المثل الأعلى .. للإنسانية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

ألا موتٌ يساندني في حياتي الجافية... ألا لحظةٌ تتحرّر فيها هذه الروح من قيد المادة المتعفّنة

ألا راحةٌ لهذه الحيرة الملتهبة...

أما لهذا الطريق المستقيم من نهايةٍ, متعرّجة.... أما لهذا العمود المستطيل من تاجٍ, يزيّنه.. أما لهذه الحياة الكالحة من موتٍ, ينوّرها... أما لهذا النقص من اكتمال...... أما لهذا الشوق من ارتواء... أما لهذا الصخب من سكونٍ, يلجمه...

يالقلبي الصغير الذي أنهكته علته... يالروحي المتوترة من شوق الحرية... يالنفسي الحائرة من عذابات الاجتماع...

أما لهذا الاجتماع من نهاية... أما للتوحد من بداية... أما للعقل من جنونٍ, يسلبه حياة المادة، و يرقى به في مدارات السماء حيث لا يسمع إلا همس الملائكة...

أما لهذا اليتم من قلبٍ, يضمّه ضمّة الأمّ الحانية... أما لهذه الوحدة من صديق... أما لهذه العزيمة من قدرة تمضي بها... أما لهذا السكون من صبر يقعد به... أما لهذا التعلّق المختلج الذي يرقى بي إلى أفلاك السماء ثم يهوي بي إلى مساكن البشر من طرفٍ, يشدّه إليه...

اختناق الروح في أسر الجسد، و خمرة الكوثر المعتّقة في قلب الحبيب بعيدة بعيدة إليك يا حبيبي تشتاق روحي عساها تجد في أحضانك الأمان الذي طالما نشدته...

ظمأُ القلب إلى شربةٍ, من عينيك لا يزال يضنيه و يزيد في عذاباته المتجدّدة... عبث الحياة يتقاذفني ما بين مرارة الحلو و حلاوة المر... و يمامتي الحبيسة تضرب بجناحيها المهيضين من ألم الشقاء... هل لي من رسول الله ما يواسي أحزاني و مسكنتي؟...

ومن لي برسول الله؟ ومن لي بعد رسول الله؟ حبيباً.. أبثّه ما في القلب من جراحٍ, أدماها طول الحياة، أنيساً.. يدرك ما يعتلج في مخابئ النفس و طواياها، رجلاً.. عشقه بلسم العشق، رجلاً.. من دون الرجال، ومحبوباً.. من دون البشر، رجلاً.. وهبه الله للإنسانية ليرقى بها فوق الملائكية... إلى الإنسانية العليا...

ويح قلبي يا حبيبي إن لم يكن يرضى بما في المسكنة من عطاء، وما في العذاب من نعيم و ما في الحياة من موت، وما في الموت من اكتمال...

ويح قلبي إن لم يكن يغضب غضبةً ما بعدها سكون، إذ يرى سيرتك العطرة تلوكها الألسنة القذرة، إذ يرى قامتك العالية يتطاول عليها الأقزام، إذ يرى البشرية و قد عميت عن المثل الأعلى لها، و هل هناك أسوأ من زمن لا مثل أعلى له؟ ثم هل هناك أسوأ من زمن يدنس فيه المثل الأعلى؟...

ويح روحي المعذبة هل لعذاباتها من انتهاء بعد ما استشعرت مصير الإنسانية و رأت غلبة المادة و جبروت الجسد...

ويح إنسانيتي الغافية هل تردها صيحة التاريخ أو دمعة الحضارة أو شقاوة المدنية؟..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply