الفرح في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية ( 2- 5 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

فرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

1- فرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسلام عكرمة بن أبي جهل:

عن مالك عن بن شهاب: أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل - الشريف الرئيس الشهيد، أبو عثمان القرشي المخزومي المكي، نزل عكرمة يوم اليرموك فقاتل قتالاً شديداً ثم استشهد فوجدوا به بضعاً و سبعين من طعنة و رمية و ضربة - فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام، حتى قدم اليمن، فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثب إليه فرحا وما عليه رداء حتى بايعه فثبتا على نكاحهما ذلك قال مالك وإذا أسلم الرجل قبل امرأته وقعت الفرقة بينهما إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم لأن الله - تبارك و تعالى - يقول في كتابه: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الموطأ، كتاب: كتاب النكاح، باب: باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله، رقم الحديث: 1134، (2/545)].

 

2- فرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسلام عدي بن حاتم - ابن عبد الله، الأمير الشريف أبو وهب و أبو طريف الطائي، صاحب النبي ولدُ حاتم طيٍّ, الذي يضرب بجوده المثل: سبر أعلام النبلاء، (1/357) -:

عن عدي بن حاتم قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد فقال القوم هذا عدي بن حاتم وجئت بغير أمان ولا كتاب، فلما دفعت إليه أخذ بيدي وقد كان قال قبل ذلك إني لأرجو أن يجعل الله يده في يدي، قال فقام فلقيته امرأة وصبي معها فقالا: إن لنا إليك حاجة فقام معهما حتى قضى حاجتهما، ثم أخذ بيدي حتى أتى بي داره فألقت له الوليدة وسادة، فجلس عليها وجلست بين يديه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما يفرك أن تقول لا إله إلا الله، فهل تعلم من إله سوى الله؟ قال: قلت: لا! قال: ثم تكلم ساعة، ثم قال: إنما تفر أن تقول الله أكبر، وتعلم أن شيئا أكبر من الله! قال: قلت: لا! قال: فإن اليهود مغضوب عليهم، وإن النصارى ضلال، قال قلت: فإني جئت مسلما، قال: فرأيت وجهه تبسط فرحاً، قال: ثم أمر بي فأنزلت عند رجل من الأنصار جعلت أغشاه آتيه طرفي النهار، قال فبينا أنا عنده عشية إذ جاءه قوم في ثياب من الصوف من هذه النمار، قال فصلى وقام فحث عليهم، ثم قال: ولو صاع، ولو بنصف صاع، ولو بقبضة ولو ببعض قبضة يقي أحدكم وجهه حر جهنم أو النار ولو بتمرة ولو بشق تمرةº فإن أحدكم لاقي الله وقائل له ما أقول لكم: ألم أجعل لك سمعاً وبصراً؟ فيقول: بلى! فيقول: ألم أجعل لك مالاً وولداً، فيقول: بلى! فيقول: أين ما قدمت لنفسك؟ فينظر قدامه وبعده وعن يمينه وعن شماله، ثم لا يجد شيئا يقي به وجهه حر جهنم! ليق أحدكم وجهه النار ولو بشق تمرةº فإن لم يجد فبكلمة طيبةº فإني لا أخاف عليكم الفاقةº فإن الله ناصركم ومعطيكم حتى تسير الظعينة فيما بين يثرب والحيرة أكثر ما تخاف على مطيتها السرق، قال فجعلت أقول في نفسي فأين لصوص طيء\" [سنن الترمذي، كتاب: كتاب تفسير القرآن عن رسول الله، باب: باب ومن سورة فاتحة، رقم الحديث: 2953، (5/203)].

 

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب وروى شعبة عن سماك بن حرب عن عباد بن حبيش عن عدي بن حاتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديث بطوله.

 

من مناقب عدي بن حاتم:

1- جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: أما تعرفني؟ قال: أعرفُك أقمت - أي ثبت على الإسلام و لم ترتد. و قدم على أبي بكر في وقت الردة بصدقة قومه - إذ كفروا، و وفيت إذ غدروا، و أقبلت إذ أدبروا.

 

2- عن عدي قال: ما دخل وقتُ صلاةٍ, حتى أشتاق إليها.

 

3- و عنه: ما أُقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا و أنا على وضوء.

 

3- فرح الأنبياء و الصالحين:

 

عن أبي سعيد الخدري قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك فوضعت يدي عليه، فوجدت حرة بين يدي فوق اللحاف، فقلت: يا رسول الله ما أشدها عليك، قال: إنا كذلك، يضعف لنا البلاء ويضعف لنا الأجر، قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، قلت يا رسول الله ثم من؟ قال: ثم الصالحون إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يحويها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء [سنن ابن ماجه، كتاب: كتاب الفتن، باب: باب الصبر على البلاء، رقم الحديث: 4024، (2/1334)].

 

4- فرح رسول الله بأمن المدينة من شر الدجال اللعين:

عن فاطمة بنت قيس قالت: قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وصعد المنبر، وكان لا يصعد عليه قبل ذلك إلا يوم الجمعة، فاشتد ذلك على الناس فمن بين قائم وجالس، فأشار إليهم بيده أن اقعدواº فإني والله ما قمت مقامي هذا لأمر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن تميما الداري - صاحب رسول الله، أبو رقية، تميم بن أوس بن خارجة اللخمي الفلسطيني، وفد على النبي سنة تسع، فأسلم (سير أعلام النبلاء، (1/288) - أتاني فأخبرني خبراً منعني القيلولة من الفرح، وقرة العين، فأحببت أن أنشر عليكم فرح نبيكم، إلا إن بن عم لتميم الداري أخبرني أن الريح ألجأتهم إلى جزيرة لا يعرفونها، فقعدوا في قوارب السفينة فخرجوا فيها، فإذا هم بشيء أهذب أسود، قالوا له: ما أنت؟ قال: أنا الجساسة - هي الدابة و سميت بهذا الاسم لأنها تجسّ الأخبار للدجال - قالوا: أخبرينا! قالت: ما أنا بمخبرتكم شيئاً، ولا سائلتكم، ولكن هذا الدير قد رمقتموه فأتوهº فإن فيه رجلاً بالأشواق إلى أن تخبروه ويخبركم!

 

فأتوه فدخلوا عليه فإذا هم بشيخ موثق - الدجال اللعين - شديد الوثاق، يظهر الحزن شديد التشكي، فقال لهم: من أين؟ قالوا: من الشام، قال: ما فعلت العرب؟ قالوا: نحن قوم من العرب عم تسأل؟ قال: ما فعل هذا الرجل الذي خرج فيكم؟ قالوا: خيرا نأوى قوماً فأظهره الله عليهم، فأمرهم اليوم جميع إلههم واحد، ودينهم واحد، قال: ما فعلت عين زغر؟ قالوا: خيراً يسقون منها زروعهم، ويستقون منها لسقيهم، قال: فما فعل نخل بين عمان وبيسان؟ قالوا: يطعم ثمره كل عام، قال فما فعلت بحيرة الطبرية؟ قالوا تدفق جنباتها من كثرة الماء، قال فزفر ثلاث زفرات، ثم قال: لو انفلت من وثاقي هذا لم أدع أرضاً إلا وطئتها برجلي هاتين إلا طيبة ليس لي عليها سبيل، قال: النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا ينتهي فرحي هذه طيبة، والذي نفسي بيده ما فيها طريق ضيق ولا واسع ولا سهل ولا جبل إلا وعليه ملك شاهر سيفه إلى يوم القيامة [سنن ابن ماجه، كتاب: كتاب الفتن، باب: باب فتنة الدجال وخروج عيسى بن مريم وخروج ـ، رقم الحديث: 4074، (2/1354)].

 

قال السندي: \" سيعلم أن فرحه كان بسبب أمن المدينة من شر اللعين\".

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم بارك لأهل المدينة) الحديث.وفيه: (إلا أن الملائكة مشتبكة بالملائكة على كل نقب من أنقابها ملكان يحرسانها لا يدخلها الطاعون ولا الدجال) قال ابن العربي:يجمع بين هذا وبين قوله على كل نقب ملكا، إن سيف أحدهما مسلول والآخر بخلافه\" .

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply