أهداف التربية الإسلامية وغايتها


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الغاية من التربية الإسلامية:

تحقيق العبودية لرب العالمين، والتي هي الحكمة من خلق الإنسان، كما قال - سبحانه وتعالى -: (وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ) (1)، وتتعلق بها نجاته، وسعادته الأبدية، كما قال - سبحانه -: (قَد أَفلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا) (2)، وقال - تعالى -: (يَومَ يَأتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفسٌ إِلاَّ بِإِذنِهِ فَمِنهُم شَقِيُّ وَسَعِيدٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُم فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ، خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبٌّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيد، وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبٌّكَ عَطَاء غَيرَ مَجذُوذٍ,)(3)، وجميع الأهداف تندرج تحت هذه الغاية نظراً لاتساع مفهوم العبادة في الإسلام.

 

أهداف التربية الإسلامية:

نستطيع أن نضع ثلاثة أهداف رئيسية للتربية الإسلامية:

الأول: بناء الإنسان المسلم ذي الشخصية المتكاملة، وذلك بتحقيق النمو الجسمي، والعقلي، والروحي، والأخلاقي، والاجتماعي(4).

الثاني: التنمية العلميّة، وذلك باكتشاف المواهب والقدرات، وتنميتها، وتعليمه العلوم المناسبة له، لا سيما العلوم الشرعية، وما يميل إليه من العلوم الأخرى المفيدة للأمة.

الثالث: إخراج الأمة المسلمةº المتناصرة، المتناصحة، المجاهدة، الحاملة رسالة الإسلام إلى العالم.

وقد ذكر بعض الباحثين أهدافاً تفصيلية كثيرة، وهي مندرجة تحت الأهداف الثلاثة، إما خادمة للشخصية المسلمة بجوانبها المختلفة، أو خادمة للنمو العلمي، أو للأمة المسلمة(5).

وتهدف التربية في النهاية إلى الكمال الإنساني، قال الإمام البيضاوي(6) في تفسيره: (الرب في الأصل مصدر بمعنى التربية وهي تبليغ الشيء إلى كماله)(7).

إنّ التربية عملية حركية حية، تتفاعل مع المتغيرات المختلفة، وتتأثر بها وتؤثر فيها. ومن مهامها أنها تكسب النشء القدرة على التكيّف مع تلك المتغيرات مع رسوخ الثوابت الإسلامية.

\"ومنهج التربية الإسلامية فريد في كل مناهج الأرض، وإن التقى ببعضها في التفصيلات والفروعº فريد في شموله ويقظته لكل دقيقة من دقائق النفس البشرية، وكل خالجة، وكل فكرة، وكل شعور، وفريد في أثره في داخل النفس، وفي واقع الحياة، فقد كان من أثره تلك الأمة العجيبة في التاريخº الأمة التي انتفضت من تراب الأرض فوصلت إلى السماء، والتي قامت من شتات متناثر يكاد لا يلتقي على غير الصراع والحرب، فإذا هي أمة صلبة متماسكة لا مثيل لها في الأرض، تفتح وتغزو، وتعمّر وتبني، وتقيم مُثُلاً أخلاقية وإنسانية غير معهودة من قبل، ولا من بعد، وتنتشر في سنوات قليلةº في رقاع الأرض، تنشر النور والهدى، وتنشئ الحياة بإذن ربها من جديد، هذه الأمة كلها من نتاج هذا المنهجº كلها بمادياتها ومعنوياتها، بمشاعرها وأفكارها، وسلوكها وأعمالها، أمة فريدة في التاريخ\" (8).

 

ـــــــــــــــــ

(1) سورة الذاريات 56

(2) سورة الشمس 9-10

(3) سورة هود 105 - 108

(4) انظر مجالات التربية ص 19-26 من هذا الكتاب.

(5) انظر أهداف التربية الإسلامية وغاياتها، د. مقداد يالجن ص 38 وما بعدها، أهداف التربية الإسلامية، د. ماجد غرسان الكيلاني ص 154 وما بعدها، مرجع الآباء في تربية الأبناء د. عبد الرحمن البابطين ص 16، التربية الإسلامية، د. سليمان الحقيل، ص 31-39.

(6) هو العلامة المفسر عبد الله بن عمر البيضاوي إمام في اللغة والتفسير والفقه، من علماء الشافعية ومن العباد الزهاد، توفي 691هـ.

(7) أنوار التنزيل وأسرار التأويل، عبد الله بن عمر البيضاوي 1/28.

(8) منهج التربية الإسلامية، محمد قطب، 1/9-10.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply