بلسم الهموم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا شك أن للهموم أسباباً كثيرة ومتعددة، فمنها ما يكون نفسياً، ومنها ما يكون جسدياً، ومنها ما يكون بسبب مشاكل اجتماعية أو معيشية.. ونحو ذلك من الأسباب، فلا يصلح أن نخّتزل الأسباب في سبب وحيد.

كما أن التعامل مع الهموم يكون من خلال الوقاية واتقاء أسبابها ووسائلها قبل وقوعها، ومن خلال العلاج والاستشفاء منها بعد وقوعها.

 

وإضافة إلى ذلك فينبغي التفريق بين ما يكون سلبياً ومذموماً من الهموم والأحزان، وبين ما ليست كذلك، فإن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يقول: - ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضَلَع الدين وغَلبة الرجال)) أخرجه البخاري، والهم هو ما يتصوره العقل من المكروه في الحال والوقت الحاضر، والحزن لما وقع في الماضي، كما بيّنه الحافظ ابن حجر في الفتح (11/178).

 

وأما إذا كان الشخص يحمل همّاً إيجابياً كأن يحمل همّ إصلاح نفسه ومجتمعة وسائر الناس فهذا محمود ومطلوب، فلا يسوغ أن يكون المؤمن بارد القلب جامد الشعور، فقد جاء في حديث عند ابن أبي حاتم في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن كان كثير الصمت، دائم الفكر، متواصل الأحزان.

 

قال شيخ الإسلام ابن تميمة \" فالصمت والفكر للسان والقلب، وأما الحزن فالمراد به الاهتمام والتيقظ لما يستقبله من الأمور.. \" مجموع الفتاوى (16/221) وسنورد جملة من المعالم المهمة في مدافعة الهموم ورفعها على النحو التالي: -

- الإيمان الراسخ بأقدار الله - تعالى -، وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، ولذا قال الإمام إبراهيم الحربي - رحمه الله - \" من لم يؤمن بالقدر لم يتهن بعيشة \" وأمور الحياة إما في مقدورك ووسعك فلا تعجزك عنها، فإن الله يلوم على العجز، وما لم يكن في مقدورك فاحذر الجزع كما في الحديث الصحيح ((احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز.. )) أخرجه مسلم.

 

ـ الاستعانة بالله - عز وجل -، والتوكل على الله - تعالى -، والثقة بالله - سبحانه -، فهو المستعان وعليه التكلان، فإن الدنيا لا تنفك عما يوجب الحزن والهم، فلا تخلو مصائب وهموم وأحزان وهذا أمر لابد من استصحابه ومن المهم أن نكون واقعيين فالدنيا عامرة بالأفراح والأتراح..، لكن من توكل على الله كفاه، ولذا قال بعض السلف: من سرّه أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله.

 

ـ الفأل وحسن الظن بالله - تعالى -، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه الفأل، وكان يقول ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله)) ومن حكمة الله ورحمته أن الله - تعالى -لا يخلق شراً محضاً، فعلام الأحزان والهموم؟ فإذا كان الناس يحملون هموم الأمراض مثلاً، فإن ابن القيم - رحمه الله - أحصى مائة فائدة للأمراض كما في زاد المعاد.

 

ـ اللجأ إلى الله - تعالى -والتضرّع إليه، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو عن الكرب يقول: ((لا إله الله إلا الله العظيم الحليم. لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم)). أخرجه البخاري

إن مناجاة الله - تعالى -والأنس بسؤاله والاستكانة له والاطراح بين يديه من أعظم أسباب مدافعة الهموم ورفعها.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply