أعظم المصائب


 
 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن أعظم المصائب وأعظم الابتلاءات، أن يبتلى الإنسان في دينه، إذا أصيب الإنسان في دينه بانحراف أو شبهة أو شهوة نسأل الله السلامة فذلك أعظم المصائب التي تحصل للإنسان في هذه الدنيا، إنها خسارة الدنيا، وخسارة الآخرة.

قال القاضي شريح - رحمه الله تعالى - إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله - تعالى - عليها، أربع مرات: إذا لم تكن أعظم مما هي، وإذا رزقني الصبر عليها، وإذا وفقني للاسترجاع لما أرجوه فيه من الثواب، وإذا لم يجعلها في ديني. أهـ.

 

إذن هو يحمد الله إذا أصيب بمصيبة من أجل هذه الأمور الأربعة، إذ أنها صغيرة إذا قيست بما هو أعظم منها وأن الله وفقه للصبر، وهذه نعمة تقتضي الشكر، وأن الله وفقه للاسترجاع، لأن الاسترجاع فيه هذا الثواب ((أُولَئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ)) (البقرة: 157).

 

والرابع أن الله لم يجعلها في الدين، فإن المصيبة بالدين أعظم المصائب، فإن صاحب المصيبة في الدين يخسر ديناه ويخسر آخرته، ولو قرض الإنسان بمقارض الحديد، ولو نشر بالمناشير من مفرق رأسه إلى أخمص قدميه، فلقي الله وهو مؤمن لكان خيراً له من أن يعيش عمر نوح - عليه السلام - ثم يلقي الله وهو كافر.

 

ومن المصائب في الدين:

* المصيبة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، انقطاع الوحي وارتدت العرب وبدأ النقص بعد الكمال.

* ومن المصائب في الدين فقدان نور النبوة وميراثها، وهو العلم، حينما يفقد العلماء، وحينما تخلو الأرض من أهل العلم، إما أن لا ينشروا ما عندهم من العلم لسبب من الأسباب، وإما أن يموتوا، وإما أن يفروا بدينهم من رجف البلدان إلى بلدان أخرى، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يُبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)) [1].

وتلك من أعظم المصائب على البلدان، أن يفقد أهل العلم، وأن يضعف فيها نور النبوة.

 

----------------------------------------

[1] أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام فالكتاب والسنة / باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس 8/148، ومسلم في كتاب العلم / باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن (2673) (13، 14).

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply