ورطة الانترنت !!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

مستشاري الكريم...

أنا متفوق دراسياً بحمد الله - تعالى - وقد استطعت إنشاء مواقع حوارية على الانترنت فكانت سبباً في التعرف على العديد من الناس بما فيهم الجنس الآخر.

بداية أنا لست مقتنعاً البتة بالزواج عن طريق الانترنت وحتى إقامة علاقات عاطفية.. ولازلت أناصح الكثير من الزملاء حول هذه القضية فأنا مؤمن أن الزواج هو غاية أسمى بكثير من علاقة تنبني عل الهاتف أو الانترنت. ولذلك فلم أدخل بحمد الله مع أي نوع في علاقات من هذا القبيل.

المشكلة أن إحدى الفتيات تعلقت فيّ وأعجبت بشخصيتي وأخبرتها بموقفي من الزواج ولكنها رفضت ذلك واستمرت بالاتصال وطلبت أن أكون كالأخ لها على الأقل إن لم يكن هنالك زواج.

أخبرت والدتي بالموضوع لاستشارتها حول هذه القضية فهي إنسان متعلمة وبيننا تفاهم كبير فكان موقفها التقبل وأخبرتني أنها ستوافق إذا كنت أنا مقتنعاً بهذا الأمر.

المشكلة أنني لا أعلم كيف أتصرف الآن ففكرة الزواج ليست واردة لدي الآن حتى أكمل دراستي الجامعية ولا أعلم كيف أتصرف مع هذه الفتاة.

أما تلك المواقع فقد توقفت عنها ليقيني بأن الفائدة المرجوة منها ليست كما كنت آمل.

 

أرشدوني جزاكم الله خيراً

 

 

الجواب:

أخي الكريم....

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لقد قرأت رسالتك بتمعن ونحن يردنا الكثير كل يوم من مثل هذه المشكلة، فالانترنت فتح باباً واسعاً وكبيراً لمثل هذه الآمال والآلام في نفس الوقت وإن كانت الفتيات لهن النصيب الأكبر من الآلام والعذاب العشقي وذلك بحكم رقتهن وعاطفتهن وبحثهن عن الرجل الذي يملئ عليهن مشاعر الحب والحنان.

أنا لن أتكلم معك في حالك وسلوكياتك ورجولتك وآثار العلاقات مع الجنس الآخر فهذا الموضوع قد أشبع طرحاً وأنت في مثل هذا السن وهذه الرجاحة في العقل والحكمة الغالبة على تصرفاتك لا تخفاك جوانب مثل هذه العلاقات سواء الإيجابية أو السلبية.

أخي الكريم...

أنا في الحقيقة سأبدأ معك من النهاية وسأكون واضحاً قدر الاستطاعة وفي غاية المباشرة والبعيدة عن التلميح أو التعريض فأنت فوق ذلك.

لنتصور بداية أنك قررت الاقتران بها أو على الأقل لم يكن لديك المانع في ذلك.. هل ترى أنت أو تظن أن الصوت أو الكتابة فقط كافيين لأخذ صورة شاملة عن شريكة الحياة؟ ماذا لو كانت قبيحة المنظر؟ أو على الأقل متواضعة الجمال؟ أو فيها من العيوب الخلقية ما يجعلك تنصرف عنها ولا تريدها؟ فقط أريد أن أسألك سؤالاً واحداً هنا؟ وهو ماذا سيكون موقفك منها؟ هل ستضحي بمشاعرك من أجلها فيكون الزواج هنا فقط للمجاملة ومراعاة لمشاعر تلك المرأة؟ أم أنك سوف تعرض عنها وتتركها في عذابها وحطام آمالها فيك مما سيؤثر على حياتها المستقبلية بكل تأكيد.

هذه قضية هي في نظري في غاية الخطورة ولا بد من الوقوف معها بكل وضوح لأن في ذلك مصلحة لك ولها.

المشكلة بحق هي أن وسيلة التعارف هي فقط اللسان أو الكتابة بواسطة الانترنت وهنا تكمن المخاطرة كما ذكرت. الزواج يا أخي حياة أبدية وسنين طويلة تعاشر فيها زوجتك كل يوم وكل ساعة تأكلان معاً وتنامان معاً وتقيمان معاً وتسافران معاً... هي روحك وأنفاسك فلا تتهاون بهذه القضية أبداً. إنها مسألة حياة ومسألة عمر وسنين طويلة.

هذه الفتاة غارقة في غرامك وهذا شيء طبيعي جداً بل يوجد الكثير مثل ذلك لدى العديد من الفتيات وبالفعل هي تسعد وتطير فرحاً بمجرد سماع صوتك ولذلك فإن قولها وطلبها بأن تصبح كالأخ لها ليس له معنى إلا المحاولة للحفاظ على هذا الأنس الذي تشعر هي فيه من خلالك.

الفتاة تذوب وتنهار قواها عند سماعها كلمات من شاب أجنبي عنها وأملّت فيه مشاعرها.. ولذلك فإنها وبمجرد اتصالها بك تبدأ طيور الرومانسية تحلق في عقليتها وبيانات الخيال العاطفي تعلو شاهقاً بين جوانحها خاصة وهي رأت فيك صدقاً في المعاملة وبعداً عن الخنا والمغامرات المحرمة.

إذاً سوف تسأل ما الحل؟ والجواب عدة أمور: -

أولاً: - محاولة معرفة نيتك أنت الصادقة وتوجهك نحوها هل الرغبة في الزواج منها من حيث المبدأ أم لا؟

ثانياً: - ينبني على السؤال السابق إن كانت الإجابة بالإيجاب هو أن تحاول قدر الاستطاعة التعرف عليها خلقياً وخلقياً من خلال والدتك أولا.. وهي كما هو واضح من سؤالك امرأة في غاية العقل ما شاء الله تبارك الله... وأنا في الحقيقة لم أستغرب تصرفاتك وهذه هي صفاتها - حفظها الله - لك.

أقول يجب عليك التعرف على هذه الفتاة وأنها فعلاً الفتاة المناسبة لك وخلال هذه الفترة لا بد أن تقطع جميع اتصالاتك بها بحيث لو لم تجد فيها الصفات المناسبة لزوجة المستقبل يسهل عليك الإعراض عنها.

ثالثاً: - من ناحيتها هي فإن غرامك قد أنشب أظفاره في عروق قلبها ولذلك فلن تتنازل عنك بسهولة مطلقاً وهذا ليس لسوءٍ, فيها.. كلا.. بل للعذاب الذي تجده هي في قلبها تجاهك، ولذلك فإن كانت الإجابة على السؤال السابق بالنفي وأنك لا ترغب الارتباط بها أو أنك بدا لك من خلال السؤال عنها أنها لا تصلح لك أو على الأقل أنها ليست الفتاة التي كنت تأمل الاقتران بها فإنه لا بد هنا من وضع حدٍ, لهذه العلاقة بالتوضيح لها أولاًَ أنك غير راغب بالارتباط بها ثم أيضاً أنك سوف تقترن بفتاة أخرى ولذا يجب عليك إخبارها بأن تقطع العلاقة معها لمصلحتها هي أولاً وهذه هي الحقيقة التي يجب أن تعيها.... لأنها لن تفكر بأي شاب يتقدم إليها ما دام أن علاقتها فيك قائمة لذا ستكون وفياً لها ومحباً لها الخير إذا قطعت مثل هذه العلاقة رأفة بها ورحمة بعواطفها وإعانة منك لها على نفسها.

أنا أذكر لك هذا الكلام ليقيني أن في مثل هذه المسائل يكون جانب الحيطة والاحتراس وتغليب الجوانب الأسوء هو الأفضل وهو مقدم على غيره.. لأن ذلك كما ذكرت بداية لحياة وعمر طويل، و إلا فإنه ليس كل حالة مشابهة محكوم عليها بالفشل من أو الطريق بل هناك زيجات قامت وأسر وبيوت بنيت بمثل هذه الطريقة وكان النجاح حليفاً لها.. لكن ذلك مع الأسف قليل جداً، بل هو أقل من النادر.

والإنسان الحكيم من لا يجعل العواطف تتحكم في مصيره وحياته بل العقل والحكمة يجب أن يسودا في مثل هذه المواقف ويجب أن تكون لهما الكلمة الأخيرة والقرار النهائي..

أخيراً... الإنسان يسعى ويبذل الأسباب وما يكون له إلا ما قد كتبه الله له فكن قريباً من الله داعياً له وملحاً عليه بأن يوفقك للزوجة الصالحة الطيبة التي تسعدك وتملأ عليك حياتك بالحب والأنس والمودة فهو - سبحانه - قريب ممن دعاه.

أعانك الله وسدد خطاك،،،،

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply