أثقلتني همومهم .. وهمومي .. !!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشرفنا الفاضل حائرة لا أعلم من أين أبتدئ.. لكن سبق و أن أخبرتك بما حدث بيني و بين تلك الصديقة التي غدرت بي و قد وصلني ردك في رسالة أضمنتها عنوان غدر صديقتي .. كان لردك ما كان من الأثر فقد أحسست بأني ضعيفة بالرغم من أنك أنت الإنسان الوحيد الذي وصفني بهذا الوصف فالكل يرى بأني قويه ..صامته.. !! حتى وصفوني بالغموض .. لكن مع تلك الصديقة الأخيرة اندفعت وسلمتها حياتي.. فقد ملكت طريقة عجيبة للتحدث لطالما بحثت عن فتاة تتحدث بها و عندما وجدتها صدمت بها ..كثيرات حاولن التقرب مني لكن محاولاتهن وجدت حاجزا عاليا قويا ..صمت و غموض وحيره .. كل من حولي أحس بأنه يثق بي ..أقاربي و زميلاتي لذلك أجد أن الكل اتخذني خزانه مشاكله التي عجز عنها و عجزت عن حلها . أنا الآن أحس بأن هذه الخزانة قد أوشكت على الانفجار.. !!

ليس من كثرة ما بها و لكن لقلة الحلول التي من المفروض أنها تأتي بعدها ..الكل يشتكي ويتألم لحاله ..أحاول وهو أقل مجهود بذلته- أن أنسيه إياها.. !! هذه من عمتي و الأخرى من عمي و الثالثة من ابنة خالي و الأخرى من صديقتي الكل يشتكي لكني أحس بأن الجميع أتسم بالأنانية ولم يراعوا شعوري لربما ظنوا أني في عالم بلا مشاكل والله أعلم بالحال ولكن التي خانتني هي الوحيدة التي سألتني يوما في ماذا تفكري.. ؟ ماذا يضايقك.. ؟ و ألحت في ذلك حتى وصلت إلى ما تريد ولكن و للأسف خذلتني.. !!!

أعتذر منك كل ما أردت نسيانها أجد نفسي أعيد تذكرها أنا الآن مفهوم الصداقة ألغيته من حياتي نهائيا فالأمل بات مفقودا .. فلقد اخترت الصديقة الوفية التي مهما طال الأمد لن تعرف معنى الخيانة.. !! أنها أحلام اليقظة التي طالما أسندت إليها همومي فشاركتني إياها وحلتها و طالما أوكلتها بحل مشاكل من حولي فتتبرع مشكورة بحلها خصوصا بأن بقائها في ذاكرتي بلا حل يعني لي أمرا مرعبا يقابلني كل وقت ..أتذكر الملامح الحزينة ..الدموع التي طالما حاولت العيون إخفائها عني كبريائا من صاحبها.. النغمة الحزينة ..ولربما قلت لي بأن من لا يشعر أو يتأثر بمشاكل من حوله يعد أنسانا غير سوي لكن أنا أعايش حتى مشاكل قرائك - أخي الفاضل - فلم تبق استشارة واحدة ألا وقرأتها ..!!!

أنا الآن أبقى بصحبة رفيقتي ساعات طوال قد تصل إلى خمس أو ست ساعات في اليوم اخترت العزوف عن الناس و البقاء برفقتها.. للقائي معها مواعيد لا تخلفها و إن أخلفتها أنا أجدها دوما في انتظاري ..!!

أقفل الباب و أغلق النوافذ و أنساق فيها لكن ما أخافني منها ما سمعته ذات يوم أن أحلام اليقظة ظاهره طبيعية تكثر بين الشباب ولا تحتاج إلى علاج لكن إذا تجاوزت العشر دقائق و جب علاجها لأنها حينها قد تلتبس مع الواقع الذي تتعارض معه أذن هي الأخرى خائنة فهل أنا مريضه أنا لا أريدها أن تلتبس مع واقعي أريد أعود إلى غموضي ..صمتي القوي أريد أن أعود قويه كما كنت ..ولا أريد لأحد أن يطلع على حياتي فلي عالم خاص عالم بلا مشاكل..!!!

أنا أتجرع همومي وهموم من حولي حتى لو أحسست بأنه هذا أو تلك متضايق من أمر ما.. لا أتركه بل أبحث عن السبب لأعالجه و لكني لم أعالج أيا منها لذلك أرجو منك إرشادي إلى حلها.. فمن المستحيل أن أدرجها إليك كلها .. لكن أعطيك مثالا لأكبرها وهي المخدرات .. في عائلتي مدمن مخدرات.. !!! وعندما بحثت عن الأسباب وجدتها منذ طفولته التربية الخاطئة ..كانت قائمة على التفرقة بين الأخوة و زرع الغيرة بينهم.. !!! ولا أخفيك إنني بدأت اكره هذه التفرقة عندما اسمع بها مخافة أن تؤثر على الآخرين بمثل ذلك.. !!!

أتمنى منك التكرم بتناول قضية الإدمان في زاوية المشكلة ولا حاجة لأخبارك بالعناصر التي تتناولها بالنقاش لأنك أعلم مني بها.. أنا في انتظار ردك .. أسأل الله العلي القدير أن لا يحرمك الأجر و المثوبة.

 

الجواب:

أختي الكريمة أشكر لك ثقتك مرة أخرى.. وأسأل المولى جلت قدرته أن يجعل لك من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافيه.. وأن يوفقك إلى كل خير ويحفظك من كل شر إنه ولي ذلك والقادر عليه.. أما عن رسالتك فتعليقي عليها ما يلي: -

أولا: يا عزيزتي كلنا نمر في حياتنا بلحظات ضعف كثيرة وأحزان وضيق.. بل وقد نفقد أحيانا ثقتنا بأنفسنا.. ونهتز أمام أنفسنا.. لأسباب كثيرة.. !! من بينها طبيعتنا البشرية الضعيفة.. وغموض العالم الداخلي لنا وتعقيده.. !! إضافة إلى بعض الظروف المحيطة بنا والتي قد تكون أقوى وأقسى من أن نتحملها أو نستوعبها.. !!! والفرق بين الناس هنا.. هو أن الواثق من نفسه.. يعلم أن لحظات ضعفه الحالية وانعدام ثقته بنفسه هي مسألة مؤقتة نتيجة لظروف معينة خارجية أو داخلية.. واضحة أو غامضة.. وأنه سرعان ما يتجاوزها ويتغلب عليها.. ! وأما الإنسان المهزوز أصلا وفاقد الثقة فإنه.. يتأثر كثيرا بذلك.. ويندب حظه.. ويلوم نفسه على هذا الشعور الذي يعتقده دائما.. فيستسلم له.. وبالتالي يدوم ويؤثر على نفسية الإنسان وعلى قراراته!!! وما أريد قوله هنا.. هو أنه لا تعارض بين كونك في الأصل قوية كما يقول عنك الآخرون.. وبين ما تشعرين به أحيانا من ضعف وتشتت لسبب أو لآخر.. !! إن فهمنا لهذه الحقيقة.. يجعلنا واثقين بأنفسنا وبأننا قادرين على تجاوز ((لحظات الضعف)) هذه والتغلب عليها وعدم التأثر بها.. !!!

ثانيا: أما حكايتك مع هذه الصديقة.. وما انتهت إليه.. فبقدر ما أشعر به من ألم ومرارة استشفها من إحساسك أنت بالألم والمرارة.. !!! إلا أنني أثق أنك فعلا أقوى من هذه المواقف بكثير.. والحياة أختي الكريمة مليئة بمثل هذه المواقف والتجارب.. التي بقدر ما تؤلمنا إلا أنها تصهرنا وتنضجنا فنغدو أكثر خبرة وتجربة.. وأصلب عودا وأقدر على التعامل مع تقلبات الحياة ومشاكلها.. لا تؤثر بنا صر وف الدهر أو نكباته

متمثلين قول الشاعر:

رماني الدهر بالارزاء حتى  * * * فؤادي في غشاء من نبال

فصرت إذا أصابتني سهام  * * * تكسرت النصال على النصال

فلا تتوقفي طويلا أمام هذه التجربة.. إلا بالقدر الذي يجعلك تستفيدين منها لمستقبلك.

ثالثا: أما مسألة ((صمتك وغموضك)) فإن هذا مما يوجد حاجزا وهميا في النفس بينك وبين الآخرين.. فحاولي أن تخففي هذا الأمر إلى حد ما.. من خلال مشاركة الآخرين في أحاديثهم وأفراحهم.. بل وحتى ((بعض)) مواضيعهم البسيطة.. واخرجي من دائرتك الخاصة إلى دوائرهم ليس فقط لتستمعي إلى مشاكلهم فوق مشاكلك.. فتزدادي انقباضا وحزنا.. وإنما شاركيهم في ضحكاتهم وأحاديثهم وأحلامهم.. وهذا سيخرجك كما أسلفت من دائرة الذاتية.. والإغراق في الحزن وأحلام اليقظة.. !!! صدقيني أنت قادرة بعون الله - على أن تكوني أكثر سعادة وهناء.. فلا تبخسي نفسك حقها. !!

رابعا: أما ثقة الآخرين بك ونثر همومهم على جالك وبثك شكواهم ونجواهم.. فهي من جهة مصدر فخر لك لأنك قد نلت ثقتهم.. ولا يعني ذلك أنك مطالبة بإيجاد حلول لكل المشكلات التي تعرض عليك أو حتى أغلبها.. لأن مجرد استماعك لمشكلاتهم هو بالنسبة لهم نوع من ((التنفيس الانفعالي)) الذي يحتاجونه!! والواجب عليك هنا هو أن تتعاملي مع هذا الأمر بهذه الحدود.. وتتأكدي أنك بمجرد أن استمعت إليهم فأنت قد أسديت لهم خدمة كبيرة.. فإن كان لديك اقتراح فاذكريه.. وإلا فانصحيه بكثرة الدعاء والالتجاء إلى الله فهو - سبحانه - القريب المجيب القادر.. ولا تحملي نفسك عبء البحث عن حلول لكل المشكلات لأنك لن تستطيعي!!

علما أن الكثير من الناس هو من يخلق لنفسه المشاكل بحساسيته المفرطة وانعدام الموضوعية في تعامله مع الحياة والناس.. وبعضهم يحملك مشكلته وينساها بمجرد بثك إياها.. ولا أظنك ملزمة بحمل هموم الآخرين إضافة إلى همومك.

خامسا: أما إغراقك في أحلام اليقظة.. فهو إلى حد كبير شعور طبيعي ومفهوم على ألا يسرقك من الواقع.. فأحلام اليقظة نعمة نسعد من خلالها لبعض الوقت.. ولكنها إن أصبحت هي واقعك بشكل كامل وغيبتك عن التعامل مع الناس والأشياء بواقعية وموضوعية.. فيجب التخفيف منها.. بل والتوقف عنها!! والموازنة بين أحلامك وواقعك.. ووضع ((استراتيجية)) جديدة للتعامل مع المشكلات الخاصة والعامة.. تتلخص في بذل الأسباب والاتكال بعدها على رب الأرباب!

سادسا: صدقيني.. ستجدين الصديقة الصدوقة الصادقة فالحياة لا تخلو من مثلها.. ولكن كوني إيجابية وأخرجي قليلا من غموضك وستكتشفين للحياة ملامح أخرى ووجها آخر أكثر إشراقا.. وأقترح عليك أن تبدأي من صباح الغد.. فبعد صلاة الفجر وقراءة الورد وذكر الله.. املئي رئتيك بالهواء مرة واثنتين وثلاث.. ثم اذكري الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) واتخذي قرار السعادة وهو قرار بسيط ولكنه مؤثر إلى حد كبير.. وفحواه قولك لنفسك (سأكون اليوم سعيدة.. ولن أسمح لكائن من كان أن يفسد علي سعادتي.. ) وانظري لكل الأشياء الإيجابية في حياتك وصحتك ومعيشتك.

ثامنا: أما عن مشكلة ((قريبك)) المدمن.. وبغض النظر عن الأسباب الحقيقية لذلك.. فإنني أسأل الله بمنه وكرمه أن يشفيه ويعافيه.. وجميل لو اقترحتم عليه العلاج في ((مركز التأهيل النفسي)) الخاص بعلاج المدمنين.. فلعل الله أن يعافيه مما ابتلي به وأن يرده إلى الحق ردا جميلا.. ولعلي أتناول قضية الإدمان قريبا.

تاسعا: وأما محاولة البعض إثارة الغيرة وإيجاد الفرقة فالوعي مطلوب هنا.. والنصح واجب.. والدعاء للجميع بالهداية والسداد والرشاد هو السبيل (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا).

عاشرا: تفاءلي أختي الكريمة بالخير تجديه.. وأكثري من الاستعاذة من الشيطان.. ومن الاستغفار فقد جاء في الحديث (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب) وتذكري أن الدنيا دار ممر واستعداد للآخرة.. وأن المؤمن فيها مبتلى. ز وأنه مأجور إن صبر واحتسب حتى الشوكة يشاكها فيصبر ويحتسب فله الأجر العظيم.

فأحسني الظن بالله والجئي إليه وتوكلي عليه..وستجدين في كنفه - تعالى - الراحة والسعادة والطمأنينة..وفقك الله وحماك من كل سوء.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك،،،

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply