عدنان النحوي في حوار مع مجلة أقلام الإلكترونية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الدكتور عدنان النحوي من أبناء فلسطين المحتلة..رجل أكاديمي وزميل في هندسة الاتصالات والهندسة الكهربية، وهو باحث شرعي وعضو الندوة العالمية للآداب بالهند والهيئة العربية العليا بفلسطين وغيرها، وله إنتاج غزير يزيد على السبعين كتابا، وقد ترجمت معظم أعماله إلى الإنجليزية والتركية والأوردية، هذا بالإضافة إلى إنتاجه بالعربية في البناء والتربية والدعوة والتوحيد وفقه الواقع، كما أن له المئات من المقالات والندوات والأشعار، بالإضافة إلى مساهماته الكبيرة في المؤتمرات الدولية... كان لنا معه هذا اللقاء بالقاهرة.

 

* سعادة الدكتور هل قام الأدب الإسلامي في نظركم بدوره في معالجة قضايا الأمة على امتداد الساحة العالمية؟

 

الأدب الإسلامي استأنف مسيرته حديثاً واستطاع حتى الآن أن يخطو خطوات إيجابية هامة، أهمها جمع كلمة الأدباء المسلمين في رابطة عالمية امتدت إلى أقطار كثيرة على امتداد رقعة العالم الإسلامي.

 

ومن خلال ذلك عالج الأدب الإسلامي بعض قضايا الإسلام، ومازال أمامه مراحل وخطوات يجب أن يقوم بها. ولكن اللافت للنظر هو أن الأديب المسلم أو بعض الأدباء المسلمين لم يقتصر نشاطهم على ميدان الأدب وحده، إنما امتد إلى مجال الفكر والدعوة وما ينطوي تحتها من ميادين وساحات وعالجوا كذلك بعض قضايا الإسلام من خلال هذه الميادين، وارتبط الأدب الإسلامي بذلك بالفكر والدعوة ارتباطا نظريا وعمليا.

 

ومازال أمام المسيرة في هذه الميادين كلها معوقات وعقبات تحتاج إلى صبر ومثابرة على نهج مدروس وخطة واعية، عسى أن يحقق الأدب الإسلامي نجاحاً أكبر بإذن الله.

 

* يقول البعض إن الأدب الإسلامي بدعة حديثة تدفن الأدب كله في تراب التجريم.. فما رأيكم؟

 

آسف أن أسمع من أي أديب مهما كان اتجاهه مثل هذا القول، يفترض في الأديب أن يعرف حقائق أمته وتاريخها، وأكثر هذه الحقائق الثابتة دلالة هي أن الأدب الإسلامي قديم النشأة انطلق عملياً مع انطلاق النبوة الخاتمة. وجاء الإسلام فنقل الإنسان والمجتمع والبشرية نقلة هائلة أيضاً، فلم تعد العربية لغة شعب واحد، وإنما أصبحت لغة للوحي والنبوة والكتاب المبين ولغة الأمة المسلمة على مدى الدهر، لغة المسلم في حياته كلها، وفي آدابه. وتمثلت هذه الظاهرة العظيمة في واقع المسلمين مع امتداد أرض الإسلام، فأقبلت الشعوب على الإسلام إيماناً ويقيناً وأقبلت على اللغة العربية رغبة وانبهاراً بعبقريتها، فكتبوا بها أدبهم وفكرهم وعطاءهم. واستمر ذلك حتى ضعف المسلمون وغلب الجهل ووهنت قوتهم ودال سلطانهم.

 

ومن اللحظة الأولى انطلق الأدب الإسلامي في نقلة كبيرة بعد أن تغير الفكر والكلمة والعاطفة والتحمت كلها في بوتقة الإيمان والتوحيد. ولكن لم يكن آنذاك مصطلح خاص لهذا النشاط وذاك. وإنما كانت الخصائص تتمثل في الأدب لتقول هذا هو الأدب الإسلامي الإنساني، العالمي في أروع تحليقاته. لم يكن فن مصطلح الأدب الإسلامي آنذاك معروفاً، فظن بعضهم أن عدم وجود المصطلح يعنى عدم وجود الأدب الإسلامي وهذا خطأ أحرى بالأديب أن يبرأ منه وأن يقبل على الأدب الإسلامي ليتعلم منه مبدأ العدل والإنصاف وكثيراً غير ذلك. الإسلام حاجة ماسة للإنسان، لكل إنسان، للبشرية كلها، ليخرجها من الظلمات إلى النور. وكذلك الأدب الإسلامي حاجة للبشرية كلها.

 

* قصيدة النثر ظاهرة أدبية ظهرت على السطح حيث يتخلى الشاعر عن الوزن والقافية وبحور الشعر ويرى أنه لا ضرورة لموسيقى الشعر. فما رأيكم؟

 

في واقعنا اليوم ظواهر ومظاهر شتى، ومن بينها ظاهرة التناقض فالتعبير \" قصيدة النثر\" تعبير متناقض. الكلام في اللغة العربية إما نثر وإما شعر. ولكل خصائصه وجماله إذا توفرت الخصائص الإيمانية والمقومات الفنية.

 

هذا التعبير وفد إلى بلادنا عن طريق الحداثة التي نقلت تصورات للشعر مضطربة متناقضة تائهة في تبعية واضحة لحداثة الغرب نفسها التي أخذ الكثيرون في الغرب يتبرأون منها.

 

قصيدة النثر مصطلح مرفوض وتصور خاطئ، الشعر في شكله في اللغة العربية هو الذي بنته آلاف السنين كما نبتت القواعد النحوية والبلاغية دون وجود مصطلحات لها ودون وجود لجان تخترع، وإنما ظهر علماء اكتشفوا الخصائص الثابتة في نسيج اللغة العربية وفي بنائها، ولو أجزنا تغيير مفهوم الشعر أو شكله، لأجزنا تغيير النحو والصرف والبلاغة.. وأعداؤنا يدركون ذلك والحداثة تدرك ذلك، وهم يسيرون على نهج ومخطط يهدف إلي تدمير اللغة العربية وبنائها ونسيجها حتى لا يقوى المسلم على تدبر منهاج الله، وفهمه بذلك يوجهون الضربة الثانية للإسلام عن طريق الأدب. ولقد كانت جهودهم في ذلك مكثفة قوية نشطة أثرت في واقعنا وفي واقع الأدباء المسلمين.

 

أدوات هذا المصطلح المضطرب أدوات تدمير للفكر والعقل والدين، وتعطيل لأدوات الحق الضرورية في بناء الإنسان: فكيف يمكن أن يكون الغموض والرمز التائه والكلام الذي لا يفهمه قائله ولا سامعه، كيف يكون هذا أدباً أو بناءً أو إصلاحاً. إنه تيه عبّر الحداثيون أنفسهم عنه بأنه تيه وضياع. وانظر ماذا يقول أدونيس وغيره وهم جريئون في ذلك جاهدون في التدمير والإفساد.

 

لا مجال للمصطلح ولا لأدواته في ميدان الإسلام ولا أدبه ولا فكره. ولقد كتبت كتاباً في ذلك بعنوان \" الشعر المتفلت بين التفعيلة والنثر وخطره\" وربما كان يكفى أن يسمى الكلام المتفلت.. فلا هذا ولا ذاك بشعر. الجمال الفني المقرر في اللغة العربية سماه القرآن بياناً، وسماه الأدباء بيانا رسماه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيانا، فهو عكس الغموض. والرمز الجميل الذي لا يقتل البيان تبرزه قواعد البلاغة والبيان في اللغة العربية.

 

* باعتباركم من شعراء المقاومة الفلسطينية هل نال أدب المقاومة ما يستحق ـ وما دور الأدب الإسلامي في تبنيه؟

 

شعر المقاومة الفلسطينية. عالج قضية المسلمين الأولى، وقد كان قليلاً أول أمره ثم اشتد عوده ونمت ثماره وازداد خصوبة في الواقع اليوم. وهو أدب أو شعر متعدد الاتجاهات، ففيه الاتجاه اليساري، وفيه ما يعلن إلحاده وكفره دون حياء وفيه الأدب الملتزم بالإسلام. وهذا الأدب أعتقد أنه بدأ يتميز في فلسطين مع أوائل الأربعينيات حتى نما اليوم. وأصبح كما جيداً ونوعاً جيداً. وله منزلته الكريمة في الأدب الإسلامي.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply