كيف نؤسس مجلسا شوريا ؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

(نفذ ثم ناقش) أسلوب يمقته الشاب..إن طرق التفاهم كثيرة، ولكن ماذا لو عملنا على تشكيل (مجلس شورى) في البيت كطريق جديد للتفاهم؟ الأمر لا يحتاج إلى تعقيدات المجالس الشعبية أو البرلمانية..إن مجرد الاتفاق على عقد لقاء أسبوعي أو دوري بين أفراد الأسرة للتداول في شؤونها يحقق المرجو من هذا الاقتراح.

يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: الولد سيد سبع سنين، وعبد سبع سنين، ووزير سبع سنين، وما يهمنا من الحديث شطره الأخير، ووزير سبع سنينº أي أن هناك نقلة نوعية في حياة الشاب يتحوّل فيها إلى (مستشار) لوالديه، يتشاور ويتحاور معهما ويبادلهما الرأي، فلقد بات من حقه أن يبدي رأيه. صحيحاً كان أم خاطئاً. ولابد أن يحترَم رأيه في الحالين بأن يُثني على صحّة رأيه وأن تنبه إلى خطئه بالتي هي أحسن. أمّا كلمات من قبيل نفذ ثم ناقشº أو اعمل ولا تجادلº فأسلوب سلطوي يمقته الشاب ويتمرد عليه. فمما لا شك فيه أن من أهم عوامل الانسجام هو احترام الجميع والوقوف من جميع أفراد الأسرة على مسافة متقاربة. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها، وقال - صلى الله عليه وسلم -: لو اجتمعتم على البر لتحاببتم.

فلا شيء أكثر تأثيراً في تربية الأبناء والبنات من حق إبداء الرأي واحترام الشخصية. وهذا ما أشارت إليه كلمة (الوزير) في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والتي تنطوي على المشاورة والمعاونة والتعاطي الاجتماعي على النحو الذي يرتفع بالشاب من مستوى طفل مسير ومأمور وربما سلبي، إلى شخصية إيجابية مساهمة وفعالة، ويمكن إعداد صيغة تتناسب وطبيعة كل عائلة، فقد يكون المجلس العائلي ندوة مفتوحة للمناقشة في شؤون المنزل.

وقد يكون فيه تعيين أو انتخاب للإدارة والتصويت على بعض الآراء وتثبيت محضر بالجلسة لتدوين القرارات والتوصيات ومتابعتها في الجلسة القادمة.

ولسنا نتوقف كثيراً عن الشكل، فأية صيغة اعتمدت فإن الهدف يجب أن يكون تقوية أواصر المحبة والتعاون والتفاهم بين أفراد الأسرة. ففي هذا المجلس يمكن إنضاج الكثير من الأفكار التي تدور في ذهن الوالدين أو ذهن الأبناء بالحوار الهادئ والمناقشة التي يسودها الحب والتفاهم والإقناع وتقديم المقترحات والحلول للمشكلات التي تواجه بعض أفراد العائلة أو الأسرة ككل.

ومما تجدر الإشارة إليه أن نقاء نفوس وطهارة قلوب الصغار والشبان- بنات وبنين- قد يساعد في تقديم تصورات مهمة عن شؤون البيت ربما لا تخطر حتى على بال الأبوين نفسيهما.

 

أما ما يمكن أن نجنيه من هذه الشورى أو هذا المجلس، فهو:

1- تتحول الأسرة من مجرد تجمع كمي إلى مكان يتبادل فيه الجميع الخبرات والتصورات والآراء.

2- تحقّق قدراً لا بأس به من الشعور بالمسؤولية الجماعية التضامنية، وسيكون شعار كل فرد فيها إدارة البيت وسعادته مسؤوليتنا جميعاً.

3- ستكون عملية توزيع المهام والتكاليف وتقسيم الأعمال والوظائف مهمة سهلة ومقبولة من لدى الجميع الذين يشعرون أن الفرص تتكافأ أمامهم.

4- ما يجري من حوار ونقاش واحترام للرأي والرأي الآخر هو عملية إعداد وتأهيل للمستقبل الذي سيخرج أبناء وبنات هذا البيت الذي يعتمد أسلوب الحوار ليواجهوا الحياة بثقة أكبر، وسيتعلمون كيف يخططون، وكيف يواجهون مشاكلهم، بل ويمتد أثر ذلك إلى مستقبل تربيتهم لأبنائهم.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply