الإخلاص في الأعمال


 

بسم الله الرحمن الرحيم

عن بريدة بن الحصيب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: شهدت خيبر وكنت فيمن صعد الثُلمة، فقاتلت حتى رُئي مكاني، وعلي ثوب أحمر، فما أعلم أني ركبت في الإسلام ذنباً أعظم علي منه (أي الشهرة). · عن محمد بن زياد: رأيت أبا أُمامة الباهلي - رضي الله عنه - أتى على رجل في المسجد، وهو ساجد يبكي ويدعو قال: أنتَ أنتَ! لو كان هذا في بيتك.

عن عبد الرحمن بن الأسود قال: ما سمعت الأسود بن يزيد إذا أهل يُسمي حجاً ولا عُمرة قط، يقول: إن الله يعلم نيتي.

قال الحارث بن قيس: إذا كنت في الصلاة فقال لك الشيطان: إنك تُرائي، فزدها طولا. ·

قال مغيرة: كان لشريح القاضي بيت يخلو فيه يوم الجمعة لا يدري الناس ما يصنع فيه.

عن عاصم قال: كان أبو وائل إذا صلى في بيته يَنشُج نشجاً، ولو جُعلت له الدنيا على أن يفعله وأحد يراه ما فعله. · قال أبو العالية رفيع بن مهران: تعلمت الكتابة والقرآن فما شعر بين أهلي، ولا رئُي في ثوبي مداد قط. ·

عن سرية للربيع بن خُثيم أنه كان يدخل عليه الداخل وفي حُجره المصحف فيغطيه.

· قال الربيع بن خثيم: كل ما لا يُراد به وجهُ الله يَضمَحِل.

· عن الأعمش قال: كان ابن أبي ليلى يصلي فإذا دخل الداخل نام على فراشه.

· عن الشعبي قال: إذا عظُمت الحلقةُ فإنما هو نَجاء أو نِداء.

· قال محمد بن علي السلمي: رأيت ربعي بن حراش مر بعشار ومعه مال، فوضعه على قربوس سرجه ثم غطاه ومر.

· عن مجاهد قال: طلبنا هذا العلم وما لنا فيه نيته، ثم رزق الله النية بعد.

· قيل: كان الحسن في مجلس فقيل لأبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير: تكلم، فقال: أو هناك أنا؟ ثم ذكر الكلام ومؤنته.

· قال الذهبي: ينبغي للعالم أن يتكلم بنيه وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت، فإن أعجبه الصمت فليتكلم، ولا يفتر عن محاسبة نفسه، فإنها تحب الظهور والثناء.

· قيل: كان ابن محيريز من أحرص شيء أن يكتم من نفسه أحسن ما عنده.

· قال مغيره: كره إبراهيم (النخعي) أن يستند إلى سارية.

· قال غالب القطان: قال بكر بن عبد الله المزني: إياك من الكلام ما إن أصبت فيه لم تُؤجر، وإن أخطأت تؤزر، وذلك سوء الظن بأخيك.

· نظر رجاء بن حيوة على رجل ينعس بعد الصبح فقال: انتبه لا يظنون أن ذا عن سهر.

· عن أبي نُجيح قال: لم يكن ببلدنا أحد أحسن من مداراة لصلاته من طلق بن حبيب.

· كان عبد الرحمن بن أبي نعم يُحرِم من السنة ويقول: لو كان رياءً لاضمحل.

· عن الحسن بن حبيب قال: رأيت على ميمون بن مهران جُبة صوف تحت ثيابه فقلت له: ما هذا؟ قال: نعم ولا تخبر به أحداً.

· عن عبيده بن أبي لبابة قال: أقرب الناس على الرياء آمنهم منه.

· عن زائدة أن منصور بن المعتمر صام أربعين سنة، وقام ليلها، وكان يبكي، فتقول له أمه: يا بُني قتلت قتيلاً؟ فيقول: أنا أعلم بما صنعت نفسي، فإذا كان الصبح كحل عينه، ودهن رأسه، وبرق شفتيه، وخرج إلى الناس.

· عن سلام: كان أيوب السختياني يقوم الليل كله، فيخفي ذلك، فإذا كان عند الصبح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة.

· عن أبي حازم المديني قال: لا تُعادين رجلاً ولا تناصبه حتى تنظر إلى سريرته بينه وبين الله، فإن يكن له سريره حسنة، فإن الله لم يكن ليخذله بعداوتك، وإن كانت له سريره رديئة، فقلت كفاك مساوئه، ولو أردت أن تعمل به أكثر من معاصي الله لم تقدر.

· عن أبي حازم المدني قال: اكتم حسناتك كما تكتم سيئاتك.

· قيل: كان محمد بن واسع يسرد الصوم ويُخفيه.

· قال عبد الرحمن بن مهدي: قلت لابن المبارك: إبراهيم بن أدهم ممن سمع؟ قال: قد سمع من الناس، وله فضل في نفسه، صاحبُ سرائر، وما رأيته يظهر تسبيحاً ولا شيئاً من الخير، ولا أكل مع قوم قط إلا كان آخر من يرفع يده. · عن هشام الدستوائي قال: والله ما أستطيع أن أقول: إني ذهبت يوماً قط أطلب الحديث أريد به وجه الله - عز وجل -.

· قال الذهبي: والله ولا أنا، فقد كان السلف يطلبون العلم لله فنبلوا وصاروا أئمة يقتدى بهم، وطلبه قوم منهم فحاسبوا أنفسهم، فَجَرهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطريق كما قال مجاهد وغيره: طلبنا هذا العلم وما لنا فيه كبير نية، ثم رزق الله النية بعد، وبعضهم يقول: طلبنا هذا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله، فهذا أيضاً حسن، ثم نشروه بنية صالحة. · وقوم طلبوه بنية فاسدة لأجل الدنيا، وليُثنَى عليهم فلهم ما نووا. قال - عليه السلام -: (من غزا ينوي عقالاً فله ما نوى). وترى هذا الضرب لم يستضيئوا بنور العلم، ولا لهم وقع في النفوس، ولا لعلهم كبير نتيجة من العمل، وإنما العالم من يخشى الله - تعالى -. · وقوم نالوا العلم وولوا به المناصب، فظلموا وتركوا التقيد بالعلم، وركبوا الكبائر والفواحش، فتباً لهم فما هؤلاء بعلماء. · وبعضهم لم يتق الله في علمه، بل ركب الحيل، وأفتى بالرخص، وروى الشاذ من الأخبار، وبعضهم اجترأ على الله ووضع الأحاديث، فهتكه الله وذهب علمه، وصار زاده إلى النار، هؤلاء الأقسام كلهم رووا من العلم شيئاً كبيراً وتضلعوا منه في الجملة، فخلف من بعدهم خلف بان نقصهم في العلم والعمل، وتلاهم قوم انتموا إلى العلم في الظاهر، ولم يتقنوا منه سوى نزر يسير، أو هموا به أنه علماء فضلاء، ولم يدر في أذهانهم قط أنهم يتقربون به إلى الله، لأنهم ما رأوا شيخاً يقتدى به في العلم، فصاروا همجاً رعاعاً، غاية المدرس منهم أن يحصل كتباً مثمنة. يخزنها وينظر ما فيها يوماً ما فيصحف ما يورده ولا يقرره، فنسأل الله النجاة والعفو كما قال بعضهم: ما أنا بعالم ولا رأيت عالماً.

· عن هشام بن حسان قال: ما رأيت أحداً يطلب بالعلم وجه الله إلا يونس بن عبيد.

· عن مفضل بن لاحق قال: كنا بأرض الروم فخرج رومي يدعو إلى المبارزة، فخرج إليه رجل فقتله، ثم دخل بين الناس فجعلت ألوذ به لأعرفه وعليه المغفر، قال: فوضع المغفر يمسح وجهه فإذا عبد الله بن عون.

· عن ابن أبي عدي يقول: صام داود بن أبي هند أربعين سنة، لا يعلم به أهله، كان يحمل معه غداءه فيتصدق به في الطريق.

· قال مالك: جلست إلى ابن هرمز ثلاث عشر سنة واستحلفني أن لا أذكر اسمه في الحديث.

· قال ابن وهب: ما رأيت أحداً أشد استخفاء به بعمله من حيوة بن شريح، وكان يُعرف بالإجابة، يعني في الدعاء.

· قال معمر بن راشد لقد طلبنا هذا الشأن وما لنا فيه نية، ثم رزقنا الله النية من بعد.

· عن معمر قال: كان يقال: إن الرجل يطلب العلم لغير الله فيأبى عليه العلم حتى يكون لله.

· قال الذهبي: نعم يطلبه أولاً والحامل له حب العلم، وحب إزالة الجهل عنه، وحب الوظائف ونحو ذلك، ولم يكن له علم وجوب الإخلاص فيه ولا صدق النية، فإذا علم حاسب نفسه، وخاف وَبالَ قًصدِه فتجيئه النية الصالحة كلها أو بعضها، وقد يتوب من نيته الفاسدة ويندم، وعلامة ذلك أنه يقصر من الدعاوى وحب المناظرة، ومن قصد التكثر بعمله ويزري على نفسه فإن تكثر بعمله أو قال: إنا أعلم من فلان فبعداً له.

· وقد دخل ابن أبي ذئب مرة على والي المدينة فكلمه وهو عبد الصمد بن علي عم المنصور في شيء فقال عبد الصمد بن علي: إني لأراك مرائياً، فأخذ عوداً وقال: من أُرائي؟ فوالله للناس عندي أهون من هذا.

· التقى سفيان الثوري والفضيل بن عياض فتذاكرا فبكيا فقال سفيان: إني لأرجوا أن يكون مجلسنا هذا أعظم مجلس جلسناه بركة، فقال له فضيل: لكني أخاف أن يكون أعظم مجلس جلسناه شؤماً، أليس نظرت إلى أحسن ما عندك فتزينت به لي، وتزينت لك، فعبدتني وعبدتك؟ فبكى سفيان حتى علا نحيبه ثم قال: أحييتني أحياك الله. · عن إسحاق الحنظلي، يقول: دخلت على عبد الله بن طاهر الأمير، وفي كمي تمر آكله، فنظر إلي، وقال: يا أبا يعقوب، إن لم يكن ترك الرياء من الرياء، فما في الدنيا أقل رياء منك. · قال الذهبي: تعلقاً على حديث: (ثلاث مَن كن فيه فهو نفاق: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أئتُمن خان) قال رجل: يا رسول الله، ذهبت اثنتان، وبقيت واحدة؟ قال: (فإن عليه شعبة من نفاق، ما بقي فيه منهن شيء). وفيه دليل على أن النفاق يتبعض ويتشعب، كما أن الإيمان ذو شعب ويزيد وينقص، فالكامل الإيمان من اتصف بفعل الخيرات، وترك المنكرات وله قُرَب ماحيه لذنوبه، كما قال - تعالى -: {إنما المؤمنون الذين إذا ذُكِر الله وَجِلت قلوبهم} إلى قوله: {أولئك هم المؤمنون حقاً} وقال: {قد أفلح المؤمنون} إلى قوله: {أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فِيها خالدون} ودون هؤلاء خلق من المؤمنين الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، ودونهم عصاة المسلمين، ففيهم إيمان ينجون به من خلود عذاب الله - تعالى -وبالشفاعة. ألا تسمع إلى الحديث المتواتر (أنه يخرج من النار من في قلبه وزن ذرة من إيمان) وكذلك شعب النفاق من الكذب والخيانة الفجور والغدر والرياء، وطلب العلم ليقال، وحب الرئاسة والمشيخة، وموادة الفجار والنصارى، فمن ارتكبها كلها، وكان في قلبه غِلُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أو حَرَج من قضاياه، أو يصوم رمضان غير محتسب، أو يجوز أن دين النصارى أو اليهود دين مليح، ويميل إليهم، فهذا لا تَرتَب في أنه كامل النفاق، وأنه في الدرك الأسفل من النار، وصفاته الممقوتة عديدة في الكتاب والسنة من قيامه إلى الصلاة كسلان، وأدائه الزكاة وهو كاره، وإن عامل الناس فبالمكر والخديعة، قد اتخذ إسلامه جُنة، نعوذ بالله من النفاق فقد خافه سادة الصحابة على نفوسهم. فإن كان فيه شعبة من نفاق العمال، فله قسط من المقت حتى يدعها، ويتوب منها، أما من كان في قلبه شك من الإيمان بالله ورسوله، فهذا ليس بمسلم وهو نم أصحاب النار، كما أن من في قلبه جزم بالإيمان بالله ورسله وملائكته وكتبه وبالمعاد وإن اقتحم الكبائر، فإنه ليس بكافر، قال - تعالى -: {هُو الذي خَلَقَكُم فمِنكم كافر ومنكم مؤمن} وهذه مسألة جليلة، قد صنف فيها العلماء كتباً، وجمع فيها الإمام أبو العباس شيخنا مجلداً حافلاً قد اختصره. نسأل الله - تعالى -أن يحفظ علينا إيماننا حتى نوافيه به.

· ومن كلام الحسن بن منصور: رب معتزل للدنيا ببدنه مخالطها بقلبه، ورب مخالط لها ببدنه مفارقها بقلبه، وهو أكيسهما.

· وعن سحنون قال: كان بعض من مضى يريد أن يتكلم بالكلمة، ولو تكلم بها لانتفع بها خلق كثير، فيحسبها، ولا يتكلم بها مخافة المباهاة. وكان إذا أعجبه الصمت تكلم، ويقول: أجرأ الناس على الفتيا أقلهم علماً.

· قال إبراهيم بن أيوب الحوراني: قلت لإسماعيل بن عبد الله القاضي: بلغني أنك كنت صوفياً، من أكل من جرابك كسرة افتخر بها. فقالت: حسبنا الله ونعم الوكيل.

· قال محمد بن القاسم: صحبت محمد بن أسلم أكثر من عشرين سنة لم أره يصلي حيث أراه ركعتين من التطوع إلا يوم الجمعة. وسمعته كذا وكذا مرة يحلف: لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي لفعلت خوفاً من الرياء. وكان يدخل بيتاً له، ويُغلق بابه. ولم أدرٍ, ما يصنع حتى سمعت ابناً له صغيراً يحكي بكاءه، فنهته أمه، فقلت لها: ما هذا؟ قالت: إن أبا الحسن يدخل هذا البيت، فيقرأ ويبكي، فيسمعه الصبي فيحكيه، وكان إذا أراد أن يخرج، غسل وجهه، واكتحل، فلا يُرى عليه أثر البكاء.

· وكان محمد بن أسلم يصل قوماً، ويكسوهم، ويقول للرسول: انظر أن لا يعلموا من بعثه، ولا أعلم منذ صحبته، وصل أحداً بأقل من مئة درهم إلا أن لا يمكنه ذلك. وكان يقول لي: اشتر لي شعيراً أسود، فإنه يصير إلى الكنيف، ولا تشتر لي إلا ما يكفيني يوماً بيوم، واشتريت له مرة شعيراً أبيض ونقيته، وطحنته، فرآه فتغير لونه، وقال إن كنت تتوقت فيه، فاطعمه نفسك، لعل لك عند الله أعمالاً تحتمل أن تُطعم نفسك النقي، وأما أنا، فقد سرت في الأرض ودرت فيها فبالله ما رأيت نفساً تصلي أشد عندي من نفسي، فبما أحتج عند الله إن أطعمتها النقي؟! خُذ هذا الطعام، واشتر لي كل يوم بقطعة شعير رديئاً، واشتر لي رحى فجئني به حتى أطحن بيدي وآكله، لعلي أبلغ ما كان فيه علي وفاطمة - رضي الله عنهما -.

· ذكر سعيد بن عمر البرذعي، أن أبا زرعة قال: لا أعلم أنه صفا لي رباط يوم قط، أما بيروت: فأردنا العباس بن الوليد بن مزيد، وأما عسقلان، فأردنا محمد بن أبي السري، وأما قزوين: فمحمد بن سعيد بن سابق.

· عن أبي يزيد البسطامي قال: لو صفا لي تهليلة ما باليت بعدها.

· قال أحمد بن ليس الخراز: كل باطن يخالفه ظاهر، فهو باطل.

· قال الليث بن سعد: كتبت من علم ابن شهاب علماً كثيراً، وطلبت ركوب البريد إليه إلى الرصافة فخفت أن لا يكون ذلك لله، فتركته ودخلت على نافع، فسألني فقلت أنا مصري فقال: ممن؟ قلت من قيس، قال: ابن كم قلت: ابن عشرين سنة، قال: أما لحيتك فلحية ابن أربعين.

· عن شعيب بن حرب قال: كنت مع زهير بن معاوية بالبصرة فقال: يا شعيب أنا لا أكتب حديثاً إلا بنية، فأقمنا بالبصرة فما كتبنا إلا حديثاً واحداً.

· عن ابن مبارك: رُب عملٍ, صغير تكثره النية، ورُب عمل كثير تصغره النية.

· عن الفضيل قال: ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك، الإخلاص أن يعافيك الله عنهما.

· عن الفضيل قال: لو حلفت أني مراء، كان أحب إلي من أن أحلف أني لست بمراء، ولو رأيت رجلاً اجتمع الناس حوله لقلت: هذا مجنون، مَن الذي اجتمع الناس حوله لا يحب أن يُجَوِد كلامه لهم؟!

· قال الفيض: قال لي الفضيل: لو قيل لك: يا مرائي، غضبت وشق عليك، وعسى ما قيل لك حق، تزينت للدنيا، وتصنعت، وقصرت ثيابك، وحسنت سمتك، وكففت أذاك، حتى يقال: أبو فلان عابد، ما أحسن سمته، فيكرمونك وينظرونك ويقصدونك، ويهدون إليك، مثل الدرهم السَتُوق (الرديء)، لا يعرفه كل أحد، فإذا قُشِر قُشِر عن نحاس.

· عن الفضيل: مَن أحب أن يُذكَرَ لم يُذكر، ومن كَره أن يذكر ذكر.

· كان أبو يوسف لما ولي حفص بن غياث، قال لأصحابه: تعالوا نكتب نوادر حفص، فلما وردته أحكامه وقضاياه على أبي يوسف، قال له أصحابه: أين النوادر التي زعمت تكتبها؟ قال: ويحكم، إن حَفصاً أراد الله فوفقه.

· قيل: إن محمد بن الحسن لما احتضر، قيل له: أتبكي مع العلم؟ قال: أفرأيت إن أوقفني الله وقال: يا محمد، ما أقدمك الري؟ الجهاد في سبيلي، أم ابتغاء مرضاتي؟ ماذا أقول؟

· قال ابن معين: وكان يحيى بن سعيد القطان يجيء معه بمسباح فيدخل يده في ثيابه فيسبح.

· وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: كنت أجلس يوم الجمعة، فإذا كثر الناس، فرحت، وإذا قلوا حزنت، فسألت بِشرَ بن مصور، فقال: هذا مجلس سوء، فلا تعد إليه، فما عدت إليه.

· قال أحمد بن أبي الحواري: سمعت وكيعاً يقول: ما نعيش إلا في سترة، ولو كُشِفَ الغطاء، لكشف عن أمر عظيم. الصديق النية.

· قيل: أتى رجل بعشرة دنانير على معروف الكرخي فمر سائل، فتناوله إياها، وان يبكي ثم يقول: يا نفسي كم تبين؟ أخلصي تخلُصي.

· وروى الفلاس عن الخريبي، قال: كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لا تعلم به زوجته ولا غيرها.

· وترك عبد الله بن داود التحديث تديناً إذ رأى طلبهم له بنية مدخولة.

· قال محمد بن العباس: سمعت محمد بن مبارك الصوري يقول: اعمل لله، فإنه أنفع لك من العمل لنفسك.

· روي عن بشر بن الحارث أن قيل له: ألا تحدث؟ قال: أنا أشتهي أن أحدث، وإذا اشتهيت شيئاً، تركته.

· وعن بشر بن الحارث إذا أعجبك الكلام، فاصمت، وإذا أعجبك الصمت، فتكلم.

· وعن بشر بم الحارث قال: قد يكون الرجل مرائياً بعد موته، يُحب أن يكثر الخلق في جنازته، لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات سداً.

· حدثني حمزة بن دهقان، قال: قلت لبشر بن الحارث: أحب أن أخلو معك. قال: إذا شئت فيكون يوماً، فرأيته يدخل دخل قبة، فصلى فيها أربع ركعات لا أحسن أصلي مثلها، فسمعته يقول في سجوده: اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل أحب إلي من الشرف، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحبٌ إلي من الغنى، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أوثر على حبك شيئاً. فلما سمعته، أخذني الشهيق والبكاء فقال: اللهم أنت تعلم أني لو أعلم أن هذا ها هنا، لم أتكلم.

· وعن بشر بن الحارث قال: لا تعمل لتُذكر، اكتم الحسنة كما تكتم السيئة.

· وقال أحمد بن عاصم الأنطاكي: إذا صارت المعاملة إلى القلب، استراحت الجوارح.

· وعن ابن وارة: أنه سمع سليمان الهاشمي يقول: ربما أُحَدِثُ بحديث واحد ولي نية، فإذا أتيت على بعضه تغيرت نيتي، فإذا الحديث الواحد يحتاج إلى نيات.

· وقال سعيد بن الحداد شيخ المالكية: ما صد عن الله مثُل طلبِ المحامد، وطلبُ الرفعة.

· يقال: كتب يوسف بن الحسين الرازي إلى الجنيد: لا أذاقك الله طعم نفسك، فإن ذقتها لا تفلح.

· وقال أبو بكر الرازي: سمعت أبا علي الثقفي يقول: ترك الرياء للرياء أقبح من الرياء.

· وجاء عن الشاطبي أنه قال: لا يقرأ أحد قصيدتي هذه إلا وينفعه الله، لأنني نظمتها لله.

· وسمعت أبي يقول أفطرنا في رمضان ليلة شديدة الحر، فكنا نأكل ونشرب، وكان أخي عبد الرحمن يأكل ولا يشرب، فخرجت وقلت: إن من عادة أخي أنه يأكل ليلة ولا يشرب، ويشرب ليلة أخرى ولا يأكل. قال: فما شرب تلك الليلة، وفي الليلة الآتية كان يشرب ولا يأكل البتة، فلما كان في الليلة الثالثة قال: يا أخي: لا تلعب بعد هذا، فإني ما اشتهيت أن أكذبك.

· حدثني الإمام عبد الله بن أبي الحسن الجبائي قال: مضيت إلى زيارة أبي الحسين الزاهد بحلب، ولم تكن نيتي صادقة، فقال: إذا جئت إلى المشايخ، فلتكن نيتك صادقة في الزيارة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply