الطب الصيني والهندي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وردت للدكتورة فوز كردي تساؤلات حول الطب الصيني والهندي وإمكانية دراسته مع تنقيته من المتعلقات العقدية فأجابت بالتالي:

بداية أود التذكير بأنه لابد لطالب الحقيقة في باب الطب البديل أو طب الطاقة أو الطب الصيني والهندي من التفطن واليقظة لأمور هي:

1. المعرفة الصحيحة المستقاة من الكتاب والسنة بالمعارف الغيبية المتعلقة بالكون والحياة والمبدأ (قصة النشأة الأولى) والمعاد، وهذه تحتاج إلى معايشة وتدبر لنصوص الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة.

2. المعرفة الصحيحة للأديان الشرقية وأصول فلسفتها وتفسيرها للكون والحياة والمبدأ (واليقين بأنه تفسير خاطئ لكونه اقتحام لعالم الغيب الماضي بالعقل دون الوحي)، وهذه تحتاج إلى دراسة لأصولها الفلسفية لاتغفل عن خطأ الترجمة كثيراً وعن أساليب الباطنيين في عرض فكرهم.

3. فهم المنهج الباطني وطرق ترويجه قديماً وحديثاً.

4. القدرة على تمييز الحقائق العلمية من المغالطات الإدعاءات.

 

وأؤكد أن هذه الأمور عميقة وتتطلب دراسة متأنية فاحصة ومتابعة لفروع علمية متنوعة بل هي حقيقة تتطلب عمل فريق متكامل لا شخص واحد وهو الأمر الذي تقوم عليه دراسات هذا الموقع بفضل الله - تعالى -.

 

بالنسبة للمسارات المزعومة في الطب الصيني أقول:

هي مسارات وهمية على الجسم الأثيري المزعوم الذي لم يثبته إلا من حاولوا تفسير الغيب بعقولهم وتفسير مكونات الإنسان الغيبية كما يبينها الدين الحق تغني المؤمنين بالوحي عن هذه الخزعبلات الملحدة مبدأ ونهاية.

 

وقد زعم مثبتوا هذه المسارات أنها تتطابق مع مسارات الأعصاب التي على الجسد البدني (لاحظ هذا) ومن ثم فإن أي جهاز لإثباتها سيقيس حتماً الومضات الكهربية والإشارات العصبية على الجهاز العصبي المعروف، كما أن أي تعامل معها بالضغط أو التدليك أو استخدام الوخز بالإبر قد يظهر نتائج علاجية. ولكن يبقى اختبار قيمة هذه المعالجة بالطرق العلمية عند العلماء والأمر عندهم قد لا يعدوا التأثير الوقتي أو كف الشعور بالألم ونحو ذلك.

 

والمسألة بهذا الطرح تختلف كلياً عن إثبات جسم أثيري ومسارات طاقة وطاقة كونية تستمد وتتدفق في الجسم وغير ذلك، والأمر له متعلقات عقدية أوسع بكثير مما تحتمله الإجابة على هذا السؤال.

 

أما مسألة العناصر الأربعة والعناصر الخمسة هي كذلك مسألة فلسفية قديما قال بها فلاسفة العرب الأطباء تأثراً بالفلسفة اليونانية وظن من نقلها عنهم من المسلمين أنها مبدأ طبي علمي مكتشف، وحديثاً يتناقلها مروجو الفلسفة الشرقية وهي كذلك فلسفة متعلقة بالتفسير الخاطئ للكون والحياة وقصة البداية.

 

وهي نظرية تعتمد في عرضها كثيراً على الغموض والتعقيد فالقول بأن العناصر الطبيعية التي تتكون منها جميع الموجودات أربعة هي الماء والهواء والتراب والنار، أو خمسة بإضافة الخشب أو الأثير كما عند أرسطو، هو قول فلسفي أصله البحث عن أصل الوجود بقدرة الحواس المجردة لإنسان العصور القديمة، مع خيالاته وفلسفته لذا لم يصل إلا إلى معرفة ما رآه حوله في بيئته من عناصر وبنى عليها تصوراته.

 

 وإذا أخذنا معنى عنصر بأنه المكون الأولي فاليوم مع تطور العلم وأجهزة التكبير والتصوير بلغ تعداد العناصر المكتشفة حسب علم الكيمياء الحديثة 92 عنصرًا طبيعيًّا تدخل كلها في تركيب جميع الموجودات بنسب متفاوتة ولا يمكن إرجاعها جميعها إلى العناصر الخمسة، كما بطلت فرضية وجود الأثير تمامًاº لذلك أصبح من غير المقبول علميًّا أن يبقى القول بهذه النظريات التي ظهر بطلانها؟! وما بقاء القول بها رغم غلطه إلا لارتباطه بفلسفة يريد الشيطان بقاءها ونشرها ليضل بها عباد الله ويصرفهم عن الحق.

 

وإذا أخذناها بمعنى أوسع بحسب ما تدل عليه استخدامات اللفظ في الفلسفة الشرقية وفهم متعلقاتها بفلسفة الين واليانغ وكونهما معا أساس تفسير الوجود بعيداً عن نور الوحي فإنها تحمل في طياتها معان إلحادية ولوازم كفرية تتعارض مع العقيدة الصحيحة بل وما تقر به الفطر السوية وتفصيل ذلك تضيق عنه مساحة الإجابة على هذا السؤال ولعل الله ييسر قريباً نشر دراسة عقدية كاملة عن الاستشفاءات الشرقية.

 

أما بالنسبة للظن بأن السنة التمهيدية لدراسة الطب الصيني التي يدرس فيها الطاقة الكونية والين واليانغ وغيرها من المعتقدات لا علاقة لها بالطب الصيني المجرب بعدها، أو أن دراسة نفس هذه الأمور في الأسبوع الأول التمهيدي في بيت السلام عند دراسة الماكروبيوتيك فهو مجرد ظن إذ كل الطب الصيني مبني على هذه المعتقدات والمعالجون به من أكثر الناس إيماناً بها ودفاعاً عنها فالنتائج التي يرونها تتحقق أحياناً تفتنهم لاسيما وقد انتهج المروجون الطريقة الباطنية التي تجمع بين الحقائق العلمية والفلسفة الملحدة والمغالطات اللفظية والعلمية.

 

مرة أخرى أؤكد أن الطب الصيني يجمع هذا المزيج ولابد لمن يريد دراسته واستخلاص ما ينفع الناس منه دون ما يضر فكرهم ومعتقدهم أن يبذل جهدا كبيراً في معرفة الأمور الأربعة التي بينتها أعلاه وإلا فالله عزوجل قد أغنى هذه الأمة بما جعل في الأسباب الشفائية التي شرعها ورضيها لهم أضعاف أضعاف ما في الطب الصيني والهندي والغربي لو وجدت أناس يعتقدونها ويحملونها للناس ويدلونهم عليها وكم من مقبل على الطب الصيني والهندي لم يسبق له أن تداوى بالقرآن الدعاء والصدقة، وأقبل على الاستشفاء بزمزم والعسل والحبة السوداء، أو أنه فعل ذلك تبركا أو عادة!! ولو أقبل هذه الوسائل الشرعية بيقين ورغبة وحرص كما يفعل مع الوصفات الهندية والصينية لعظم فرحه بدينه واعتزازه به وثقته بكماله ولهذا كان من المتقرر عند علماء سلف الأمة: \" أن العقل والدين يقتضيان أن جانب النبوة والرسالة أحق بكل تحقيق وعلم ومعرفة، وإحاطة بأسرار الأمور وبواطنها، فكل من زعم بلسان حاله أو مقاله أن طائفة غير أتباع الرسل أدركوا من حقائق الأمور الباطنة الغيبية في أمر الخلق والغاية والمبدأ والمعاد، وأمر الإيمان بالله واليوم الآخر، وتعرّف أصول ما يصلح النفوس والمجتمعات دون أهل النبواتº فهو -وإن كان من المؤمنين بالرسل- جاهل فيه شعبة قوية من شعب النفاق، فالرسول أعلم الخلق بالحقائق الخبرية والطلبية، وأحب الخلق للتعليم والهداية والإفادة، وأقدر الخلق على البيان والعبارةº لذا امتنع أن يكون من هو دونه أفاد خواصه معرفة الحقائق أعظم مما أفادها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لخواصه \".

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply