يوم ليس كبقية الأيام


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 في ليلة من ليالي الأُنس ماضية، نستقبل فيها أجمل آيات التهاني والتبريكات، وتنقل لنا الإذاعة والتلفاز خير قدوم عزيز علينا.

ليلةٌ قضيتها وزهور الود تكتنفني من كل جانب، أحسست أنّني في عالم جديد ليس لي به أيّ اتصال مسبق.

يومُهُ كبقية الأيام، فهذه الشمس تشرق في سمائه، ثم تسير إلى الزوال، وهؤلاء الناس ينامون ويستيقظون، يأكلون ويشربون، لا أظنّه يختلف عن بقية الأيام في هذه الآلية المعتادة.

ولكنه يوم ليس كبقية أيامنا المعهودة، سرت في نفوسنا نشوة الزمن الغابر، وذكرى حلمها العابر.

إنها ليلة عيد الفطر المبارك ويومه، الكُلٌّ سُعداء، ولا ترى من الجميع غير عبارات التهاني والأشواق، كل عام وأنتم بخير، «من العائدين»، «من الفائزين» ما أروعه من يوم، أحسست فيه بطهارة النفوس، نفوس تعلوها المحبة، وتزكوها السعادة، نفوس تبعث في الآفاق دويٍ,اً «هائلاً» من المعاني الإسلامية الجمة. كم دمعة حائرة ـ في ذلك اليوم ـ أطفأت نيران حبيب مفقود، وذكرى أملٍ, معقود!

وكم من خليل اشتاق لخليله! وآخر فقد عزيزاً عليه، فلم يجدهُ أمامه، ووجد نُصب عينيه أشباح ذكراه المفقودة.

كم من بئيس ـ في هذا اليوم ـ تخنقهُ عبرات حرّى! فهو شريد بعيد عن وطنه، ودماء وطنيته تتفجر في عروق حياته قائلة له: وطن مسلوب، ولابد يوماً أن تعود.

كم من أب يئن، وأم تحن، وأخرى ثكلى، وطفل يتيم! كم من مسلم يحمل بين جوانحه أعباء أمته التي تتخبط في دعوات الضلال، وتستمع لأوباش الغرب في كل هجوم كاسح على عروبتها وإسلاميتها.

كم من عذراء سُلبت حريتها، وأضاعت عفتها تحت تأثير أضواء العلمانية المجنونة!

كم من مسلم، بل كل المسلمين يجيبون أنين القدس بأنين ثكلى، ويبعثون أشجانهم في كل عيد إلى ذلك الحرم المقدس الذي دنسته أيدي اليهود، وما عدنا نعرف منه سوى الاسمية فقط.

كم وكم وكم! ولكننا مسلمون، نقولها بكلمة واحدة، وقلب واحد.

إننا في ذلك اليوم رغم مآسينا والجراح نحمل تاج إسلاميتنا، وتتفجر عواطفنا في قلوبنا سعادة وفرحة، ليست كأي سعادة، ولا كأي فرحة.

إنه ذلك اليوم يوم عيد الفطر المبارك من عام تسعة عشر وأربعمائة وألفٍ, للهجرة، من مقر مدينة الرياض، دوت صرخة العيد، ونشوة الفرح، صرخة تعلو وتعلو إلى الآفاق فتصل إلى أذن كل مسلم، في كل بقعة من بقاع العالم الإسلامي، تهنئة صادقة بحلول العيد الذي نسأل الله فيه أن يتقبل صيامنا وقيامنا، وأن يعيده علينا أعواماً عديدة، والأمة الإسلامية بكل خير، وأُلفةٍ,، ووئام، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply