التخطيط للإجازة .. ضرورة


بسم الله الرحمن الرحيم

 

غياب عنصر التخطيط عن حياتنا في جميع اتجاهاتها هو من أبرز عناصر الفشل فيها، والبراءة من هذه العلة ليست عسيرة، ولا تحتاج إلى طبيب ولا مهندس، كل ما تحتاجه التفاتة إلى ما يجب أن نفعله، أو حتى ما نود أن نفعله، فنجلس له، ونحدد الهدف منه بدقة، ثم نخضع له كل قوانا من أجل التخطيط الذي قد يستغرق منا زمنا.. هو به جدير ولا شك.

الإجازة بالنسبة للطلاب تحرر من قيود لا حدود لها، وهي بالنسبة لكثير من الآباء (ورطة) لا يعرفون التخلص منها.. !!

كانت الأنشطة اليومية مضبوطة بالأوقاتº النوم والأكل والصلاة واللعب والزيارات.. كل له موعده الدقيق.. بينما في الإجازة.. تتحطم جميع الجدران بين هذه الأنشطة، وتنشأ عند كثير من الناس أنشطة جديدة، كثير منها في إطار اللهو واللعب والمرح والترفيه، بحجة أن الإجازة لم تخصص إلا لذلك!!

وهنا يفترق الناس في كيفية قضاء الإجازة، بافتراقهم في وضع الأهداف منها، فمن ارتضى الهدف المذكور آنفا، فقد مفاتيح الزمن، ولم يعد يعنيه ماذا يحرق فيه، أو ماذا يزرع ويستثمر، ومن وضع للإجازة أهدافا عليا، استطاع أن يديرها بإحكام، وينجز ما ظن أنه غير قادر على إنجازه منها. فلنفترض أننا جميعا من القسم الآخر، فما أهداف الإجازة في نظرنا؟

أقترح أن تكون ثلاثية الأهداف: الأول: الارتقاء بالنفس في معارج التهذيب، والثاني: اكتساب مهارات لها أهميتها في حياتنا العملية، والثالث: الراحة والاستجمام.

ولكل هدف يجب أن نضع برامج خاصة بنا، وبرامج خاصة بأولادنا.

على أن تكون هذه البرامج ذات طبيعة مرنة، تتمتع بالقدرة على الوصول إلى أكثر من هدف، أعني أنني يمكن أن أرسل ولدي إلى ناد صيفي تابع لوزارة التربية والتعليمº وأهدف من خلاله إلى تهذيب نفسه وأخلاقه، وتعليمه عددا من المهارات، والترفيه حاصل من خلال تواجده في بيئة مفتوحة نشطة، غير مملة، يجتمع فيها مع أقرانه، ويمارس بعض رغباته.

وحينما أقصد إلى شراء لعبة ما لابنتي.. لا بد أن أهدف من خلالها إلى هدفين: الأول: تعليمها مهارة الدقة والذكاء، والتنفيس عنها بجودة اللعبة وحسن مظهرها، وقدرتها على الخروج بها عن إطار النمطية والجدية الدائمة... وهكذا!

وإذا كان لا بد من السفر، فليكن بعيدا عن البلدان التي يتخلع فيها الحياء، ويبتذل فيها الإنسان، وتنتحر في لياليها الفضيلة، وأتوجه إلى بلدان أجد فيها متنفس روحي لأهذبها، وميدان فكري وعقلي بالاطلاع على حضارتها ومعطياتها المدنية والعلمية، وأحس فيها بطعم الراحة التي أحرقتها شمس بلدي الحبيب.. ولماذا البعد والجفاء.. ومكة والمدينة وأبها والطائف والباحة على مقربة منا، في منتجعاتها أجد كل أهدافي النبيلة من إجازة تمتد ثلاثة أشهر متطاولة!!

وأما آفات الإجازات فهي كثيرة جدا.. ولا يجوز للآباء والأمهات أن يهربوا من مسؤولياتهم تجاهها!!

 

أولها: قعود الأولاد.. أيا كان الداعي للقعود، فإن الطفل خاصة، والإنسان بعامة في حاجة ماسة للحركة، وإذا كان علماء النفس يرون أن الطفل في حاجة إلى الحركة بنسبة 75% من وقته، فما الحال بالنسبة لأطفال سبيس تون ونتورك وبلاي ستيشن وغيرها؟ وهذا يجعلنا نبحث عن الألعاب الأكثر قدرة على الحركةº كالكرة والدراجات وركوب الخيل، والسباحة، وسباق الجري، وغير ذلك.

 

ثانيها: التلوث الفكري.. وهو ما نجده الآن في عدد كبير من الفضائيات المفتوحة، والمواقع الإباحية، التي هدمت بيوتا كانت آمنة مطمئنة، وقذرت أعراضا كانت مصانة محفوظة، وغيرت نفوسا كانت عزيزة منيعة، ولا حل سوى تغييبها عن المنزلº لأن الفتنة لا تؤمن على أحد، ولا سيما في سن التشكل.

 

ثالثها: الصداقات الرديئة، والتي تتكاثر كالجراثيم في الجرح المفتوح، فمن عرض نفسه لذلك فقد وقع أو أوقع من تحت ولايته في أتون الدمار، ولا يقولن أحد إنه قادر على حماية نفسه، والأمر لا يعدو مجرد صداقة بريئة، نهايتها الضحك والمزاح، بل إن النهايات التي شاهدناها لمثل ذلك: الفتنة، وضياع المروءة، وقلة الصلاة، وتعاطي التدخين أو المخدرات والخمرة، وسفر المعصية، وضياع الهدف حتى من الحياة.. وفي النهاية عدم النجاح في أي شأن من شؤون الدنيا والآخرة.

 

يقول أحد المفكرين:(الثقة أن تستمر في البحث عن الحلول للمشكلات الصعبة، وأن تبقى ثابتا مركزا خلال فترات الشدة أو الضغط).

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply