مضى القطار ولم أتزوج بعد


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

السؤال:

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

لا أعرف من أين ابدأ ولا أعرف أن كنتم تعتبرون هذه مشكلة ولكنها تسبب لي القلق.

ككل فتاة يداعبها الحلم منذ الصغر بأن تكون زوجة وأما هكذا كنت منذ صغري ومازلت. إلا أن هذا لم يتحقق وقد بلغت من العمر ستاً وثلاثين سنة. أكملت الثانوية وعندي إحساس بأن بعدها سيأتون الخطاب إلا أن هذا لم يحصل فأكملت دراستي الجامعية وتخرجت ولم يتقدم لي أحد وبعدها حصلت على وظيفة وأنا أنتظر ابن الحلال. علماً بأني ولله الحمد أتمتع بقدر من الجمال والعلم والأخلاق حيث أنني تربيت في بيت محافظ على الدين والتقاليد الحميدة ولم أعرف الطيش ثم قررت إكمال دراستي فحصلت على درجة الماجستير وحصلت على وظيفة في الجامعة. إلا أنني لم أنسى أني أنثى وأشتاق إلى أن أكون مطلوبة وأكون زوجة وأما صالحة. المرة التي تقدم شخص لخطبتي كان من قبل امرأة جاءت إلى بيتنا لتطلب يدي إلى شخص من خارج البلاد لا أعرف عنه شيئاً إلا أنه متزوج ولديه أطفال. وطبعاً بدون تفكير رفضت. لا أعرف لماذا.

وفي هذا العام جاءني الشخص الذي طالما حلمت به وهو من أقربائي وقد كنت أكنّ له شعوراً خاصاً منذ صغري إلا أنني شديدة الاعتزاز بكرامتي ولم أفصح عن هذا الشعور. واتضح أنه كان يبادلني نفس الشعور ولكن ظروفه العائلية حالت دون أن يصارحني فتزوج من أخرى ليرضي والدته. والآن بعد خمسة عشر سنة جاء يطلب يدي وبالرغم من أنه متزوج قبلت لأسباب عديدة منها أنني سمعت الشيوخ والمفتين ينكرون على التي ترفض بأن تكون زوجة ثانية. كما أنني في سن لا يسمح لي بالحلم بفتى أحلام. وأخيراً وهو الأهم أنه الشخص الذي طالما حلمت به. واتفق معي بأن يخبر الأهل بعد أن ينتهي من بناء المنزل المقرر لي. إلا أنني أصررت بأن أخبر أخته فوافق فأخبرتها برغبة أخيها فثارت وقالت عنه أشياء أخافتني منه وقالت إنني سأكون سبب خراب عائلته وإن أهلها سيظنون بأنها سبب زواجي منه لأنها زوجة أخي. ويعلم الله أنني لم تكن نيتي خراب عائلته. وبدون تردد أخبرته بأن ينسى فكرة الزواج بي. لكنني ندمت بعدها وما زلت نادمة لأنني لم أستطيع إبعاده عن تفكيري وكرامتي وحيائي لا يسمحون لي بالرجوع إليه وإخباره بأنني نادمة خاصة وأنه تقبل رفضي وزعل مني ومن أخته. إلى حد الآن وأنا في حيرة وعذاب وما زلت أفكر فيه فكرت في إكمال دراسة الدكتوراه إلا أنني لا أستطيع السفر بدون محرم. بلدي لا يوجد فيها هذه الدرجة أعرف إن هذا امتحان من الله -سبحانه وتعالى- لكن دائماً أسأل نفسي لماذا لم يرزقني ربي بابن الحلال لأرتاح نفسياً وماذا أستطيع أن أعمل حيال هذا الشخص الذي لا يفارق تفكيري للحظة بالرغم من أنني دائما مشغولة ولا يوجد لدى وقت فراغ. إلا أنني لا أشعر بطعم لحياتي هذه مشكلتي باختصار أرجو منكم النصح وجزاكم الله خيرا؟.

 

الجواب:

الأخت الكريمة..

أولا: يجب أن تدركي جيداً أن هذا إنما هو كما قلت أنت امتحان وابتلاء من الله -سبحانه- ربما لحكمة عظيمة ومنفعة كبيرة لك ستجدين نتاجها بعد حين.

والابتلاء والامتحان ليس شيئاً هيناً أو سهلاً كلا بل هو في بعض الأحيان عذاب متواصل ربما جسدي أو نفسي وإيمانك بأن ما تعانين منه ربما يكون ابتلاء من الله شيء طيب لأن في هذا الاعتقاد الدافع القوي لأمرين اثنين نحن جميعا مأمورون بعملهما وهما أولاً الصبر فكلما تذكر الإنسان أن ما به إنما هو امتحان من الله دفعه هذا الشعور إلى الصبر وعدم التسخط وانتظار الفرج من المولى -سبحانه-.والأمر الآخر هو الالتجاء إليه -سبحانه- بالدعاء والإلحاح عليه بصدق وإخلاص النية في ذلك.. وهذا حقيقة هو ديدن الأنبياء -عليهم السلام- جميعهم فهم أكثر الناس بلاءً وأكثرهم صبراً وأكثرهم لجوءاً ودعاءً إلى الله بفك هذا البلاء وسؤال الفرج منه -عز وجل-. فوصيتي لك هو عدم إغفال هذين الأمرين الهامين فهما سلاحك الوقاد وهما مفتاح الفرج بإذن الله - تعالى -.

ثانياً: جميل منك قناعتك وقبولك برجل حتى ولو كان متزوجاً فهذا شيء جيد، وقد أخطأت حينما أصررت على إخبار أخت هذا الخطيب الذي تقدم لخطبتك خصوصاً أنه لم يكن موافقاً على مثل هذا العمل لولا إصرارك فما كانت النتيجة إلا فشل هذا المشروع.. والسبب في ذلك في ظني إننا في مثل مجتمعاتنا التي يوجد فيها التعدد بنسبة ليست قليلة وحينما يقدم الرجل على التعدد والتفكير فيه فإنه يريده في بداية الأمر أن يسير بهدوء وأن يتم بشكل هادي جداً إذا ما أراد النجاح لمشروع زواجه.. وما عملته أنت إنما كان تفجيراً للوضع وتأليباً للزوجة الأولى وللأولاد وهذا ما جعله يهرب منك من مشروع زواجه بك.

على كل حال ثقي أنه إن كان صادقاً في مبتغاه فسيعود إليك ويطلبك مرة أخرى أو يرزقك الله خيراً منه فلربما كان هذا الفشل في إتمام عملية الزواج إنما لخيرٍ, أراده الله لك فالغيب عنده –سبحانه-.

الأمر الآخر.. وهو طلب خاص مني إليك أن تخفّفي من حدة الكبرياء والعزة والأنفة عندك.. هي جميعها أمور حسنة أن توجد لدى الفتاة ولكن زيادة الجرعة منها قد تقلبها إلى سلبية تجلب لصاحبها النكد والخسران، إذ ما المانع لك من اتصالك بهذا الرجل مرة أخرى اتصالاً غير مباشر عن طريق وسيط مثلاً أو رسالة أو اتصالاً مملوءاً بالأدب والحشمة والعفاف، تبدين فيه مشاعرك نحوه.

ومن جهة أخرى.. لا أدري هل أنت خالية من الأب والأخوة والأقارب الرجال الذين يذكرونك لمن هو كفؤ لك. كثير من الرجال ربما الذين لم يسبق لهم الزواج وكبروا عن سن الزواج ربما يبحثون كثيراً عن مثلك ولكن لقصور قنوات الاتصال والتعريف يفشلون في الوصول إليك خاصة وأنت على هذا المستوى من العلم والتعليم والثقافة، ولذلك وبسبب الكثير ممن هم في مثل حالتك فإن وجود لجان التعريف بالزواج والتعرف على الشباب والشابات يصبح أمراً ملحاً جداً والسعي إلى إنشاء مثل هذه اللجان والمراكز أصبحت ضرورة يجب السعي إلى إيجادها. وإن كان يوجد لديكم مثل هذه اللجان فلا بأس عليك الاتصال بهم وتعريفك نفسك عليهم إذ لا يحتاج هذا الأمر إلا قليلاً من الشجاعة، وأيضاً حاولي مرة أخرى مع هذا الرجل كما قلت لك ومع هذا وذاك لا تدعي الدعاء واللجوء إلى المولى -سبحانه- وبإلحاح فهو -سبحانه- نعم المعين.

وفقك الله ورزقك الزوج الصالح الذي يسعدك،،،.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply