الكتابة للأطفال أصعب من الكتابة للكبار


  

بسم الله الرحمن الرحيم

يتفق التربويون أن أكبر مورد لتنوع ثقافة الطفل وسعة آفاقه وابتكاره وخياله هو الكتاب والقصة بشكل أخص، حتى وإن تألق سحر الإلكترونيات والفيديو والقنوات الفضائية!

ومرحلة الطفولة هي المرحلة الحاسمة في تكوين ذهنية الطفل، واعتياده في هذه المرحلة على أي نشاط ذهني كفيل بتنمية مواهبه العقلية إلى أقصى حدودهاº مما يعود عليه بنتائج مبهرة في مستقبل أيامه.

والكتابة للأطفال وشحذ عقولهم هو نوع من الفن يحتاج إلى مهارات دقيقة لكنها في ذات الوقت - أي الكتابة للأطفال- عملية ممتعة لمن يمارسها ويجيدها، وهو ما تحاول أن تؤكده هنا الأستاذة إيمان الخطيب في حوارها مع (الإسلام اليوم) فالطفل -كما تقول- لا يحب الوعظ أو النصح المباشرº لكنه قد يقرأ قصة أو اثنتين، ثم تراه يتحرك في فضاء هذه الحكايات بما فيها من متعة وقيم أدخلها القاص في حنايا حكايته بكل سلاسة وذكاء...

 

- كيف بدأت تجربتك في الكتابة للطفل؟ وما أبرز القيم الموجهة إلى الطفل عبر ما تكتبين؟

 بدأ مشواري في الكتابة للأطفال منذ زمن بعيد، حين كان أبنائي صغارًا وكنت أقرأ أحياناً لهم، وأحياناً أخرى كنت أقوم بتأليف قصص لهم من خيالي، وأدخل فيها ما أريد إيصاله عبر الأحداث أو مواقف أمر فيها معهم في تعاملاتهم اليومية وآمالهم، فوجدتهم يحبون أن أكرّر لهم قصصي التي ألّفتها، وبالطبع قد أنسى بعض ما قلته فيذكّروننيº فقررت أن أبدأ بكتابة تلك القصص.

مرت تلك الأيام ولم أتمكن من كتابة سوى عشر قصص أو نحوها. ثم انشغلت، ولكن استمرت الفكرة تراودني بأن أطبع القصص على بساطتها لتبقى لأبنائي وأحفادي، وبعد بضع سنين رأيت إعلاناً لدبلوم في كتابة قصص الأطفال والناشئة، أيضاً تردّدت، ولكني تقدمت لاختبار تقييم المستوى والاستعداد، واجتزته -بفضل الله-º فقرّرت أن ألتحق بذلك البرنامج، والذي أنهيته وأشعر أنه أعطاني الثقة بالنفس، والرؤية لأنماط الكتابة لهذه الفئة العمرية، والأطفال والناشئة.

 

- وكيف استطعتِ الجمع بين الفكرة النافعة والأسلوب السهل الذي يفهمه الطفل؟

الكتابة للطفل ممتعة لمن يحب الاقتراب من الأطفال، فهناك من يكتب للأطفالº لأن لديه نصائح يود توصيلها، وهنالك من يكتب لأنه يعتقد أنها أبسط أنماط الكتابة، والآخرون يكتبون بهدف الكسب المادي، وغيرهم وغيرهم، لكني أعتقد أن قصة الطفل يجب أن تحمل رسالة، وأن تُقدّم بأسلوب غير مباشر، فالأطفال يقرؤونº لأن الكتاب يأخذهم إلى عالم الخيال، عالم ينسى فيه الطفل نفسه، ويترك أسلحته الدفاعية أو الهجومية. يحب الطفل القصة التي يعيش فيها، ومن خلال بطلها حياة فيها المغامرة والصدق، ويحب أن ينتصر فيها الحق على الباطل، يحب القوي، ويعطف على الضعيفº لأنه يربط نفسه بالبطل -وأقصد بالبطل من يصوره الكاتب بالبطل- نرى أنه يمكنه أن يتأثر به ويتعلم منه، والطفل أيضاً يحب التكرار، ويتعلم عن طريق التكرار، ويحب المفاجآت، فلا يريد أن يقرأ الخاتمة من أول القصة، يحب أن يعيش معاناة البطل، وأن يفاجئه الكاتب في الخاتمة.

 

- كيف تتم عملية اختيار الأبطال في قصص الأطفال؟

ينبغي أن يختار الكاتب بطلاً لقصته من نفس الفئة العمرية للطفل الذي كُتبت له القصة، وأن يحدث نموًّا ذاتيًّا للبطل من خلال أحداث القصة، دون أن يملي الكاتب على القارئ الصغير دروسًا، فأُحسِن حبك فكرة القصة وأحداثها وأسلوب وصول البطل إلى حل المشكلة بجهده- لا بأس من مساعدة بعض الأطراف الآخرين من أصدقاء ووالدين أو غيرهم- ولكن دون أن يكون الطفل عنصرًا سلبيًّا لا يدير أمورهº بل يعطى الدور الإيجابي الفعّال لحل مشاكله، بهذا الأسلوب نحن نعلِّم القارئ الصغير تحمّل المسؤولية بطريقة غير مباشرة، بالإضافة إلى نوع النضج الذي يحدث للبطل من خلال أحداث القصة.

والملاحظة الهامة هنا أن الطفل لا يحب الوعظ المباشرº فهو قد يقرأ قصة أو اثنتين ثم ينتقل إلى قصص مثل (ميكي)º لأنها تنتزعه من عالمه حيث تكثر فيه نصائح الكبار في الغالب.

 

هل مازال كتاب الأطفال قويًّا أمام تحدي الإلكترونيات بتشويقها وإثارتها؟

 الكتاب الشائق ذو الألوان والصور الجميلة والقصة الممتعة لم ولن يفقد سحرهº لأن الأطفال يحبون قراءته وقت النوم بمفردهم أو مع أحد والديهم، المهم أن يتعلم الطفل حب القراءة بأسلوب جيد. وأشبّه هذا بمن يقول: هل للحلوى مكان أمام تحديات المأكولات السريعة بالنسبة للطفل؟

كما ذكرت سابقاً، الطفل يحب أن يعيش عالم الخيال مع القصة، ولا أقصد بالخيال السحر وعالم الفضاءº بل قد تكون القصص عن طفل من نفس بيئته، ولكن البيت والأب والأم والجيران والأصدقاء غير الذين يعرفهم، وللطفل دور فعّال في هذا المجتمعº فهو يحل ويربط، وله رأي في الأشياء، ومن أهم الأشياء التي يجب تلافيها هو عدم الكتابة التحتية للطفل، كأن نفترض فيه الغباء وأننا نحن (الكبار) الذين نملي عليه الدروس والنصائح أو أن تنتهي القصة بالدروس المستفادةº بل تُنسج بطريقة تجعل الطفل يصل إليها بطريق غير مباشر.

لذلك نرى أن الطفل يميل إلى القصص المترجمة الملونة ذات الرسوم الجذّابة، والتي لا تكتظ بالنصائح.

 

- هل لك إنتاج قصصي جديد؟

لي الآن قصة واحدة تطبعها جمعية الإصلاح بالكويت، وقد قاموا بإعادة طباعتها عدة مرات، وهي: \"صور من حياة الحسن البصري\"، والآن أنا بصدد طباعة ثلاث سلاسل لأعمار من (4-10) سنوات. سلسلة للمبتدئين في القراءة \"أحمد فرحان\"، وسلسلتين للعمر من (6-10) سنوات: \"مزرعة الأصدقاء\"، و \"أسامة يتعلم\" إلا أني أبحث الأسلوب الأمثل لطباعتها وتوزيعها.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply