التربية العليا على محبة الله


 

بسم الله الرحمن الرحيم

في حدائق الفطرة الأولى استنشق الطفل المسلم عبقَ محبةِ الله – تعالى - وعبير الإيمان به.

وما على الأم المؤمنة إلا أن تزكّي هذا الحبّ للربّ - جلّ وعلا -..

فمحبة الله هي الهديّةُ العليا التي اصطحبها آدم معه من الجنة.

ومحبة الله هي الحصنُ الذي يعصم المسلم في قابل الأيام من الانحراف مهما عصفت به الشهوات أو الشبهات..

فالذي ينشأ على حبّ الله – تعالى- لا يمكن أبداً أن ينكُصَ عليه عقبيه. قال الله – تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا من يرتدَّ منكم عن دينه فسوفَ يأتي اللهُ بقومٍ, يُحبٌّهم ويحبّونه} (سورة المائدة ( 5/54 ).

والأم الحكيمة تحبّب الله إلى صغيرها، فلا تذكر اسم الله – تعالى- أمامه إلا في المواقف المسعدة، ولا تُكثر من التهديد بالنّار وبغضب الجبار، فتسلب طفلها الأمنَ والاستقرار!.

والغريب أن هذا التهديد كثيراًً ما يكونُ من أجل منافع مادية زهيدة!. لا من أجل تعويد الطفل الطاعات. مع أن هذا التهديد غير صحيح، فالقلم قد رُفع عن الأطفال.

والأم الواعية تربي طفلها على الحبّ والرجاء أولاً، وكلّما كبر الطفلُ خوّفته من الله أكثر، حتى يستطيع ولدها أن يطير في فضاء الإيمان إلى رضوان ربه بجناحين من خوف ورجاء ، يخفق بينهما قلب نابض بالحب والشكر، ويقودها عقل عامر بالتفكّر والذّكر..

على أنّ خوف المؤمن من ربه هو خوفٌ من الرحمن الرحيم، فهو خوفٌ يسكنهُ الأمل في رحمةِ الله، ويُغشّيه طمعُ المحبّ في كرم محبوبه.

والعجيب أن أول ما نُعلّمه لأبنائنا من القرآن هو:

((بسم الله الرّحمن الرّحيم. الحمدُ لله ربِّ العالمين. الرّحمن الرّحيم)).

فمع كل هذه الرّحمات! نريد أن نصّور لأطفالنا – بجهلنا – أنّ اللّه - جل وعزّ - لا يرحم عبادَه الخاطئين! ناسين أو جاهلين بأن أكثر صفات الله – تعالى- التي تواترت في القرآن هي ((الرحيم)) - 227 مرة - ثم ((الرحمن)) – 170 - مرة ثم ((الغفار والغفور)) - 97 مرة.

وممّا يُقوي علائق الحب، أن تربط المربّية ولدها بالقرآن الكريم قراءة وتدبّراً وتطبيقاً.. فالقرآن هو كتابُ التربية المثلى، فالحياةُ في ظلاله نجاة.. فلا تبخلي بالجلوس مع أولادكِ في رياض الجنة تحت هذه الظّلال..

 يقول شيخ الإسلام\"ابن تيمية\" - رحمه الله -: ((القرآنُ هو السجلّ الحقيقيٌّ للوجود.. وأنا نادمٌ على كلّ لحظةٍ, من عمري قضيتُها في غير معاني القرآن))..

ومما يقوي علائق الحب ربط الطفل بالسنّة والسيرة النبويّة المطّهرة. ففي تدريب الطفل على الإقتداء بالسنّة النبوية خير كثير. إذ تزداد محبّته لهذا النبي الكريم..

كما يعتاد الطفل النظام والانضباط في كل أمر من أمور حياته كلها..

كما يستيقظ عندَه الوعيُ الدائم، والحضورُ الكامل في كل عمل مهما دقَّ، مادام يستحضر نيّة الإقتداء بخاتم الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -.

ومما يُقوّي علائق الحب والإيمان، أن يعوَّد الطفل ذكر الله – تعالى- ومناجاته على الدوام.. وأن يُعوّد العبادات، لاسيما الصلاة.. وهل أجمل من أن ينادي الوالدان أبناءهما في كل حين:

تعالَ نصلي.. تعــــال لنسجد                 تعـــــال لنتلوَ: (( إيّاك نعبد ))

تعال فإنّ الصــــــلاة حيـــــــاةٌ                 بها تستبينُ السبيلُ فنرشُـد

تعالي بُنيّـه.. تعـــــالَ بُنيّــــــا                 تعالـوا إليّ نصــــــــلي سويّـا

تعالوا نصلــــــي صـلاةِّ النبيِّ                  فنحن جميعاً نحــــــبٌّ النبيّـا

 

إن التربية على الحب والإيمان هي ذروة التربية العليا على الإطلاق. وإنّ الضّالين المنحرفين ينحدرون عادةً من فئتين: فئة الذين لم يتلقّوا تربيةً إيمانية في نشأتهم، أو من فئةِ الذين اقترنت تربيتهم الدينية في عهد الطفولة بالقسوة والإكراه والتشويه. {إن الخاسرينَ الذين خسروا أنفسَهم وأهليهم يومَ القيامة} سورة الشورى ( 42 / 45 ).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply