أسباب القلق وعلاجه


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نشهد في هذا العصر حضارة كبرى لم يشهد لها التاريخ مثيلاً جعلت الإنسان يعيش في راحة كبيرة ولكنها (أي تلك الحضارة) قصرت خدمتها على الجانب الجسدي و أهملت الجانب الروحي الذي يتميز به الإنسان عن غيره من الكائنات، وكان أحد إفرازات هذا القصور القلق الذي أدى بكثير من الناس خصوصاً في الغرب إلى الانتحار، ولم يجدوا له حلاً غير تلك الحبوب المهدئة.

وللأسف لقد وجدت أثار هذا القلق في بلاد المسلمين عندما قصر البعض منهم في أمور دينهم وعاشوا بعيداً عن ذكر الله - تعالى - وطاعته.

 

وأسباب القلق كثيرة، لكن نذكر أهمها:

(1) ضعف الإيمان: فالمؤمن قوي الإيمان لا يعرف القلق. قال الله – تعالى -: (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة)،، ويقوى الإيمان بعمل الطاعات وترك المعاصي وقراءة القرآن وحضور مجالس الصالحين وحبهم والتفكر في خلق الله - تعالى -.

 

(2) الخوف على الحياة وعلى الرزق: فهناك من يخاف الموت فيقلق بسبب ذلك، ولو أيقن أن الآجال بيد الله ما حصل ذلك القلق. والبعض يخاف على الرزق ويصيبه الأرق وكأنه ما قرأ قوله – تعالى -: (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) ولم يسمع قول الله - عز وجل -: (وما من دابة على الأرض إلا على الله رزقها)، حتى النمل في جحره يرزقه الله - تعالى -، ولا يعني ذلك أن يجلس الإنسان في بيته ينتظر أن تمطر السماء ذهباً، بل يسعى وبفعل الأسباب امتثالاً لقوله - تعالى -:(فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) ويتوكل على الله (ومن يتوكل على الله فهو حسبه).

 

(3) المصائب: من موت قريب أو خسارة مالية أو مرض عضال أو حادث أو غير ذلك، لكن المؤمن شأنه كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً وجزاء الصبر أن الله يأجره ويعوضه خيراً مما أصابه. فيجب أن يعلم أن ذلك بقدر الله وقضائه، وما قدّر الله سيكون لا محالة لو اجتمع أهل الأرض والسماء أن يردوه ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً. عندما ترسخ هذه العقيدة في نفس الإنسان فإنه يرضى وتكون المصيبة عليه برداً وتكون المحنة منحة، ولقد شاهدنا أنه كم من مشكلة صارت بإنسان جعلت منه رجلاً قوياً صامداً وعلمته التحمل بعد أن كان في نعمة ورغد لا يتحمل شيئاً وغيرت من نظرته للحياة وأصبح سداً أمام المعضلات.

 

(4) المعاصي: وهي سبب كل بلاء في الدنيا والآخرة، وهي سبب مباشر لحدوث القلق والاكتئاب. قال الله تعالى: (وما أصابك من سيئة فمن نفسك) وقال: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)، والبعض يقول: نريد أن نُذهب القلق و(الطفش) فيفعل المعاصي، لكنه في الحقيقة يزيد الطين بلة وهو كالمستجير من الرمضاء بالنار.

 

(5) الغفلة عن الآخرة والتعلّق بالدنيا: فمن يتفكر ويتصور نعيم الجنة بكل أشكاله فإنه تهون عليه المشاكل وينشرح صدره وينبعث الأمل والتفاؤل عنده.

وأخيراً كيف نتخلّص من القلق؟

 

قال الله - تعالى -: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، فالعلاج هو في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.

 

فخذ هذه الوصفة النافعة، وجرب وأنت الحكم.

(1) الصلاة: قال الله تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة) فما من مسلم يقوم فيصلي بخشوع وتدبر وحضور قلب والتجاء لله - تعالى -إلا ذهبت همومه وغمومه أدراج الرياح كأن لم تكن، فالصلاة على أسمها صلة بين العبد وربه.

 

(2) قراءة القرآن: العلاج لكل داء. قال - عز وجل -: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) فلنقوي صلتنا بهذا الكتاب العظيم ولنتدبر آياته ولا نكن ممن يهجره فهو ربيع القلب ونور الصدر وجلاء الأحزان وذهاب الهموم والغموم.

 

(3)الدعاء: سلاح المؤمن الذي يتعبد الله به فمن كان له عند الله حاجة فليفزع إلى دعاء من بيد ملكوت كل شئ ومجيب دعوة المضطرين وكاشف السوء الذي تكفل بإجابة الداعي. قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان).

 

(4) الذكر: أنيس المستوحشين وبه يُطرد الشيطان وتتنزل الرحمات.

 

(5) شغل الوقت بالعمل المباح: فإن الفراغ مفسدة ويجلب الأفكار الضارة والقلق وغير ذلك.

أسأله - تعالى -أن يرزقنا الإيمان الكامل والعمل الصالح ونسأله حياة السعداء وموت الشهداء، إنه حسبنا ونعم الوكيل..

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply