تلعثم الأطفال


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تعتمد حياة الإنسان على اللغة والكلام للاتصال والتفاهم مع الآخرين، وتبدأ اللغة مع الإنسان ساعة ولادته، فقد يبكي المولود لحاجته إلى صدر أمه ليتغذى ويشعر بالدفء والحنان، ثم يتطور بكاء الطفل حتى يتعلم أولى كلماته في سن عشرة أشهر، ثم تزداد خبرته في تعلم الكلمات مع تطور عمره وتفهم البيئة المحيطة به والتكيف معها، ويحاول الأهل مساعدته وتدريبه على نطق الكلمات والجمل، وقد يفلح الطفل والأهل، وتنجح عملية التنشئة اللغوية، وقد تخفق العملية لأسباب متعددة، فيتعثر الطفل أو يتأخر أو يصاب باللجلجة أو الخمخمة (الخنف) أو التلعثم أو غير ذلك من أمراض الكلام المختلفة.

والتلعثم أحد أمراض الكلام، وهو عدم مقدرة الطفل على التكلم بسهولة، إذ يجد صعوبة في التعبير عما يريدº فنجده شاردًا وهو يتحدث، كأنه يفكر في كل كلمة. وتستغرق منه هذه العملية وقتًا طويلاً، وقد يخطئ ثم يصحح لنفسه ما يشعره بالرهبة والخوف ممن حوله، وقد يشفى الطفل من تلعثمه، وقد يعاوده مرة أخرى بعد سنوات إذا تعرض لصدمة نفسية. وإذا استمر هذا العيب حتى مرحلة الصبا فإن هذا يدل على وجود اضطرابات حقيقية.

والمرجح أن هناك أسبابًا عديدة وراء ظاهرة التلعثم منها ما هو عضوي ومنها ما هو نفسي:

 

الأسباب العضوية:

قد يعاني الطفل نقص أو اختلال الجهاز العصبي المركزي، واضطراب الأعصاب المتحكمة في الكلام مثل اختلال أربطة اللسان، أو إصابة المراكز الكلامية في المخ بتلف أو نزيف أو ورم أو مرض عضوي، وتسبب عيوب الجهاز الكلامي بعض عيوب النطق خصوصًا عيوب الشفة العليا وسقف الحلق. وقد يعاني الطفل ضعف السمع ما يجعله عاجزًا عن التقاط الكلمات أو الأصوات الصحيحة.

ـ وللصحة العامة للطفل بوجه عام أثرها الكبير في حيوته وذكائه وقدرته على الكلام.

ـ ربما لا يتنفس الطفل تنفسًا كافيًا قبل بدء الكلام، فينطق بكلمة أو كلمتين، ثم يتوقف ليتنفس، وهكذا فيكون كلامه متقطعًا.

 

الأسباب النفسية:

ـ القلق النفسي وعدم الشعور بالأمن والطمأنينة، والصدمات الانفعالية، والشعور بالنقص.

ـ قد يكون التلعثم بسبب ولادة صغير يشارك الطفل في والديه، أو بسبب غياب أحد الوالدين أو مربية اعتاد الطفل رؤيتها.

ـ قد يكون التلعثم بسبب وضع الطفل في مواقف تفوق سنه ومطالبته بالتعامل معها.

ويحتاج علاج التلعثم إلى تعاون الآباء وصبرهم، إذ إن قلقهم يزيد من المشكلة وتنحصر خطوات العلاج في:

 

* العلاج الطبي:

إذا كان الطفل ضعيفًا أو يعاني اختلال الجهاز العصبي، وأجهزة الكلام والسمع فينبغي عرضه على الطبيب للعلاج الطبي أو الجراحي حتى لا تتفاقم عيوب الكلام كلما اعتلت صحة الطفل.

 

* العلاج النفسي:

ويعتمد على تعاون الآباء وسلوكهم نحو الطفل المتلعثم، فكلما وجد صعوبة في النطق وجب تشجيعه ليطمئن ويستمر في الكلام، وألا نشعره بما ينتابنا من الألم والقلق على حالته.

* العلاج الديني والأدبي:

أثبتت الدراسات التربوية الحديثة أن الاتجاه المناسب للإعداد اللغوي للطفل يبدأ بتحفيظه القرآن الكريم منذ صغره (خصوصًا قصار السور) لما للقرآن من أثر حاسم في تقوية اللسان وتنمية ملكة البيان، وبحكاية قصص الأنبياء والصحابة له بصورة ميسرة، وترويته من الشعر أيسره مع الاستماع لما يقوله بأذن مصغية ونفس هادئة لتشجيعه على الكلام حتى يتخلص نهائيًا من عيوب الكلام.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply