الأمنيات


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 عن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (والذي نفسي بيده لولا أن رجالاً من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل) رواه البخاري.

وروي أبو هريرة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته) رواه احمد ويروى أن عمر بن الخطاب قال للصحابة: تمنوا، فقال: رجل أتمنى لو أن لي هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله، ثم قال: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق. ثم قال: تمنوا. فقالوا: ما ندري يا أمير المؤمنين. فقال عمر أما أنا فأتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالاً مثل أبي عبيده بن الجراح. وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: اجتمع في الحجر مصعب بن الزبير وعروة بن الزبير وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر، فقالوا: تمنوا، فقال

عبد الله بن الزبير: أما أنا فأتمنى الخلافة، وقال عروة: أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم، وقال مصعب: أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين، وقال عبد الله بن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة)

 

* * * * * *

هكذا هي أمنيات الإنسان لا حد لها، لأنها تنبع من النفس، والنفس تشتهي وترغب، وتهوى وتحب.. ولو تحقق لها كل ذلك لشاغلتها الشواغل، ولأصبحت هدفاً لمتع الدنيا وزخرفها، وأصبح دورها الانتظار لرغبة منتظرة، وأمل آت...

ومن هنا.. أخي الكريم لابد لنا أن نحول مسار آمالنا وطموحاتنا إلى ما هو نافع لنا في الدنيا والآخرة كما قال - تعالى - (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً) فما تمناه رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضوان الله عليهم -، من الأمنيات التي تعزز النفس، فكانت بالفعل أمنيات خير

وآمال بر ورغبات رشد، إن نالتها النفس البشرية شكرت وإن لم تنلها اجتهدت في نيلها ابتغاء مرضاة ثواب الله - سبحانه و- تعالى -، فهلا تمنيت أخي الكريم مثل هذه الأماني، التي من نالها فقد نال التكريم والتشريف من الرب جل جلاله حين قال: (قَد أَفلَحَ مَن زَكَّاهَا) (الشمس:9)

 

فلو وقفنا وقفة أخي الكريم عند أمنيات شبابنا وفتياتنا فماذا يا ترى سوف نسمع: الصنف الأول يقول (أتمنى أن أكون غنية، أتمنى أن أكون لاعب مميز، أتمنى أن أكون مطربه لامعة، أتمنى أن أكون مذيعة، ممثلة، وغيرها كثير)..من تلك الأماني التي تحقر النفس وتذللها.

 

صنف آخر يتمنى أمنيات طيبة ولكن لا يصل إليها فيغير فيسخط ويسب ويلعن! ومن هنا نقول، أيها الأخ الكريم أعلم إن أمر الله - تعالى - في تحقيق الأماني بمقدار ما فيه خير للإنسان إن آجلاً أو عاجلاً، لا بمقدار ما يرجوه العبد ويطمع به، فكم من مطمع أودى بصاحبه، وأضر به.. فالواجب على العبد أن لا يتضجر ولا يحزن لعدم تحقيق الأماني التي يتمناها بل يقول: الخير فيما اختاره الله فإن حصل المطلوب حمد الله وإن لم يتحقق المطلوب يحمد الله كذلك، وليرجوه أن يكون صرفه خيراً له.

 

وصدق الشاعر حين قال:

ما كل ما يتمنى المرء يدركه *** تأتي الرياح بما لا تشتهي السفنُ

 

وقفة

يقول عمــر بن عبد العـزيـز– رضي الله عنه –:(إن لي نفساً تواقة، ما تمنت شيء إلا نالته، تمنت الإمارة فنالتها وتمنت الخلافة فنالتها، وأنا الآن أتوق للجنة وأرجو الله أن أنالها)

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply