مفهوم الأدب الإسلامي المعنى والوظيفة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

من القضايا التي باتت تشكل هماً معرفياً وحضارياً في الثقافة الإسلامية تلك هي قضية بناء المفاهيم، ذلك أن المفهوم يعد الفضاء المعرفي والحضاري الذي يحدد حركة المعرفة والحضارة لأية أمة ويحدد سماتها التي تعطي للثقافة والحضارة ملامحها الواضحة- إذ أن المفهوم هو وعاء حضاري تتكثف فيه أبعادها الأساسية، اللغة والعقيدة والمنهج التي تحدد تصور الإنسان لله والكون والإنسان، والذي في ضوئه تشتغل العلوم والآداب كافة.

 

لذلك فإن العناية ببناء المفاهيم الإسلامية تعد ضرورة شرعية وحضارية، فهي ضرورة شرعية من حيث إن الانطلاق من القرآن الكريم والسنة المطهرة هو المنهج الذي يحقق إسلامية الحياة بعناصرها كافة ولما كانت المعرفة- هي نتاج التصور لله والعالم والإنسان وهو في الوقت نفسه نتاج العقيدة، فإن أية معرفة لا تعد إسلامية حين لا تنطلق من القرآن الكريم في إدراك الله والعالم والإنسان، كما أنه يمكن أن نعد المعرفة إسلامية حين تنسجم مع حقائق القرآن والسنة والتصور الإسلامي للوجود.

 

أما من حيث كون بناء المفاهيم الإسلامي ضرورة حضارية، فلأن المفاهيم هي بنت النسق الحضاري الذي توحد عناصره للغة والمنهج والعقيدة، ومن خلالهم تتحرك المعطيات الحضارية. العلمية والاقتصادية والاجتماعية والأدبية والفكرية. إلخ. ولذلك فإن استعارة المفاهيم من الأنساق الحضارية الأخرى دون رؤية ونقد وتبصٌّر يحدث خللاً في بنية النسق الحضارية، ومن ثم خللاً في العلاقة بين معطيات الحضارة، لينتهي إلى جملة اضطرابات عقائدية وأخلاقية وفكرية.

 

ومن بين المفاهيم التي يهتم بها هذا البحث، وبصياغتها والكشف عن دلالاتها ووظيفتها الحضارية هو مفهوم (الأدب الإسلامي)، هذا المفهوم الذي أحسب أنه أكثر المفاهيم غياباً عن ساحة الفعل الحضاري الإسلامي، أو أكثر المفاهيم ضبابية من بين المفاهيم السائدة، إسلامياً وغير إسلامي، في حين ينبغي أن يكون أكثر المفاهيم حضوراً في ساحة الحضارة الإسلامية المعاصرة، ذلك أن الأدب هو خلاصة الوعي بالإنسان والحضارة والتاريخ والمستقبل، وهو البناء الجمالي للإنسان والحضارة، إنه الصوت الصارخ دائماً في براري الحياة يتحدى الظلم والجوع والاضطهاد والحقد والحرمان. إنه عشق الإنسان الدائم للحرية والحب والجمال، وإنه صوت الدفاع عن الخير والحقيقة والحرية ضد كل قوى الاستلاب الإنساني.

 

ينطلق البحث من رؤية منهجية قرآنية في صياغة المفهوم إيماناً منا بأن المفاهيم الإسلامية المنضبطة بالقرآن الكريم، المنبثقة من رؤياه للوجود، هي أحكام شرعية علمية شأنها شأن العبادات كالصلاة والصيام.. تتعلق بمسيرة الإنسان والمجتمع والحضارة، وهي تدخل في إطار الفروض المعرفية الإسلامية التي غابت- مع الأسف- عن انشغالات العقل المسلم بسبب خطأ تصورات السائدة عن الدين، هذا فضلاً عن كون عملية بناء المفاهيم تعد أحد أشكال إقامة الوجه للدين.. أخذين بعين الاعتبار أن الأدب هو نشاط جمالي يعتمد الحق والخير والفضيلة منطلقات في بناء الإنسان والمجتمع، وهو أحد أهم أدوات الحفاظ على (الهوية) الحضارية للأمة.

 

ومن أجل إنجاز هذه المهمة رأينا أن يتوزع البحث على المحاور الآتية:

 

أولاً: المفهوم الإسلامي وأسلوب تكوينه.

 

ثانياً: عناصر مفهوم الأدب الإسلامي.

 

1 التوحيد

 

2 الجمال

 

3 الحداثة

 

4 الحق

 

5 الخير

 

ثالثاً: وظيفة الأدب الإسلامي.

 

أسأل الله - عز وجل - التوفيق والسداد، فهو العليم الحكيم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply