القيادي البارز في حركة حماس ووزير الخارجية السابق د محمود الزهار لـ (البيان)


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سنواجـه أي تدخل دولي في قطاع غزة بالمقاومة والمؤامرات ضدنا لن تتوقف وأي خطة قادمة ستفشل

أكد الدكتور محمود الزهار أبرز قياديي حركة المقاومة الإسلامـية «حماس» ووزير الخارجية السابق أن حركته لم تكن ترغب في الحسم العسكري في قطاع غزة، مشدداً أنه كان لا بد من الدفاع عن النفس بعد أن وصلت الأمور إلى حد لا يطاق، وأشار إلى أن حركته كانت أمام خيار واحد وهو أن تدافع عن نفسك وأن تنجح وإلا فسيتم تمزيق لحمك وعرضك وإلقائك في الشارع وأن يسود مشروع التعاون الأمني مع الصهاينة المحتلين.

 

ورفض الدكتور الزهار في حوار خاص مع مجلَّة البيان عودة الأمور إلى سابق عهدها من قتل للأئمة وإطلاق النار على الوزارات وأشكال الفساد الأخرى، لافتاً إلى أن حركـته لا تمانع من عودة الرئيس محمود عباس إلى غزة، مؤكداً على ضـرورة صـياغة الأجهزة الأمنية على أساس مشروع وطني وليـس على أساس التعاون مع الصهاينة، وإليكم الحوار كاملاً:

 

البيان: نـبـدأ مـن قرار الحسم العسكري الذي أقدمتم عليـه مؤخراً في غزة: ما هي الظروف والمعطيات التي دفعـت بالحـركة إلى اتخـاذ هذا القـرار وخاصة أن هناك مــن قـال إن حـمـاس أقـدمـت على هـذه الخـطـوة وهـي لا تدرك تبعاتها؟

 من قال هذا الكلام هو نفسه من قال إن حماس كانت غير مدركة لدخولها الانتخابات، وأنها فوجئت بنتائجها، وأنها أيضاً كانت غير مدركة للضغوط التي كانت تواجهها في تشكيلها للحكومة لوحدها، وأن حماس عندما ذهبت إلى مكة وقعت في فخ وورطت نفسها في برنامج المقاومة عندما اختار آخرون (أوسلو).

 

كانت النهاية واضحة لدينا بالنسبة للحسم العسكريº فنحن تعرضنا لحصار (أبو مازن) ومجموعته ونجحنا في تحمٌّله، وواجهنا الاعتصامات والتظاهرات العسكرية التي قامت بها أجهزة الأمن وتجنبناها، ثم دخلنا في مواجهات داخلية حتى ونحن في مكة، وكانت الرسالة واضحة لدينا: 36 مليون دولار من الخارج وأسلحة وعـتاد عسـكري دخـلت عـن طريق أكـثـر مـن مصــدر وشـاحــنات محمـلة بالعـتاد العـسكري والكـل يدرك هذا الكلام. وهـناك تقارير داخلية بأن ساحة الحسـم ستــكون مـن جـانبهمº ومن ثم كنا نعلم أن الطـرف الآخر قرر الحسم العسـكري ضـــدنا، واستمـعنا جمـيـعـاً لمــن قـال أمام شـاشـات الـتلـفـزيون مـن هـذا التـيار الخـياني إن لديـنا جـيـشـاً يغـطــي وجــه الشمــس، وهم لا يستحملون معنا (غَلوَة).

 

ولذلك فإن من قرَّر عملية الحسم هو الطرف الآخر، وبناء عليه كان أمامنا خيار واحد هو: أن تدافع عن نفسـك وأن تنجـح وإلا فسوف يُُمـزق لحمك وعرضـك وتلقى في الشـارع، ثم تكون سيادة مشروع التعاون الأمـنـي مع الصهـايـنـة، وهـي لحـظة ـ رغماً عنا ـ كان لا بد أن نواجهها بالحسم العسكري.

 

البيان: لماذا لم تنسق حماس غزة مع الضفة وهي تعلم اختلال الموازين في ذلك؟ وهل كنتم مدركين أبعاد الموضوع كما حصل الآن؟

كانت الصورة واضحة: في الضفة لدينا الاحتلال الصهيوني كان يمارس الاعتقالات بحق أبنائنا في كل يوم، إلى أن وصل عدد المعتقلين إلى 11 ألـف معـتقل أغلبيـتهم مـن حماس، كما أن هؤلاء الشباب الذين ترونهم في التلفاز حالقي الرؤوس والذين أحرقوا المجلس التشريعي واختطفوا الناس من منازلهم وارتكبوا جرائم معروفة كنا نعلم أنهم ما زالوا موجودين. وكنا نعلم أن ما يتم في غزة سوف يتم في الضفة، وما توقعناه قد حدثº ورغم ذلك اتخذنا قرارنا بالحسم في غزةº لأنه فُرِضَ علينا ولا مفر منه. والآن إذا فرض عليـنا الصـبر في الضـفة الغربية فنحن صابرون، وإن سألتني: إلى متى؟ فأنا اعتقد أن الخاسر في هذا الموضوع أبو مازن ومجموعته.

 

البيان: هناك من يرى أن ما حدث في غزة من حسم عسكري كان انقلاباً على السلطة الفلسطينية؟

بداية أحب أن أوضح من هي السلـطة الفلسـطينية، ومـن الذي انقلب عليها؟ السلطة هي رئاسة وحكومة ومجلس تشريعي. فأما الرئاسـة فهـي عند أبو مازن، والحــكـومـة والمجـلـس التشـريـعـي لدى حمـاس، إذاً السـؤال: نحن انقلبنا عـلـى مـن؟! هـل الحـكومـة الشـرعية انقلبت على الحكومة غير الشرعية؟ فالانقلاب عادة يوصف بأنه انقلابُ ما هو شرعي على ما هو ليس بشرعي.

 

ومن البداية كانت هناك محاولة انقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية وعلى الحكومة التي شكلتها حماس بمفردها، وخطة الأمن التي وضعتها وكانت موجودة أيضاً في عهد الرئيس ياسر عرفـات، ألم يطلقوا النار على (أبو مازن) وحكومته التي شكلها؟ وعمدوا على أن يضـطر إلى تقديم استقالته وحكومته، وأيضاً أطلق الرصـاص علـى (أبـو مـازن) فـي اليوم الثالث من بيت عزاء الرئيس عرفات في غزة، ومن ثم هؤلاء الناس هم أنفسهم الذين انقلبوا على كافة وزراء الداخلية السابقين في عهد حماس وعهد فتح.

 

البيان: ما هو أفــق الجـلوس مع أبو مازن للحوار، وفي حال جلوسكم معه هل تتوقعون إعادة مقرات الأجهزة والعتاد الذي تمت السيطرة عليه لسلطة أبو مازن؟

لا يمكن القبول بعودة الوضع السيئ الماضي من قتل للأئمة وإطلاق نار على الوزارات وأشكال الفساد الأخرى، وإن أراد الرئيس العودة إلى غزة فأهلاً وسهلاً بهº أما أن تعود الأجهزة الأمنية كما في السابق فهو أمر مستحيل. بل يجب إعادة صياغة الأجهزة الأمنية على أساس مشروع وطني لا على تعاون صـهيوني، ومن ثم لن نمنع عودة الرئيس. والمنتدى الرئاسي الخاص به موجود، ومنزله أيضاً موجود ولم يمس.

 

البيان: إذاً هل كلامك هذا يُفهم منه شروط لعودة (أبو مازن) وإعادة الأجهزة الأمنية؟

ليست شروطاً إنما إن أراد الرئيس عباس ربط عودته بعودة الأجهزة الأمنية كما في السابق فهذا هو موقفنا.

 

البيان: على الرغم من أن عملية التطهير التي قادتها حماس في قطاع غزة مؤخراً قد حملت هدفاً هاماً وسامياً كما أعلنتم..إلا أن هذه العملية لم تطح برؤوس الفتنة وإنما انتقلوا إلى الضفة الغربية... هل باعتقادكم نجحتم في تحقيق أهداف هذه العملية؟

نحن لم يكن لدينا رغبة في أن نصل إلى هذه الحالة، وكنا نقول إن هـذا الوضع لا نرغـبه، ودعـونا الله أن لا يحصل ما حصل، ولكن عندما وصلت هذه الأمور إلى هذه الحالة كان لا بد من الدفاع عن النفس، وكانت هذه النتائج.

أمــا ســؤالـك: أنَّـا قد حقـقـنـا ما نريده؟ فانا أقول «لا» فنحن على الأقل منعنا ما كان يخططون لهº فهم أرادوا أن يقضوا على المقاومة وتحديداً حماس، والكل سمع من قال إن من يطلق صاروخاً فاقتلوه، ومنهم من قال إنَّ قتـالهم لحماس لا يأخذ الوقت معهــم «غـلوة» قـاصــداً حـماس، ومـن ثم نحـن منعنا جرائم كانت ترتكـب وسيرتكب غيرها في حقنا وحـق المقاومة. لم يكن في حساباتنا أن نحقـق هدفاً، لكن ما حدث من قِبَلهم هـو الـذي دفعـنـا إلى ذلكº فأهـدافـنا ما هي إلا برنامج إصلاحي وجئنا بالانتـخابات الشرعية، ونحن قبل ذلك كنا نمـتلك السلاح، وكانت لدينا القوةº لكننا لم ننقلب على السلطة رغم أنهم سجـنونا وصادروا أسلحتنا ومنـعونا مـن العمل والوظيفة، ولذلك تجنبنا بعملنا هذا مزيداً من الشر.

 

البيان: ما بعد الحسم.. أنتم الآن أمام مليون ونصف مليون فلسطيني، وأنتم محاصَرون من كل النواحيº فكيف ستتدبرون أمركم؟

الشعب الفلسطيـني محاصر منذ سنوات طويلة وكان (أبو عمار) محاصراً، وعليه فالحصار ليس جديداً، والمعابر أغلقت سنوات طويلة، وضربت الوزارات وكل مناحي الحياة، والآن يتم تصوير الأمر على أن حماس هي التي أتت بالحصار والجوعº فهذا كلام غير صحيح.

 

البيان: ألا يدفعكم ذلك إلى التفاوض مع الصهاينة في القضايا الإنسانية والحياتية اليومية، أم سيكون من ذلك خلال طرف ثالث؟

التنسيق موجود من قِبَل موظفين سابقين في السلطة الفلسطينية في المعابر وغيرها، والأمر مجرد تنسيق إداري مهني وليس تنسيقاً سياسياً وأمنياً.

 

البيان: سيطرة حماس على غزة وُوجهت بتخوفات عربية ودولية من أن حماس تسعى لإقامة إمارة إسلامية في غزة، فكيف تنظرون إلى هذه التخوفات؟

أولاً حماس مسيطرة على الضفة وغزة وبذلك شكلت الحكومة الشرعية المنتخبةº فالأمر المنطقي أن نسيطر على الضفة وغزة بحكم الانتخابات، ولكننا وُوجهنا بنزع الصلاحيات منا، ولكنهم فشلوا في الاستمرار في ذلك، فلجؤوا إلى اتخاذ قرارات بالحسم العسكري ضدن خيار الشعب فخسروا، ولذلك فإن مسارنا مسار سليم.

وفـيما يتـعلق بخـوف الـدول العربيـة أؤكد أنه لا علاقة لنا في الشـأن الداخـلي لأي دولة عربية، يجـب أن يكـون هنـاك منطق في التعامل مع الأمرº والذي حدث هو درء مفسـدة وإبعـاد الفلسـطينـيين من حالة التدهور.

 

ونحـن لسـنا (إمـارة) ولـسنا دولـةº نحـن جزء بسيط من فلسطين يمثل تقريباً 2% من فلسطين، والكل هنا يعيش حسب عقيدته ولا إكراه في الدين، ومحاولة إرضاء أمريكا بأن هذه إمارة دينية أو أنها حماستان كما زعموا هذا كله حديث جواسيس يقدمون أنفسهم لأمريكا من أجل دولارين أو ثلاثة دولارات.

 

البيان: كيف ستـتعامـل الحكومة مـع العـائلات الـتي تحمل السلاح ولـها ضلع فـي المشـاكـل الأمــنيـة في غزة؟

سنسعى إلى عمل مشروع مصالحة وطنية بين العائلات لتفكيك هذه الأزمة التي حدثت في الفترة الأخيرة، ولكن طالما أن الوضع بهذه الطريقة فلا يمكن أن نقوم بهذا الأمر، ولا بد من الانتهاء من كل ما يهدد الأمن في القطاع.

 

البيان: بالنسبة لحركة فتح في غزة وتحديداً ما يعرف بالتيار الشريف في الحركة ما هي نوعية العلاقة الحالية بينكم وبينهم؟

 

أنا ضد إطلاق مصطلح التيار الشريفº لأن ما حدث في فتح أن هناك تياراً تم اختطافه باتجاه أمريكا والمحتلين الصهاينة، ومن ثم فإن فتح الموجودة الحالية بدون أوصاف هي مستفيدة من التخلص من هذا التيار فلتعيد ترتيب أوراقها ولن نتدخل في هذا الأمر.

 

البيان: أفـهم مـن حـديثـك أنـكـم لا تقدمون أياً من الدعم لهم؟

بالمطلق لم نقدم أي دعم ولم نتدخل في شأنهم، لكن هم مواطنون لهـم حقوق المواطـنة وعلـيـنا أن نـوفرها لهم كالأمن والحماية، ولكن لن نتـدخل فـي شـأنهم ونحن لن نلعب هـذه اللعـبة.

 

البيان: كيف ستتعامل حكومتكم مع قرارات أبو مازن الأخيرة بنزع الأسلـحة والإعـفـاء مـن الضـرائب وما سيقوله لاحقاً؟

هذه قرارات غير شرعية وفقاً للقانون الأساسي الذي وضعته فتح نفسها، ومن ثَم نحاسبهم بموجب هذا القانون، وهذه القرارات ستعرِّض حكومة سلام فياض ومن شارك فيها إلى المساءلة القانونية.

 

البيان: هل بعد عملية الحسم الميداني تتوقعون أن تستمر محاولات الانقلاب عليكمº بمعنى: هل ستكون خطة دايتون جديدة؟

المؤامرات ضدنا لن تتوقف، وإن شاء الله أي خطة قادمة على غرار خطة دايتون ستفشل.

 

البيان: ما استـراتيجـية الحـركة لو تم اجتياح غزة وإقصاء حكومة حماس بالقوة؟

أبو مازن طلب من الصهاينة أن تجتاح القطاع ورفضت الأخيرةº فإذا قررت ذلك، فإن حماس ستقاوم وستنتصر بإذن الله، وعندنا من الأسلحة ومن نوعية الرجال ما تستطيع أن نقاوم.

 

البيان: كيف ستتعامل حماس مع أي تدخل دولي في قطاع غزة؟

هذا أمر مرفوض، وهذه القوات مرفوضة ولن يسمح لها بالدخول، وإذا دخلت بالقوة فسنقاومها.

 

البيان: هل تقبل حماس بحكومة مستقلين كمخرج للازمة؟

هذا الأمر ليس مطروحاً الآن، وإن طرح فسنقوم بدراسته.

 

البيان: ما هي خطتكم القادمة في إدارة قطاع غزة؟

نحن سنرمم ما دمره الاحتلال وما دمره الفساد، ونوفر الأمن أكثر فأكثر، ونجعل حياة المواطنين أكثر هدوءاً وراحـة، وأظن أن هذه شهادة كل النـاس فـي غزة الآن وحتى الأجانب منهم.

 

وأيضاً سنـهتم بقضـية الاقـتصادº لأنه في تصوري مهم جداًº وفي تحقيق هذين الأمرين تحقيق لأهدافنا الأخرى.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply