كيفية التربية الإيمانية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ولابد - أيها الإخوة - أن نتكلم عن التربية الإيمانية لأهل البيت لأننا مسئولون عنهم {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ} [التحريم: 6] كيف تكون التربية الإيمانية؟ إليكم هذا المثال:

 

حث الأهل على الصلاة في الليل بالتي هي أحسن

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل فإذا أوتر قال: (قومي فأوتري يا عائشة) رواه مسلم في صحيحه, فكان يصلي في الليل ويوقظ عائشة يقول: (قومي فأوتري) فلابد أن تتربى الزوجة كما يتربى الزوج على هذه النواحي، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (رحم الله رجلاً قام من الليل، فصلى فأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل، فصلت فأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء) فلابد من الاعتناء بالصلاة، والمحافظة على الوقت والكيفية والخشوع. وكذلك فإن بعض الزوجات إذا رأت زوجها نائماً بعد رجوعه من العمل وحان وقت صلاة العصر، تقول في نفسها مما يوحي إليها الشيطان: اتركيه لينام ويرتاح، فإنه عائد الآن من العمل وهو متعبº فتتركه فتضيع عليه صلاة الجماعة في المسجد، وهذا لا يجوز، فلابد لها من إيقاظهº لأنه أمر بالمعروف، وهذا المعروف واجب وهو الصلاة في المسجد للرجل. وكذلك فإن بعض الرجال قد يذهب لصلاة الفجر في المسجد، فيترك زوجته نائمة، ويجلس في المسجد فلا يعود لإيقاظها، لا هو يوقظها قبل أن يذهب ولا بعد أن يعود قبل خروج الوقت، فيرجع إلى البيت وتكون زوجته نائمة والشمس قد أشرقت. وبعض الناس أيضاً مستعد أن يوقظ ولده مبكراً في موسم الامتحانات، يعتني بإيقاظه للمدرسة ولا يعتني بإيقاظه للصلاة ويقول: مسكين! دعه ينام، وتقول الأم: هذا ولدي أرحمه فأتركه، ويضيع الصلوات. أي رحمة هذه؟ الرحمة الحقيقية أن يؤمروا جميعاً بالصلاة، ومن التربية الإيمانية لأهل البيت الصيام والتواصي به. نصيحة: أن يهتم الرجل بزوجته في العبادات، فمثلاً: يأمرها بالصلاة لأوقاتها، يعلمها كيفية الصلاة، ويتواصى معها في الصيام، ويوصيها بسرعة القضاء، ويتابعها في ذلكº فإن كثيراً من الزوجات يدركهن رمضان الجديد وعليهن أيام من رمضان الماضي، مع أنه لا يجوز تأخير قضاء رمضان الماضي حتى يدخل رمضان الجديد دون عذر، وهذه مسئولية مشتركة مع الزوجº لابد أن يذكر زوجته بالقضاء. وفي شهر رمضان لا يجعل البيت مطبخاً لجميع أنواع الأكل والشراب، لابد من الاقتصاد في الطعام وعدم التبذير، الطبخ الجيد نعمة، لكن لا تبذير ولا إسراف، ونحن قادمون على شهر نسأل الله أن يبلغناه جميعاً، فلنتواصى بهذه المسألة ألا يكون بيتنا في رمضان معرضاً للمطعومات والمشروبات، وإنما يكون خلية ذكر، ومكان عبادة يتجلى فيه أثر هذا الصيام.

 

حث أهل البيت على الزكاة والصدقات

ويتابع أهله بالزكاة من مالها وحليها ويحثها على الصدقة، ويقول لها: (يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار) هذا حديثه - صلى الله عليه وسلم -، وإن لم يكن لها مال فيعطيها من ماله الخاص مصروفاً لها لتتمكن من الصدقة إذا حثها على الصدقة، ولك الأجر أنت أيضاً إذا أعطيتها هذا المال، وهي مأجورة أيضاًº لأنها تملك المال بالهبة وهي تتصدق منه. والعناية بالأذكار وحفظها، والعناية بمواسم العبادات كالعشر الأواخر والحج والعمرة، وأن تحثها على جلسات الخير مع صويحباتها. نصيحة: ومن إصلاح البيت حث أهله جميعاًº كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً على الصدقة، وقد اقترح بعض الأخيار أن يوضع صندوق لجمع الصدقات في البيت خصوصاً إذا كان أهل البيت كثيراً عددهم، ثم يتولى واحد إيصال هذه التبرعات لأهلها، وإيصال هذه الصدقات لمستحقيها.

 

نشر العلم الشرعي في البيت بطرق مختلفة

نصيحة: ولابد من تعليم العلم الشرعي لأهل البيت، والحرص على ذلك ما أمكن، ولذلك قال المفسرون في قوله - تعالى -: قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَاراً [التحريم: 6] قالوا: حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم عنه. وقال علي: علموهم وأدبوهم. وقال الكيا الهراسي الطبري - رحمه الله -: فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير وما لا يستغنى عنه من الأدب. ولأجل ذلك لابد من سلوك الوسائل لهذا التعليم، قال البخاري - رحمه الله -: باب تعليم الرجل أمته وأهله، ثم أتى بحديثه - عليه الصلاة والسلام -: (ثلاثة لهم أجران: فذكر منهم: ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران) قال ابن حجر في شرح الحديث: مطابقة الحديث للترجمة للأمة بالنص، وفي الأهل بالقياس، وإذا كان تعليم الأمة حث عليه الشرع وهي أمة فما بالك بالحرة من أهل بيتك، إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في التعليم من فضائل الله وسنن رسوله آكد من الاعتناء بالإماء، ومن هذا تخصيص يوم لتعليم أهل البيت. نصيحة: قال البخاري - رحمه الله -: باب هل يجعل للنساء يوم على حدة؟ عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: (قالت النساء للنبي- صلى الله عليه وسلم -: غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك. فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن - طبعاً وهن متحجبات أو من وراء حجاب-) وفي رواية لـسهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة (فقال - صلى الله عليه وسلم -: موعدكن بيت فلانة، فأتاهن فحدثهن). فإذاً -أيها الإخوة- لنجعل لأهلينا مواعيد معينة نعلمهن فيها آيات الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأنا أوصيكم بأن تجعلوا في هذه الحلق تفسيراً وحديثاً وفقهاً، وأقترح عليكم ثلاثة كتب تجعلوها مناهجاً لتدريس النساء والأهل في البيت: فأولها: تفسير مبسط سهل، ميسر وشامل، وهو تفسير الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي- رحمة الله عليه- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. وثانياً: كتاب رياض الصالحين لما يشتمل عليه من الأحكام والآداب وأبواب أعمال القلوب المختلفة. وثالثاً: كتاب عظيم صنفه العلامة صديق حسن خان رحمة الله عليه من علماء البلاد الهندية هذا الكتاب اسمه حسن الأسوة بما ثبت عن الله ورسوله في النسوة كتاب عظيم جامع، تنتقي منه أبواباً تقرأ منه على أهل بيتك، أوصيكم بهذا الكتاب فإنه كتاب عظيم في شأن وأمر النسوة. ولابد أن تعلم النساء في البيوت أحكام الطهارة والدماء والصلاة وأحكام الأطعمة والأشربة، سنن الفطرة، من هم المحارم، من الذين تكشف أمامهم، ومن الذين لا تكشف عليهم، وأحكام اللباس والزينةº لأنها تتعرض كثيراً لأحكام الأطعمة والأشربة واللباس والزينة. وكذلك تعلم الأحكام في كثير من المنكرات: حكم الغناء..حكم التصاوير... وهكذا. نصيحة: ومن هذه السبل: تذكير الأهل بالدروس والمحاضرات العامة، ومعارض الكتب التي تخصص فيها أيام للنساء. نصيحة: ومن السبل لتعليم أهل البيت لإصلاح الأوضاع في البيت: جعل مكتبة إسلامية في البيت، وهذه قضية مهمة، ومسألة عظيمة، تخصيص ركن في البيت، في مجلس عام منه، مثل المجلس الذي يجتمع فيه أهل الدار، توضع فيه مكتبة بمظهر جذاب وأنيق، توضع فيها الكتب المناسبة والملائمة لمختلف المستويات، كتب تصلح للكبار، وكتيبات للصغار، وكتب للرجال وأخرى للنساء، وكتب للإهداء، حتى لو زارك ضيف تهديه بعضاً من هذه الكتب، وتفيد الأولاد في المدارس، وفي قراءتهم الخاصة، وتستغل معارض الكتب لإنشاء هذه المكتبات البيتية، أو توضع غرفة قراءة في البيت إن أمكن، وتوضع بعض الكتب في غرفة النومº لأن بعض الناس قد يستغلون أوقاتهم قبل النوم في قراءة بعض الكتب، وكثير من العقلاء ينهي كتباً بأكملها من جراء ما يقرأ يومياً قبل أن ينام ولو ربع ساعة، فيتجمع عنده علم طيب من وراء استغلال الأوقات. ويدرب أولادنا على ترتيب هذه المكتبة وعدم رمي الكتب وإلقائها، والحرص عليها، وتكون هذه الكتب جذابة في طباعة نظيفة حتى تكون النفس مقبلة على قراءتها.. هذه الكتب سبق أن ذكرنا بعضاً مما ينبغي أن يكون موجوداً في مكتبة البيت المسلم، في محاضرة بعنوان \"شكاوي وحلول\". نصيحة: إدخال الأشرطة الإسلامية للبيوت -في كل بيت مسجل ولا شك- وبعض المسجلات بأنواع رهيبة من سعتها وقوة مكبراتها، فبما أنه يوجد في البيت مسجلات فلابد أن يوجد في البيت أشرطة إسلامية، وهذا الفراغ في المسجل إذا ما ملأته بشريط نافع سيملأ من ورائك بشريط خبيث، وهذه الأغاني التي تلعلع في بيوتنا وأصوات الشيطان وألحانه من وسائل إفساد البيوت لابد من إيجاد البدائل الإسلامية لهذه الأشياء، أشرطة القرآن المسجلة بأصوات خاشعة مثل ما يقرأ في صلاة التراويح من أصوات بعض الأئمة، فإن صوت القارئ في الصلاة بالقرآن أخشع من قراءته خارج الصلاة. وأشرطة فتاوى العلماء أيضاً لابد أن يحرص على إيجادها في البيت، مثل فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز - حفظه الله -، وفتاوى الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - حفظه الله -، وفتاوى الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين وغيرهم من العلماء، وبدلاً من أن تدار إبرة الراديو -المذياع- على الإذاعات السيئة التي تلقي إلى أسماع أولادنا وأهلينا بالسموم، فإن المقترح أن تجعل إبرة المذياع مثبتة على إذاعة القرآن الكريم مثلاً حتى يستمع أهل البيت للأشياء النافعة. الحرص على الأشرطة الموثقة التي يهتم المحاضر فيها بتوضيح العقيدة السليمة، وصحة الأحاديث، وعرض المنهج الصحيح والوعظ السليم بالطريقة السليمة، وتبيين الأحكام، والأشرطة التي تعالج الموضوعات الاجتماعية، وقد كثرت والحمد لله، ولكن عليكم بالانتقاء فإنها الآن قد كثرت، وليست كلها تصلح للاستماع أو قل: إن سماع بعضها اشتغال بالمفضول عن الفاضلº ولذلك فاجعل هذه الأشرطة مثار انتباه لأولادك، والأولاد يقبلون على السماع ولا شك، ويحفظون من الأشرطة أشياء عجيبة، طفلك ذاكرته خالية يحفظ أشياء عجيبة، فاحفظ هذه الأشرطة لهم، واجعلها مصونة لا تكسر وتصبح ملعباً للأولاد. وتوضع لربات البيوت في المطبخ -مثلاً- مسجل وأشرطة تستمع لها، أو عند النوم كما يحلو لبعضهم أن يفعل.

 

دعوة الصالحين من الدعاة والعلماء إلى البيت

نصيحة: احرص على دعوة الصالحين للبيتº من طلبة العلم والأخيار والدعاة إلى الله - عز وجل - الذين تعمر بهم المجالس، وتثار بحضرتهم النقاشات المفيدة والنافعة، إذ أن بحضورهم يجلس الأولاد والكبار، بل إن بعض الآباء إذا دعا ولده شيخاً أو طالب علم أو خيراً من الأخيار أو داعية جلس الأب، وصارت فرصة للأب أن يجلس مع هذا الرجل، ويأخذ عنه أموراً كان غافلاً عنها أو جاهلاً بها، ويستمع النساء من وراء الحجاب لما يقوله هذا الشخص في المجلس، وإن لم يمكن فإن على هذا المسئول عن البيت أن يلخص لأهله ما قاله هذا الرجل الخير في مجلسهم بعد ذهابه، ويقول لهم: إن فلاناً عندنا فهل لديكم أسئلة تريدون معرفة إجابتها؟ إن دعوة الأخيار إلى البيوت زيادة على ما فيها من الفائدةº فإن فيها إشغالاً للمجالس عن أهل السوء، قال نوح - عليه السلام -: {رَبِّ اغفِر لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيتِيَ مُؤمِناً وَلِلمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ} [نوح: 28].

 

تجنيب البيت دخول أهل السوء

نصيحة: إياك وإدخال أهل السوء إلى البيت، لا يجوز إدخال الفسقة الفجرة الذين ينقلون السموم سواءً كانوا رجالاً أو نساءً إلى البيت، ولا يجوز للمرأة أن تدخل إلى بيت زوجها من لا يرضى زوجها أن يدخل. كثير من البيوت تحطمت بسبب دخول عناصر مفسدة إلى البيت، كثير من العلاقات الزوجية شابتها ظلمات من النكد والمشكلات بسبب دخول بعض الجارات من صاحبات النميمة والغيبة إلى البيوت، وكثير من الرجال أهملوا بيوتهم، وفسقوا وعصوا ربهم، وضيعت عوائل بسبب جلساء السوء الذين يدخلون إلى المجلس وتشرب فيه المنكرات، ويلعب فيه باللعب المحرمة التي أقل ما يقال فيها أنها تضيع الأوقات. وبعض البيوت حصلت فيها سرقات، وبعضها حصل فيها وضع للسحر الذي يفرق به بين المرء وزوجه، من دخول هذه العناصر المشبوهة إلى البيت، ولو كان أقرب قريب، إياكَ وصديق السوء، إياكِ وجارة السوء. بعض الناس يسكتون تحت الإحراج فيسمحون لمن هب ودب بالدخول، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحذر النساء يوم خطبة عرفة: (يا أيها الناس أي يوم أحرم؟ أي يوم أحرم؟ أي يوم أحرم؟ قالوا: يوم الحج الأكبر. قال -من خطبته فيهم-: فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وإن حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن). وقال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد و البخاري: (أخرجوا المخنثين من بيوتكم) وهذا المخنث الذي ليس برجل ولا امرأة يحدث فيه تساهل من الدخول على النساء، ويصف النساء اللاتي في البيوت للرجال الأجانب، ولذلك هين المخنث الذي كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قال لرسول الله-  صلى الله عليه وسلم -: إذا فتح الله عليك الطائف فإن عليك بابنة فلانº فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان -يعني عكن البطن- هذا بعده مباشرة - عليه الصلاة والسلام - أخرجه من بيته، ومنعه من دخول بيته، لأن معنى ذلك:أنه كما وصف بنات الناس سيصف نساءه يوماً من الأيامº فلذلك لا يدخل هؤلاء في البيوت.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply