تحديد الهدف.. من أسباب النجاح


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الكثيرون تسوقهم الحياة في طريقها برتابة غريبة، فنجدهم اليوم يسيرون على نفس النمط ونفس الأسلوب الذي كانوا يسيرون عليه في الحياة قبل عشر سنوات مثلاً، بغير دفقة من الطموح، أو قفزة تشد الانتباه، أو نقلة متدرجة تعلي بناءهم الفكري أو المادي، لأنهم لم يحددوا أهدافهم بوضوح أمام عقولهم كي تحشد القوى الذهنية حشدها لجمع كل المعلومات التي تتصل بهذه الأهداف، وتساعد في الوصول إليها وتحقيقها، إن شئت أن تقول إن هذا تخطيط للمستقبل فقل، وإن شئت أن تقول غير ذلك فلاضير عليك، فالأسماء لاتعنينا كثيراً بقدر ما تعنينا الرؤية النافذة للغايات البعيدة والطرق المؤدية إلى تلك الغايات\"وعلى أي حال، فإنك بمجرد أن تحدد أهدافك تكون قد نبهت نظام التنشيط الشبكي، حيث يصبح هذا الجزء من المخ مثل المغناطيس، يعمل على اجتذاب أي معلومة، أو ينتهز أي فرصة يمكن أن تساعدك على تحقيق أهدافك بسرعة أكبر\"(365 خطوة للنجاح ص 24).

وعلى كل إنسان أن يسأل نفسه: ماذا أريد لحياتي في هذه المرحلة؟ وماذا أريد لها في المرحلة القادمة؟ وماذا أنجزت من أهداف في المرحلة السابقة؟ وهل أنا أقترب من الأهداف التي أريدها؟ وهل أسير نحوها في خط مستقيم بدون انحناءات أو التواءات؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي تكون إجابتها الحقيقية (كالبوصلة) تحدد لك مكان الاتجاه، ولا بأس أن تخصص دقائق معدودة في كل يوم تفكر في الاحتمالات المختلفة التي تقربك أو تبعدك عن الهدف.

وعند هذه النقطة نسأل هل استطاع أصحاب المشروع الإسلامي تحقيق أهدافهم؟ وإذا لم تكن الإجابة مُرضية فهل هم قريبون من تحقيق الأهداف؟ وهل راجعت الحركة سيرها في دراسة متأنية متخصصة لتدرك سبب الإخفاقات التي حالت دون الوصول إلى الأهداف؟ وما الأهداف القريبة المتاحة؟ وما وسائلها؟ وما الأهداف البعيدة؟ ومتى يمكن الوصول إليها؟ وعلى أي أساس؟

إن المؤسسات كالأفراد يلحقها التطور والصعود أو التبلد والجمود، فأين موقع أصحاب المشروع الإسلامي مما نقول؟ ولابدع إن فعلت الحركة ذلكº لأن هذا من سنة الحياة، التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدركها ويعمل بمقتضاها منذ فجر الدعوة حين قال للباكين الشاكين من الأذى: \"والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون\"وحين أشار على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، وحين خرج إلى الطائف، وحين بايعه الأنصار في العقبة، وحين وجه الجيوش في الغزوات، وحين أرسل الرسل والكتب إلى ملوك الأرض إلى غير ذلك من أحداث تدل على وضوح الهدف، وسلامة الطريق رغم وعورته في معظم الأحوال، وتبين أن الإسلام كان في كل يوم يكسب أرضاً جديدة، وقلوباً عديدة مستعدة لتحمل التبعات في كل الأحوال.. المؤسسات والأفراد في حاجة إلى وقفة تأمل لتصحيح ما قد يكون من أخطاء أو سقطات، ثم السير في الطريق بجد واهتمام نحو هدف واضح.

ولو أن فرداً أو جماعة حدد لنفسه هدفاً معلوماً عليه أن يحققه خلال سنة مثلاً، ثم استطاع أن يفعل، فإن مردود هذا النجاح عظيم في إشباع النفس، وإسباغ الرضا، والتقدم ـ بقوة ـ نحو أهداف أخرى أكبر وأعظم، ننشىء بها لأنفسنا مستقبلاً جديداً واضح المعالم، بيِّن القسمات، لأن هذا هو ما يشدنا إلى الحياة النافعة، ويدفع بنا إلى المعالي التي ننشدها، وليست الطريق مفروشة بالورود والرياحين نحو تحقيق ما تريد.

ما كل ما يتمنى المرء يدركه *** تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن

ولكن حسبنا أننا نواصل السير نحو نقطة معلومة على طريق معروفة خطواته، محددة سماته، وقد يكون مأمون العثرات في بعض الأحيان، وغير مأمون في أحيان أخرى، وعلينا أن نتحمل العسر، كما استرحنا في حال اليسر، وفي الحالتين (اليسر والعسر) لا بديل لنا عن السير وعدم التوقف، نحو الهدف المعلوم سلفاًَ، ولو كان السير نحوه يتم بخطى بطيئة فإنها ـ على كل حال ـ خير من التوقف الذي لا يجني صاحبه في نهاية الأمر غير الندم والخسران.

ولماذا نحمل أنفسنا فوق ما نطيق من جراء إهمالنا، وعدم وضعنا للأمور في نصابها الصحيح؟

فلتحدد هدفك، ولتعرف مراحله، وواجباتك في كل مرحلة، وتحاسب نفسك على ما فعلت وعلى ما ستفعل، فإن ذلك يعينك ويرشدك ويدفعك نحو غايتك التي ترضاها ـ إن شاء الله.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply