غذاء الروح


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن أقوى وسيلة لتغذية الروح وشحن \"بطارية\" القلب: قيام الليل، الذي أكثر القرآن من الحث عليه، والترغيب فيه، ومدح أصحابه حتى كأنه ملحق بالفرائض وتابع لها، ولذلك سُمِّي نافلة...وهكذا كان أئمة المسلمين وقادتهم، وزعماء الإصلاح والتجديد، ورجال التعليم والتربية، ومن نفع الله المسلمين بنفوسهم وأنفاسهم، وكتب لمآثرهم وآثارهم الانتشار الواسع والبقاء الطويل، والقبول العظيم والذكر الجميل، من أصحاب العبادة والسهر في الليالي، والقيام في الأسحار، وأصحاب الصلة الروحية بالله - تعالى -.

وقد أكمل الله لنبيه شرح الصدر، إذ لا يتأتى عمل جليل في الدنيا بدون انشراح الصدر، والإيمان الراسخ، والاعتقاد الجازم، واليقين الكامل، وقوة القلب، والثقة بالمبدأ، وما عمل في الدنيا متشكك ومرتاب شيئاً، بل المتشككون أكسل الناس وأقعدهم وأبخسهم، ليس لهم هم في الحياة ولا سرور، ولذا تراهم يقتلون أنفسهم وينتحرون ويعيشون إن عاشوا مهمومين متضايقين متضجرين، فشرح صدره أولاً للنبوة والرسالة، وأخرج حظ الشيطان منه، ثم أكمل له الأسباب التي يحصل بها انشراح الصدر واتساع القلب، ورباطة الجأش وطمأنينة النفس وهدوء البال وقرة العين وحياة الروح.

تأمل في سورة الفاتحة، التي هي الدرة الفريدة في المعجزات السماوية، وقطعة رائعة من القطع القرآنية البيانية، لو اجتمع أذكياء العالم وأدباء الأمم، وعلماء النفس، وقادة الإصلاح وزعماء الروحانية، على أن يضعوا صيغة يتفق عليها أفراد البشر على اختلاف طبقاتهم، وعلى تنوع حاجاتهم، وعلى تشتت خواطرهم يتقدمون بها أمام ربهم، ويتعبدون بها في صلواتهم، تُعبر عن ضمائرهم ومشاعرهم وتفي بحاجاتهم وأغراضهم، لما جاؤوا بأحسن منها: \"قل لئن اجتمعت الإنس والجن على\" أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا \" (88) (الإسراء).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply