو أقنعناه بأهمية الحوار إلا أنه لن يستطيع أن يمارس الحوار ما لم يكن هو قادر على امتلاك هذه المهارة وقادرا على أن يمارسها بدور جيد مثلاً يستدعي ابنه ويقول له - تعالى -نتحاور سؤال سؤالين في النهاية تتحول القضية إلى صراع، لماذا؟ لأنه لم يتقن هذه المهارة

وكذلك مهارة الإقناع، كيف يوصل الأب أو المربي رسالته بصورة مقنعة، في نظري أننا بحاجة إلى أن نؤكد على إخواننا أنهم يجب أن يتعلموا التربية..

نحن لا نتوقع من كل أب ومن كل أم أن يكونوا متخصصين في التربية، لكن أن يتعلم الحد الأدنى الذي يعينه، وفي نظري أننا قد نسطح أحياناً العملية التربوية من خلال تبسيطها في معاملات معينة، وابدى الشيخ الدويش استغرابه من أن بعض الآباء والأمهات حريصون وجادون ويعطون لأولادهم وقتاً وجهداً، بينما طالب العلم والمتعلم والمتخصص لا يعطي لأبنائه مثل ذلك ولا قريبا منه..

 

ثم أشار الشيخ إلى أن التوفيق بيد الله، لكننا نرى أخطاءً واضحة جداً وظاهرة كان يمكن لهذا الأب أو الأم لو تعلموا جيداً أن يتجاوزوها، وبالعموم فحتى لو تعلم الإنسان التربية وأتقنها ومارسها، سيبقى أيضاً هو يبذل السبب والجهد، والتوفيق بيد الله - عز وجل -.

 

ينبغي تجاوز الضغوطات الاجتماعية والنفسية أثناء عملية التربية:

واختتم الشيخ الدكتور ناصر العمر النقاش بقوله: هناك نقطتان مهمتان في موضوعنا ذلك:

الأولى: قد سمعتها من أحد كبار التربويين وكان مدعواً في الحقيقة هنا لكن ظروفه لم تسمح فأنا أنقلها كما سمعتها، يقول لأحد الآباء وقد شكا له بعض أبنائه، قال: إياك أن تضغط عليهم لأنك الشيخ فلان، قال: هذا باب خطير جداً، تأتي وتقول: أنا الشيخ، وأنا الناس يحرجوني، وأنت ما التزمت، قال: هذا أسلوب فاشل، فيجب أن يكون -كما قال الإخوان - بالحوار والموعظة والإيمان والإقناع، أما أن تضغط عليه لأنك أبوه وأنت فلان في المجتمع هذا أسلوب غير موفق وأعتقد أن الإشارة واضحة.

والثانية أن العكس أيضا غير مطلوب، فإياك أن تضغط أنت أيضاً على نفسك لأنك أيضاً فلان وأولادك ليسوا كما تريد منهم، فتضغط على نفسك ضغطاً ربما يخرجها عن حدها وقد يكون لهذا انعكاسات على دعوتك وعلى منهجك وعلى تربيتك وعلى أولادك في النهاية والله - جل وعلا - قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفسَكَ عَلَى آثَارِهِم إِن لَم يُؤمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً) (الكهف: 6)، (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤمِنِينَ) (الشعراء: 3)، (إِنَّكَ لا تَهدِي مَن أَحبَبتَ) (القصص: من الآية56)، فلسنا أفضل من محمد - صلى الله عليه وسلم - ولسنا أفضل من نوح أول نبي ورسول (إِنَّهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ) (هود: من الآية46)، لسنا أفضل من إبراهيم - عليه السلام - أبوه ماذا حدث له؟ وتجد عجيب جداً في قصص الأنبياء التوازن في هذه المسألة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply