معالم الآخرة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تمر بالمسلم فترات إيمانية ونفحات ربانية حال صلاة أو عقيب مناجاة في سجود أو خلوة..وكثيراً ما تهب رياح الهوى وملهيات الدنيا فتزيل سحابة الطمأنينة وفيء السعادة..وملهيات الحياة وصوارفها تراوح المؤمن في كل حين، لكنه يجاهدها خاصة في أوقات العبادة المفروضة ولحظات التعبد المندوبة.. ومع هذا الجهاد والمصابرة فهي تفارقه سريعاً.. وتحتاج منه ربطها إليه بوثاق من الدعاء والانكسار والذلة والمسكنة لله - عز وجل - حتى تكون قرينته في كل حين.. وما حل الإيمان بقلب إلا ذاق لذته ونعيمه، وقدمه وفضله على لذات الدنيا ونعيمها الزائل كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة..

وفي رصد سريع ومتابعة لواقع عجيب أصبح فيه أمة من قوم فرعون ضلالاً فجرة، وسحرة كفرة، ثم أمسوا بعد أن رأوا الإيمان وصدقوا به مؤمنين صابرين.. قدموا في مقابلة كل شئ.. فهاهم في ذاك الصباح قد أتوا إلى فرعون راغبين في المال والجاه والقرب من السلطان (قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجراً إِن كُنَّا نَحنُ الغَالِبِينَ)الأعراف: من الآية113. وما أن انتهى النهار وغربت شمسه إلا وهم أشد أعداء فرعون وألد خصماؤه بعد أن عمر الإيمان قلوبهم.. وتعدى بهم الحال إلى تحدي فرعون ومظاهرته وقالوا بلسان المؤمن الواثق بإيمانه القوي بربه (فَاقضِ مَا أَنتَ قَاضٍ, إِنَّمَا تَقضِي هَذِهِ الحَيَاةَ الدٌّنيَا)طـه: من الآية72. علموا يقيناً أنه لا يملك إلا جزء من هذه الدنيا الزائلة وهي أيام معدودة فحسب ثم النعيم المقيم في جنات الخلود: (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكرَهتَنَا عَلَيهِ مِنَ السِّحرِ)طـه: من الآية73.

هذه الإشراقات الإيمانية هبت عليهم فوقر الإيمان في قلوبهم ونزل التصديق على ألسنتهم وتركوا الدنيا والأموال، والقرب من الملك وعلو الجاه ومنزلة السلطان، بل وقالوا في احتقار لجميع الأمر.. (فَاقضِ مَا أَنتَ قَاضٍ,) فحرق إن شئت أو عذب إن أردت.. فلن تثنينا عن إيماننا.. لقد تبدت لنا معالم الآخرة والله خير وأبقى!

  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply