الشباب والمرأة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

رصيدُ أية أمة شبابُها، فهم رموز القوة..شباب اليوم، قادة الغد، مستقبل كل أمة، فما أبلغ قول الشاعر:

إن الشباب غدٌ فليهدهم لغد *** وللمسالك فيه الناصحُ الورعُ

فكلٌّ بنيان قوم لا يقومُ على*** دعائم العصر من رُكنيه مُنصدعُ

 

والمرأة هي الأم والأخت والزوجة ورفيقة الدرب، وشريكة العمر..هي المربية الحاضنة الموجهة الحنون.. هي الزوجة المصون، والأم الرؤوم، هي التي يتخرج الشباب في مدرستها.

 

لعلك أدركت أخي القارئ أهمية الشباب والمرأة، ومن ثمَّ دوافع الأعداء إلى توجيه سهام الغدر إلى هذين الركنين الأساسيين في مجتمعاتنا.. لقد آمن الأعداء بأن ثمة أسلحة أفتك من تلك التي يستخدمونها في غزو بلادنا والسيطرة على خيراتنا ومقدراتنا وقراراتنا.. إن الأعداء فطنوا إلى موضع الضربة القاضية.. أرادوا أن يضربوا حاضرنا، فوجهوا سهامهم نحو المرأة، كي يدمروا بذلك أقوى مؤسسة تربوية نمتلكها وهي الأسرة... وأرادوا أن يدمروا مستقبلنا فوجهوا سهامهم صوب شبابنا، لأن الشباب هم المستقبل.

لقد عرف العلماءُ قدر الشباب، فها هو ذا الإمام الشافعي - رضي الله عنه - يقول فيهم:

ومَن فاته التعليمُ وقت شبابه*** فكبر عليه أربعاً لوفاتهِ

 

وبعض الناس يظن خطأ أن الشباب لا يستطيع تحمل المسؤولية، ومن ثم يأتي تهميش الشباب، بحجة أنه ناقص الخبرة، أو لا يتسم بالحكمة والحلم، بيد أن الأمر غير ذلك، فقد أسند رسولنا - صلى الله عليه وسلم - مهام قيادية خطيرة إلى الشباب في وجود الشيوخ الحكماء، فها هو ذا يسند قيادة الجيش لأسامة بن زيد في وجود أعاظم الصحابة من القادة رضوان الله عنهم أجمعين. وما أبلغ دفاع الشاعر عن الشباب في قوله:

فما الحداثة عن حلمٍ, بمانعةٍ,ٍ, *** قد يوجد الحلم في الشبان والشيب

 

لقد علم الأعداء أن شبابنا هم مستقبلنا، فأرادوا أن يحطموا مستقبلنا بتدمير شبابنا، وفطنوا إلى أن الجنس أشد شهوات النفس وأعصاها، وخاصة في مرحلة الشباب، فمكروا بشبابنا ليلاً ونهاراً، وخاصة في فترة المراهقة، لأنها فترة صعبة ودقيقة، فهي مرحلة المفاجآت الحلوة والمرة، لأنها مرحلة اكتشاف المراهق لكل جديد في الجانبين: الجسدي، والنفسي.

لقد غرق الغرب في مستنقع الجنس والرذيلة، حيث تشير الدراسات والبحوث إلى أن 95% من المراهقين في المجتمع الأمريكي ينغمسون في شرور الجنس، كالاستمناء، والزنى، واللواط، والمساحقة... ناهيك عن المخدرات والعنف والسرقة والقتل وغير ذلك من الشرور.

لقد أراد القوم أن يغرقونا فيما غرقوا فيه، وأن يهدموا ما بقي من بنياننا، وسار في فلكهم كثيرون من أبناء جلدتنا، وهؤلاء أحد فريقين: إما ساذج فصدق نفسه أنه يقدم فناً هادفاً ناطقاً بواقع المجتمعات، وإما خبيث يطلب مكسباً دنيوياً.. وإذا أردت أن تتأكد من تلك الحرب الشعواء على شبابنا فما عليك إلا أن تنظر إلى تلك المشاهد التي أُعدت خصيصاً لشبابنا، وقدمت المرأة فيها سلعة رخيصة!!

 

وهؤلاء بعض أبناء جلدتنا.. ما أكثر ما تناقضوا مع أنفسهم، إنه يصاحب المرأة ويرفض أن يصاحب رجل آخر امرأته، يدعو لشيء ولا يستطيع فعله!!

أذكر أن واحداً من هؤلاء وصف ب\"محرر المرأة\" كتب في أحد كتبه: \"لأي رجل أن يخرج مع أية امرأة في أي وقت، ولأي مكان\"..

 

فذهب إليه أحد الدعاة الحكماء في وقت متأخر من الليل، وطرق بابه، فخرج \"المحرر\" سائلاً الطارق: ماذا تريد؟ قال: أريد زوجتك؟ قال: أَجُنِنتَ؟ قال: لا. ألستَ أنت الذي تدعو إلى ذلك وهذا كتابك؟ فَبُهِتَ الذي تفرنج وتغرَّب!!

إن الدارس لجهود الأعداء في هذا المجال يتأكد أنهم أرادوا ضرب شبابنا ونساءنا بسلاح واحد هو الجنس، أشاعوا ذلك بكل ما أوتوا من قوة: بالفضائيات، والمجلات، والمؤتمرات... وغير ذلك كثير.

إن الحرية في الغرب تعني أن يخرج الفتى بعد أن يبلغ ست عشرة سنة مع أية فتاة يريد، وإلى أي مكان، فإذا اعترضه والدُ الفتاة صار في نظر القانون الغربي مقيداً لحرية الفتى والفتاة، فإذا استغاث الفتى بالشرطة أغاثوه وحبسوا والد الفتاة، بتهمة تقييد الحريات!

 

بيد أن الإسلام وقف من الجنس موقفاً عظيماً، ذلك الموقف الذي راعى الفطرة، فسار بالنفس البشرية في الطريق السوي، فلا هو أراد لأبنائه أن يسقطوا وينهاروا في مستنقع الجنس، ولا هو اصطدم بها وكبتها كبتاً، بل رشَّدها، ورسم لها طريقاً واحداً هو الزواج، ذلك لأن حسابات هذه الشهوات حسابات خاصة غير حسابات أية شهوة أخرى، جَسَّد لنا القرآن الكريم نموذج الشباب الذي يملك القدرة ويضبطها بالعفة والإرادة القوية، تمثل ذلك في قصة يوسف - عليه السلام -، فبعد أن رأى نفسه وسط تلك النساء المغرمات به اللائي قطعن أيديهن من شدة الوله به والعشق، قال: رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين (33) (يوسف).

 

هكذا تُفهِمُنا هذه الآيةُ أن غريزة الجنس لها حسابٌ غير حساب باقي الغرائز، وحتى عندما تحدث القرآن الكريم عن مراودة امرأة العزيز ليوسف - عليه السلام - سرعان ما انتهت الكلمات القليلات!!

 

فمال هؤلاء حتى الملتزمون الذين أسرفوا بنوايا حسنة في الحديث عن المعاشرة الجنسية بين الزوجين في الكتب والفضائيات وغيرها، فهل الحياة الزوجية اختزلت في الجنس؟ ولماذا هذا الإسراف؟!

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply