خطوات التحرر من القيود


 

بسم الله الرحمن الرحيم

حطم القيود ( 9 )

 

ذكرنا في الحلقة السابقة خطوتين من خطوات التحرر من القيود هما تحمل الألم، وصناعة كلمة (لا). ونضيف هنا خطوتين أخريين:

 

ثالثاً: تطوير مهارات التفكير:

الخطوة الثالثة في التحرر من القيود أن نطور مهارات التفكير لدينا وذلك عن طريق سؤال النفس على الدوام:

كيف يمكنني زيادة قوتي الذاتية؟

كيف كانت قوتي في المرحلة السابقة؟

هل كان يإمكاني أن أكون أكثر قوةً؟

ما الدروس التي ينبغي أن أتعلمها كي أكون أكثر قوةً؟

ما الأفكار التي أفكر بها أو أؤمن بها وتكون سبباً في ضعف قوتي؟.. وعند هذا السؤال كن صريحاً مع نفسك: هل تريد فعلاً أن تتطور وتلج عالم القوة؟ ثم ضع قائمة لهذه الأفكار التي تسبب لك الضعف:

هل توجد بعض السلبيات التي يمكن التخلي عنها، ليتحقق لي الانطلاق سواءً كان ذلك من الأمثال العربية أو الشعبية أو الأحاديث الضعيفة، أو الوصايا الخاطئة من الأقرباء والأعزاء؟

هذه الأسئلة نماذج لما يمكن أن نقوم به من تطوير مهارات التفكير، ولا بد أن تكون الصراحة والتجرد رائدنا عند التفكير في الإجابة عن هذه الأسئلة، وأن يخلو المرء بنفسه عند الإجابة دون مشاركة من الآخرين، لكي يكون ذلك أدعى لدقة الإجابة.

إنها محاكمة للنفس ومحاسبة دقيقة لمخزون الأفكار التي نختزنها في عقلنا الباطن، والتي تحول الكثير منها إلى واقع عملي كان سبباً في تعويقنا عن الانطلاق إلى عالم القوة.

إن هذه الطريقة كفيلة بإذن الله أن تغير الكثير من أفكارنا السلبية، وتجعلنا نحفز ذاتنا للبحث عن كل الوسائل التي تجعلنا أكثر قوة، وتجعلنا نقارن الفترات الماضية والحاضرة، ونتخلص من الكثير من قيودنا الداخلية.

التخلص من البارادايم: البارادايم مصطلح يعني التقوقع في إطار يضع الإنسان نفسه فيه، ويعتقد أن الصواب والنجاح، والتقدم والوضوح محصور كله في هذا الإطار الذي وضع نفسه فيه، وكل ما هو خارج هذا الإطار خطأ وضلال وبدع وطلاسم، وفشل.. لذلك يخاف المرء أن يخرج من هذا الإطار أو حتى يفكر فيه.. والذين ابتلوا بهذا المرض يلغون تماماً الآخرين الذين يخالفونهم الرأي والقناعة، فلا قناعة إلا قناعاتهم، ولا مسلمات إلا مسلماتهم، ولا معقول إلا معقولاتهم..

إن الذي يجعل هذا الصنف من الناس يقبع في تلك الشرنقة، ولا يغادرها، أو حتى يفكر بالنظر خارجها، هو الخوف.....

الخوف من سماع الرأي الآخر.

الخوف على أفكاره ومسلماته.

الخوف من الجديد.

الخوف من فقدان بعض الامتيازاتº مثل احترام الناس له، واستماعهم إليه، وتجمعهم حوله، وسلطته على الآخرين عندما يكتشف الآخرون أن ما عند غيره أفضل وأكثر فاعلية..

إننا لا يمكن أن نطور تفكيرنا إلا إذا تخلصنا من مرض (البارادايم).

 

رابعاً: ترك العنف في التغيير:

عندما نصل إلى درجة القناعة بالتغيير بعد اكتشاف نقاط الضعف، والقيود التي تمنعنا من الانطلاق إلى عالم القوة، ينبغي أ لا تدفعنا الحماسة للتغيير إلى انتهاج طريق العنف، ومن سلك طريق العنف في التغيير فإنه يسبب لنفسه الانقطاع بالكلية والتوقف عن عملية التغيير، فإن المنبتَّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى (1).. أي أن الذي يرهق الدابة بالمسير دون توقف بغية الوصول مبكراً، يتعب دابته ويتسبب في هلاكها، فإذا ما توقفت عن السير عجز عن مواصلة المسير.

والأصل ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق\". (2) وقوله: \"إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة\". (3)

قال الإمام ابن حجر في شرح هذا الحديث: \"والمشادة بالتشديد: المغالبة، يقال: شاده يشاده مشادةً إذا قاواه، والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية، ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب\". (4) فلا بد من التدرج والتأني عندما نريد التغيير المنهجي الصحيح الذي يدوم بإذن الله، أما الحماسة والعنف مع النفس وتحميلها أكثر مما تطيق فإن النتيجة غالباً ما تكون التوقف بل الانتكاسة والرجوع إلى أسوأ مما كان عليه الحال.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply