الموازنة بين المهمات والعلاقات


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

تتنافس المنظمات في جودة أعمالها وإنتاجيتها في عصر مليء بالمستجدات والمتغيرات، وتسعى دائماً لتطوير أعمالها وسلعها لتواكب هذا التغيير، وكل هذا يعرف بالمهمات التي هي علاقة المنظمة مع العمل، وهذا الأمر ضروري لتقدم المنظمات المتنوعة، ولكن في الجانب الآخر يغفل رؤساء المنظمات عن جانب مهم ألا وهو العلاقات (علاقة المنظمة مع العاملين من جهة، وعلاقة العاملين مع بعضهم البعض). والواقع: أننا نرى العديد من المنظمات والمؤسسات الحكومية والأهلية التي تختلف في كيفية توازنها بين العلاقات والمهمات، وعندما نصنف هذه المنظمات حسب العلاقة بين العلاقات والمهمات نجد أنها تقع في أربعة أنماط حسب مصفوفة الاهتمام .

01   منظمات ذات علاقات موجبة ومهمات موجبة: ( مربع التوازن هذه المنظمات تهتم بالعلاقات والمهمات من ناحية العمل والعاملين على حد سواء وهذا يؤدي بدوره إلى نجاح العاملين والعمل، لذلك نجد أن ( Dale Carnegie ) يقول في كتابه: \"اكتشف القائد الذي بداخلك\"، ويقول (بيل جيرت) وهو مدير عام مؤسسة (كوكس كيبل) في نيوا ولينز \" اهتم بالعاملين، وسوف يهتم العمل بنفسه، كان أحد الموظفين في هذه المؤسسة ويدعى (بريان كليمونز) في إجازة عن العمل، وتوقف صباحاً عند متجر أدوات منـزلية لشراء بعض الأخشاب، وأثناء انتظاره رأى رجلاً يشكو من شركة (كوكس)، وتجمع حول الرجل ثمانية أو تسعة آخرون يستمعون لقصته عن الشكوى من الشركة في الخدمة التليفزيونية\" .وقال (جبرت) بعد ذلك :\" استطاع (بريان) أن يفعل عدة أشياء\" وقصَّ ما حدث بعد ذلك فقال: \"إنه كان في إجازة لكن أمامه عملاً يقوم به، وكانت زوجته تريد عودته للمنـزل، لكنه لم يستطع إلا أن يؤدي عمله وتجاهل ما يقال. ماذا فعل بريان إذًا. توجه بريان إلى الرجل وقال : \" سيدي لقد سمعت ما قلت، وأنا أعمل في شركة كوكس، هل تعطني الفرصة لإصلاح الأمر لك؟ الحقيقة، أنني أضمن لك حل مشكلتك ، ويقول جبرت:\" تخيل الآن النظرات في عيون المجتمعين حول الرجل الذي يشكو، لقد اندهشوا، كان بريان يرتدي ملابس عادية وليس ملابس العمل، وتوجه إلى تلفون العملة، وطلب المكتب وأرسل فريق إصلاح إلى منـزل الرجل، وقابل فريق الإصلاح الرجل عندما عاد إلى منـزله، وحلوا المشكلة على نحو يرضيه، بعد ذلك تابع بريان الموقف بنفسه عندما عاد من إجازته وأعطى ضمان للرجل أسبوعين، وقدم له اعتذاراً لما عانى منه، والسؤال لماذا فعل بريان كل هذه المواقف مع أنه كان يتمتع بإجازة\"؟                    

02   منظمات ذات علاقات موجبه ومهمات سالبة: ( مربع الشلة( هذه المنظمات تهتم بالعلاقات ولا تضع أي اعتبار لجانب المهمات، فالجو يميل إلى الفوضى والتسيب، والشلليات، وأفضل العاملين وأجدرهم وأكفأهم من كانت علاقاته جيدة بمدير المنظمة، بل وأقربهم إليه بغض النظر عن أدائه في العمل.

     هذا النوع من عدم الموازنة أدى إلى تعطيل العمل، وإن قام العمل فيقوم فقط على مجموعة من العاملين، بينما البقية يتمتعون بإجازة على مدار العام، وسبَّب أيضاً تأخير العمل ورداءة الإنتاجية وقلة الجودة، فانشغلت هذه المنظمات بالمهم وغفلت عن الأهم، كذلك نجد أن هذه المنظمات تسعى جاهدة في استثمار علاقتها داخل المنظمة، ومراعاة العاملين على حساب العمل، فالعلاقات تتدخل في توجيه العمل بل وفي تقويمه وقياسه، فكلما كانت العلاقات متينة، كان العمل ناجحاً بجميع المقاييس، حتى ولو كانت إنتاجيته وجودته رديئة، والعكس صحيح عندما تكون العلاقات هشة !!، هذا النمط من المنظمات يؤمن بمبدأ \" الشلة\" فيكون حول مدير المنظمة شلة مقربة ليس عليها رسوم ولا جمارك ولا حسميات، ولها الأولوية والامتيازات لتذيق بقية العاملين سوء العذاب، وهذا أمر ينذر بخطر بحيث تنجح فئة على أكتاف الآخرين وتعبهم، ويؤدي ذلك إلى الظلم في المنظمة وتسرب العاملين منها.  

03    منظمات ذات علاقات سالبة ومهمات موجبة: ( مربع التطفيف(:                                            تهتم هذه المنظمات بالمهمات بغض النظر عن وجود أي علاقات، وهذا النوع من المنظمات جوها غير صحي يسوده الشك وعدم الثقة. قد تكون هذه المنظمات ذات نجاح وتفوق في العمل وتطويره ولكن هذا الأمر لا ينطبق على جانب العلاقات داخل المنظمات، ولا يعدو هذا النجاح أن يكون نجاح نسبيًا ومؤقتًا. وهذا هو واقع كثير من المنظمات الحكومية والأهلية، حيث الاهتمام بالعمل والسلعة والتسويق والأوراق والمعاملات والصفقات والعقود والإنتاجية ... إلخ، وتُغفل جانب الفرد من حيث حسن الاتصال معه وتطويره وتدريبه، حيث يصبح العامل في مكانه لا يتقدم بل يتأخر ، ونفقد أغلى ما في المنظمات وهم الأفراد.                       

04   منظمات ذات علاقات سالبة ومهمات سالبة: ( مربع الضياع(:لهذه المنظمات تعيش مأساة إدارية (فلا هي في العير ولا هي في النفير) فلا هي طورت العمل واهتمت به، ولا هي اهتمت بالعاملين، فلقد خسرت كل مقومات النجاح، وهذه – غالباً - مصيرها إلى الزوال لا محالة. الاستقرار والثبات في هذه المنظمات معدوم، والعاملون لديهم اتكالية وفوضوية وتذبذب أدت إلى عمل سيئ وإنتاجية رديئة وفي النهاية فإن مصير هذه المنظمات إلى الإفلاس إما عاجلاً أو آجلا.ً 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply