لنتعلم من الشحاذ .. !


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تحت حر الشمس..وقسوة المناخ رأيته واقفاً عند الإشارة يبدأ عمله مع إضاءة اللون الأحمر وينتهي عند اللون الأخضر لينتظر من جديد بريق اللون الأحمر الذي يفتح أمامه فرصة لكسب العيش..

 

تقدم من السيارة، كان إلحاحه في طلب المال قوياً.. استخدم كل إمكانياته ليحصل على ما يريد، لم يضع دقيقة من وقته، كان يترامى بين السيارات باحثاً عن لقمة عيشه، تعجبت من هذا الإصرار، وربما إن جاز لي أن أسميه إخلاصاً في العمل!

 

طبعاً هي ليست دعوة للشحاذة إنما إشارة استفهام أثارها هذا الشحاذ في مخيلتي وهي قضية الإخلاص في العمل وغيابه في كثير من المؤسسات والشركات، المدارس والبنوك وغيرها من قطاعات العمل المختلفة.

 

هل يكون الشحاذ أكثر إخلاصاً في عمله - وهو يطلب ما لا حق له فيه- ممن يعملون تحت مظلة شرعية.. ربما هذا ما يحصل؟!

 

يشار في كثير من الأحيان إلى المرأة على أنها تقع في دائرة الاتهام بالنسبة إلى قضية الإخلاص في العمل أو الإنتاج بالشكل المطلوب، ومع ما يقال فلابد من الإشارة إلى أن قضية الإخلاص في العمل مسألة تعود للشخص نفسه طبيعته، صفاته، تربيته، ووازعه الديني، ومدى حرصه على إبراء ذمته تجاه هذا العمل، إلا أننا لا ننكر بعض السلبيات التي يمكن أن تقع فيها المرأة في عملها والتي تؤثر على أدائها الوظيفي.

 

تختلف المرأة عن الرجل في أنها لا تستطيع فصل حياتها الخاصة عن حياتها المهنية، وربما يعود ذلك لطبيعتها الحساسة ولكونها إنسانة عاطفية ومرهفة المشاعر أو ربما لأن الظروف المحيطة بها ومسؤولياتها المنزلية التي تبقي ثقلها على عاتقها يجعلها لا تحسن الفصل، كما يحسنه الرجل.

 

فالرجل عندما يخرج من بيته ويستقل سيارته ينسى ما حصل في منزله ويفكر في السيارة التي يستقلها.. هل الوقود كافٍ, ليصل إلى مقر عمله؟.. هل ينقص السيارة زيت أو ماء لتمشي بشكل جيد؟.. وعندما يصل إلى العمل ينسى أمر السيارة ليفكر بالأعمال التي عليه إنجازها، بينما يبقى تفكير المرأة مرتبطاً بالأحداث والمشاكل التي مرت بها، وإن أصبحت في معمعة الدوام، بل وقد تنقل تلك المشاكل والمعاناة إلى زميلاتها في العمل مع فنجان القهوة الصباحي..

 

الأحاديث النسوية التي تتشعب يمكن أن تسرق من العمل الوقت الكثير ويشارف الدوام على الانتهاء دون أن تقوم المرأة بما عليها من أعمال، الأمر الذي يؤدي إلى تراكم تلك الأعمال مما يزيد الضغط النفسي عليها، وبالتالي فإن أي مجال للإبداع أو الابتكار لن يجد طريقه إلى هذا العمل الذي يجب أن ينجز بأي شكل من الأشكال لتعويض الوقت الضائع دون إنتاج..

 

 ولا شك أن انعدام روح المبادرة والابتكار يؤثر سلباً على العملº إذ أن الأفكار الجديدة تفتح آفاقاً جديدة من الإنجاز و تتجاوز الأعمال الروتينية وتزيد من فاعلية العمل وحيويته.. وهناك فارق كبير بين الموظفة التي تقوم بعملها بشكل روتيني لتنتهي منه كيفما اتفق وبين تلك التي تسعى إلى التطوير والإبداع والابتكار والتي تستغل كل وقتها في إنجاز العمل والتفكير في تطويره.

 

المشكلة الأخرى والتي قد يشترك فيها كل من الرجال والنساء هي الغيرة التي تنشأ بين الموظفين ورغبة كل منهم في التفرد بالعمل والذي لا بد أن يولد ضعف التعاون في المجال العملي، الأمر الذي يؤدي إلى عدم الاستفادة من الخبرة المشتركة والعمل التعاوني.. مما يؤثر على جودة العمل، حيث تتسع دائرة الازدواجية والتكرار.. بينما يقتضي نجاح أي مؤسسة، التفاهم والتعاون بين موظفيها، بعيداً عن مخاوفهم على مناصبهم الوظيفية أو خوفاً من أن يشار إليهم بأنهم غير قادرين على القيام بعملهم دون طلب المشورة.

 

إن التعاون المشترك يحقق فوائد كثيرة من أبرزها حسن النتائج وقلة التكاليف واختصار الزمن واستثمار خبرات متنوعة..

 

وحتى يرتقي العمل بأي مؤسسة أو قطاع ومن ثم بالمجتمع ككل يجب أن يتم تنفيذه بمهنية عالية وجهد مقرونين بالإخلاص، وفي حال غياب أحد هذه العوامل فإن النتائج ستكون عكسية ولن تقف سلبياتها على مؤسسة معينة إنما سيمتد ذلك إلى المجتمع الذي لن يستطيع مواكبة التطور والتقدم نحو الأفضل.

و أخيراً يجب ألا ننسى أن الإخلاص في العمل أمر مرتبط بالدين والتهاون فيه هو تهاون في الدين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply