طفلك في الثامنة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

حديثنا التالي عن ابن الثامنة.

هل تستمر العزلة عند ابن الثامنة؟

لا، ابن الثامنة مغامر، يتوقع المختصون أن يخرج من عزلته، ويستشعر رغبة في المغامرة، هذه الرغبة هي الدافع الذي ينعم به الله على الطفل وعلى من يربيه ليسهل إكسابه خبرات واقعية من خلال المحاولة والخطأ، هذه المرحلة التي يمر بها ابن الثامنة هي مرحلة التجربة، يمنحه خالقه فيها القدرة على تجاوز العثرات والأخطاء دون يأس أكثر من المراحل الأخرى، إذن هناك ميزتان في ابن الثامنة:

1- رغبته في تجربة مختلف الأنشطة.

2- قدرته على تجاوز أخطائه الكثيرة.

هاتان الميزتان تجعل هذه المرحلة ملائمة لبدء تعليم ابنك المهارات التي لم يتقنها من قبل تعليماً عملياً بالتجربة والمحاولة والخطأ، وإلا أهدر هذا الطفل الميزتين التي أنعم الله بها عليه، وعليك الحذر فيما قد يكون عديم الفائدة، مثل: (السوني، بلاي ستيشن)º لأنه سيكون معزولاً عن العالم والحياة، بعيداً عما ينفعه فعلاً في دنياه وآخرته، وأنت أيها الأب وأنت أيتها الأم تسيرون بابنكم إلى هذا المآل إلى خوض التجارب الوهمية بدل التجارب الواقعية.

إذا ظننتم أنكم تحمون ابنكم لما تمنعونه من تجربة أنشطة حياتية جديدة لمجرد أنكم تلاحظون عليه العجلة، وكثرة الأخطاءº هذا هو المتوقع من طفل، وهذا ليس مانعاً يحول دون حقه الطبيعي في الممارسة الفعلية والتجربة، بل هذا الطفل الذي يغلط كثيراً هو الأحوج للتجربة أكثر، والمحاولة والخطأ، وهو الأولى بعنايتك وصبرك وثقتك بالنجاح الذي حققه، هذه الثقة يحتاجها لخوض تجاربه، وهي فرصة ملائمة لتدعموا ثقته في نفسه وفيكم، وفي علاقتكم، وتستطيعون أن تحققوا هذا الهدف الهام وهو دعم ثقته في نفسه من خلال عدة أنشطة، منها ما يلي:

- علّق ورقة لكل طفل، ودوّن فيها المهام التي أمكنه القيام بها، وإن لم يكن أداؤه مثالياً كاملاً، وامنع نفسك من توبيخه ونقده ولا حتى نصحه وتوجيهه دون طلبه، أو المقارنة بينه وبين إخوانه، بل أظهر فرحتك وتشجيعك له عند إضافة مهام جديدة لهذه الورقة، وانتهز أقرب الفرص لتفويضه في القيام بها إلى أن يتقنها تماماً.

اختر مع ابنك اسماً مناسباً لهذه الورقة مثل التحدي، أو مهارات، أو من قدراتي، أو أي اسم يعجبه، واكتبها بطريقة لافتة، ثم علّق أوراق أولادك الجديدة في لوحة أخبار البيت، أو أي مكان بارز، وعلّق القديم من هذه الأوراق في غرفهم، واتركهم يرفعون ثقتهم في أنفسهم، وفي قدراتهم، ويصنعون مكانتهم وقيمتهم بأعمالهم ومسؤولياتهم، ويقبلون على تجارب وخبرات جديدة، ويقللون الأعباء والمهام عن الوالدين.

أخي الفاضل وأختي الفاضلة: إضافة لاهتمامك بقائمة قدرات أبنائك هناك أيضاً استشارتهم جماعياً وفردياً، وتخصيص وقت أسبوعي لكل منهم، وإيداع كل واحد منهم أسرار خاصة بينك وبينهم، وملاحظة إيجابياتهم، وتقليل نقدك ونصحك وحرصك على العدل والمساواة فيما بينهم، كلها تبني الثقة في أعماق كل فرد من عيالك ثقته في ذاته، وثقته في مكانته في الأسرة، وفي علاقته مع والديه، هذا ما يحتاجه منكم على المدى الطويل لمواجهة المراهقة، وهذا ما يحتاجه أيضاً على المدى القريب ليقبل على تجارب وخبرات ومسؤوليات جديدة، وهذا ما نريده، اجعله يخوض تجارب جديدة، يشارك في أعمال منزلية لم يكن يشارك فيها، كان في السابق يتأمل النباتات، الآن في الثامنة اجعله يزرعها في وعاء أو في زاوية الحديقة، أو يجمع نماذج منها في ألبوم خاص، كان يتأمل كيف تحيى الحيوانات، وكيف تتم رعايتها، الآن في الثامنة اجعله يربي طير كناري، أو حيوان أليف يرعاه بنفسه مع مساعدة من حوله عند الحاجة، وقد أقر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: (يا أبا عمير ما فعل النغير)، ومن هذا الحديث أباح العلماء حبس الطير بشرط إطعامه، كان في السابعة يتأمل كيف يذبح الخروف تقرباً لله، الآن في الثامنة اجعله يعتاد على فصل رأس الذبيحة بنفسه بعد قطع أوداجها، وخروج روحها، ويشارك في سلخها - إن أمكن -.

انتهى حديثنا عن سن الثمان سنوات، سن المغامرة وتجربة المهارات، هذه المهارات نتوقع أن يتقنها في المرحلة القادمة سن التسع سنوات

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply