أسباب الإسقاط المتكرر وطرق علاجها


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عرف الإسقاط المتكرر بحدوث الإسقاط قبل الأسبوع (20) من الحمل ثلاث مرات متتالية أو أكثر وهي مشكلة تعاني منها ما نسبته 3 % من السيدات، وتزداد مع زيادة العمر فوق (35) عاما، وتتلخص أسباب الإسقاط المتكرر وطرق علاجها بما يلي:

• أسباب وراثية:

• وتشكل 3 5 % من أسباب الإسقاط المتكرر، وهي عبارة عن خلل في الكروموسومات لدى أحد الزوجين أو كليهما وتتسبب في 70 % من إسقاطات الثلث الأول و 30 % من إسقاطات الثلث الثاني من الحمل و 3 % من وفيات الأجنة داخل الرحم، في هذه الحالة تجرى تحاليل للزوجين وللجنين المجهض في محاولة لإيجاد الخلل الكروموسومي إلا أن التحاليل التي تجرى في المختبرات العامة لا تحدد جميع أنواع التشوهات بالكروموسومات. والأسباب الأخرى نتيجة لحدوث مرض وراثي للجنين ناتج عن طفرة في أحد الجينات و الذي لا يتناسب مع الحياة الطبيعية.

• خلل تشريحي في الرحم:

وتشكل 10 15 % من أسباب الإسقاط المتكرر ومن أسباب هذا الخلل التشريحي: -

* خلل خلقي كالحاجز الرحمي ويشكل 70 % من أسباب الخلل التشريحي ويتم تشخيصه عن طريق جهاز الموجات فوق الصوتية المهبلي، وتكمن مشكلة الحاجز الرحمي بأنه يغير من الشكل التشريحي للرحم إضافة إلى احتوائه على شعيرات دموية أقل لا تكون كافية لتغذية الحمل ويتم العلاج غالبا بالتدخل الجراحي بواسطة المنظار الرحمي.

* التصاقات داخل الرحم وقد تنتج عن التهابات رحمية شديدة، أو بعد عمليات التنظيفات أو بعد العمليات الجراحية الرحمية بشكل عام كعملية استئصال الألياف الرحمية.

* الألياف الرحمية وتعتمد في تأثيرها على موقعها من الرحم وتتداخل مع انغراس الجنين في بطانة الرحم فوق الليف ويكون الحل بالتدخل الجراحي بواسطة المنظار الرحمي.

* ارتخاء عنق الرحم ويتسبب في إسقاطات الجزء الثاني من الحمل وليس الأول ويمكن أن يفيد ربط عنق الرحم Macdonald suture بحالات قليلة.

• أسباب هرمونية:

وتشكل 10 15 % من أسباب الإسقاط المتكرر وتتمثل في: -

* نقص في إفراز هرمون البروجسترون (Luteal phase insufficiency) وفي هذه الحالات فقط يمكن اللجوء لعلاجات التثبيت المتعارف عليها كالحبوب والتحاميل وابر Progesterone أو ابر HCG

* الحالات المصابة بمرض السكري والخارجة عن السيطرة وغير المسيطر عليها عن طريق الدواء سواء العلاج الدوائي عن طريق الفم أو ابر الأنسولين، فعدم السيطرة على مرض السكري يرفع من احتماليات الإجهاض والتشوهات الخلقية للأجنة فعلى الطبيب المعالج إجراء الفحوصات الدورية منذ بداية الحمل للسيطرة على هذا الاضطراب

* مرض تكيس المبايض والذي يصاحبه ارتفاع في هرمون LH والذي أثبتت الدراسات دوره في مشاكل العقم والإسقاطات المتكررة، وفي هذه الحالات ينصح بإعطاء علاج Metformin قبل حدوث الحمل وخلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل

* اضطرابات التبويض والتي ينتج عنها بويضات مشوهة أو غير ناضجة أو نضوجها لا يتماشى مع بطانة الرحم، وهذه الحالات تشخص بمراقبة التبويض وتعالج بعلاج الخلل المسبب

 

* أما عن اضطرابات الغدة الدرقية فقد كان الاعتقاد السائد تأثير اضطراباتها على الإسقاطات إلا أن ذلك لم يثبت علميا غير أن اضطرابات الغدد الأخرى تؤثر.

•إصابات جرثومية أو فيروسية

* أي إصابة شديدة جرثومية كانت أو فيروسية يمكن أن تؤدي إلى الإجهاض، أما عن الإصابة بداء القطط Toxoplasmosis أو الحصبة الألمانية Rubella أو Listeriosis أوHerpes فجميعها لم يثبت دورها في الإسقاطات المتكررة والحالات التي تنتج عنها قليلة جدا جدا لدرجة أصبح معها فحص TORCH ذو منفعة محدودة جدا

* إصابة المهبل البكتيرية تسبب الإسقاط في الجزء الثاني من الحمل كما قد تسبب الولادة المبكرة والعلاج في هذه الحالة يتم بالمضادات الحيوية.

* بعض حالات Endometritis تسبب الإسقاط المتكرر وإعطاء علاج Doxycycline يعالج هذه الحالات.

•أسباب بيئية ومنها

- التعرض للإشعاع بكميات كبيرة

- العلاج الكيماوي للسرطان

- التدخين لدى الرجل والمرأة معا

- تناول الكحول بكميات كبيرة

- التعرض لمواد كيماوية مثال على ذلك غاز التخدير، الفورمالين، البنزين، الرصاص، الزرنيخ

- التعرض للصدمات الفيزيائية القوية جدا أما الصدمات الخفيفة فهي فعليا لا تؤثر وإن كانت محط اتهام معظم السيدات.

 

•أسباب تتعلق بجهاز المناعة:

وهي تشكل 3 40 % من الحالات، وحيث أن الجنين نصفه يأتي من الرجل فعلى جسم الأم أن يتفاعل بطريقة لتقبل ذلك الجزء الغريب من غير أن تهاجم الجنين أو ترفضه وهذا دور جهاز المناعة في جسم المرأة الذي يوقف هذا التفاعل بما يسمى Blocking Antibodies

ووجود خلل في هذا النظام يؤدي إلى اعتبار الجنين جسما غريبا يجب مهاجمته ومحاربته لتكون النتيجة الإجهاض المتكرر، ومن الاضطرابات التي تصيب جهاز المناعة وتؤدي إلى خلل في مسار عمله: -

* أمراض جهاز المناعة مثال Systemic Lupus Erythematosus

وفي هذه الحالة يكون جسم السيدة أجسام مضادة ضد نفسه وضد الخلاصة، الأمر الذي يعيق الخلاصة عن أداء وظائفها وانسلاخها مما يؤدي إلى الإجهاض.

* Antiphospholipid syndrome ويشكل 15 % من أمراض جهاز المناعة ويصاحبه ارتفاع في:

- Antiphospholipid antibodies

- Anticardiolipin antibodies

-Lupus Anticoagulant

وكذلك خلل في تجلط الدم وأحيانا أخرى نقص في الصفائح الدموية Thrombocytopenia

كل هذه الأمور تؤدي إلى حدوث تجلطات في الخلاصة مما يسبب الإجهاض.

كما أن تلك الحالة تتعارض مع وظيفة الخلاصة بإحداث اضطرابات أخرى غير التجلط تؤدي إلى الإجهاض المتكرر إلى جانب خلل في نمو الجنين.

Intrauterine growth Retardation أو الولادة المبكرة Preterm Labour وارتفاع ضغط الدم في أحيان أخرى، وتشخيص هذه الحالة يتم بعمل فحص Antiphospholipid antibodies وإعادته بعد (6) أسابيع من الفحص الأول، ويتم علاج مثل هذه الحالات أما بالأسبرين لوحده بفرص نجاح 40 % أو بمصاحبة إبر Heparin بفرصة نجاح70 % حتى بداية الشهر التاسع.

وقد اختلفت الدراسات على فعالية Prednisolone في هذه الحالات لترجح بعض الدراسات فائدته حتى نهاية الشهر الثالث.

و هنالك طرق أخرى للعلاج حيث يتم في بعض الأحيان إعطاء جرعات للأم من كريات الدم البيضاء للأب (كمطعوم) لتجهيز جهاز المناعة ومنع الأم من التفاعل، أو إعطاء جرعات عالية من IgG في محاولة لتخفيف تفاعل المرأة، وهذه الوسائل أعطت نفس النتائج التي تحققها ابر Heparin و الأسبرين.

• خلل في جهاز التجلط Thrombophilic defect.

وهذه الحالة يصاحبها زيادة في مثبطات التجلط الطبيعية (Natural inhibitors of Coagulation):

- Antithrombin m

- Protein C

- Protein S

وكذلك حالات Hyperhomocystinaemia، بالإضافة إلى ذلك وجد أن هناك حالات تصاحب الإسقاط المتكرر هي مقاومة بروتين سي المنشط (Activated Protein C resistance) وتكون نتيجة أسباب خلقية يصاحبها خلل في جين معامل ليدن الخامس((Leiden) 5 Factor) أما عن وجود أسباب مكتسبة فهي نادرة.

• حالات الإسقاط غير معروف السبب تشكل 40 % من حالات الإسقاط المتكرر.

قسم منها يكون خلل في الكروموسومات غير مشخص وقسم خلل في جهاز المناعة غير مشخص وفي هذه الحالة قد ينفع دواء الهيباين(Heparin) أو الأسبرين Aspirin وأعظم علاج لحالات الإسقاط غير معروف السبب الدعم النفسي بدون إعطاء علاج دوائي وقد نجح ما يقارب 75 % من الحالات.

و بشكل عام فإننا نقدم النصائح التالية للذين يعانون من الإسقاط المتكرر: -

- إيقاف التدخين للزوجين

- مراعاة توفير حياة صحية عامة بغذاء صحي متكامل

- عدم تناول المشروبات الروحية بكميات كبيرة والتحديد منها

- أخذ أقراص حامض الفوليك Folic Acid من قبل الزوجة

- ممارسة الرياضة اليومية (وليست العنيفة) بانتظام

- المحافظة على الوزن المثالي للسيدات

- المحافظة على روح معنوية عالية وتقديم الدعم النفسي المستمر للزوجة

وينصح بإجراء الفحوصات التالية في حالات الإسقاط المتكرر: -

- فحص كروموسومات للزوجين

- فحص كروموسومات الأجنة بعد الإسقاط

- فحص الرحم بجهاز الموجات الصوتية (المهبلي)

- فحص المبايض بنفس الجهاز سابق الذكر

- إجراء فحص للرحم عن طريق التنظير الرحمي

- فحص للدم من الأجسام المضادة مثل:

-للدهون الفسفاتية (Antiphospholipid Antibodies)

- Anticardiolipin antibodies

-Lupus Anticoagulant

  

ويجب إعادة الفحص بعد ستة أسابيع. وفي بعض الحالات يلزم فحص مضادات الأجسام النووي(Fluorecent Antinuclear antibodies ANA)

تجدر الإشارة هنا إلى دراسة حديثة حول:

العقاقير المضادة للاتهابات (و اليست المضادات الحيوية)و التي تستخدم بكثرة لآلام المفاصل و الروماتيزم(Nonsteroidal antiinflamatory drugs) مثل الاندوميثازين Indometrocin() و الأسبرين (Aspirin)بأنها تزيد من احتماليات الإجهاض في الحمل الطبيعي.

كما أن دراسة حول الأدوية المضادة للأكسدة ()Antioxidants مثل فيتامين أي (vit-E 1000 mg) تساعد في تثبيت الحمل وخاصة في حالات السكري، إلا أنها حتى الآن لم تثبت منفعتها في حالات الإجهاض المتكرر لأسباب غير معروفة.

بقي القول بأن دراسة الحالة من جميع الجهات هي دور الأخصائي وهو الوحيد القادر على توجيه الزوجين للاتجاه السليم، دون تدخل تخبطات وخزعبلات العامة وهو أمر ليس بالسهولة التي يظنها البعض مع أمنياتنا لجميع الأمهات بحمل صحي وولادة يسرة.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply