اكسب نفسك باستيعاب الآخرين ( 3 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي إن تأثرك من كلام الناس أذاه عليك وحدك فقط لا غير مثلك مثل زجاجة نظيفة جاءها طفل فمسحها بيده المتسخة فغير من بهائها وجمالها وأصبحت باكية على حظها والطفل لم يعر لذلك بالا، فإن قمت بتنظيفها ثانية عشت مرتاح البال ولكن جاهد نفسك على ذلك كل مرة، وإن تتبعت الطفل تشتمه أو تلطمه لامك الناس وعابوا عليك وبقيت زجاجتك على حالها وربما استغل الحدث آخر في غيابك فسرق بضاعتك، ثم انتقل إلى مرحلة التصنع وكأن كلامه لم يؤثر عليك عند الناس ولكن بداخل نفسك غضب لها، فمثلك هنا كمثل الإسفنجة التي أخذت الوسخ ولم تعبأ به لكن لو كثر عليها ذلك لنزل النقط منها فإن لم يتم إفراغها أثرت عليك، حتى يصبح ذلك خلقا لك فيكون مثلك كمثل الصابونة المبلولة التي لا يعلق بها شئ.

 

 من لي بإنسان إذا خـاصمته *** وجهلت كان الحلم رد جوابه

 

 وتراه يصغي للحديث بسمعه *** وبقـلبه ولعلـه أدرى بـه

 

حتى تبقى في مكانك علق الأمر على الآخرين: (أساتذة المدرسة) كن صاحب نفس تواقة. قال عمر بن عبد العزيز:\"إن لي نفساً تواقة كلما حصلت على شئ تاقت إلى ما بعده\"

 

لا تخالف الطريق: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم}

 

تقدم واعصر عمرك عصرا واستخلص منه كل خير ومصلحة تقدمها لنفسك في الآخرة، واعلم أن مدة اليوم 1440 دقيقة، واكسب نفسك باستغلال جميع طاقاتك وقدراتك وإمكاناتك قبل أن تنزع منك إلى غيرك. قال ابن القيم:\"إن الرجل إذا حضرت له فرصة القربة والطاعة، فالحزم كل الحزم في انتهازها، والمبادرة إليها، والعجز في تأخيرها، والتسويف بها، ولا سيما إذا لم يثق بقدرته وتمكنه من أسباب تحصيلها، فإن العزائم والهمم سريعة الانتقاض قلما ثبتت، والله - سبحانه - يعاقب من فتح له باباً من الخير فلم ينتهزه، بأن يحول بين قلبه وإرادته، فلا يمكنه بعد من إرادته عقوبة له، فمن لم يستجب لله ورسوله إذا دعاه، حال بينه وبين قلبه وإرادته، فلا يمكنه الاستجابة بعد ذلك. قال - تعالى -:\"يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه\"، وقد صرح الله سبحانه بهذا في قوله:\"ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة\"، وقال - تعالى -:\"فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم\". وقال:\"وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون\"وهو كثير في القرآن.

 

جدول نفسك في مربع ما يعنيك، خطوات المتابعة: المصارحة، المشارطة، المراقبة، المحاسبة، المجاهدة، المعاتبة، المعاقبة، التحفيز.

 

 كفانا تنظيرا، ما دستورك في الحياة وهل بدأت بخطواته..؟؟؟

 

تخط لغة المتخاذلين:

لا أعرف، كيف أذهب، لا أحد يساعدني، كيف أدرس، هذا أنا، هكذا قدر لي، أشياء خارجة عن إرادتي، لا أستطيع فعل ذلك، ليس لدي وقت، الظروف هكذا، ليت لي مثل فلان، لست على مستوى كذا، ما يطيع الناس، ينتقدني الناس. يستحيل، ما يسمح لي، أخشى، يجب علي …

 

لغة السباقين:

أحاول، أجرب، ليس مستحيلا، أطور طاقاتي وقدراتي، أجتهد، ما المانع، لا أحد يستطيع أن يؤذيني إلا باختياري، أتعلم وأستفيد من الآخرين، أتحكم في نفسي، أغير من طبيعتي، أوسع مداركي، أوسع حيلتي، أكون أكثر إبداعا، أكون أكثر تعاونا

 

- الكثير من المشاكل التي تحدث بين الناس فتسبب القطيعة بينهم وبخاصة بين المتقاربين في النسب أو الجوار أو العمل، بسبب رؤية النفس، ولو ألغيت ياء المتكلم لعاش الإنسان رابحا سعيدا واصلا حميما، إذ لو قلت لإنسان لم يا أخي لا تصل أخاك فلان لقال: هو أصغر مني، ولو قلت لم قطيعة الرحم لقال: هم يقطعوني، ولو قلت كيف علاقتك مع جيرانك لقال: هم لا يحترموني ?

 

يقول ابن القيم - رحمه الله -:\"بينك وبين الله والجنة قنطرة تقطعها بخطوتين: الأولى بينك وبين نفسك فتلغي نفسك وتسقطها مع الخلق، والثانية بينك وبين الخلق فتلغي الخلق وتسقطهم مع الله\"وكما قال عبد القادر الجيلاني:\"كن مع الحق بلا خلق ومع الخلق بلا نفس\"

 

فمن عاش بهذه النفسية ربح وعاش سعيدا، ولم ير لنفسه حقا على أحد مهما كان فأصبح ما يأتيه من الخلق ربح وفائدة مهما كان صغيرا حقيرا إذ لا يرى لنفسه حقا على أحدا أبدا قريب أم بعيد.

 

- من أراد أن يعيش رابحا فليتناس حقوقه على الناس ويؤدي إليهم حقوقهم، اقبل من الناس الدوائر الثلاث وعاملهم بالدائرة الكبيرة، الدائرة الأولى مكتوب فيها: أنا مشغول، والثانية: لست محتاجا إليك، والثالثة: أنت على بالي. وعاملهم بالدائرة الكبيرة: صلة الرحم، والاعتراف بالفضل لأهله. بعض الناس لو قدم قريبه على بلده واتصل به ولم يزره لغضب وجعل ذلك في نفسه، ولو قال له قريبه: أنت على بالي وعلى خاطري ودائما أذكرك، لتنكر له وقال ما ذا ينفع القول بدون فعل ولكن لو تريث أخونا هذا وتذكر الخالق العظيم الرازق صاحب النعمة الكبرى بأنه اكتفى من عبده بالذكر في نفسه (وإن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي) فما بالنا نطلب حقوقا أعظم.

 

 يقول ابن القيم في آخر رسالته التبوكية:\"ومن أراد هذا السفر فعليه بمرافقة الأموات الذين هم في العالم أحياء، فإنه يبلغ بمرافقتهم إلى مقصده، وليحذر من مرافقة الأحياء الذين هم في الناس أموات، فإنهم يقطعون عليه طريقه فليس لهذا السالك أنفع من تلك المرافقة، وأوفق له من هذه المفارقة، فقد قال بعض السلف: شتان بين أقوام موتى تحيا القلوب بذكرهم، وبين أقوام أحياء تموت القلوب بمخالطتهم . فما على العبد أضر من عشائره وأبناء جنسه، فنظره قاصر وهمته واقفة عند التشبه بهم، ومباهاتهم والسلوك أين سلكوا، حتى لو دخلوا جحر ضب لأحب أن يدخله معهم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply