وداعاً يا أبي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ثامر بن سلطان السبيعي اسم نُقش في قلبي منذ الصغر، فمنذ أن وعى قلبي الحياة وأبي يمثل لي مجموعة من القيم الرائعة المستقاه من منهج الإسلام العظيم والتي تمثل امتداداً للعادات والتقاليد العربية الأصيلة.

مازالت وصاياه ترن في أُذني حتى الساعة أشربتها منذ سن السابعة إلى يومنا هذا....فما أجمل هذه الوصايا وما أروعها:

الصلاة الصلاة..

المراجل، الشهامة

راقبوا الله فهو يراكم... \" يا ويل من عصى الله هو يشوفه \"

 

كنا نستيقظ على نغمات صوته الرخيم يتلو القرآن ويراجع حفظه من سورة النحل والإسراء والكهف ومريم، كان ذلك بعد صلاة الفجر وكان قبل ذلك قد استيقظ قبل الآذان يصلي ما كتب الله له ثم يخرج في ساحة المزرعة التي كان يسكنها يدوي بصوته المشفق الحنون:

الصلاة الصلاة، حتى حفظها الأطفال وبدأوا يرددونها بين الفينة والأخرى.

 

أكرمني الله بصحبته في سنواته الأخيرة، فما أحلى الساعات التي قضيناها من حوله. نفرح لفرحه ونحزن لحزنه، ونرى ما تقر به عيناه من بشائر الخير... وكرم الرحمن الرحيم.

 

حين أصيب بجلطة أنعقد لسانه إلا عن القرآن وذكر الله فكان إذا أراد شيئاً قال: سبحان الله العظيم لا إله إلا الله.

 

كنت معه ليلة وفاته في المستشفى.. حينها كان مدبراً عن الدنيا مقبلاً عن الآخرة، تلك الليلة لم يستطع أن يطلب من ولد شيئاً وقد كان قبل ذلك تكفينا منه الإشارة.

شعرت براحة وسكينة وأنا بجانبه حتى لو كان في ساعاته الأخيرة.

 

تأملنا ذلك الجسد الممتد على السرير، إنه لا يستطيع الحراك ولا حتى طلب المساعدة.. فياليت شعري ليتني اعرف ماذا يريد حتى استجيب له كما كنت أعمل فيما مضى وأرد شيئاً يسيراً من حق هذا الأب الحنون. شعرت أني بحاجة إلى حنانه واهتمامه حتى لو كان فاقداً للوعي... فنعمة الأبوة لا تضاهيها نعمة في الحياة (اللهم أجمعنا به في جنات النعيم)

 

أنشرح صدري وأنا أرى الأخيار والطيبين يصلون عليه بعد موته ويشيعون جنازته.. اسأل الله أن لا يحرمهم الأجر والمثوبة..

لقد كان أبي - رحمه الله - شاعراً وراوية حوى بين جنبيه مواقف وقصص وتاريخ طويل..

وكان من أبياته:

 

وقت مضى له حال واليوم له حال = ولكن بعد دنياه عيت تجيله

لو كان والله عندك تجارة هلال (1) = يالموت لمن جاك ما عنه حيله

أخير ما تفعل حسينات الأعمال = أجهد بها إن كان تبغي الفضيلة

 

وأخيراً (رغم أنف من أدرك أبويه ولم يدخلاه الجنة).

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply