حوار مع كفيف مبدع


 

بسم الله الرحمن الرحيم

فقدنا حواسنا وأعضاءنا...لكننا لم نفقد القدرة على الإبداع والتميّز

فقد بصره على أعتاب المرحلة الجامعية، فقرر المواصلة -على الرغم من العقبات- إلى أن حصل على درجة البكالوريوس من كلية أصول الدين، ثم الماجستير في التفسير وعلوم القرآن، وهاهو يعمل مدرساً للقرآن الكريم والتفسير، أما عن قدراته فهي متعددةº فقد رأيت كيف يستخدم الكمبيوتر من خلال برنامج ناطق باللغة العربية، يتيح له التعامل مع البرامج المختلفة وتصفح الإنترنت، حتى غدا مدرباً على هذا الفن.إنه وائل بشير، الذي كان لي معه هذا الحوار.

نرجو أن تحدثنا عن حالتك، وكيف فقدت بصرك؟

 أنا ولدت طبيعياً جداً، وقد بدأ بصري يضعف شيئاً فشيئاً، إلى أن فقدته تماماً بعد المرحلة الثانوية.

 هل أثر هذا على معنوياتك؟

 أبداً. فعزيمتي -بفضل الله- قوية، ولأنني نشأت في أسرة مثقفة واعية، فقد شجعني والداي على إكمال دراستي، وساعداني -كما أقاربي وأحبابي- على تخطي العقبات، إلى أن حصلت على درجة البكالوريوس في أصول الدين.

 

قدرات متعددة

 

نريد لمحة عن قدراتك؟

 أهم شيء أنجزته في حياتي هو أنني -بفضل الله- أتممت حفظ كتاب الله -تبارك وتعالى- كاملاً. أما عن قدراتي فأنا أجيد التعامل مع الكمبيوتر، وفيما يتعلق باللغات فإنني أجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى اللغة العربية.

 ما الذي دفعك لإكمال الدراسة على الرغم من علمك بأنك ستواجه المشاق؟

 لأنني وكل ذوي الاحتياجات الخاصة نرفض أن نكون على هامش المجتمع، نرفض ألاّ نشارك في عملية بناء وطنناº فلدينا الكثير من المواهب والقدرات، ولابد أن نغير نظرة البعض لنا بأننا أناس عاجزون، أنا وغيري من ذوي الاحتياجات الخاصة فقدنا حواسنا وأعضاءنا، لكننا لم نفقد القدرة على الإبداع والتميز، فالله - سبحانه وتعالى -- يأخذ منك شيئاً، ويمنحك الكثير من القدرات التي لو أحسنت استغلالها وطوّرتها بالتدريب والممارسة لغيرت مسار حياتك وحياة الكثيرين.

 أنت لم تتعلم طريقة (برايل)، لأنك لم تفقد بصرك من بداية حياتك، كيف استطعت إكمال الدراسة؟

 حقيقة أنا أحب الكمبيوتر كثيراً، وقد كان عندي جهاز كمبيوتر منذ عام 1998م، إلاّ أنني لم أكن قادراً على استعمالهº لأنه لم يكن متوفراً في ذلك الوقت في غزة برامج ناطقة لتعليم الكمبيوتر للمكفوفين، وبعد عام 2000 تقريباً توفرت هذه البرامج، فتعلمت استخدامه بشكل جيد، وهذا هو الذي ساعدني في دراستي، والحمد لله أستطيع الآن التعامل مع برامج الكمبيوتر المختلفة وتصفح مواقع الإنترنت.

 

المعاق الحقيقي

الآن أنت مدرب كمبيوتر في الجامعة الإسلامية، حدثنا عن هذه التجربة.

 نعم، أدرب الكمبيوتر للمكفوفين في \"مركز التقنيات المساعدة بالجامعة الإسلامية\"، وهو حقيقة شعور رائع أن تنقل هذه المعرفة لهذه الشريحة المتميزة، التي تتحدى الإعاقة وتنتصر عليها. ليس المعاق من فقد عضواً من أعضائه، إنما المعاق الذي فقد الإرادة، ورضي أن يكون عالة على المجتمع.

 

 حدثنا عن الجانب الأكاديمي في حياتك؟

 شغفي بالعلم دفعني لمتابعة الدراسة، فحصلت على الماجستير في \"التفسير وعلوم القرآن\"، وأعمل الآن مدرساً للتفسير في \"كلية مجتمع العلوم المهنية والتطبيقية\"، ومدرساً للقرآن الكريم في \"كلية الدعوة\"، وقد سجلت للدكتوراه، وأتمنى نيل هذه الدرجة قريباً -إن شاء الله-.

 

 علمت أنك تخطب الجمعة، ألا تجد صعوبة في التحضير للخطبة؟

 لا. فأنا أستفيد من الكمبيوتر في هذا المجالº فهناك الكثير من اسطوانات الحديث الشريف وغيرها التي يمكن الاستعانة بها. وحقيقة أشعر بسعادة كبيرة أثناء إلقاء الخطبة أو دروس الوعظ والإرشاد.

 

الإعلامي المعاق

ننتقل الآن للحديث عن نشاطك الاجتماعي، ما النشاطات الاجتماعية التي تؤديها؟

 أنا عضو في المجلس البلدي في \"دير البلح\" وسط قطاع غزة، ومن خلال هذه العضوية أشارك في خدمة المجتمع. كما أسست ومجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة جمعية (ريادة)، التي تهدف إلى اكتشاف قدرات هذه الشريحة وتطويرها، حتى تكون قادرة على التفاعل مع كافة مؤسسات المجتمع، وبالتالي رفد المجتمع بطاقات في شتى المجالات، لا نريد أن ينطوي هؤلاء على أنفسهم، أو أن يحرموا من حقهم في التعليم والعمل، نحن في بداية الطريق، ونتمنى أن ننجح في التعاون مع المؤسسات المختلفة لتدريب وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة.

 ما هو طموحكم في هذه الجمعية؟

 لقد تحدث الإعلام عن المعاق، لكن هل ترى معاقاً إعلامياً؟ هذا ما نريده، نريد أن نصنع الإعلامي المعاق، وهذا ما بدأناه بالفعل من خلال إذاعة (إرادة) التي يعمل فيها العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة، وعلى الرغم من ندرة الإمكانات، إلاّ أن هناك رغبة في الإبداع والتطوير.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply